ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الإنسان
السوري وحقوق الإنسان نـوري
بـريـمـو للوهلة الأولى ومن
حيث الشكل قد لا نصادف إنساناً
في هذه الدنيا يقبل على نفسه أن
يكون لا إنسانيا أو أن يوصف من
قبل غيره بصفة اللا إنسانية
التي تعني فيما تعنيه حب الذات
والتجبّر وهضم حقوق الآخرين
وانتهاك حرياتهم واستباحة
حرماتهم...؟!، لكنْ للوهلة
الثانية وما يليها من الوهلات
ومن حيث المضمون ولدى مراجعة
ومعاينة الوقائع العملية
لمجريات تطوّر التاريخ البشري
الذي شهد عبر مراحله المتعاقبة
أنظمة حكيمة مختلفة الأشكال
والألوان (سياسية، دينية،
إقتصادية، إجتماعية...) كانت
بغالبيتها سلطات فوقية تسنّ حسب
طريقتها الخاصة قوانين وضعية
تتناسب مع مصالحها وتشرْعنْ
لنفسها إجراءات طوارئية أو
عرفية تمهّد بواسطتها لكيفيات
استسهال حقوق وحرمات عامة الشعب...!؟،
ليس هذا فحسب لا بل إنّ الأحيان
التاريخية الكثيرة قد شهدت
أنظمة إستبدادية قمعية قامت
بتطبيق شرائع أشبه ما تكون
بشريعة الغابة التي يسودها بشكل
طبيعي توازن فطري ما بين
مكوناتها المختلفة التي تستمر
جميعها في دائرة الحياة لكنْ
شريطة أن تتواصل تلك الحياة على
مبدأ يحق للقوي فيها أنْ يأكل
الضعيف...!؟. وفي سياق هذا السرد
الوصفي الموجز للتاريخ...، فإن
قلاع الظلم التي شيدها قديماً
جنكيز خان وهولاكو وهتلر وغيرهم
من فاشيّوا العالم، ومقابر
التطهير العرقي الجماعية التي
إقترفها حديثاً نظراء صدام
العراق وميلوزوفيتش يوغسلافيا
ونظام بريتوريا في جنوب أفريقيا
وديكتاتورية البشير في دارفور و...،
وأشكال الاستبداد الجائر الذي
تمارسه حالياً بعض الأنظمة
الديكتاتورية في أنحاء واسعة من
البسيطة وفي بلدان شرق أوسطنا
بشكل خاص...، هي الشاهد الأكثر
دلالة على أن القاسم المشترك
الأعظم ما بين كافة حكام هذا
الزمن وجبابرة ذاك الزمان هو
هضم حقوق محكوميهم...!؟، أي أنّ
علاقة السادة والعبيد ـ وإنْ
أختلف الزمان والمكان
والمسمّيات بين الحين والأخر ـ
قد كانت ولا تزال هي السائدة في
بقاع كثيرة من معمورتنا التي
ينبغي لها أن تبقى عامرة بأهلها
الطيّبين وليس بالحكام
الجائرين. وبما أننا نعيش هذه
الأيام الذكرى التاسعة
والخمسين لصدور الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان...!؟،
ومادمنا بصدد البحث في جوهر
وماهية العلاقة المتبادلة ما
بين الحكام القاهرين وبين
محكوميهم المقهورين في دنيانا
التي كانت وقد تبقى مكتظة
بالمظالم والمفارقات...!؟، فإنّ
هذه المسألة تقتضي منا المزيد
من التخصيص والخوض في تفاصيل
هذه الانتهاكات الصارخة التي
تجري حولنا وضد إنساننا في
الدائرة الجيوبولتيكية المحيطة
بنا والقريبة منا...، أي في هذه
البلدان التي شاءت الأقدار أن
نولد ونحيا وقد نموت فيها. ومادامت سوريا هي
البلد الذي نحن معنيين بالبحث
في ثنايا علاقة نظامها الحاكم
بإنسانها المحكوم...، فإنّ توصيف
الحالة السورية الواجدة
والتوقف حيالها عبر وضع الأصبع
على أوجه الخلل لا بل القيام
برصد حالات إنتهاك حقوق الأنسان
والشعوب التي تجري فيها على قدم
وساق...، ومن ثم التنقيب قدر
المستطاع عن الحلول أو حتى عن
أنصاف الحلول...!؟، يبقى يشكل
الهاجس الأول والأخير لكل إنسان
سوري سواءً أكان عربياً أو
كوردياً أو آثورياً أو غير ذلك. فنظام البعث لا يزال
يحكم سوريا بموجب حالة الطوارئ
السارية المفعول منذ ما قبل
حوالي نصف قرن وحتى الآن...!؟،
وهو لا يزال يتعامل مع
المواطنين وفق الأحكام العرفية
التي أدّت وتؤدي إلى توسيع مخيف
لدائرة سلطات أجهزة الدولة التي
تضيّق بدورها دائرة الخناق
الأمني حول رقاب المواطنين
وحرمانهم من التمتع بأبسط حقوق
الإنسان الواردة في وثيقة
الشرعة الدولية لحقوق الأنسان
التي تحمل توقيع سوريا التي
تحولت مؤخراً إلى سجن جماعي
لأهلها الذين تحولوا إلى أناس
استهلاكيين لا طاقة لهم في
مواجهة مصاعب الحياة اليومية
الناجمة عن سياسة إقتصادية
إفقارية تعتمدها السلطات لكي
يصبح المواطن ضعيفاً وهزيلاً
وفريسة سهلة في فاه الغلاء
والبطالة والفساد و...إلخ ، في ظل
ضعف دور الأحزاب السياسية التي
تعمل بشكل سري وضعف أداء مؤسسات
المجتمع المدني وجمعيات حقوق
الإنسان جرّاء تغييب الدولة
للسياسة عن المجتمع السوري منذ
عقود عبر إلغاء العمل السياسي
الديموقراطي وحظر التواصل
الاجتماعي المنفتح وحتى النشاط
الثقافي بات ممنوعاً لأنّ أصحاب
الشأن في الحكم يعتبرون بأنّ أي
حراك في الداخل يشكل بالضرورة
خطراً على أمن الدولة التي
يريدون إحكام قبضتهم عليها
بمنطق أمني فج يتنافى مع أبسط
مبادئ الديمقراطية وحقوق
الأنسان. لكنّ ما يبعث على
الغرابة بمكان هو أنه رغم
الضغوط الدولية المتزايدة
ونصائح الأسرة العربية للنظام
السوري الذي بات يتعامل مع
الأحداث السياسية بمنتهى
الارتياب والتوتر...!؟، ورغم
اكتظاظ الأقبية الأمنية
وسجونها بمعتقَلي الرأي من كافة
الأطياف السورية...!؟، فإنّ
السلطة لا تكفّ عن مواصلة حملات
اعتقال القيادات السياسية
والنخَب الثقافية ومناصري
الديموقراطية وحقوق الإنسان
الذين ينشطون داخل البلد...!؟،
ففي الفترة القصيرة الفاصلة بين
الأول من كانون الحالي والعاشر
منه ـ أي ما بين يوم انعقاد
المؤتمر الأول لإعلان دمشق وبين
اليوم العالمي لحقوق الإنسان ـ
أقدمت السلطات السورية على حملة
اعتقالات واسعة بحق العشرات من
مسؤولي ونشطاء مختلف القوى
والفعاليات المشاركة في إعلان
دمشق المعارض الذي يراكم حراكه
الديموقراطي التغييري بشكل
سلمي في الداخل السوري. وبهذا الصدد..، يمكن
إعتبار تجرّؤ السلطة على ملاحقة
واعتقال عشرات الشخصيات
البارزة من قيادات الإعلان...!؟،
مؤشراً واضحاً على أنّ نظام
البعث لم ولن يتخلى عن تعامله
الأمني مع مختلف قضايا الشأن
السوري العام...!؟، ودليلاً
ساطعاً على أنّ الدوائر
الشوفينية الحاكمة تعتبر بأنّ
مجرّد حصول أي توافق بين
القيادة السياسية الكوردية
والمعارضة السورية هو خط أحمر
لا يجوز لأحد أن يتجاوزه...!؟،
وبناءً عليه فإنّ هذه الحملة
التعسفية الأخيرة هي بمثابة
رسالة تحذيرية صريحة إلى قطبَي
إعلان دمشق ـ العربي والكوردي ـ
لترهيبهما كي يرتفع جدار الخوف
ولتتراجع قواهما الفاعلة في
الساحة السورية عن مواقفها لا
بل كي تحيد عن مسارها المعارض
الذي يبدو أنه قد بات يشكل مصدر
قلق حقيقي لدى أهل الحكم. في حين تبقى سوريا
اليوم بحاجة ماسة وتستحق من
أبنائها المزيد من مراكمة
الحراك التغييري الذي من شأنه
إيصالنا للبديل الديموقراطي
الذي قد يؤسس لدولة الحق
والقانون التي يتوفر في
مناخاتها الحرّة كافة الحقوق
لكافة مكونات البلد بدون أي
تمييز قومي أو ديني أو مذهبي...،
لأنّ الشعب السوري ـ بعربه
وكورده وبباقي قومياته وأديانه
ومذاهبه ـ يستحق نظاما
ديموقراطياً مبنياً على
التعددية السياسية ويعمل على
حفظ حرية كافة السوريين الذين
يستحقون حياة حرة بعيداً عن
القمع والفساد والمحسوبية
والخوف من الحاضر والمستقبل...!؟. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |