ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 17/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

قراءة في أخطر "إنجاز" حققه بوش في جولته!

ناصر السهلي

* بوش " المؤمن" والليبراليين العرب

من البديهي أن جولة بوش للمنطقة، وتحديدا في الكيان الصهيوني و رام الله، حققت ما حذر منه كل عربي غيور على قضايا أمته.. فلم يكن متوقعا إلا في مخيلة المتوهمين بالتفاؤل أن لا يكون بوش سوى بوش الذي عرفت المنطقة سياسات إدارته ذات التشكيلة اليمينية المحافظة والتي تحدث القادة الصهاينة علنية عن أنه أكثر الرؤساء الأميركيين دعما ومساندة لكيانهم.. وإذا ما خلطنا بين التوجهات المحافظة والتطرف اللابس لبوسا دينيا حول أهمية "إسرائيل" في المعتقد التوراتي لبوش وطاقمه فلا عجب أن تكون النتيجة، حتى قبل زيارته وعربدته في منزل أولمرت، حملت تهديدا علنيا بحرب عالمية ثالثة للتصدي لأي خطر على ذلك الكيان..

ثم لم يتردد أثناء زيارته أن يمارس بعضا من العنجهية والاستعلاء بالمطالبة بشطب الوجود الفلسطيني من خلال الضغط باتجاه شرط الاعتراف العربي بهذا الكيان كدولة يهودية.. لإفامة ما يسمى السلام.. ولا أشك بأن البعض العربي وعد "فخامته" وبكل إنصياع لتلبية طلب "تشجيع" دولة الاحتلال بخطوات تطبيعية والاقلاع عن شروط المبادرة العربية..

 

لما لا ونحن نعرف بأنه منذ البداية ثمة ليبراليين وساسة عرب سوقوا بوش منذ وضوح سياساته في بداية عهده باعتباره "الرئيس المؤمن"، فقدمته الدعاية المتغربة بما يشبه "القديس" الذي عاد إلى صوابه بعد أن كان جورج الآخر المدمن على الكحول والمستيقظ ذات صباح وقد هبط عليه "الوحي" طالبا منه أن يكون صاحب المهمة "المقدسة"... صدق بوش فيما يبدو كل ما أثير حوله فاستمر في اللعبة منذ 11 سبتمبر و"زلات" لسانه إلى دخوله كنيسة مهد السيد المسيح في بيت لحم ، ولابد من توجيه تحية للاي عطالله حنا على موقفه الرافض لاستقبال بوش .. حتى اكتشفنا أن لرايس قدرات على قراءة معنى الكذب والعجرفة والغباء المستحكمة كلها بعقل هذا الرجل الذي قاد شعبه على حبل من الأكاذيب والأضاليل... فبعد أن إدعى أنه حصل على ما سماه " إشباع روحي" لدى تجوله في كنيسة المهد عاد الرجل الى حضن أُولمرت، كما يفعل غيره من الذين سنذكر بهم لاحقا، لنكتشف أنه ليس كما رسمت كتيبة الليبراليين العرب... فقد ظهر جورج بوش بوجهه الحقيقي سخيفا وسكيرا أرادت رايس إخراسه فتباهى بأنها تطلب منه أن يخرس!

 

تلك ليست بذات الأهمية بالنسبة لما أنجزه.. لكنني أسوق المثل ليكون البعض من المطبلين لبوش أكثر واقعية أو على الأقل الاقتراب من واقعية الكثير من الأميركيين، الذين بالتأكيد هم ليسوا أقل ذكاءا سياسيا ومعرفيا بماهية التوجهات والاستراتيجيات التي يسعى اليها اليمين المحافظ ، الرافضين تماما لعنجهية السياسة الاميركية في منطقتنا..

وسأظل على إعتقادي بأن هذا اليمين المحافظ وتوابعه في المنطقة العربية ما يزال ينظر إلى الشعب العربي وشعوب المنطقة على أنها شعوب متخلفة ومـتأخرة تحتاج لمن يأخذ بيدها نحو الرشد! وهؤلاء بكل تأكيد ينصبون أنفسهم من ضمن خيارات أخرى، كالاختيار بين ديمقراطية بوش الكاذبة وليبراليين متوحشين لا يفقهون منها سوى الاسم من جهة وأنظمة فاسدة ومتخلفة من جهة أخرى.. هم يساهمون بكل تأكيد بتعميق مأزق الخيار الآخر لدى شعوب المنطقة النابع من مصالح ووطنية تلك الشعوب.. فبنظر هؤلاء كل الشعوب في المنطقة مشكوك بأمرها ونواياها حتى..

 

*مكمن الخطر على الساحة الفلسطينية

 

إلى جانب أن جولة بوش كانت جولة تحريضية ضد تطلعات التحرر الوطني لدى العرب في فلسطين والجولان ولبنان والعراق ومحاولة خلق اصطفاف عربي ضد إيران وما ذهب غيري إليه في تحليل هذا الزيارة فإنني شخصيا أرى أن أخطر إنجاز حققه، أو لنقل يسعى لتحقيقه، بوش هو على الجبهة الفلسطينية..

لست واهما ولا كل الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية يتوهمون من أن بوش قدم شيئا جديدا في جولته على صعيد الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني بل هو ذهب الى شرعنة الاستيطان والطلب من الشعب المحتل أن ينظر بعين الرضا إلى حالة الانقسام على الساحة الفلسطينية عبر كلام تحريضي وأجوف حول "فردوس الضفة" و"جهنم غزة".. لكن ليس ذلك فقط هو الذي يعتبر خطيرا على الساحة الفلسطينية ، وإن كانت الامور كلها متداخلة، بل إن ما تناقلته وكالات الأنباء وبعض المصادر الفلسطينية الخاصة حول "رغبة" الادارة الأميركية بأن يتزعم سلام فياض رئاسة السلطة بعد محمود عباس..

هناك تجربة سابقة مع هذه الادارة أثناء حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات، فقد عملت باتجاه سحب سلطاته لما يسمى رئاسة الوزراء.. ونتذكر جيدا بعد ذلك كيف عجت الساحة الفلسطينية بزحمة التمرد والاستنكاف والتزاحم على المناصب والعلنية التي حملت معها الكثير من الفظاظة في التامل مع شأن فلسطيني داخلي مطلوب منه تلبية شروط غربية وربما عربية في خانة الاعتدال..

اليوم تتكرر العملية وخطورتها ليس في شخص سلام فياض بقدر ما هو محاولة سحب البساط من تحت أرجل الحركة الوطنية الفلسطينية والدفع بأشخاص لا علاقة لهم بمنظمة التحرير (رغم ملاحظاتنا على أدائها) ويتماشون مع الاستراتيجية الاميركية التي تريد حصر القضية الفلسطينية في النواحي الانسانية والمعيشية والاقتصادية..

بعض المصادر المطلعة وضحت بأن أميركا باتت من الآن تضع شروطا على ما تعهدت به الدول في مؤتمر باريس، ومن بين تلك الشروط هذا التدخل الفظ في شأن فلسطيني خاص بالشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والاسلامية.. ويقف عباس موقفا مثير للدهشة من مسألة إبعاد حتى "فتح" التي يترأسها بالأمر الواقع عن مفاصل سلطة رام الله.. ولو تعلق الأمر فقط برام الله لما شكلت هذه السابقة خطورة على مستقبل حركة الشعب الفلسطيني للتحرر الوطني وتقرير المصير.. ويدرك كل عاقل بأن الادارة الاميركية والطرف الصهيوني لعبوا طيلة السنوات الماضية على وتر الخلافات الداخلية لابعاد "م.ت.ف" عن القرار الفعلي بما تحمله من برنامج وطني وصفة تمثيلية لتراهن على شخصيات وتشكيلات تنتمي لفظيا لحركة التحرر الوطني.. وخطورة بقاء الوضع الفلسطيني مشتتا تتيح للاميركي وغيره مواصلة اللعب على متناقضات الاطراف الفلسطينية، وأخطرها أن تدفع أميركا باتجاه شطب الاجماع الوطني والاتيان بشخوص تحمل عقلية متوافقة مع مشروع تصفية وانهاء القضية الفلسطينية تحت مسميات كبيرة وعريضة ولكن في الجوهر لا تحيد عن تجميلات اقتصادية وامنية تخدم في نهاية المطاف رؤية بوش والاحتلال لمفهوم الدولة الفلسطينية القائمة على وظيفة أمنية وإقتصادية ظنا منهما بأن ذلك يمكن أن يلزم الشعب الفلسطيني ببعض الصمت والتراجع عن كفاحه..

 

قد يتساءل البعض عن قدرة أميركا لتحقيق ما تصبو اليه من خلال سلام فياض ومن يتماشى مع قراءات فياض للقضية الفلسطينية.. وعلى ذلك يجب أن تجيب القوى الوطنية والاسلامية، فالشعب الفلسطيني الذي يعيش واقع الاحتلال والانقسام لا ينتظر أن تهبط عليه شخصيات وقوى مختارة بعناية من محتليه وداعميهم بل يتوقع من قواه التي قدمت التضحيات من خلال شعبها أن تقوم بدورها الذي يصل حد الشلل.. وإذا كانت "فتح" تعاني من أزمة داخلية وإستفراد البعض بقرارها فإن مسؤولية تاريخية ملقاة على عاتق الكادر الفتحاوي بأن يثبت استحالة شطب دورها.. ولا يمكن لحركة فتح أن تواجه تلك المشاريع لوحدها، فالحاجة الملحة لاعادة ترتيب الاوضاع الفلسطينية تعني أن تشارك كل القوى في إعادة رسم الخريطة السياسية والبرنامجية وإعادة الدور الطبيعي لمنظمة التحرير بالالتزام بما اتفق عليه في القاهرة والاقلاع عن سياسات تحميل الساحة الفلسطينية ما لا تحتمله من ترف الخطابات والتوعدات والتهديدات بحق بعضها البعض.. فمن يدعي محافظته على القرار الوطني لا يمكن أن يكون صادقا إذا ما ركز فقط على قراءته الخاصة لمفهوم ذلك القرار المستقل بينما في الواقع تقوم أميركا وحلفائها في المنطقة بافراغ ذلك المفهوم من كل مضامينه لنجد أنفسنا أمام حالة هلامية من تسميات لا تمت لتاريخ النضال والتضحيات الفلسطينية المتواصلة بأية صلة.. لسنا ضد أن تكون في السلطة الفلسطينية شخصيات مستقلة وما يسمونه تكنوقراط.. لكن الخطر أن يتسلم مفاصل القرار هؤلاء الذين يريدون شطب كل المرجعيات الوطنية والابقاء فقط على ما يمكن تحقيقه باسم الواقعية تحت بند "الأمر الواقع".. وأهم من ذلك كله ذهاب هذا التيار نحو اعتبار حق المقاومة المسلحة وغير المسلحة للاحتلال من الامور التي يجب الاقلاع عنها.. وعليه نسمع تصريحات فياض حول ضرورة حل الاذرع المسلحة بما فيها كتائب شهداء الاقصى..

 

من المثير للدهشة أيضا هذا الصمت المطبق من رأس السلطة على مطالبات بوش والاحتلال المباشرة وغير المباشرة في التدخل في تفاصيل الحياة السياسية الفلسطينية.. تارة عبر محمد دحلان وغيره وتارة أخرى عبر مجموعة يقف على رأسها سلام فياض الذي صدق بأنه قادر على التفرد بالقرار الفلسطيني فبات يزاحم كل القوى ويدعو الاميركيين لدعمه وحمايته..

 وكما كان دايتون ذات يوم حاميا لمجموعة معينة فإننا لن نستغرب إذا ما رأينا أن الأميركيين يضعون عبر مراقبهم الجديد خطة شبيهة تعزز من حظوظ هذا التيار الذي نعرف بأنه لن يكون قادرا على تطويع الساحة الفلسطينية لكنه بكل تأكيد سيشكل مضيعة للوقت والجهد في طريق إعادة الأمور على سكتها الصحيحة..

 

* المسؤولية الوطنية لقطع الطريق على الانتهازيين

 السيد فياض الذي يتعبر أن الفضل لوصوله الى أكثر من حقيبة وزارية في عهد الراحل ياسر عرفات وترؤسه لمجلس الوزراء يعود للاميركيين وليس بعيدا عن الواقع أن يقوم فياض بتأسيس تشكيلة سياسية ما من خلال ضخ الاموال الاميركية وقيام الاحتلال بخطوات شكلية لتعزيز حظوظه بجذب الشخصيات الانتهازية والمستفيدة ماليا ومناصبيا من خط فياض الاقتصادي والسياسي.. كلما أطل السيد المالكي وهو يحمل صفة " وزير إعلام" في السلطة كلما ذكرني هذا الشخص بأن الخلفية الايديولوجية والفكرية لا يمكن أن تقف عائقا أمام إنتهاج االانتهازية وتغليب المصلحة الذاتية على الوطنية عبر الانقلاب على تلك الخلفية بحجج لا يمكن لعاقل أن يقبلها.. فباسم الواقعية يصبح كل شيئ مباح.. وعليه لا أستبعد أن تفرخ هذه الانتهازية حزبا يتلاعب بمصالح الجماهير من خلال تقديم تسهيلات معاشية يومية لتأسيس شرعنة يحتاجها كما احتاجتها ذات يوم روابط القرى العميلة للاحتلال في السبيعينات..

 فلما لا تقوم القوى السياسية الفلسطينية وأمام مخاطر كبيرة تستهدف القضية الوطنية استهدافا استراتيجيا باتخاذ خطوات وطنية تعيد اللحمة الوطنية والاتفاق على برنامج الحد الادنى في مسألة الحقوق والتفاوض لتكون المرجعية هي منظمة التحرير بعد إعادة ترتيب أوضاعها استنادا الى التوافقات السابقة.. بدل القبول بتحول اللجنة التنفيذية للمنظمة لمجرد غطاء يستخدمه البعض لالقاء الوعظ الوطنية على شعب سبق قيادته في الوعي بمخاطر مشاريع تصفية قضيته الوطنية.. لقد ذكر ذات مرة الكاتب الفلسطيني الاستاذ بلال الحسن من أن الرسميين الفلسطينيين يخافون الحركة الشعبية الفلسطينية المتنامية وقد كان محقا فيما ذكر، فهذه الحركة الشعبية التي إذا ما تحولت إلى حركة منظمة يمكن  لها أن تزيح كل تلك الشخوص والبرامج الانتهازية ذات المشارب المختلفة وعليه يحاول هؤلاء بطريقة أو أخرى قطع الطريق باغراق الساحة الفلسطينية بكل ما هو غير جوهري في صراع البقاء الذي يقوده الشعب الفلسطيني منذ نكبته قبل 60 عاما..

أعود لأذكر أخيرا كما في كل مرة نأتي فيها على ذكر القيادة الفلسطينية بأن هذا الشعب الفلسطيني المضحي والمكافح والصابر على مدى التاريخ يثبت مرة اثر اخرى بأنه حقا أقوى من قيادته وهو لا يستحق قيادة ضعيفة ولا قيادة من النمط الذي تريدها له اميركا وبعض الانظمة العربية المشبعة بالتنظير والفاقدة لادراك معنى ان يكون شعبا قويا تقوده قيادة واهنة ترتجل المواقف والسياسة ارتجالا امام مشاريع استراتيجية تستهدف ماضي وحاضر ومستقبل هذا الشعب داخل ارضه التاريخية وخارجها..  

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ