ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إجتماع
أنابوليس... مقدمات ونتائج
ممهورة بالدماء محمد
العبد الله
قبل عودة المدعوين، شهود
كرنفال أنابوليس إلى دولهم،
انقشع غبار المبارزات اللغوية،
الفاقعة بدلالاتها الواضحة
التي شهدتها منصة الاجتماع من
خلال كلمات أبرز المتحدثين "بوش،
اولمرت، عباس" الذين قال عنهم
"ايتان هابر" رئيس ديوان
اسحاق رابين سابقا، كما جاء في
أحد أعداد صحيفة _يديعوت
أحرونوت_ قبل أيام (ما الذي أسر
عيوني أمس في مشهد انابوليس؟
أمر واحد: عدم الانفعال. ثلاثة
زعماء منتوفي الريش مصابين
بجراح المعارك ومتعبين وقفوا
على منصة الخطباء وكانوا
يرغبون، بل يرغبون جدا في
الوصول في هذه الحكاية الدموية
الى خاتمتها السعيدة. يريدون
ولكنهم لا يستطيعون على ما يبدو. بوش عالق في العراق مع اربعة
آلاف قتيل، وسيدخل التاريخ
الامريكي على ما يبدو كرئيس
متعثر فوضوي. أبو مازن؟ يعيش "على
الاقل في منصبه كرئيس" على
الزمن المستقطع حيث توجد القوة
الحقيقية في يد خصومه من حماس.
أما ايهود خاصتنا، ايهود
اولمرت، فما زال يعاني من
متلازمة لبنان ومرض فينوغراد
"وأقل من ذلك من التحقيقات
الشرطية" ويتمتع بدعم شعبي
قليل). أصر
رئيس حكومة العدو على أن تكون
الطريق إلى اللقاء الدولي
المجتمع تحت الخيمة الأمريكية
معبدة ومرصوفة بجثث الشهداء
الفلسطينيين، وبعذابات الشعب
الفلسطيني المتصاعدة
منذ ستة عقود. فقد شهد شهر تشرين
الثاني/نوفمبر المنصرم سقوط 36
شهيداً _33 من قطاع غزة و3 من
الضفة الفلسطينية_ تسعة عشر
منهم قضوا في عمليات اغتيال،
بالإضافة إلى اعتداءات واسعة من
سكان المستعمرات على المقدسات
وأماكن العبادة. كما قامت
جرافات جيش الاحتلال بهدم أكثر
من ثلاثين منزلاً، وتجريف آلاف
الدونمات من الأراضي. وفي هذا
الصدد نقلت
أجهزة الإعلام عن مكتب وزير
الحرب "باراك" قوله في
الاجتماع الاسبوعي للحكومة ان (وزارة
الدفاع صرحت للجيش مؤخرا بتوسيع عملياته
في رد على النيران التي تطلقها
حماس لتشمل المواقع العسكرية لحماس) مشيراً الى (أن
"اسرائيل" قتلت 22 مقاوما
الاسبوع الماضي). كما شهد الشهر
المنصرم لوحده إختطاف قوات
الإحتلال لأكثر من ستمائة مواطن
ومواطنة، من بينهم عدد من أعضاء
المجلس التشريعي والمجالس
البلدية. لم
تتوقف وحشية حكومة العدو عند
حدود القتل بالرصاص والصواريخ،
بل امتدت لتعميم الموت البطيء
على المواطنين في القطاع في
مجالات الحياة المتنوعة. فمابين
النقص الشديد في الأدوية
والمعدات الطبية، والشح الواضح
في المواد الغذائية مروراً
بالقضية الأبرز لهذا الأسبوع،
وهي قلة كميات الوقود المتوفرة
بعد قرار حكومة العدو تخفيض
الكميات المرسلة للقطاع، وهو
ماتحدث عنه نائب رئيس جمعية
أصحاب محطات الوقود في غزة
محمود الخزندار للإعلاميين يوم
الأحد 2/12 (جميع محطات الوقود في غزة اغلقت "أمس" لعدم
وجود وقود ونفاد جميع المخزون
منه واحتجاجا على قرار "إسرائيل"
بتقليص الكميات)، مضيفا ان ("اسرائيل"
سمحت " أمس" بإدخال 60 الف
لتر من السولار مازوت لكننا رفضنا استلامها
لأنه من المفترض ان نتسـلم 350
الف لتر يوميا). مضيفاً (بالنسـبة
للبنزين، بدلاً من 120 الف لتر
قامـوا بتزويدنا بـ25 الف لتر
وهذا لا يغطي احتياجات القطاع)، موضحا (ان
"اسـرائيل" قلصـت دخـول
الوقـود بنسبة 75 في المئة تقريبا). وقال (لا يوجـد في
القطاع سـوى غاز الطهو وسينفد
خلال ايام اذا بقي الوضع على حاله في تقليص الكميات). تدل
هذه المؤشرات المتسارعة
والمتنوعة في آلية القتل
والحصار والعقاب الجماعي، على
بدء الإجتياح، لكن بالتصعيد
البطيء، عبر خطة الفوز بـ"النقاط"،
كخيار أقل صخباً من أسلوب "الضربة
القاضية" التي يمكن اللجوء
اليها أمام العجز عن تحقيق
النجاح في كبح جماح المقاومة
المنطلقة من القطاع. ومن هنا تصر
بعض الكتل السياسية في حكومة
العدو على تعزيز وتطوير العملية
السياسية مع الفلسطينيين من أجل
توفير الغطاء للمجزرة القادمة،
وهو ماشدد عليه "عامي أيالون"
الوزير في حكومة أولمرت عن حزب
العمل الصهيوني يوم الأحد 2/12
أثناء حديثه مع "الإذاعة
العبرية العامة" (أنه كلما
تقدمت المسيرة السياسية تعزز
التوجه لإضفاء الشرعية على
عملية عسكرية إسرائيلية في قطاع
غزة سواء في المجتمع الدولي أو
الدول العربية أو في أوساط
الفلسطينيين أنفسهم). مضيفاً (إن
الدمج بين النشاط العسكري
والعقوبات الاقتصادية والمسيرة
السياسية من شأنه أن يضعف قوة
حركة حماس ويؤدي إلى سقوط حكمها
في غزة). إن
رهان البعض من الفلسطينيين على
أن لقاء أنابوليس "منعطف
تاريخي، ولحظة حاسمة، وفرصة لن
تتكرر لإحلال السلام ..."
لايعدو كونه رهان على السراب
الذي يضلل عيون وعقول المهرولين
نحو الوهم! فالاجتماع كما قال
عنه مسؤول عربي شارك بجلساته
لوكالة "فرانس برس": ( من
الصعب أن تؤتي العملية
التفاوضية بنتائج ولايوجد شيء
يدعو إلى التفاؤل، والعرب
يشعرون جميعاً بخيبة أمل بعد
إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش
"التفاهم المشترك" الذي تم
التوصل اليه بين الفلسطينيين و"الاسرائيليين"
لاطلاق المفاوضات حول تسوية
نهائية للقضية الفلسطينية)،
مضيفاً (الأزمة الفعلية أنها
معتمدة على خريطة الطريق، أي
أنها معتمدة على مقاربة أمنية)،
وتابع (اشترط التفاهم المشترك
الذي أعلنه الرئيس بوش تطبيق أي
اتفاق سلام بتنفيذ المرحلة
الأولى من خريطة الطريق، أي
تفكيك الشبكات الإرهابية في
الأراضي الفلسطينية، وهو ما
يعني الدخول في حرب مع حركة حماس).
وأكد المسؤول العربي ( أن الرئيس
الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لم
يستطع تنفيذ الشق الأمني في
خريطة الطريق فكيف يتمكن عباس
الآن من ذلك!). إن
موقفاً وطنياً فلسطينياً
موحداً، يضع في مقدمة أهدافه،
تحقيق الوحدة المجتمعية بين
المكونات السياسية والأهلية
المتمسكة بالمشروع التحرري
المقاوم للاحتلال وللهجمة
الصهيو أمريكية، سيوفر المادة
الصمغية الجامعة للأرض
والمجتمع في توحدهما للتصدي
للحملة العدوانية التي تستهدف
شعبنا في غزة، وتقطع الطريق _في
جانب آخر لايقل خطورة عما تقوم
به قوات الاحتلال_ على
المتعهدين "المحليين"
لتنفيذ الشق الأمني لخطة خارطة
الطريق التي ستفجر في حال
تحققها، صراعاً عنيفاً داخل
مناطق الضفة المحتلة.
فالدماء الغزيرة التي سالت
وتسيل في غزة ورام الله ونابلس
والخليل وبيت لحم، تؤكد
أن وثيقة "التفاهم"
وبرامج وخطط أنابوليس لن تكون
سوى النسخة الأكثر مأساوية
لاتفاق أوسلو وتوابعه، خاصة
وأنها تستهدف قوى المقاومة
وسلاحها المشرع فقط في وجه
المحتل الصهيوني. إن قوى
المقاومة والكفاءات الوطنية
وهيئات ولجان العمل الأهلي،
مطالبة اليوم بضرورة الإسراع
للجلوس لطاولة حوار، يناقش
المجتمعون حولها المشكلات
الراهنة، ويتوافقون فيما بينهم
على البرنامج الموحد للعمل
الوطني، الذي سيوفر آليات العمل
الجماعي لانتشال شعبنا وقضيتنا
من الكارثة التي تحيط به،
ولتمنع "البعض" وتعزل "آخرين"
من دفع مشروعنا الوطني نحو
الهاوية. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |