ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 01/12/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

وكأنّ النبي لم يكن رئيساً للدين والدولة !!

بقلم: محمد علي شاهين

لم يتوقف الهجوم الماكر على الإسلام بعد الانتصار الساحق في معركة الخلافة في الساعة السادسة والنصف من صباح الثاني من آذار سنة 1924 عندما أسفر أتاتورك عن وجهه وألغى الخلافة الإسلاميّة، وكأنّ النبي كما يقول المؤرّخ (توينبي): لم يكن رئيساً للدين والدولة.

وافتقدت الأمّة منذ استيلاء الطورانيين الأتراك على مقدرات الدولة: المنهج الحي المتحرك المجسّم، المترجم إلى واقع تراه العين وتلمسه اليد وتلاحظ آثاره العقول.

وجاءوا بقرآن تركي مترجم، مقطوع الصلة بالعربية، محجوب البيان والمقاصد عن الأمة، وبدأنا نفقد هويتنا الثقافية حتى أصبحت عمليّة التوفيق بين الدين والدولة مشكلة قائمة تحتاج إلى جهود المصلحين وحكمة العقلاء لإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح.

واكتفى المتفيهقون المهزومون من علمائنا بالقول باستحالة اجتماع الأمّة مرّة ثانية تحت حكم دولة واحدة، والاكتفاء بوحدة المشاعر تارة، وبالوحدة الثقافيّة واللغويّة تارة أخرى، وتحقيق مبدأ السلام بين الأقاليم الإسلاميّة كغاية قصوى، بل إلى القول بأن كل من يتولى أمر المسلمين ولي أمر شرعي لاتجوز منازعته في شيء، سواء من رفع الدين ومن وضعه.

وبينما كان معظم الإسلام السياسي ينتقل إلى السيطرة الأوروبيّة، كانت حملات التبشير والاستشراق المتسترة تارة وراء الأعمال الخيرية، وتارة أخرى وراء التعليم، تملأ الفراغ الذي خلفته الثقافة الإسلاميّة المنطوية على نفسها أمام ثورة ثقافة التغريب الجامحة، ولم يجد الفرنسيون صعوبة في العثور على جيش من العملاء الذين تبنوا الفكر الفرنسي بكل وفاء وإخلاص بعد رحيل القوات الفرنسية الغازية عن مستعمراتهم السابقة في مصر وشمال أفريقيا وسورية ولبنان. 

وهكذا انطلقت جحافل الغزو السياسي والفكري والثقافي تزحف على معاقل الإسلام، تشكّك المسلمين بحقيقة إسلامهم وعقيدتهم وثقافتهم، وتحول دون تحقيق آمالهم بالوحدة والتقدّم، وتمهّد الأرض المتعطشة للحريّة لكتائب النخب المتغرّبة المتشبعة بالثقافة الدخيلة، وأصحاب الأغراض المشبوهة، لتتسلّم المعاقل والحصون التي حال المناضلون الحقيقيّون دون وقوعها بأيدي الغزاة والطامعين.

 

ولتسريع عمليّة محو ذاكرة الأجيال وذكرياتهم عن المجتمع المتضامن المتراحم ابتدعت القوى الانقلابيّة بعد رحيل القوات الأجنبيّة بدعة الاشتراكيّة لا حباً بالطبقة العاملة التي اغتالت إرادتها وجوّعتها، ولكن لتسهيل عمليّة نهب المال العام، والسطو على مقدّرات دولنا الغنيّة التي تسبح فوق بحيرات الماء والنفط وسنابل القمح، ولم تتمتّع الاشتراكيّة التي طرحها المتغرّبون  كفكر فعال بالمصداقيّة، وكانت اشتراكيتهم كما قيل بحق: التلميذ الخائب والسفيه للسوفييتيّة المنهارة.

وانحاز العسكريّون بالثياب المدنيّة الذين وصلوا سدّة الحكم في ليل الأمّة وغفلتها إلى القمع، لا إلى القيم الرحيمة وتقاليد الفروسيّة التي تشدّقوا بها في بياناتهم، تحت دعوى أنّ العنف ليس إلاّ وسيلة من أجل فرض الخير، لأنّ قلوب الطغاة فارغة من حب الله والناس، ومجبولة على كراهية عدل السماء، ألم يقسم (موسوليني) ذات يوم بأنّه يكره الدولة السماويّة !!

واستقرّ في أذهان الناس بعد نحو نصف قرن من رحيل القوات الاستعماريّة ـ وقد تجذّر الفساد السياسي والانهيار الاجتماعي والتأزم الاقتصادي ـ أن شعارات الحريّة والتغيير لا تعدو أكثر من شعارات يتسلّى بها الصبيان في المهرجانات السنويّة، وأنّ التنميّة لا يمكن أن تتحقّق في غياب الإنسان الذي اغتالته الأنظمة وكرّمته الشريعة.

وإن أبلغ وصف يمكن أن توصف به الأنظمة الرأسيّة في العالم الإسلامي في غياب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأنّها أنظمة تائهة لا تلتزم بقانون، وإنّما تلتزم بأفراد.

وقد فات هؤلاء أنّ الغرض من إقامة الدولة أصلا إقامة الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ورغم كل ما يقال فقد ظلّت الخلافة كما قال (مارسيل بوازار) في فكر المسلمين رمزاً للشرعيّة، ووحدة المؤمنين التي كان الإسلام هو هويتها الوحيدة وجنسيتها.

ولو قدّر لحكام المسلمين أن يفهموا الإسلام على أنّه دين ودولة معاً لما خرج أبو عبد الله الصغير عن قصر الحمراء مذؤوماً مدحورا، بعد أربعين سنة من فتح القسطنطينيّة، ولما استبيحت دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم فيما ضيّعوا من بلاد وعباد.

وهكذا اقترنت عقيدة الفصل بين الدين والدولة بالضعف والفساد والتخلّف والتجزئة، وأصبح من المقرّر عند الخاصّة والعامّة أنّ الجمع بين الدين والدولة حقيقة مسلّمة مقرّرة في دين الإسلام لا ينكرها إلاّ جاهل أو صاحب هوى، وأنّه لا خلاص لهذه الأمّة إلاّ بالعودة الحميدة إلى منهج النبوّة، واسترجاع هويتها المتميزة في زمن التيه، والإيمان بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان رئيساً للدين والدولة معاً.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ