ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
غزة
هل تفجر الشارع العربي؟! ياسر
سعد لم
يعد اسحق رابين وحيدا في أمنيته
أن يستفيق ذات صباح ليجد أن
البحر قد ابتلع غزة, فبتقديري أن
الكثير من الحكام العرب يشاطرون
رابين هذه الأيام أمنيته وأمله
في زوال غزة وأن يبتلعها البحر
دون مبالاة إن كانت أمواج هذا
البحر إسرائيلية أو تشكلت من
قوات لحد فلسطينية. ذلك لأن غزة
بالحصار المفروض عليها
وبصمودها أسقطت عن كثير من
الأنظمة العربية أوراق التوت
السياسية, فأظهرت تلك الأنظمة
عاجزة عن الفعل وعن ردات الفعل
لا تملك من أمرها شيئا, أنظمة لم
تعد تعرف معنى للإجماع إلا إذا
كان رضوخا للطلبات الأمريكية
كما حصل في انابوليس, ومن المؤسف
والمهين أن ذلك الانصياع جاء في
وقت الضعف والتخبط الأمريكي
والاستغراق في المستنقعات
الأفغانية والعراقية. الشارع
العربي يرقب ويراقب ما يجري في
غزة وعليها بمشاعر يمتزج فيها
الغضب والحنق بالسخط وعدم الثقة
المطلقة بالنظام العربي الرسمي.
غزة محاصرة منذ شهور عقابا
لشعبها على اختياره الديمقراطي
وممارسته لانتخابات لم تعرف
الدول العربية لها نظيرا في
الشفافية والدقة في تاريخها
المعاصر ولتمسكه بحقوقه
وثوابته. حصار غزة وشعبها
المصابر أدى لمعاناة كبيرة وعرض
المواطنين إلى ما يشبه المجاعة
كما قُتل العشرات من المرضى
جراء نقص الدواء وانهيار
الخدمات الطبية. غزة تحت الحصار
فيما النظام العربي الرسمي
يشارك صاغرا في مؤتمر انابوليس
ومؤتمر باريس من بعده والذي شهد
سخاء عربيا وعالميا لمصلحة سلطة
رام الله بمليارات الدولارات
والتي أرادت أن تحول قضية
الاحتلال إلى قضية بطون جائعة
وشراء للضمائر والقيم. مليارات
تصب لحماية أمن المحتل ولوضع
الخيار الصعب والقاسي أمام
الشعب الفلسطيني: تنازل عن
حقوقك وكرامتك لتتدفق عليك
المساعدات والمشاريع أو تمسك
بأرضك ومقدساتك وواجه التجويع
والترويع والحصار والموت
البطيء. لم
تكتف قوات الاحتلال بحصار غزة
فصعدت من أعمالها الحربية ومن
جرائمها في قتل الأبرياء
والمدنيين من المحاصرين أمام
الصمت العالمي والتواطؤ الغربي
والأمريكي والتخاذل العربي.
المواطن العربي يتساءل عن دور
النظام العربي الرسمي وعن ميثاق
الدفاع العربي المشترك وعن
الهدف من وجود الجيوش العربية
بعدادها وعتادها, وعن جدوى
ومردود صفقات السلاح الخيالية
والتي تُعلن بين الحين والآخر
على الأمن القومي. من الواضح أن
مهمة جيوشنا العربية المتخمة
بالنياشين والرتب ينحصر في
حماية الأنظمة العربية والتي
يعرف القاصي والداني إنجازاتها
الفريدة في الاقتصاد والتنمية
والتقدم التقني, من المعارضين
المتآمرين على الاستقرار وما
ننعم به من تقدم وازدهار. لم
يستطع النظام المصري "الصمود"
في رضوخه أما الضغوطات
الأمريكية والإسرائيلية بمنع
حجاج غزة من العودة من معبر رفح
لمعرفته الأكيدة ويقينه التام
بأن الشارع المصري يغلي غضبا من
تواطؤ نظامه وتخاذله, فعوض
مناصرة شعب غزة يشارك في جريرة
الحصار والتضييق عليهم. إن ما
يحدث في غزة وما يقع على شعبها
العربي المسلم من حصار وقتل هو
شهادة مجللة بالخزي ولعار لكل
الأنظمة العربية المشاركة في
تلك العملية من خلال السلبية
والصمت والرضوخ للأوامر
الأمريكية في التضييق على أهل
القطاع والإعراض عن معاناتهم
ومكابدتهم. إنني
في الوقت الذي أستنكر فيه عن
عقيدة وقناعة أعمال العنف
والتفجير والتي هزت الكثير من
مجتمعاتنا العربية, أجد أن في
المواقف السلبية والبائسة
للأنظمة العربية مما يحدث في
غزة والعراق الوقود والدافع
لكثير من الشباب العربي المتحرق
غيظا مما يجري والمحبط من
الانكسار السياسي العربي
الرسمي, للالتحاق بتيارات
التكفير والتفجير. ليست الأنظمة
العربية وحدها المسؤولة عن
إغاثة غزة وشعبها, بل إن العلماء
والأحزاب والهيئات والتجمعات
العربية والإسلامية مطالبين
بوقفة صارمة للمساهمة بكسر
الحصار عن غزة وأهلها والدعوة
إلى زحف شعبي باتجاه أسوار غزة
لإغاثة شعبها وتجريم كل نظام
عربي لا يشارك في إزالة هذا
الظلم الكافر والإجحاف الفاجر
عن القطاع الصامد. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |