ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ضوابط
إستراتيجية تحكم التحرّك
الأميركي في الشرق الأوسط صبحي
غندور* يعتزم الرئيس
الأميركي بوش زيارة الشرق
الأوسط في الأسبوع القادم
لإعطاء دفعة زخم للتحرّك
الأميركي بشأن الملف الفلسطيني
بعد مؤتمر أنابوليس. لكن رغم ما يظهر على
السطح أحياناً من تباين محدود
بين إسرائيل وأميركا، ففي
تقديري أنّ هناك غايات كثيرة
مشتركة بين الطرفين، بغضّ النظر
عمّن هو الحاكم في إسرائيل أو في
أميركا. وهذه المصالح والأهداف
المشتركة هي: 1- إبقاء التفوّق
العسكري الإسرائيلي على الدول
العربية مجتمعة، والضغط على
الدول الكبرى لعدم تسليح بعض
الدول العربية. 2- التشجيع على
العلاقة والتطبيع بين العرب
وإسرائيل بغضّ النظر عن مستوى
نجاح عملية السلام (لجان
التطبيع والمؤتمرات الاقتصادية
مع إسرائيل بضغط أميركي منذ
مؤتمر مدريد عام 1991). 3- السعي لمنع أي
مقاومة مسلحة للاحتلال
الإسرائيلي في فلسطين (كما كان
الأمر مع لبنان). 4– التحفّظ على أي
تضامن عربي حتى في حدّه الأدنى (تحفظات
أميركا على القمم العربية وعلى
التنسيق الثلاثي الذي كان
قائماً بين مصر وسوريا
والسعودية، وعلى دور الجامعة
العربية بشكل عام) وتشجيع
الصراعات العربية/العربية التي
هي مصدر قوّة لإسرائيل،
ولأميركا هي مبرّر لطلب
المساندة منها!. 5- تشجيع الخلافات بين
الدول العربية وإيران، وفي
مقابل ذلك تعزيز الدور
الإسرائيلي في دول العالم
الإسلامي وبدعم أميركي طبعاً. *** إنّ من المهم النظرة
إلى واقع وآفاق الموقف الأميركي
من الصراع العربي/الإسرائيلي،
من خلال الأمور التالية: أولاً: مقابل علاقات
خاصة جداً بين إسرائيل وأميركا،
هناك مصالح أميركية هامّة في
المنطقة العربية (الأمن، النفط،
التجارة، تصدير السلاح) ممّا
يؤكّد أهمية المنطقة
استراتيجياً واقتصادياً
وأمنياً لسنوات طويلة بالنسبة
لأميركا. ثانياً: تدرك واشنطن
أنّ سيطرتها الكاملة على
المنطقة العربية هو أمر يتنافس
مع مصالح دول إقليمية ودول كبرى
أخرى وهذا ما يجعل المنطقة ساحة
تنافس دولي من جديد، ولو في
حدوده الدنيا، مع احتمال تصاعده
مستقبلا. أيضأ، هناك صراع على
مستقبل هوية المنطقة، فالعرب
يريدونها هوية عربية، وأميركا
تعمل للهوية "الشرق أوسطية"،
وأوروبا تدعو ل"الهوية
المتوسطية". ثالثاً: هناك مفاهيم
قد سقطت في حقبة ما بعد انتهاء
الحرب الباردة، ويجب الإنتباه
إليها في مجال العلاقات العربية-الأميركية.
ومن هذه المفاهيم - أو الأعذار -
الأميركية التي سقطت: 1-
"أنّ أميركا غير عادلة في
سياستها بالمنطقة العربية،
لأنّ بعض دول المنطقة ترتبط
بعلاقات خاصة مع أعداء أميركا
الدوليين" (كما كان يقال في
حقبة الحرب الباردة مع السوفييت)..
وقد سقط هذا المفهوم، ولم تعدّل
أميركا مواقفها تجاه إسرائيل
والعرب. 2-
"أنّ سياسة أميركا غير
عادلة بسبب وجود طروحات
اشتراكية وثورية".. إلخ (كما
كانت في الستينات من القرن
الماضي). وقد انتهت هذه
الطروحات، وأصبحت عموم
الحكومات العربية منسجمة جداً
مع المعايير الاقتصادية
الأميركية.. ولم تعدّل أمريكا!. 3-
"أنّ أميركا لا تستطيع
العمل الجاد لحل الصراع العربي/الإسرائيلي
ما لم يتفاوض العرب مع إسرائيل
ويعترفوا بوجودها من خلال
اتفاقيات صلح وسلام".. وقد حصل
ذلك ولم يتغير الموقف الأميركي
عملياً!. 4-
"أنّ أميركا تريد
الاطمئنان أكثر في المجال
الأمني بالمنطقة، وتريد
معاهدات ثنائية معها".. وحصلت
هذه المعاهدات، وأصبح الوجود
العسكري الأميركي أمراً واقعاً
ومقبولاً من الخليج إلى المحيط
مروراً بمصر والأردن وفلسطين..
ورغم ذلك ما زالت أميركا "غير
مطمئنة"!؟. رابعاً: على الجانب
العربي، في المقابل، من المهمّ
التخلّي عن المقولة التالية:
"أن أميركا غير عادلة في
المنطقة لأنّ اللوبي
الإسرائيلي يتحكّم في سياستها
الخارجية". فالواقع هو أنّ
لأميركا مصالحها الخاصة
الاستراتيجية في المنطقة، وقبل
وجود إسرائيل. وهي، أي أميركا،
تستخدم الوجود الإسرائيلي
لتحقيق هذه المصالح الأميركية
مقابل مساعدات لإسرائيل.
وأميركا – من دون وجود
اللوبي الإسرائيلي - ستبقى
رافضة لبناء استراتيجية عربية
واحدة في أي مجال أمني أو
اقتصادي أو سياسي، خاصة بعد
تجربة التضامن العربي الذي سبق
حرب 1973.
وأميركا – من دون وجود
اللوبي الإسرائيلي - تريد
استبدال الهوية العربية
للمنطقة بهوية "شرق أوسطية،
وأميركا تحتاج لإسرائيل حيث لا
تريد هي - أو لا تستطيع - أن تكون
مباشِرة (أي مفهوم الوكيل أو
الأجير أو العميل في قضايا
محدّدة وفي عمليات خاصة). فتصاعد
الدعم الأميركي لإسرائيل ارتبط
ويرتبط بتصاعد السيطرة
الأميركية على المنطقة بعد
تقليص نفوذ الآخرين (الحلفاء
والأعداء).
ومن المفاهيم التي يتوجّب
تعزيزها عربياً أنّ الأمن الخاص
بأي قطر عربي لن يتحقّق من دون
الأمن العربي الشامل. أيضاً،
فإن البعد العروبي والديني في
القضية الفلسطينية وفي موضوع
القدس، سيجعل الإنسان العربي
أينما كان، رافضاً لأي تنازل عن
أساسات الحقّ الفلسطيني
والعربي (الإسلامي والمسيحي) في
هذا المجال. وهذا البعد العروبي
والديني كان في السابق - كما ظهر
أيضاً في انتقاضة القدس وفي
حركات المقاومة ضدَّ الاحتلال
الإسرائيلي في لبنان وفلسطين -
أساساً لكثير من المواقف
العربية الرسمية والشعبية. فرغم
الصداقة الخاصة مع الغرب
وأميركا، قرّرت دول الخليج
العربي قطع النفط عن الغرب عام
1973، ومعظمها لم يتجاوب مع الضغط
الأميركي الشديد للتطبيع مع
إسرائيل رغم أن قيادة منظمة
التحرير الفلسطينية عقدت
الاتفاقات معها وأعطت العذر
دولياً للعلاقة والتطبيع مع
إسرائيل!. *** إنّ واقع السياسة
الأميركية بملف الصراع العربي/الإسرائيلي
هو في أزمة زاد من تأجيجها
احتلال العراق.. وآفاق هذه
السياسة لن يكون تعديلاً
إستراتجياً في النهج الأميركي.
فرغم الفشل الواضح للسياسة
الأميركيّة في العراق، فإنَّ
واشنطن ما زالت ممسكة بخيوط
الصراعات القائمة الآن في عموم
منطقة الشرق الأوسط. ويشكّل
العام 2008 أهميّة كبيرة للإدارة
الأميركيّة نظراً لما سيجري فيه
من انتخابات أميركيّة لكل أعضاء
مجلس النوّاب ولثلث أعضاء مجلس
الشيوخ، إضافة طبعاً لمعركة
الرئاسة الأميركيّة ومصير نهج
سياسي مميّز قاد الإدارة
الحاليّة. كلّ ذلك في فترة شهدت
وتشهد أدنى مستوى لشعبيّة
الرئيس بوش كحصيلة لإفرازات
الحرب على العراق، ولسياسات
قاصرة في الشؤون الداخليّة
الأميركيّة. وتراهن الإدارة
الأميركيّة في سنتها الأخيرة
على جملة متغيّرات في منطقة
الشرق الأوسط يكون محورها الشأن
العراقي والملف الفلسطيني. إذن، 2008 قد تكون سنة
حاسمة للسياسة الأميركيّة في
عموم منطقة الشرق الأوسط،
ولمصير العراق، ولمستقبل
الصراع الأميركي/الإيراني،
ولآفاق القضيّة الفلسطينيّة،
ولاحتمالات الأوضاع في لبنان
وسوريا ولعلاقاتهما معاً. في الملف الفلسطيني
تحديداً، فإنَّ إسرائيل
المتفوقة عسكرياً هي التي تحتل
"الأرض" وهي التي تحدّد
ماهية "السلام" المطلوب
معها. وفي ظلِّ غياب
التضامن العربي وحضور الصراع
الفلسطيني/الفلسطيني، فإن
الفلسطينين والعرب لا يستطيعون
التوافق على كيفية تحقيق "السلام"
المفروض عليهم بينما إسرائيل
وأميركا هما في حال تنسيق دائم،
وهما "الطرف الآخر" في أي
شكل من أشكال التفاوض الثنائي
أو المتعدّد الجنسيات! وطبعاً
هما "الطرف الأقوى"،
وأحدهما خصم والآخر حكم!. وقد
حدثت "تسويات" على بعض
مسارات الصراع العربي/الإسرائيلي
خلال مسيرة ربع قرن، لكن من خلال
"راعٍ أميركي" يتعامل مع
المنطقة كقطيع غنم، وإلى جانبه
ذئب أمين!. -------------------- *مدير
"مركز الحوار" في واشنطن ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |