ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لا
استقرار في لبنان .... إلا برحيل
النظام السوري سالم
أحمد* مثلت فلسطين، وعلى مدى ستة عقود،
قطب الرحى الذي كانت أكثر
الأنظمة العربية تدور حوله،
شاءت هذه الأنظمة أم أبت، بعد أن
سلخت عن جسم الوطن العربي
واستولى عليها اليهود ألد أعداء
العرب. كما مثلت العروبة بؤرة
شعارات رفعتها الأنظمة دفاعا عن
نفسها، أو مزايدة على حركات
محلية أو أنظمة شقيقة منافسة.
وإذا استثنينا مصر في عهد عبد
الناصر في خمسينيات وستينيات
القرن العشرين، فقد كان حزب
البعث -بجناحيه السوري
والعراقي- أكثر الأنظمة العربية
متاجرة بالشعارات القومية. أما العراق فقد آل أمره إلى ما
رأينا، ولم يكن النظام السوري
بعيدا عن الإسهام بما آل إليه
وضع العراق، وطنا وشعبا وحزبا.
إذا كنا لانستطيع أن ندافع عن
سجل البعث العراقي في تردي أو
ضاع حقوق الإنسان، لكننا نستطيع
أن نقول أن البعث العراقي فشل في
أن يكون ندا للبعث السوري
بالتنازلات عن الثوابت القومية
التي قدمها الأخير للقوى
الأجنبية. لقد ساهم النظام السوري بشكل
فعال في ما آل إليه العراق.
أولا، عندما انضم عام 1991 إلى
التحالف الثلاثيني الذي قادته
واشنطن، لا لإخراج العراق من
الكويت فحسب -فقد كان الاحتلال
مدانا من الجميع- بل لإخراج
العراق من معادلة القوة في
المنطقة العربية. وثانيا، عندما
حطمت أمريكا الكيان العراقي
ومزقته شزرا مزرا عام 2003. وكان
لإيران دور لا يخفى على أحد. أما
في سورية فما يزال من السابق
لأوانه معرفة الدور الذي لعبه
النظام السوري وإن تظاهر بخلاف
ذلك. وربما يمر وقت طويل قبل أن
تعرف المعونة التي قدمها
لواشنطن، ولم تكن المعلومات
الاستخباراتية التي قُدمت
لواشنطن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001،
هي كل ما فعل النظام، بل هناك
الكثير الذي قد يكشفه المستقبل.
لو تركنا التاريخ، وتساءلنا ماذا
على الرئيس بشار أن يقدم
ليستعيد دوراً لعبه أبوه
"حافظ أسد" يوم كان النظامَ
المفضل عند واشنطن؟ وهل يستطيع
أن ينافس أنظمة مثل نظام مصر
الذي ليس له حلفاء تصنفهم
واشنطن في محور الشر مثل إيران
وحزب الله؟ لا يكاد يجد المراقب السياسي
فرقا بين نظام الرئيس بشار
ونظام أبيه. إلا أن الرئيس الأب
كان عنده حاسة الاستشعار بالخطر
عن بعد فيتراجع إذا أحس أن
الإقدام يكلفه غاليا. مثلما حصل
في قضية "أوجلان" عندما
هددته تركيا باجتياح شمال
سورية. هذا الاستشعار للخطر غير
موجود لدى الرئيس بشار، ما جعله
يتمادى في التمديد للرئيس
"إميل لحود" حتى بعد صدور
القرار 1559 ،ما اضطره للخروج من
لبنان في نيسان 2005 ،مرغما. لا تكمن القضية باستعداد حافظ
أسد لتقديم مايطلب منه –من دون
أن يطْرُف له جفن- مهما كان
مقدسا، وتردد بشار أسد في
اجتراح المحرمات، فالولد سر
أبيه. البعض يعتقد أن الأب قد
أسرف في العطاء حتى لم يعد في
سورية ما يقدمه الابن (ذكرنا في
مقال سابق لنا اتهام أحمد أبو
صالح لحافظ أسد بأنه باع
الجولان وسلمها لإسرائيل في
هزيمة حزيران 1967) ، وعلى هذا
فليس لدى الرئيس بشار ما يغري
واشنطن لإعادة وصل ما انقطع. وللخروج من الأزمة فإن اللبناني
لا يسأل فيما إذا كانت الوصاية
السورية ستعود إلى لبنان أم
سيكون حرا مستقلا وسيدا، كما
تقول قوى 14 آذار؟ إنما السؤال
هو: هل سيبقى النظام السوري في
سورية، أم سيرحل ويأتي نظام
آخر؟ فبقاء النظام الحالي حاكما في
سورية مع وجود من يعمل على إعادة
الوصاية إلى لبنان من جديد مثل
حزب الله، وهو قوة لا يستهان
بها، يعني أن ضغوط واشنطن لن
تفلح في إلغاء الدور السوري في
لبنان باستعمال العقوبات
الاقتصادية والضغوط السياسية،
مع استبعاد أي حل عسكري –حتى لو
أرادت- في ظل الفشل الذريع الذي
لحق بها في العراق. ما يقال عن صفقة تمت على هامش
مؤتمر "أنابوليس" بين
واشنطن ودمشق، لا يؤثر كثيرا في
ميزان القوى في لبنان. فقد تبين
أن الموالاة والمعارضة وصلتا
إلى نقطة التوازن. هذا المعنى
أكده فشل "الترويكا"
الأوروبية في إنجاز الاستحقاق
الرئاسي اللبناني بانقضاء
المهلة الدستورية نهاية يوم 23
نوفمبر الماضي من دون انتخاب
الرئيس العتيد. إذا كان من فائدة جنتها دمشق
وواشنطن من حضور سورية مؤتمر
"أنابوليس" فلم تكن تلك في
لبنان. فواشنطن كانت تريد
إجماعا عربيا على اللقاء مع
إسرائيل وجها لوجه، وهذا ما كان
ليتحقق في غياب سورية. أمادمشق
فكانت تريد كسر "الجليد"
الذي جعل الطريق غير سالك بين
العاصمتين على مدى أكثر من
أربعة أعوام. إذا سلمنا أن حضور سورية
"أنابوليس" قد أجرى
تغييراً ما في العلاقة مع
واشنطن ما جعل الطريق سالكا
أمام توافق بين الفرقاء
اللبنانيين على اختيار العماد
"ميشيل سليمان" رئيسا، فإن
هذا التغيير كان من الضآلة
بمكان بأن ترك الباب مواربا
أمام حل ما، أحد بنوده اختيار
العماد "سليمان". وما تزال
باقي الخلافات لاتستطيع العبور
ما لم يفتح الباب على مصراعيه
أمام عبور أطراف الخصام في
لبنان إلى بر الوفاق الكامل على
كل التباينات. لقد تجذّر الخلاف بين الفرقاء
اللبنانيين على مدى ثلاثة عقود،
كان فيه الفاعل الرئيسي هو
النظام السوري، الذي عمل في
البداية على سياسة "فرق
تسد"، وأفهم الجميع أنه لا
تعايش بينهم إلا عن طريق الراعي
السوري، رغم اعتراض فرنسا على
ذلك. هذا الاعتراض فشل لأن
الرئيس الراحل حافظ أسد قد ضمن
رضى واشنطن. هذا الرضى انقلب
غضبا بإصرار الرئيس بشار على
التمديد للرئيس "إميل
لحود" رغم صدور القرار 1559،
واغتيال الرئيس "الحريري"،
ما أدى إلى انسحاب سوري قسري من
لبنان، كما أسلفنا. رغم أن الدلائل كانت تؤكد على
الرفض الدولي لاستمرار الوصاية
السورية على لبنان، فقد أصمّ
النظام السوري أذنيه وأغمض
عينيه عن سماع ورؤية الواقع
الجديد، فكان أن أدخل لبنان في
نفق الاغتيالات ثم تشكيل لجنة
التحقيق الدولية وإقرار
المحكمة الدولية تحت البند
السابع من نظلم مجلس الأمن، ثم
شلل في أداء الحكومة اللبنانية،
وفشل في الوصول إلى انتخاب رئيس
توافقي، أو حتى رئيس فئوي. لكن! هل نستطيع أن نقول أن لبنان
يستطيع أن يتحرر من النفوذ
السوري بمجرد انتخاب رئيس جديد،
وسيتعافى من أمراضه كلها أم أن
الواقع شيء آخر؟ الساسة
اللبنانيون يقولون إن لبنان سوف
يبقى يتعرض للعواصف التي تهب من
دمشق. وأنه لا باريس ولا واشنطن
يمكن أن تفعلا للبنان الشيء
الكثير. وأن النظام السوري لا
يرضي بمقولة "لا يموت الذئب
ولا يفنى الغنم"، وأنه لا حل
وسطا في الأفق يرضى به، فما هو
الحل إذن؟ إذا سلمنا بهذه الحقيقة فإننا
نؤكد أنه لا مفر من رحيل النظام
السوري الحالي ومجيء نظام آخر
غيره. ومن يدري؟ فقد تنصلح أمور
سورية ولبنان بذهاب هذا النظام.
لكن كيف؟ هذا ما ستجيب عنه
الأيام الحبالى بكل عجيب. *كاتب سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |