ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إعلان
دمشق .. بين الصمت ,الزنزانة
والاتهام الرخيص!. د.نصر حسن شكل
اجتماع إعلان دمشق في بداية
كانون أول 2007 مأزق جديد للنظام
السوري في توقيته لسبين أساسيين,
الأول إجرائي تنظيمي متعلق
بسيادة الديمقراطية في الحوار
الوطني الصريح ,والثاني بنيوي
سياسي يتعلق
بانتخاب قيادة ميدانية
وطنية بشكل لا غبار عليها حر
وسري, وفيما
بدى أن السبب الأول هو رد
مباشر وصريح على طبيعة النظام
الفردي المستبد ,ونقلة جريئة
موضوعية باتجاه ممارسة
الديمقراطية في داخله, جاء
انتخاب قيادة وطنية معروفة
الأصل والفصل والتاريخ ,كرد
مباشر وطني آخر يمثل أوسع مدى من
القوى السياسية والاجتماعية
والفكرية التي تعبر عن المجتمع
بشكل كبير , وبشكله المباشر مثل
رداً على طبيعة النظام الفردية
الوراثية وقيادته الفاسدة ,
هذين السببين أنتجا معاً موقفاً
وطنياً على المستوى الداخلي حول
التغيير المستقل ,خلاصته عدم
الاستقواء بالخارج كما يفعل
النظام ,والحفاظ على السلم
الأهلي والوحدة الوطنية,
والخارجي يتعلق بموقف إعلان
دمشق الصريح حول أحداث المنطقة ,وموقع
سورية في الصراعات الإقليمية
ورفضه ربط سورية بسياسة المحاور
الإقليمية الخارجية ,وعدم
التدخل في شؤون دول الجوار
العربي ورفض الابتعاد عنه أيضاً
, بالمحصلة حدد تلاقي هذه
الأهداف برنامج سياسي وطني , هو
نسفاً كاملاً لكل الأسس التي
يقوم عليها النظام المتطرف. من هنا
جاء رد فعل النظام طائشاً
سريعاً مرتبكاً وقمعياً , فبدل
أن يقر بحاجة سورية الآن إلى
إشراك المعارضة والإقرار
بالحوار على طريق الحفاظ على
الأمن والسيادة والوحدة
الوطنية وإنقاذ سورية من الحالة
الخطيرة التي أنتجها سلوك
النظام المتهالك على كافة
الأصعدة, لجأ بسرعة للكشف عن
عقيرته باستخدام العنف
واعتقاله العشرات من أعضاء
قيادة إعلان دمشق وصولاً إلى
أمينه العام الدكتورة فداء
حوراني , فبدى أن النظام أصبح
أشبه" ببندول" يتحرك
مجبراً بين حدين لا ثالث لهما ,وغير
قادر على الخلاص من مجالهما ,
وهما القمع في الداخل والمزيد
من المساومات في الخارج ,وعلى
حساب السيادة الوطنية
والاستقلال ومصالح البلاد
العليا من الجولان إلى لبنان
إلى فلسطين إلى العراق . فعلى
جانب النظام , رافقت عملية
الاعتقالات حملة إعلامية رديئة
ممجوجة مشروخة ,عبر كيل
الاتهامات الرخيصة لرئيسة
وأعضاء المجلس الوطني والأمانة
العامة لإعلان دمشق للتغيير
الوطني الديمقراطي , بأن لهم
علاقات مع الولايات المتحدة
والخارج ,هادفاً إلى الانقضاض
على الموقف الوطني للمعارضة
باتهام كاذب رخيص وخطير, يهدف
منه إلى نزع الشرعية الوطنية
التي هو يعيش في تلافيفها , وزرع
الاضطراب والفرقة بين صفوف
الإعلان من جهة , وبينها وبين
الشعب من جهة أخرى , إذ أن رئيسة
المجلس الوطني وزملائها في
قيادة الإعلان وكل المعارضة
السورية ,هم معروفي التاريخ
والهوية الوطنية والحرص على
وحدة سورية واستقلالها والحرية
والديمقراطية وضرورة بنائها
كنظام سياسي بديل الفردية
والاستبداد,
وبديل لسلوك النظام الذي
أوصل سورية إلى حالة التفكك
التي تسبق الانهيار, لكن الأمر
أصبح مكشوفاً
لدى الشعب وللعالم كله , بأن
ردود فعل النظام عبر الاعتقالات
وحملات التشويه الرخيصة , هو
لوقف عملية التفاعل بين
المعارضة والشعب ,والتي أصبح
النظام عاجزاً عن القيام فيها
لافتقاره وفشله عن رد الفعل
الهادئ والمبادرة إلى الحوار مع
المعارضة في هذه الظروف
الداخلية والخارجية المعقدة
والخطيرة, والتي قاد فيه النظام
سورية إلى حافة الخطر الفعلي . ومابين
موقف إعلان دمشق وبين موقف
النظام, مسافة كبيرة نوعية تصل
إلى حد التباعد الكلي بين
مسارين متناقضين ,الأول يمثله
النظام بالقمع والفردية
والفساد والمساومة وإضعاف
سورية ,والتهالك والارتماء في
أحضان القوى الخارجية وزعزعة
الاستقرار والابتعاد عن المحيط
العربي , والثاني يمثله إعلان
دمشق الصريح الذي يتلخص بأهداف
أساسية هي التمسك بالاستقلال
الوطني واستعادة الجولان
المحتل ,والخلاص من الأزمات
المركبة والعمل على طي صفحة
الاستبداد التي أضعفت سورية
كدولة وفككت النسيج الاجتماعي
للشعب وأنتجت حالة الفقر
المخيفة , باتباع سياسات
اقتصادية فاشلة عبر طغيان
الفساد على أوسع مستوى في بنية
النظام ,بمحصلته حصر سورية في
سلسلة من الأزمات المستعصية
والمرتبطة عضوياً ببقاء النظام
واستمراره , يضاف لها سياسة
النظام الفاشلة على المستوى
الإقليمي والدولي التي جر فيها
سورية إلى دائرة الصراعات
الإقليمية وخاصة مع إيران
واستخدامها سورية كورقة في
صراعها مع المجتمع الدولي , مع
ماينتجه هذا الحلف مع إيران من
مشاكل جدية وخطيرة مع المجتمع
الدولي ,وسورية غير قادرة على
تحمل تبعات ذلك
في ظروفها الراهنة, في ضوء
هذين الموقفين بين النظام
وإعلان دمشق , وبدل أن يرتقي
النظام إلى مستوى أكثر مسؤولية ,
ينحدر من جديد في سياسة
الاعتقالات وكيل الاتهامات
الرخيصة لعزل إعلان دمشق عن
حالة التفاعل الكبيرة بين صفوف
الشعب وأطراف المعارضة في
الخارج , هنا لابد من وقفة صريحة
مع سؤال أساسي , ما هو المطلوب
الممكن عمله ؟! وخاصة ً من أطراف
المعارضة الموجودة في الخارج !
لحماية إعلان دمشق ونشاط
المعارضة في الداخل وبطش النظام
لها وللشعب السوري كله , عمل
مطلوب بحدود الواقع والممكنات
على طريق تفعيلها بالاتصال مع
المجتمع الدولي ومنظمات حقوق
الإنسان , بطرح عملي حقوقي واضح
مبرمج ومستمر ,لتشكيل غطاء
لمعارضة الداخل من بطش النظام
المستمر وتوفير الحد الأدنى
من الحماية لها, ومنع إجهاضها
عبر حملاته المستمرة والمتعددة
,والتي أصبحت جزءاً أساسياً من
برنامجه وعمله بعد أن فشل
وطنياً وقومياً وسياسياً
واجتماعياً واقتصادياً,
باختصار أصبحت ممارسة العنف
وقمع المعارضة والشعب والفساد
والمتاجرة هي الصور القبيحة
الوحيدة التي تعكس وجودة على
الساحة الداخلية والخارجية,
ويدفع ثمنها الشعب السوري وحده . إلى أي
حد ستدفع سياسة النظام القمعية ,المعارضة
السورية بكافة فصائلها إلى
التكامل حول مطلب التغيير؟!
والفعل والتعبير الملموس عن
وجودها وتطوير قدرتها على
التصدي للنظام , هنا تكمن بعض
معطيات المستقبل الضبابية بشكل
مقلق, إذ أن الصمت والألفة مع
قمع النظام ووصفه , هي خطوة سيئة
نحو عبوره إلى مرحلة أخرى أكثر
قمعاً في حياة سورية. بداية
هذا الطريق خطوة أساسية هي
القيام بحملة من كافة فصائل
المعارضة في الخارج منظمة
وسريعة لمخاطبة المجتمع الدولي
مباشرة عن طريق اللقاءات
والاتصالات والاعتصامات
السلمية , وخاصةً مع الدول
الديمقراطية الحريصة على حقوق
الإنسان والاستقرار في المنطقة
,ومع منظمة الأمم المتحدة
ومنظمة العفو الدولية وكل
العاملين في مجال الحقوق
المدنية وجامعة الدول العربية
ومنظمات حقوق الإنسان حكومية
ومستقلة , لشرح خطورة أبعاد
سياسة النظام القمعية على
استقرار سورية, الذي سوف ينعكس
سلباً على
استقرار المنطقة ومصالح الجميع
فيها , حملة صريحة وواضحة لدعم
ملموس لحقوق المواطن السوري
المحروم من أبسط حقوق الحياة,
حملة تضع المجتمع الدولي
ومنظماته كلها أمام مسؤولياتهم
الحقوقية والمدنية والإنسانية ,
بوقف مسلسل العنف في سورية, الذي
يمارسه النظام بأسوأ وأوسع مدى ,
والجميع يتفرج بصمت العاجزين...!. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |