ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كتاب
مفتوح إلى السيد حسن نصرالله د.محمد
علي مقلد ليست
المرة الأولى التي نكتب فيها عن
حزب الله وإلى حزب الله . سبق أن
تناولنا تجربته وتجربة سائر
القوى السياسية اللبنانية
في مقالات نقدية قاسية
قساوة نقدنا لتجربتنا اليسارية
، وفي مقابلات تلفزيونية ، وذلك
من موقع النقد الذاتي والنقد ،
اللذين من دونهما لا يمكن
الخروج من الماضي وأخطائه إلى
المستقبل. غير
أن ما يبعث الآن
على كتابة هذا الكتاب ثلاثة
عوامل مستجدة : الأول
: استفحال الخطر على الوطن عموما
، وعلى علاقة الطائفة الشيعية
بسائر الطوائف خصوصا،
وذلك باستفحال عوامل الصراع
الداخلي ، بعد أن تقاذف أطراف
الصراع المسؤولية
، فحملت الطائفة الشيعية كلها ،
بجريرة حزب الله ، تبعات الشحن
المذهبي بين المسلمين ، ورميت
بتهمة الدفاع عن مصالح خارجية ،
سورية وإيرانية ، بأدلة بعضها
صحيح وبعضها فيه الكثير من
التجني،حتى باتت الطائفة كلها
معزولة ليس لها من الحلفاء
،باستثناء الجنرال عون،غير بعض
"المنبوذين "
من الطوائف الأخرى أوبعض
ممثليها الثانويين. الثاني
: أن حجم التعبير عن الرأي
المختلف في الجنوب وفي صفوف
الشيعة قد ضاقت رقعته ، وبات أي
معترض على ما هي عليه حال الجنوب
والشيعة عرضة
" للتكفير " والخيانة
والعمالة "للسنة والحريري و14
آذار والإمبريالة والصهيونية
والاستعمار !!!" الثالث
: هورسائل التخويف والتهديد
والتهويل التي كانت تصلنا غداة
كل مقالة أو مقابلة إعلامية ،
بعضها من أصدقاء ومن حرص شخصي
صادق و من توجس من
الحالة الأمنية السائدة في
البلاد ، وبعضها من رفاق لي في
الحزب الشيوعي اللبناني رأوا أن
الخلاف ، الذي نشأ مع قيادة
الحزب على موقفه من علاقة
التبعية لسوريا وللقوى المؤيدة
لها في لبنان ومنها حزب الله ،
قد يكون مطية
للاصطياد في الماء العكر ،
وبعضها من أوساط
في حزب الله كانت ، على ما
أعتقد ، تقرأ
ما نقوله ونكتبه
قراءة أمنية فحسب، هي قراءة
"مناضلين " محليين يقتصر
إيمانهم بالفكرة على التعصب لها
وعلى "مراقبة" من يخالفها
وتهديده والتهويل عليه … وعلى
كتابة التقارير الأمنية
. شيعة
لا كالشيعة ظهر
الشيعة في المرحلة الأولى من
الاستقلال في صورة محرومين
ومظلومين ، وظهر الجنوب بكل
طوائفه في صورة
المهمل والمهمش ، وكل من
الصورتين مدعاة للتضامن
والمساعدة . في المرحلة الثانية
، تحول الجنوب والشيعة منه على
وجه الخصوص خزانا للثورة على
الظلم ولمساعدة الثورة
الفلسطينية . في مرحلة ثالثة ثار
الجنوب على "الثورة "
وحلفائها وطالب بعودة الدولة
وأدان التخاذل العربي الذي تركه
وحيدا في ساحة المواجهة القومية
مع العدو الصهيوني ، وفي مرحلة
رابعة حمل الجنوب راية تحرير
الوطن من الاحتلال الاسرائيلي ،
مدعوما من كل الوطن ، جيشا وشعبا
وحكومة ومجتمعا مدنيا ...الخط
البياني لمسارالجنوب،والشيعة
منه على وجه الخصوص ، كان يجسد
تناميا في الحرص على الانخراط
في المشروع الوطني لإعادة بناء
الوطن والدولة . بعد
تحرير الجنوب من رجس الاحتلال ،
أخذت تتبدل ، في نظر جزء كبيرمن
اللبنانيين ، صورة الجنوب ، بعد
تكرست فيه شبه "دويلة" لحزب
الله وحركة أمل ، وصورة الشيعة
بعد تغليب دويلتهم الانخراط في
المشروعين السوري والإيراني
على حساب الانخراط في المشروع
الوطني ،
إلى أن تحولت جذريا غداة اغتيال
الرئيس الحريري ، وبالتحديد منذ
مظاهرة 8 آذار، مظاهرة "
الوفاء " لسوريا المتهمة(ولو
من غير دليل قضائي) بعملية
الاغتيال،مرورا بموقف الوزراء
الشيعة "المدافع " عن تطاول
الرئيس السوري على رئيس الحكومة
اللبنانية ، وبمظاهر"الابتهاج"
باغتيال النائب جبران تويني ،
وصولا إلى خروج الوزراء الشيعة
من الحكومة ، الخ ... من
حقنا أن نعيد طرح السؤال على حزب
الله ومع حزب الله عن جدوى
السجالات اليومية التي تناولت
هذه الاحداث ، وعن مضمونها
الاتهامي التخويني ( يمكن
وينبغي أن يطرح السؤال ذاته على
بعض قوى الفريق الآخر)، السؤال
عما إذا كانت هذه السجالات قد
أفادت حقا تعزيز الدور
"الشيعي" في عملية
إعادة بناء الوطن ؟ ونحن لا نقصد
من إعادة طرح السؤال قتل ناطور
المساجلات ، بل أكل عنبها . ألا
يشاركنا حزب الله الاعتقاد بأن
تبعات الانخراط فيها جر الويل
والثبور وعظائم الأمور على
الوطن كله ، وخصوصا على الجنوب
والطائفة الشيعية ، بمعزل عمن
يملك الحقيقة في سجال طغت
آلياته الرديئة على مضمونه
. من
حقنا أن نعيد طرح السؤال في
صيغته الإيجابية : ماذا
علينا وعلى حزب الله أن نفعل
لإعادة تاريخ الجنوب والشيعة
إلى النقطة التي انقطع فيها
سياق انخراطه في مشروع إعادة
بناء الوطن والدولة ؟ ماذا
علينا أن نفعل ، غير تسجيل
المواقف على الآخرين ، لتكون
صورة الجنوب والشيعة في نظر
شركاء الوطن ، هي صورة التضحيات
والبطولات من أجل الوطن ، لا من
أجل سواه من مشاريع ما فوق وطنية
وما تحت وطنية ؟ ماذا علينا أن
نفعل لا لإلغاء الخلاف
والاختلاف بين فرقاء الصراع ،
بل لنعيد الحوار إيجابيا بين
فرقاء مختلفين على القضايا
السياسية ، لا سيما القضية
الاجتماعية ، ومتفقين على
القضايا الوطنية ، وفي طليعتها
سيادة الوطن واستقلاله وبناء
دولة القانون والعدالة والحرية
فيه ؟ من
يحمي الشيعة؟ حين
انبرى الشيعة لمواجهة التهميش
والحرمان ، لم يجدوا غير الهجوم
الإيجابي ، أي الانخراط في
الوطن لأنه حصانتهم . هذا ما
فعله السيد موسى الصدر ، يوم بدأ
حركته بالتعاون الوطيد مع أحد
أركان الكنيسة المسيحية ،
المطران غرغوار حداد ، والتعاون
مع الحزب الشيوعي اللبناني وقوى
اليسار في حمله قضية المحرومين
من كل الطوائف ؛ وهو ما فعله
اليسار يوم لم يعد الشهيد كمال
جنبلاط زعيما درزيا فحسب ، بل
زعيم الشيعة والسنة وسائر
الوطنيين والتقدميين والزعيم
الفلسطيني والعربي بلا منازع
؛ وهو ما زعمت حركة أمل أنها
كانت تفعله يوم واجهت اليسار
والفلسطينيين دفاعا عن الشرعية
وعودة الدولة اللبنانية إلى
الجنوب ، وهو ما فعلته المقاومة
الوطنية اللبنانية ومن بعدها
الإسلامية حين جمعت خلفها كل
الوطن . لم
تكن الطريق معبدة أمام هذا
الهجوم الإيجابي باتجاه الوطن ،
اي أمام المسعى الهادف إلى
لبننة الجنوب والشيعة .
العراقيل الداخلية تمثلت في
الخلاف على صيغة الدولة ،أي في
إصرار البعض على دولة المحاصصة
ما دون الوطنية والبعض الآخر
على دولة ما فوق وطنية
؛ أما العراقيل الخارجية
فكانت ناجمة في جزء منها عن
الصراعات العربية ، وفي جزء آخر
عن طبيعة المشروع الصهيوني
والامبريالي من خلفه . تجسدت ذلك
في احتدام الصراع على النفوذ
بين النظام السوري والثورة
الفلسطينية ، وانعكس قتالا
داميا ، في الجنوب ،بين اليسار
المؤيد للفلسطينيين وأمل
المؤيدة للسوريين ، وصراعا مع
الاحتلال الاسرائيلي وعملائه .المحصلة
العامة لهذا المسار الصعب تمثلت
في تكريس الجنوب جزءا عضويا
عزيزا من الوطن . والدرس الغالي
الذي تعلمناه ، أو يفترض أننا
تعلمناه ، هو أن الوحدة الوطنية
اللبنانية هي خير ضامن لحماية
الوطن من كل أنواع المخاطر
الخارجية ، بما في ذلك مخاطر
الصراع حول القضية القومية ،
وأن الوحدة الوطنية تقتضي أن
تكون مصلحة الوطن فوق كل مصلحة . ما
حصل بعد تحرير الجنوب ، في ربيع
عام 2000 ، هو أن حزب الله ، الذي
قلص أمام حركة
أمل فرص التمايز ، أسترجع ، باسم
التقية والسرية والتعمية على
العدو، دورالجنوب
، وعبره كل لبنان ، ليكون
مجددا ساحة
وممرا لصراعات خارجية على
حساب الوحدة الوطنية ، مستخدما
قضية مزارع
شبعا ثم القرى السبع والمياه
الجوفية وتحرير القدس مبررا
وسببا كافيا ( في نظره هو ) (لكنه
مجرد ذريعة في نظر معظم
اللبنانيين) لتعزيز قدراته
العسكرية ، والتشكيك بقدرة
الجيش اللبناني على المواجهة
والاعتراض على دخوله إلى الجنوب
الخ ...، على أن الذي كان أقدر على
توظيف المقاومة ومزارع شبعا
لمصلحة استراتيجية الممانعة هو
النظام السوري وليس حزب الله .
كل ذلك خلق تصدعات في الوحدة
الوطنية،بسيطة في البداية ثم ما
لبثت أن تعمقت وتفاقمت بعد
اغتيال الحريري. لا
يهمنا من هذا العرض البحث عمن
يملك الحقيقة ، بل البحث عن جدوى
هذه السياسة التي تمكن فيها حزب
الله من أن يحشد الشيعة ، ومن
ضمنهم حركة أمل ، حوله وتحت
لوائه . إذ ما معنى أن يكسب حزب
الله الشيعة وأن تكسب الطائفة
نفسها ويخسران الوطن ؟ وما هي
فائدة حزب الله من أن يتحول من
حزب لبناني عربي إسلامي معترف
به دوليا إلى حزب محلي ؟ وهل
هكذا يحمي الشيعة انفسهم ؟ أم أن
الحماية الحقيقية للشيعة
(وهذا ما قاله لي أحد رجال
الدين الأجلاء الذي يخشى إذا ما
جاهر برأيه ، حسب تعبيره ، من أن
يرمى كسواه بالتكفير والخيانة)
هي في تعزيز الانخراط في الوحدة
الوطنية اللبنانية ، لأن الشعب
اللبناني مؤلف من مجموعة من
الأقليات المحكومة بأن تتضامن
مع بعضها بعضا ضد كل محاولات
التدخل الخارجي ،مهما بلغت درجة
القربى مع الخارج ؟ إن
تجربة النظام اللبناني
باستدراجه الشقيقة سوريا ،ثم
تجربة من أطلقنا عليهم
الانعزالية اللبنانية
باستدراجها العدو الاسرائيلي
، وتجربة الحركة الوطنية
اللبنانية باستخدامها ( وربما
استدراجها ؟) السلاح الفلسطيني
في وجه خصوم الداخل ( وكان لكل
مبرره الفئوي والبرنامجي
والإيديولوجي طبعا ) ، وتجربة
النظام السوري في استدراجه دورا
أميركيا مؤيدا يدعم وصايته على
لبنان ... هذه التجارب كافية ،
على ما نعتقد ،
للتوقف عن الاستعانة
بالخارج على خصوم الداخل . وهي
ينبغي أن تكون كافية حتى يتوقف
حزب الله عن المضي في تجربة
المراهنة على الخارج السوري
والإيراني ، آخذا بالاعتبار
اعتراض المعترضين من
اللبنانيين عموما ومن الشيعة ،
خصوصا الذين لا يرون رؤيته في
ولاية الفقيه ولا في المرجعية
الإيرانية . ثم ما هي مصلحة
الطائفة الشيعية
في رفع جدار العداء
هذا مع
القوى السياسية
ومع الطوائف اللبنانية ؟
ماذا يفيد هذا الشحن المذهبي ضد
السنة وآل الحريري ، وضد جنبلاط
والدروز؟ ليست
هذه الأسئلة لتعنيف حزب الله
ولا لإدانته ولا لمقاضاته ، بل
هي تعبير عن رغبة منا
في أن نتحمل معه مسؤولية
إعادة الأمور إلى نصابها في
علاقات القوى السياسية وعلاقات
الطوائف ، مسؤولية إعادة
الاعتبار لآليات الصراع
الديمقراطي الشريف حول القضايا
الخلافية ، ولمطالبته بتعزيز
الجهود ، كل الجهود ، من أجل
تهديم تلك الجدران التي أبعدت
الشيعة وأهل الجنوب عن الوطن ،
وأظهرتهم كقوى"احتلال " في
قلب مدينة بيروت ، وشوهت صورتهم
كمقاومين أبطال في سبيل الوطن . إننا
ننطلق، في هذه الرغبة، من
الاعتقاد بأن سياسة خلق "دفرسوارات"
في الطوائف الأخرى وتمويلها ليس
السبيل السليم إلى الوحدة
الوطنية ، فلن ينظر إلى هذه
السياسة إلا بصفتها
تدخلا خارجيا ، ويحكم عليها
، في النهاية ، ككل تدخل خارجي ،
بالفشل ، لأن تلك الدفرسوارات
ليست ، في الحالة اللبنانية
الراهنة ، سوى مفاتيح صدئة غير
صالحة لفتح أقفال الوحدة
الوطنية( بما في ذلك الاعتقاد
بفتح دفرسوار في اليسار
اللبناني ) ؛ كما ننطلق أيضا من
الاعتقاد بأن خطابات الشحن
والتفرقة التي تشحذ غرائز
الجمهور الشيعي هي ، في نهاية
التحليل ، أسلحة تفرقة تبدد ما
قدمته الطائفة الشيعية من
تضحيات في سبيل الوحدة الوطنية
اللبنانية ،
وأنها لن تجد حليفا لها وقرينا
إلا الخطابات الطائفية
المماثلة التي ليست أقل شأنا
ولا أقصر باعا منها في عملية
الشحن الطائفي والشحذ المذهبي . بين
المبادئ والمصالح انتهت
منذ قرون حضارات التبشير الديني
، وبات عدد المهتدين أو
المنتقلين إلى ديانات جديدة
محدودا ، ولذلك فإن حزب الله في
الحضارات القديمة غيره في القرن
الحالي . حزب الله القديم هو
الحزب الإيماني الذي يحمل رسالة
الله في مواجهة الوثنيين
والمشركين ، بالتعاون مع أهل
الكتاب ، أما حزب الله المعاصر
فهو الحزب السياسي الذي لم تعد
ظروف العصر تسمح له بأن يحمل غير
مشروع سياسي ، لأن
التبشيرالديني اليوم ، بعد أن
انقضى عهد الوثنية ، صار شرارة
للصراعات الطائفية والمذهبية ،
لا بين الأديان المتعددة
فحسب ، بل داخل الدين الواحد
. ولو كانت قضية الصراع المعاصر
ذات طابع ديني تبشيري ، على ما
يريد هنتنغتون وأقرانه تصويرها
، فلماذا ينحصر صراع المسلمين
مع الغرب وحده ومع الشيطان
الأكبر ومع المسيحيين ، ولماذا
يكبر الخوف من صراع مذهبي سني
شيعي يمتد من الشرق الأوسط حتى
أفغانستان ، ولا يشمل صراعهم
الصين والهند مثلا ؟! ذكرنا
ذلك لنطالب
حزب الله بألا يتعامل مع
جمهور الشيعة ولا مع الشعب
اللبناني إلا من موقعه ، لا كحزب
إيماني من القرون الوسطى وقبلها
، بل كحزب سياسي من العصر الحديث
، وهو يعرف ، كما يعرف سواه ،
الفارق الجوهري بين الطابع
المقدس في الإيمان ، والطابع
"المدنس" في السياسة، لأن
السياسة ، تعريفا ، هي صراع على
المصالح . وذكرنا
ذلك لنؤكد لحزب الله أن
مشروعه السياسي ينطوي ، كما
هو محتمل في أي مشروع سياسي آخر
، على جانب يمكن وصفه بأنه مقدس
، لأنه
شمولي وكلي ، ولأن فيه شيئا من
الإيمان ، الإيمان بقضية تهم
الوطن كله ، وهذا مصدر كليتها
وشموليتها ، وهي قضية تحرير
الوطن من الاحتلال ، إنها
المقاومة . نعم المقاومة مقدسة ،
ومن الواجب ، واجب الجميع
حمايتها من أعدائها ، من
الصهيونية ومن الاستعمار . نعم ،
المقاومة في حزب الله مقدسة ،
أما السياسي في حزب الله ، فهو،
شأن السياسي لدى كل الأحزاب ،
" مدنس " ، لأنه صراع على
المصالح . البطولات التي انتصرت
على العدو الصهيوني وأخرجته
مدحورا مقدسة ، أما مخيم رياض
الصلح ، على سبيل المثال ، فهو
ليس مقاومة ، بل هو صراع سياسي
على المصالح وعلى السلطة
. إن
من واجب الشعب اللبناني وقواه
السياسية حماية المقاومة من كل
المؤامرت الخارجية والتضامن
معها ضد كل القرارات الدولية
التي تستهدفها ، لأن المقاومة
فخر اللبنانيين وإنجازهم
الكبير، وعليهم المحافظة عليها
بأشفار العيون .لكن من واجب حزب
الله ،
تجاه اللبنانيين ، ألا يخلط بين
المقدس الوطني والمدنس المصلحي
السياسي، حتى لا تختلط في وعي
الناس المبادئ بالمصالح ، ما
يهدد بانهيار القيم وتدنيس
المبادئ . أننا
نطالب حزب الله أن يعيد النظر
بإدارته الصراع مع القوى
السياسية اللبنانية ، لا أن
يلغي الصراع معها ، خصوصا مع
جنبلاط والحريري ، لأن الوقائع
تشهد على الدور الرائد الذي
لعبه الشهيد الحريري دفاعا عن
المقاومة وعن حق حزب الله في
المقاومة منذ معركة قانا (1996)
حتى استشهاده ، وعلى الدور
النبيل الذي لعبه جنبلاط لحماية
المقاومة من القرارات الدولية
في المحافل الدولية وعلى بوابة
قصر الرئاسة الفرنسي . إن
خصصنا الحزب الاشتراكي وتيار
المستقبل فلا لنقف موقف الدفاع
عنهما ( فقد خضنا النقاش والنقد
القاسي ذاته معهما في مناسبات
شتى ونشرنا بعضه في كتابنا :
اغتيال الدولة ) ولا لنزين
لمصالحة مع المسلمين
اللبنانيين ، ولنستبعد الطوائف
الأخرى ، بل لنؤكد لحزب الله أن
انقطاع حبل الود مع هذين
التيارين ناجم عن اعتبارات
خارجية ، هي بالتحديد الدفاع عن
نظام الوصاية السوري، ربما بقصد
الدفاع عن المقاومة ،في حين أن
خير حماية للمقاومة ، برأينا ،
هو الوحدة الوطنية اللبنانية
التي تجسدها وحدة الدولة ، دولة
القانون والمؤسسات . هذه
الوحدة الوطنية لا تقوم على أسس
" مصلحية "، أي سياسية، مع
المسيحيين ، بل على أسس وطنية ،
أي مبدئية ، وبالتالي فإن
العودة إلى ماضي ما قبل الطائف
ليس في مصلحة أحد ، بما في ذلك
حزب الله الذي لن يكون في منأى
من النقد ، إذا ما فتح سجل الحرب
الأهلية ، ولا بريئا من الأخطاء
التي ترتكب عادة في كل الحروب
الأهلية ، كما أن نبش مثالب
السلطة لا يعفي حزب الله من
مسؤوليته جزئيا عنها لأنه كان ،
منذ البداية ، جزءا من سلطة
الطائف ، من داخل الحكومة أو من
خارجها . هذا
الكلام الصريح
نابع من حرصنا على أن يستكمل
حزب الله تجربته التاريخية ضمن
مسار ديمقراطي ، وعلى أن تكون
تجربته إغناء للمسار
الديمقراطي في بلادنا ، وعاملا
مساعدا في إرساء الأسس السليمة
لبناء دولة الحق ، دولة القانون
والمؤسسات والعدالة وتكافؤ
الفرص ، دولة السيادة والحرية
والاستقلال ، مع أننا على يقين
بأن الأحزاب الطائفية
والمذهبية ، كل الأحزاب
الطائفية والمذهبية ) لا تبني
وطنا حديثا ، إلا إذا خضعت
لتحولات بنيوية جذرية ، وتعرفت
، من تجارب الأحزاب الشمولية (
التي تربينا فيها وعرفنا مآثرها
ونواقصها ) ، على السبل السليمة
للخروج من الشمولية إلى رحاب
الديمقراطية . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |