ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
من
سيثق بواشنطن بعد اليوم؟! عريب
الرنتاوي كيف يمكن لشعوبنا
أن تثق أو تحترم أو حتى تصدق ما
يصدر عن "الدولة الأعظم" من
تقارير ووثائق ومواقف ومعلومات
وسياسات، طالما أنها يمكن أن
تقول الشيء ونقيضه، من دون أن
يرف لها جفن، ومن دون أن تجد
حاجة للتوضيح أو الاعتذار،
والأهم، من دون أن يتوفر لديها
الاستعداد – مجرد الاستعداد –
للتعلم من أخطاء الماضي ودروسه
الصاخبة والمدمرة (؟!). قبل أسابيع، كان
الرئيس الأمريكي جورج بوش،
يتحدث عن ""هولوكوست نووي"
تنوي إيران مقارفته ضد إسرائيل
أو "معجزة القرن العشرين"
على حد تعبير ساراكوزي، وكان
سيد البيت الأبيض يتهدد ويتوعد
بإشعال "حرب عالمية ثالثة"
إن لم ترتدع إيران وترعوي،
وتعود عن برنامجها النووي
العسكري الذي قطع أشواطا متقدمة
وفقا لتقارير 16 جهاز مخابرات
أمريكي، هي الأكثر ضخامة وحداثة
وكلفة وتمويلا وتعقيدا في
العالم. وبالأمس فقط، عادت
الأجهزة ذاتها للقول بان إيران
لا تمتلك حاليا برنامجا نوويا
لأغراض عسكرية، وأنها أوقفت
العمل باتجاه عسكرة برنامجها
النووي قبل أربع سنوات، وأن ليس
لدى الأجهزة الأمنية الأمريكية
مجتمعة ما يشي بأن طهران عاودت
أنشطتها النووية العسكرية، بأي
حال من الأحوال. الولايات المتحدة
أقامت الدنيا ولم تقعدها ضد
برنامج إيران النووي بحجة أنه
ينطوي على أغراض عسكرية، وهي
جيّشت العالم وفرضت عقوبات
دولية، ووضعت المنطقة على شفا
هاوية من حرب خليجية رابعة، قيل
أنها ستكون كونية، وتطايرات
السيناريوهات الأكثر سوداوية
في أربع أرجاء الأرض، بما فيها
"بنك الأهداف" المنوي
تدميرها، و"دبلوماسية
البوارج الحربية"، وسيناريو
"اليوم التالي" للضربة
الأمريكية، وردة فعل إيران على
هجوم عسكري محتمل إلى غير ذلك من
مفردات الرعب وقواميس الحروب
المدمرة. مثل هذا السلوك
الأمريكي الأرعن، ليس غريبا ولا
مفاجئا، فواشنطن شنت حربا كونية
شاملة على العراق، أودت بحياة
مليون من أبنائه وبناته، وشرّدت
أربعة ملايين آخرين، وأعادت
البلاد خمسين سنة إلى الوراء،
بزعم امتلاك صدام حسين لأسلحة
دمار شامل واحتفاظه بعلاقات
وطيدة مع القاعدة، ليثبت بعد
ذلك للملأ، زيف وبطلان كلا
الزعمين معا، ولتعود واشنطن
للبحث عن "أهداف جديدة"
لتبرير حربها الجارية وغير
المشروعة على العراق. وما بين اعترافين
بالفشل الاستخباري، الأول في
العراق والثاني في إيران، ثمة
فشل ثالث، أقل حجما وفداحة،
ويتعلق بالمنشأة السورية التي
قصفها سلاح الجو الإسرائيلي،
بزعم أنها منشأة نووية، بناء
على معلومات إستخبارية أمريكية
– إسرائيلية متطابقة، وهو زعم
لم تؤيده حتى الآن الدولتان
الحليفتان بأية أدلة أو براهين
من أي نوع. هي إذن سياسة عليا،
تقوم بموجبها الدولة الأعظم،
بتلفيق جملة اتهامات وافتراءات
ضد خصومها السياسيين، تتبعها
بوابل من القرارات الدولية وفيض
من العقوبات والحصارات، لتنتهي
إلى الحروب الشاملة والمحدودة،
وليس مهما بعد ذلك، ما إذا كانت
الاتهامات صحيحة أم لا، طالما
أن واشنطن لا تجد حاجة للاعتذار
أو لتحمل المسؤولية والتعويض عن
الضحايا والخسائر ومواجهة "القانون
الدولي الإنساني"، ومحاكم
مجرمي الحرب. هي عقلية "البلطجي"
الذي يجعل من سلوكه الأرعن
قانونا ويسعى في فرضه على
الآخرين، والولايات المتحدة
التي قسمت الشرق الأوسط إلى "فسطاطين"
واحد للخير والاعتدال والآخر
للشر والتطرف، وأغرقت المنطقة
في بحر متلاطم من النزاع
والصدام بين المعسكرين، تتحفنا
وكالاتها الإستخبارية الستة
عشر اليوم، بعبارة أنها كانت
مخطئة وغير متأكدة، وليست على
يقين مما كانت تقول. بئست السياسة
والإستراتيجية، وبئس خزان
المعلومات والتحليلات التي
تضخها الوكالات الأمنية
العديدة والكثرة الكاثرة من
مراكز الدراسات، فقد انحدرت
الدولة الأعظم إلى مصاف "الدول
المهرقلة" التي تخجل منها
قبائل التوتسي والهوتو وممالك
جنوب الصحراء الكبرى وجمهوريات
الموز. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |