ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
جولياني:
بوش المعدل 2008 بقلم:
علاء بيومي متابعة تصريحات
رودولف (رودي) جولياني وكتابته
وما يكتب عنه تجعل من الصعب على
المراقب أن بفرق بين جولياني -
عمدة نيويورك السابق وأحد
المرشحين الجمهوريين للرئاسة
الأميركية - والرئيس الأميركي
الحالي جورج دبليو بوش، فيما
عدا فارق بسيط، وهو أن خبرة
جولياني السابقة وخلفيته
الشخصية وسمعته التي اكتسبها
خلال عمله كمعدة لنيويورك تجعله
نسخة معدلة من الرئيس الأميركي
الحالي تتميز بالذكاء والوعي
بالتفاصيل والنظام والعزيمة
التي تصل إلى درجة السلطوية عودة المحافظين
الجدد ويزيد من هذا
الاعتقاد طبيعة المستشارين
الذين أحاط بهم جولياني نفسه
خاصة في مجال السياسة الخارجية،
في من بينهم بعض أهم زعماء تيار
المحافظين الجدد وأكثرهم تهورا
في مجال السياسة الخارجية خاصة
على صعيد التشدد تجاه العالم
الإسلامي ومساندة إسرائيل،
وأخص هنا بالذكر نورمان
بودهورتتز مؤسس مجلة كومنتاري
الصادرة عن اللجنة اليهودية
الأميركية وأحد الآباء
المؤسسين لتيار المحافظين
الجدد الفكري بالولايات
المتحدة، ومارتن كرايمر
الأكاديمي المعني بقضايا الشرق
الأوسط فبالإضافة إلى
مركزية بودهورتز وسط تيار
المحافظين الجدد فإنه يروج
لمصطلح "الفاشية الإسلامية"
ولكون ما يسميهم بالفاشيين
الإسلاميين هم أخطر أعداء
أميركا في الوقت الراهن، وأن
أميركا منخرطة في حرب عالمية
معهم على غرار الحربين
العالميتين الأولى والثانية
والحرب الباردة، ولا يخفي
بودهوريتز إيمانه بانتشار "الفاشية
الإسلامية" وسط أعداد كبيرة
من المسلمين في ظل عظم أعداد
المسلمين عبر العالم ووجود نسبة
منهم تؤمن بالأفكار الفاشية
يقدرها بودهوريتز بحوالي 10% على
الأقل أما مارتن كرايمر فهو
معروف بانتقاده للجامعات
الأميركية بسبب مواقفها التي
يرى أنها متعاطفة مع المسلمين
والعرب، ولا يخفي الرجل نقده
لمسلمي وعرب أميركا والغرب
باعتبارهم متعاطفين مع أوطانهم
الأصلية هذا إضافة إلى دانيال
بايبس المعروف بمواقفه
المتشددة تجاه مسلمي وعرب
أميركا والذي أثارت إنباء
انضمامه لحملة جولياني
الانتخابية موجات من القلق
والرفض من قبل منظمات المسلمين
والعرب الأميركيين مشكلة جولياني وفي سعيهم لتفسير
أسباب ارتماء جولياني في أحضان
المحافظين الجدد على الرغم من
سمعتهم السيئة عبر واشنطن -
والتي اكتسبوها باقتدار بعدما
قادوا إدارتي الرئيس جورج دبليو
بوش لعدد كبير من الأخطاء
السياسية وعلى رأسها حرب العراق
- يرى البعض أن مشكلة جولياني
تعود إلى خلفيته السياسية
الليبرالية، فالرجل مثل بقية
المحافظين الجدد كان ليبراليا
في الستينات، ثم تحول نحو
اليمين في السبعينات وأصبح
جمهوريا في عهد الرئيس الأميركي
السابق رونالد ريجان، كما أنه
يمتلك سجلا ليبراليا على
المستوى الأخلاقي حيث يؤيد حقوق
الإجهاض ويتهادن مع الشواذ، هذا
إضافة إلى حياته الأسرية
والشخصية والتي تبدو مفككة، تلك
الأمور تجعله مرشحا غير جذابا
في نظر القواعد الجماهيرية
الجمهورية والتي تسيطر على فئات
واسعة منها قوى اليمين المتدينة
خاصة في ولايات الغرب والوسط
الأميركية، والتي يحتاج
جولياني تأييدها لكي يفوز
بترشيح الجمهوريين له في
الانتخابات الرئاسية المقبلة ويقول هؤلاء أن ضعف
سجل جولياني على المستوى
الأخلاقي جعله يسعى لتعويض نقصه
السابق من خلال التركيز على
القضايا الأمنية وخاصة الحرب
على الإرهاب والتي أعاد جولياني
تسميتها ليطلق عليها "حرب
الإرهابيين على أميركا" ولا ينسى القارئ أن
أحداث الحادي عشر من سبتمبر
ساهمت في صناعة صورة جولياني
كبطل قومي في أميركا وعبر
العالم، حيث يشير البعض إلى أن
جولياني – عمدة نيويورك في ذلك
الوقت – كان الصوت الذي طمئن
الأميركيين بعد الأحداث، ففي
الساعات التالية للهجمات اختفي
الرئيس بوش ونائبه تشيني من
الساحة السياسية لأسباب أمنية،
أما جولياني فلم يختبئ ولكنه ظل
في نيويورك – أرض المعركة – ولم
يهرب أو يتخفي متحدثا ومطمئنا
للأميركيين، لذا نجد أن جولياني
عادة ما يبدأ حديثه بتذكير
مستمعيه بأحداث 11-9 وبجيل 11-9،
وبأن 11-9 مثلت البداية الحقيقية
للقرن الحادي والعشرين لذا يطلق البعض على
جولياني تسمية عمدة 11-9، ويسميه
أحد منتقديه عمدة 12-9، حيث يرى
ذلك المنتقد أن وصف جولياني
لنفسه بأنه خبير في مكافحة
الإرهاب غير مبرر، وأن جولياني
لم يتحدث عن القاعدة قبل 11-9،
وأنه ارتكب أخطاء جسيمة في
إدارة نيويورك الأمنية قبل 11-9
وفي يوم الحادث خاصة فيما يتعلق
بسوء التنسيق بين قوات الشرطة
وقوات الإطفاء مما أدى إلى مصرع
العديد من رجال الإطفاء في
محاولتهم إنقاذ ضحايا البرجين،
ويرى أصحاب هذا الرأي أن
جولياني اكتسب شهرته بسبب أدائه
السياسي بعد الهجمات لا بسبب
أدائه الأمني قبلها أما الفريق الثالث
فيري أن الجمهوريين بطبيعتهم
حزب منغلق يرفض نقد الزعيم، وهو
جورج دبليو بوش في الوقت
الراهن، وأن غالبية المرشحين
الجمهوريين للرئاسة الأميركية
– بما فيهم جولياني – يتجنبون
نقد بوش، مما يتركهم أمام خيار
واحد، وهو السعي لأن يكونوا
صورة أفضل أو معدلة من الزعيم
جورج دبليو بوش زار إسرائيل 3 مرات
ولم يزر العراق منتقدو جولياني
يشيرون إلى ضعف خبرته السياسية
خاصة في مجالات الأمن الدولي
والسياسية الخارجية التي يركز
عليها كثيرا في خطاباته كما
ذكرنا من قبل، فالرجل الذي يريد
أن يصور نفسه للناخب الأميركي
على أنه الرئيس القادر على
تمثيل جيل 11-9 وحماية أميركا من
11-9 أخرى، لم يزر العراق حتى
الآن، وكما أنه خلال فترة عمله
كمعدة لنيويورك لم يسافر خارج
أميركا إلا أربع مرات، ثلاثة
منها لإسرائيل ومع ذلك يقدم جولياني
رؤية متشدد نحو العالم والذي
يصفه بأن عالم مخيف مليء
بالأخطار وبالإسلاميين
الراديكاليين الفاشيين الذين
يتحينون الفرصة للهجوم على
أميركا، لذا ينادي في المقابل
بالهجوم المستمر على الأعداء
وببناء قوة أميركا وجيشها
وتأمين الحدود وتعبئة الجيل
الراهن من خلال مؤسسات مدنية
وعسكرية لتحسين صورة أميركا في
الخارج، كما ينادي بالحد من
النقد لأميركا داخل أميركا
وخارجها وبحشد السياسيين
والدبلوماسيين الأميركيين من
أجل ذلك كما ينتقد الأمم
المتحدة كمؤسسة فاسدة فاشلة لا
تصلح إلا لإرسال قوات حفظ
السلام لبعض الدول، ويبدو أنه
يريد استبدالها بالناتو والتي
يريد توسيعها لضم إسرائيل
وغيرها من الدول المساندة
للولايات المتحدة والغرب، كما
يؤكد مرارا أنه صادق في تهديده
لإيران، وأنه لن يسمح لها
بامتلاك السلاح النووي وأنه
مستعد لاستخدام ضغوط سياسية
واقتصادية قاسية على إيران
لإشعارها بجدية الطلب
الأميركي، وأنه كمفاوض لن يشعر
الطرف المواجه له بالاطمئنان
وضمان عواقب جولياني وسياساته،
فسوف يبقى دائما رئيسا يصعب
التنبؤ بسياسية صارم لا يتورع
عن الضغط بكل طاقته ومستعد
للتفاوض في أي وقت، ولكن من موقع
قوة أما بخصوص الصراع
العربي الإسرائيلي فيعود به
جولياني إلى المربع الأول حيث
يرى أنه لا يجب منح الفلسطينيين
دولة لسيطر عليها المتشددين، إذ
يجب على الفلسطينيين أن يحكموا
أنفسهم أولا ويكافحوا التطرف
وسطهم على أن يكافئوا بعد ذلك
بدولة، ولا ينسى جولياني
التأكيد على التزام أميركا
بحماية إسرائيل في مقابل أي
اعتداء عليها، وعلى صداقته مع
إيهود أولمرت، وعلى أنه سبق وأن
طرد ياسر عرفات من أحد فنادق
نيويورك، وأن خبرته في مكافحة
الإرهاب تعود للثمانينات حين
كان يحقق في نشاطات عرفات عندما
كان جولياني مسئولا في وزارة
العدل الأميركية كما يعد جولياني
بالبقاء في العراق وأفغانستان
حتى يتم إصلاح الدولتين
وتحويلهما إلى عداد الدول الحرة
والمتقدمة، حيث يرى أن الفشل
فيهما سوف يحولهما إلى غزة
جديدة في قبضة المتطرفين كما يتراجع جولياني
عن فكرة نشر الديمقراطية عبر
العالم عن طريق الإسراع بعقد
انتخابات حرة، حيث يرى أن تلك
الفكرة متمادية في المثالية،
وأنه من الأفضل تشجيع الدول غير
الديمقراطية على بناء مؤسسات
مدنية قوية أولا قبل عقد
انتخابات حرة وعلى الصعيد الداخلي
يطالب جولياني بإصدار بطاقات
هوية خاصة للأجانب تحتوي على كل
معلوماتهم بما يسهل من عملية
تعقبهم والتعرف عليهم وطردهم
إذا أخطئوا، كما يدعو لتقوية
قوانين مكافحة الإرهاب،
وبإنهاء تدفق المهاجرين غير
الشرعيين عبر الولايات المتحدة عمدة كفء الأفكار السابقة
أشعرت كثير من المتابعين
الأميركيين بالخوف والقلق من
جولياني وتهوره ودفعت بعضهم
لوصف أفكاره بأنها أكثر تشددا
من أفكار الرئيس جورج دبليو
بوش، ولاتهام جولياني بالجهل في
كثير من الأحيان وبأنه لا يمتلك
الخبرة التي تؤهله لفهم قضايا
السياسية الخارجية وبأن
مستشاريه يكتبون له أفكار
متطرفة صعبة المنال، حيث يرى
البعض – على سبيل المثال – أن
خطة جولياني لتوسيع الجيش
الأميركي تتطلب زيادة كبيرة في
عدد الجنود تفوق قدرة الجيش على
العثور على أفراد راغبين في
التجنيد في الوقت الراهن، كما
يرى البعض أن خطط جولياني
لمراقبة الحدود ولحماية أميركا
ببناء درع صاروخي تفتقر للتقدم
التكنولوجي الذي يسمح بتحقيق
خطط جولياني لذا يشير هؤلاء إلى
أن أفكار جولياني وخطابته
تنتابها عيب أساسي واضح وهي أنه
عبارة عن وعود وأفكار ضخمة لا
تساندها خطط واضحة، بل أن
جولياني – كما يرى هؤلاء –
يتعمد الهروب من الأسئلة
المحددة مفضلا قيادة ناصية
الحديث وتوجيهه لشغل الوقت
بأحاديثه المفضلة، والتي تتركز
على إيقانه الذاتي بقدرته على
قيادة أميركا في الفوز "بحرب
الإرهابيين على أميركا"
مثلما تمكن من إعادة بناء مدينة
نيويورك عندما كانت عمدة لها وهنا يعترف أنصار
جولياني خصومه بقدرته على تطهير
نيويورك من الجريمة ومن البطالة
ومن مؤسسات الإعانة الاجتماعية
الفاشلة، ويجمع الكثيرون على أن
جولياني المنحدر من أصول
إيطالية أميركية فقيرة والذي
تمكن بمجهوده الفردي من أن يكون
محاميا وأن يعتلي مناصب سياسية
مرموقة يمتلك قدرا كبيرا من
الذكاء ومن النظام فحملاته
الانتخابية تسير كالقطار تحت
أفكار محدودة وبدقة كبيرة، كما
أنه رجل قادر على الوعي بتفاصيل
الأمور، والحرص على المشاركة في
صناعة القرار واتخاذه، كما أنه
يتميز بقدر من العناد والذي
يؤهله لتبني أفكار جريئة وغير
مقبولة وفرضها على خصومه
ومعارضة، وهي الصور التي يسعى
جولياني لرسمها لنفسه مرارا
وتكررا، وحتى الآن تبدو
إستراتيجية جولياني ناجحة في
أوساط الجمهوريين على الأقل
والذين يفضلونه على أي مرشح
جمهوري آخر بفارق واضح في الوقت
الراهن تساؤلات!؟ بقى لنا أن نتساءل
حول حقيقة قناعات جولياني
وسياساته، وهل ستتغير بعد فوزه
بترشيح الجمهوريين له، حيث
سيتحتم عليه ترشيد أفكاره
وتعديلها بما يسمح له باجتذاب
أصوات اليمين واليسار على حد
سواء، وهل ستتغير إذا ما فاز
جولياني بالرئاسة، فهل ستتغير
أفكار جولياني وسياسياته بمرور
الوقت وهو الذي أظهر قدرات
برجماتية عالية، وقدرة على
الاختلاف عن مستشاريه خاصة فيما
يتعلق بالإسلام والمسلمين
والذي عبر جولياني نحوهم بأفكار
إيجابية تختلف إلى حد كبير عن
أفكار بودهوريتز وكرايمر
وبايبس ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |