ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المتَع
المجّانية ، لأنظمة الاستبداد، ولبعض
أصحاب الفكر المعارض لها! ماجد
زاهد الشيباني
• لأنظمة
الاستبداد ميدانان لممارسة
استبدادها .. ميدان القول ،
وميدان الفعل ! ـ ميدان القول : ساحته الأساسية
هي وسائل إعلام الدولة ، التي
يوظّفها الحكم المستبدّ لتلميع
صورته ، ولخداع الناس ،
والهيمنة على عقولهم وقلوبهم ..! وهي
متَع شتّى ، لأناس شتّى : 1) متع
للملمَّعين ، الذين يعرفون
أنفسهم جيّداً ، ويعرفون مافيها
من فساد وشرّ وسوء .. ويرونها
تُسوَّق بين الناس ، كما لوكانت
نفوساً ملائكية ، وقلوباً
نورانية ، وعقولاً أوتيتْ
الحكمة وفصل الخطاب ! 2) متع للملمِّعين ، الذين
يتفنّنون في أساليب التلميع ،
ويبدعون كل يوم جديداً في هذا
الفنّ، ويحقّقون لأنفسهم متعة
الإنجاز الإبداعي ، ومتعة قبض
المال ، ومتعة الإحساس برضى
الاوثان التي يلمّعونها ، عنهم
.. والإعجاب بفنّهم الراقي ! 3) متع هواة التصفيق ، الذين
أدمنوه إلى درجة أنهم يحسّون
بالكآبة الشديدة ، إذا نظروا
حولهم فلم يجدوا شيئاً يصفّقون
له ، مِن شعار برّاق ، أو كلمة
مزركشة رنّانة ، أو وعد خلاّب
بتحرير البلاد والعباد ، يصدر
من هذا الوثن الناطق ، أو ذاك !
وهم يراقبون حركة التلميع
الدائبة ، بشغف ولهفة ! حتى إذا
رأوا ، أو سمعوا ، مايَحفزهم على
التصفيق ، التهبت أكفّهم ،
وتدفّقت سيول الهتافات من
حناجرهم ، حتى تملأ الآفاق
أصواتهم وأصداؤها ، وترتجّ لها
جنبات القيعان والأودية ، في
سائر الأوطان العزيزة ! ـ ميدان الفعل : ساحاته كثيرة ،
ومِن أهمّها : 1ـ
سَحق الناس بأجهزة الأمن ! 2ـ
سرقة الثروات الوطنية العامّة ! 3ـ شراء ضمائر بعض الناس ، بوسائل
الترغيب والترهيب ، ليكونوا
موالين ، أو مخبرين ، أو مصفّقين
! 4ـ عقد الصفقات مع الدول القوية ،
صانعة القرار العالمي ، وتقديم
التنازلات لها ، ورهن قرارات
الدول التي يحكمها الاستبداد ،
لها، لقاء بقاء المستبدّين في
كراسي الحكم! * لأصحاب الفكر المعارض ميدان
واحد ، هو ميدان القول . وهو
يعَدّ أيضاً ، فعلاً قائماً
بذاته ، لأنه الفعل الوحيد
الممكن لديهم ..! وساحاته
متعدّدة ، منها : ـ وسائل الإعلام التي يملكها هذا
الفكر، أو له بها صلات إيجابية ،
من صحف ومجلاّت وإذاعات ،
وقنوات فضائية .. ـ شبكة الإنترنت .. ـ المجالس الخاصّة ، على اختلاف
أشكالها وأحجامها ، ومستوياتها
، السرّية منها والعلنية ! وحقول حَصاد المتَع ، أو جنيها ،
هنا ، كثيرة .. تتفاوت بتفاوت
الجهات المعارضة ، من حيث الفكر
والوعي والثقافة ، والمستوى
الخلقي ، والإحساس بالجدّية في
التعامل مع الشأن العامّ ،
وإحساس كل شخص بأهميته وأهمية
مايقول ، وتأثيرِه في الناس..! ومن
حقول المتع هذه ، بحسب حاصديها
أو طالبيها ، ما يلي ، على سبيل
المثال : 1) متعة
الإحساس بالراحة ، في قول
ماينبغي أن يقال ، في مواجهة
المستبدّين الظلمة والمجرمين ..
أداءً للواجب الوطني ، أو
الإنساني ، أو الديني ، أو
الخلقي .. وإبراءً للذمّة ، أمام
الله والناس ! وهذا النوع من
المتعة يكون ، عادةً ، طِلبةَ
الجادّين من عناصر المعارضة ،
الحريصين حقاً على البلاد
والعباد ، الذين يشعرون
بمسؤولية حقيقية تثقل كواهلهم ،
إزاء ممارسات الاستبداد ، وعبثِ
الفاسدين المستبدّين ، بمصائر
الأوطان وأهلها ! (ولابدّ من
التأكيد ، على أن هذا النوع من
المتع ، لدى هؤلاء الناس ،
لايدخل في باب المتع المجّانية
، إلاّ من حيث ضعف جدواه في
زعزعة كيان المستبدّين ،
المهيمنين على قوى الدولة كلها
، بما فيها .. وعلى رأسها القوى
المسلّحة ، من عناصر الجيش ،
والأمن الداخلي ، وأجهزة
الاستخبارات المتنوّعة ،
والميليشيات الخاصّة بحماية
أمن النظام الحاكم ..!
أمّا من حيث الكلفة التي
تدفعها عناصر المعارضة هذه ،
فقد تكون كبيرة جداً ، يدفعها
المرء من وقته وجهده وماله ..
وصحّته وراحته / على شكل سجن ، أو
نفي ، أو ملاحقة .. أوغير ذلك من
صنوف البلاء !/ كما قد يدفع حياته
أحياناً ! ولذا ، لاينسحب عليها
مصطلح المجّانية ، لاسيما إذا
نظِر إلى المآلات ، التي تؤول
إليها جهود هؤلاء الناس في
الدنيا والآخرة ، وما يلقونه من
جزاء ماديّ أو معنويّ ، أو
كليهما ، في الدنيا أو الآخرة ،
أو فيهما معاً ! فحين تكون
الكلمة هي السلاح الوحيد في
مواجهة الظلم ، وتعرّض حياة
صاحبها للخطر، ويقولها موقِناً
بأن ثمنها كبير.. حينئذ تخرج
الكلمة من إطارها المجّاني ،
إلى إطار سامٍ عظيم ، هو إطار
أعظم الجهاد ، كما ورد في الحديث
النبوي الشريف : ( إنّ مِن أعظمِ
الجهاد ، كلمة حقّ عند سلطان
جائر! ) و ( سيّد الشهداء حمزة ،
ورجل قام إلى إمام جائر، فأمَره
ونهاه .. فقتلَه) ! 2) متعة
الإحساس بالأهميّة ، لدى بعض
الشرائح المعارضة ! فكثير من
الناس يشعرون بأهميّتهم ، حين
يقولون كلاماً ينتقدون فيه
الحكم المستبدّ ، دون أن
يكلّفهم شيئاً .. فيظهَرون أمام
الناس أبطالاً مناضلين ، أو
سياسيين بارزين ( هذا عندما تكون
معارضتهم للاستبداد حقيقية ،
ولو كانت مجانية ، أو نادرة
الكلفة !) . 3) متعة
الإحساس بالأهميّة ، أيضاً ،
لدى الشتّامين ، الذين لايجيدون
من الكلام السياسي، سوى الشتم
والتجريح ، والاتّهام العشوائي
! وهذه المتع قد توجد لدى بعض
المعارضات السياسية الضعيفة
الهامشية ، ولدى الألوف من
الأفراد العاديين ، الذين
يحبّون الثرثرة في السياسة ،
دون أن يفقهوا شيئاً منها ، ودون
أن يشعروا بأنها يمكن أن
تكلّفهم شيئاً من جهد ، أو مال ،
أومشقّة .. أو تعرّضَهم لخطر ما !
وأصحاب هذا النوع من المتع ،
إنّما يجدون متعهَم في الشتم ،
أياً كانت الجهة التي ينصبّ
عليها ! فمرّة يصبّونه على الحكم
الفاسد ، وأخرى على شرائح من
المعارضة الجادّة ، التي لم
تعطهم أهميّة معيّنة ، أو التي
لاتعرف كيف تعارض ، في نظرهم !
فهمّ الواحد منهم ، هو أن يملأ
سلّة من الشتائم والاتّهامات ،
الملوّنة بألوان شتّى ، من
المشاعر السلبية ، والعبارات
المنمّقة ، أحياناً ! ثم يذهب
إلى بيته لينام ، وقد أحسّ براحة
عظيمة ؛ إذ تحدّث بالسياسة ،
وهاجم الآخرين ، وظهر في المجلس
أنه شخص مهمّ ! ولاشيء وراء ذلك ! ولله في
خلقه شؤون . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |