ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ومضات
محرضة : هل
الحماقة شرط لازم للحماسة !؟ عبدالله
القحطاني الصلة بين الحماقة والحماسة ، في
العمل العامّ ، غامضة في كثير من
الأحيان ، لا تبدو معالمها إلاّ
لمن يتأملها بعمق ، وتكون لديه
القدرة على التأمل الصحيح
العميق ! وأكثر ماتبدو للعيون
نتائجها ، التي تكون ، في أحيان
كثيرة ، كارثية مدمّرة ! وإذا كان حرف واحد في اللفظ ( حرف
السين في الحماسة ، أو حرف القاف
في الحماقة ) يجعل المسافة بين
الكلمتين ، كالمسافة بين الأرض
والقمر ، من حيث ضرورة الحماسة
للعمل العام ، وخطورة الحماقة
فيه ، وعليه .. فإن التطبيق
العملي على الأرض ، يكشف عجائب
تذهل الألباب ، في كثير من
الأحيان ، على مدار التاريخ
الإنساني ، القديم والحديث !
وهذه نماذج قليلة ، نحسبها
تعبّرعمّا نرمي إليه : 1) الحماسة : أبو بصير: الشابّ الشجاع المتحمس
، الذي جاء إلى النبيّ يعلن
إسلامه ، بعد أن تمّ توقيع صلح
الحديبية ، فسلمه النبيّ إلى
وفد قريش ، الذي حضر من مكة
لاستلامه ، وذلك التزاماً من
النبي بالشرط الوارد في
المعاهدة ، الذي ينصّ على إعادة
كل من يسلم من قريش ، دون إذن
أهله .. أبو يصير هذا ، تغلّب على
من كان معه من الحراس ، جامعاً
الذكاء والشجاعة .. وفرّ إلى
مكان قصيّ حصين ، يقع على طريق
قوافل قريش .. فأذاقهم الويل ،
لكثرة ما كان يغير على قوافلهم ،
ويصادر من أمتعتها وأموالها ..!
ولقد قال
عنه رسول الله : ويلمّه مِسعرَ
حرب لو كان معه رجال ! وقد ضجّت
قريش منه ، ومن أنصاره الذين
انحازوا إليه ، لتشابه أحوالهم
.. فأرسلت وفدها إلى النبيّ ،
تناشده الله والرحم ، ليلغي من
بنود المعاهدة ، البند الذي
يلزم المسلمين بردّ أبناء قريش
، الذين يسلمون دون إذن أهليهم..
ذلك البند الذي أثار ألماً
شديداً في نفوس الصحابة ، يوم
توقيع المعاهدة ، والذي دفع
فتيان قريش ، المؤمنين الجدد ،
إلى البحث عن منهج لهم ، خاصّ
بهم ، يوجعون به أعداءهم ، دون
أن يحمّلوا المسلمين تبعات
أعمالهم ، فيعطي ذلك قريشاً
حجّة للتثهير بالمسلمين ، بأنهم
ينقضون عهودهم ومواثيقهم ! 2) الحماقة :
نماذجها اليوم كثيرة جداً ،
وكلها ترتدي ثوب الحماسة ، مع
الأسف ..! وسنذكر بعض نماذجها ،
دون أن نسمّي أحداً : • مَن
يصرّ على رفع راية سامية نبيلة ،
فوق جرائم وحشية ، لاتبيحها
إلاّ شريعة الغاب ، يقتل فيها
الطفل والمرأة والمسنّ والعاجز..
انتقاماً من مجرمين يقتلون أهله
، وذلك ، بدلاً من رفع راية
الانتقام ،
ضمن مبدأ المعاملة بالمثل ..
وهو الأمر الذي يجعل انتقامه
أشدّ ردعاً للمجرمين ، وأكثر
صوناً لحرمة الراية المقدّسة ،
التي تُرفع فتلوّث ، ويشهّر
الأعداء القتلة ، بها
وبأصحابها، ويعدّونهم جميعاً
مجرمين، لأن (مبدأهم إجراميّ في
الأصل!) .. فيكون الحمقى ، بهذا ،
أشأمَ على أنفسهم ورايتهم ،
وأهلهم وبلادهم .. مِن بَراقش ،
التي جنت على أهلها ، حين دلّت
أعداءهم عليهم ليلاً،
بنباحها.. فأدركوهم
فأبادوهم ! • مَن
يتحمّس لشعارات زائفة برّاقة ،
ورايات خادعة مضلّلة .. ويغفل
عمّا يفعله أصحاب هذه الشعارات
، ورافعو هذه الرايات ، على
الأرض ! وحين يلـفت أحدهم نظرَه
، إلى ممارسة أصحاب الشعارات
والرايات ، يغمض عينيه ، ويصمّ
أذنيه ، ويتّهم مَن بنبّهه إلى
مايجري على الأرض ، بأنه عميل
للاستعمار، أو متخاذل جبان ، أو
متآمر مخرّب ، أو جاهل أحمق ..أو
غير ذلك ، من الصفات المناسبة
لسلوكه الفاسد ..! وسبحان القائل : فإنّها لا تَعمى
الأبصار ولكن تَعمى القلوب التي
في الصدور. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |