ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سيد
قطب ضد العنف الحلقة
الثانية سيد
قطب رائد الثورة المصرية .. بقلم:
د. منير محمد الغضبان* خلاصة
هذه الحلقة ..هي قول سيد رحمه
الله في مرافعته :لماذا أعدموني
.. (_ _ _وظل
الحال كذلك إلى أن قامت الثورة
المصرية 23يوليو 1952.ومرة أخرى
استغرقت في العمل مع رجال ثورة 23
يوليو حتى فبراير سنة 1953 عندما
بدأ تفكيري وتفكيرهم يفترق حول
هيئة التحرير ومنهج تكوينها
،وحول مسائل أخرى جارية في ذلك
الحين لا داعي لتفصيلها _ _)لماذا
أعدموني/ص12 ونحن
في الحقيقة بحاجة إلى تفصيلها ،
نشهد من خلالها مفهوم سيد رحمه
الله عن العنف والثورة
،ونتابعها خطوة خطوة .. صديقه
يصفه ويحاوره : (قال
له صاحبه وهو يحاوره : يا أخي
اسمح لي أن أقول لك : إنني لم أعد
أفهمك .إنك تريد أن تقف في وجه
التيار.إنك تلقي بنفسك إلى
التهلكة بدون روية .إنك تتصرف
كما لو كنت تريد أن تتخلص من
الحياة . قل لي: لحساب من تعرض
نفسك لهذا ؟ إن الشعب لم يبلغ
درجة من الوعي يتابعك في
أهدافك،ويدرك مالذي أنت تريد . وأنت
تجابه قوى جارفة ،قوى تملك ان
تشتري دولا وأمما وشعوبا .قوى
مدربة لها عملاء في كل مكان .
ولها أجهزتها التي مرنت على
العمل _ _ هذه القوى تملك أن
تحيلك متهما في أعين مواطنيك _ _
فتظهرك للناس خائنا_ _إنك لست
غنيا ولا فتيا . فأنت رجل تدلف
إلى الكهولة . وأنت لا تستند إلى
حزب أو هيئة . تنفق عليك إذا
انقطع رزقك . وتنفق على أهلك إذا
انقطع عنهم عونك . وقد رد
عليه سيد : يا أخي إني أدرك هذه
المواقف كلها ،وأبصر هذه
المخاطر جميعها _ _ وأنا في
النهاية لا أنسى أنني رجل ذو
أعباء ،وأن الموت والحياة غيب
من غيوب الله .فلا يجوز أن يكون
في حساب أحد يريد أن يؤدي واجبا
، أو يغير منكرا ، أو يذهب أو
يجيء، حتى في تجارة أو معاش _ _ )سيد
قطب من الميلاد إلى الاستشهاد .د.صلاح
الخالدي /ص296،297 تأثر
ضباط الجيش بسيد: لقد
وصفها الدكتور الخالدي بدقة
تامة فقال : تأثر
ضباط الجيش الوطنيون ، الراغبون
في الإصلاح والتغيير بمقالات
سيد قطب الإصلاحية الثورية
التغييرية .وكانوا يقرؤون ما
يكتبه سيد من كتب ومقالات .وكان
عشرات من الضباط الوطنيين
منضمين إلى تنظيم (الضباط
الأحرار) وطلبت قيادة التنظيم
السرية -بزعامة عبد الناصر- من
الضباط قراءة مقالات سيد ،
والتثقف بكتبه الفكرية
الإسلامية . وكان
كتابه الفكري الإسلامي الأول –العدالة
الاجتماعية في الإسلام – من
أوائل الكتب التي كان الضباط
الأحرار يتدارسونها في
لقاءاتهم السرية . عن هذا
الأمر يقول : (الطاهر أحمد مكي)
في مجلة الهلال (لقي كتاب
العدالة الاجتماعية في الإسلام
إقبالا وترحيبا . وكان من الكتب
التي تركت تأثيرها واضحا في
تفكير الضباط الأحرار . ومن
أوائل الكتب التي كتبوها قبل أن
تقوم الثورة نفسها ، أو بالدقة
عام1951م _ _وقد شبه بعضهم كتب سيد
قطب بالرجل الفرنسي المشهور _ميرابو_الذي
كان له دور هام في التمهيد
للثورة الفرنسية . وأطلقوا على
سيد قطب لقب : ميرابو الثورة
المصرية .)سيد قطب للخالدي 298 ـ299 سيد مع
قادة الثورة قبل قيامها : (كان
من مظاهر تقدير ضباط الثورة
وقيادتها لسيد قطب قبل قيامها
أن تلك القيادة بزعامة –عبد
الناصر-كانت تعرف لسيد منزلته
ومكانته .ولذلك كان يأتي إلى
منزله في (حلوان) زعماء الضباط
يستشيرونه في الإعداد للثورة
،ويدرسون معه وسائل نجاحها . يروي
سليمان فياض في مقاله (سيد قطب
بين النقد الأدبي وجاهلية القرن
العشرين ) في مجلة الهلال عن
زيارته لسيد في بيته في (حلوان)بعد
قيام الثورة،وينقل هذا الحوار
الذي دار بينه وبين سيد قطب في
حديقة المنزل : وسألته
عن رأيه في هذه الثورة . ابتسم
وقال لي: هنا تحت هذه الشجرة كان
الضباط الأحرار يعقدون بعض
اجتماعاتهم معي في فترة التمهيد
للثورة . ثم دخل
سيد البيت وعاد يحمل مظروفا
أخرج منه صورا . وأخذ يريها لي
واحدة واحدة . وكان هو في كل صورة
، وتحت هذه الشجرة . وكانت كلها
صورا ليلية ،أخذت في صور (الفلاش)وفي
كل صورة كان هؤلاء الضباط
الأحرار . وهو بينهم أبدا واسطة
العقد _ _ولما رددت عليه آخر صورة
قلت: لا أرى بينهم محمد نجيب؟ قال:هذا
جاؤوا به واجهة للثورة ،الرتبة
العسكرية لها حساب . ثم
أشار إلى صورة جمال عبد الناصر
وقال : هذا هو قائد الثورة
الحقيقي يتراءى الآن وراء نجيب
، وغدا سيكون له شـأن آخر قلت له
:أراض أنت عن هذه الثورة. قال : لا
أجد في تطور أمورها ما يريح
فهؤلاء الأمريكان يحاولون
احتوائها بدلا من الإنجليز
،أتفهم ما أعنيه ؟ ) سيد للخالدي
ص300،299 وعن
حضور زعماء
الضباط الأحرار إلى بيت سيد
قطب ليتدارسوا معه وسائل نجاح
الثورة يروي أحد الضباط من
الإخوان المسلمين وهو الضابط (محمود
العزب)من بور سعيد فيقول : إن
رائدنا وأستاذنا سيد قطب هو
الذي رعى الثورة جنينا فوليدا
،وأمرنا أن نستعد لها_ _إن الجيش
لا يمكن أن ينسى أن سيد قطب هو (أبو
الثورة )و ( أبو الثوار).وتواضعه
يزيدنا تعلقا به وإكبارا له ) ويتابع
محمود العزب روايته : قبيل
الثورة بأيام تلقينا من الأستاذ
سيد قطب أمرا بأن نكون على
استعداد . وكنت على رأس تنظيم
الإخوان المسلمين في بور سعيد .
ولما تلقيت الأمر حضرت إلى
القاهرة ، ومضيت إلى منزل
الأستاذ سيد وكان ذلك في 19 يوليو
1952 م . وكان لديه بعض قادة الثورة
منهم : البكباشي جمال عبد الناصر.
وذكر لي الأستاذ سيد أن أكون أنا
ومن معي على أهبة الاستعداد .
وأن يكون الإخوان المسلمون
المدنيون على استعداد أيضا .
فإذا سمعنا بقيام الثورة كنا
حماتها . وحفظة الأمن في بور
سعيد ، وحذرنا من سفك الدماء. )سيد
قطب للخالدي ص300 هل
تأييد الثورة وتبنيها من العنف
؟ الذين
يرفضون التغيير للأصلح هم أحد
ثلاثة أنواع : -حاكم
مستبد دكتاتوري يريد أن يحافظ
على طاغوته -
مستعمر يحرص على سند الأنظمة
الدكتاتورية. -نظام
خاضع لدولة مستعمرة .يأخذ
حمايته منها . ويستشري الفساد
فيه لفئة مستأثرة . والنظام
الحاكم في مصر آنذاك يتمثل في
الصورة الثالثة . وضمن
مؤسسات الدولة ، ومن خلال الجيش
نفسه تم التغيير . وقد شارك فيه
قائد الجيش نفسه اللواء محمد
نجيب . هذه
الصورة اقتنع بها سيد . بحيث
تكون خالية من إراقة الدماء
وبعيدة عن النيل من المدنيين .
ودليل الحرص على هذين الشرطين
لتأييد الإنقلاب من الجيش . هو
الفقرة الأخيرة التي قدمها
محمود العزب . فهو يسعى لأن يكون
الشعب هو حامي الثورة . (وذكر
لي الأستاذ سيد أن أكون أنا ومن
معي على أهبة الاستعداد. وأن
يكون الإخوان المسلمون
المدنيون على استعداد أيضا فلما
سمعنا بقيام الثورة كنا حماتها .
وحفظة الأمن في بور سعيد . وكان
الشرط الثاني : ( وحذرنا من سفك
الدماء ) ونجحت
الثورة في تخطيطها دون إراقة
قطرة دم واحدة. حتى أن
الملك تنازل عن العرش، وسمح له
بمغادرة مصر . دون أن يمس هو أو
أحد من أهله بأذى . إن
العنف الذي يقوم على المذابح
والفتنة في الأمة ، ويروح ضحيته
المدنيون والأطفال ، وتراق
الدماء فيه بلا حساب مرفوض عند
سيد رحمه الله . وهو
يرى أن عليه واجب المشاركة في
جوار رجال الثورة حتى لا تطغيهم
السلطة ، فوضع كل طاقاته
وإمكاناته ليل نهار في العمل
بجوارهم . لكنه يعمل بحذر ويخشى
من القوى الدولية أن تغريهم
فتحرفهم عن هدف الإصلاح المطلوب
. وكما قال في مرافعته .. (كنت
أعمل أكثر من اثنتي عشرة ساعة
يومياً قريباً من رجال الثورة
معهم ومع من يحيط بهم) رجال
الثورة يكرمون سيدا رائدهم: وأراد
رجال الثورة أن يكرموا رائدها
الفكري ، وفيلسوفها العظيم
ليعرف الشعب أهمية هذا المفكر
العبقري .
فدعوا إلى حفل لتكريمه . وصادف
أن كان الكاتب السعودي الراحل(أحمد
عبد الغفور عطاء ) حاضرا هذا
التكريم والذي كان بعد شهر من
قيام الثورة أي في شهر أغسطس عام
1952م فكتب عنه في مجلة كلمة الحق،
(السنة الأولى ، العدد الثاني 1967
م صفحات 37-39) . (وفي
الموعد المحدد حضرت معه وكان
النادي مزدحما بحدائقه وأبهائه
الفسيحة . وحضرها جمع لا يحصى من
الشعب . وحضر إلى النادي أبناء
الأقطار العربية الإسلامية
الموجودون في مصر . وكثير من
رجال السلك السياسي ، وكبار
زعماء الأدب والفكر والقانون
والشريعة ، وأساتيذ من الجامعات
والكليات والمعاهد . وكان
مقررا حضور محمد نجيب ، وتوليه
تقديم سيد قطب .إلا أن عذرا
عارضا اضطر محمد نجيب للتخلف .
وبعث برسالة تليت على الحاضرين
تلاها أحد الضباط وموجز
كلمة محمد نجيب أنه كان حريصا
على أن يحضر المحاضرة .ويفيد من
علم سيد . ووصف سيد بأنه رائد
الثورة ومعلمها وراعيها . وبعث
نجيب برسالته مع أنور السادات .
وأناب عنه جمال عبد الناصر . وحوَّل
الضباط محاضرة سيد إلى مناسبة
للاحتفال والاحتفاء به ،وبيان
مناقبه وبدل أن يحاضر سيد فيهم ،
صار الخطباء يتكلمون عن سيد
ويثنون عليه وهو جالس . افتتح
أحد الضباط الحفل بآيات من
القرآن الكريم وقال أحد كبار
الضباط : (كان
مقرراً أن يقوم الرئيس محمد
نجيب بتقديم أستاذنا العظيم
،ورائد ثورتنا المباركة ،مفكر
الإسلام الأول في عصرنا
الأستاذ سيد قطب .ولكن أمرا
حال دون حضوره وأريد مني تقديم
الأستاذ سيد قطب ، وإن كان في
غنى عن التقديم وعن التعريف ) وكان
حاضرا الحفل الدكتور طه حسين ،
فتقدم وألقى كلمة رائعة قال
فيها : إن في
سيد قطب خصلتين هما المثالية
والعناد. وذكر
سيدا وأدبه وعلمه وثقافته
وكرامته ، وعظمته وفهمه للإسلام
_ _ وذكر أثر سيد في الثورة
ورجالها . وختم طه حسين كلمته
بالقول: إن سيد قطب انتهى في
الأدب إلى القمة والقيادة ،
وكذلك في خدمة مصر والعروبة
والإسلام . سيد
يتحدث عن الثورة : ثم وقف
سيد قطب ، وألقى كلمة مرتجلة ،
وسط تصفيق المصفقين وهتاف
الهاتفين له . وقال عن الثورة : (إن
الثورة قد بدأت حقا ، وليس لنا
أن نثني عليها ،لأنها لم تعمل
بعد شيئا يذكر . فخروج الملك ليس
غاية الثورة . بل الغاية منها
العودة بالبلاد إلى الإسلام _ _ ) ثم قال
سيد : ولقد كنت في عهد الملكية
مهيئا نفسي للسجن في كل لحظة ،
وما آمن على نفسي في هذا العهد
أيضا . فأنا في هذا العهد مهيء
نفسي للسجن ولغير السجن أكثر من
ذي قبل ) وهنا
وقف جمال عبد الناصر وقال بصوته
الجهوري ما نصه : أخي
الكبير سيد . والله لن يصلوا
إليك إلا على أجسادنا جثثا
هامدة . ونعاهدك باسم الله بل
نجدد عهدنا لك . أن نكون فداءا لك
حتى الموت _ _ )سيد قطب من الميلاد
إلى الإستشهاد للدكتور الخالدي
ص299 مالذي
حدا بسيد ولم يمر على الثورة
أكثر من شهر أن يلمح إلى أن
طريقه محفوف بالسجن وأكثر من
السجن مثل أيام النظام الملكي؟ محمد
قطب يجيب على هذا لسؤال: أجرت
مجلة الغرباء لقاءا مع الأستاذ
محمد قطب .وكان مما سألته عنه
،صلة سيد برجال الثورة عند
قيامها . وجاء في جوابه على
السؤال قوله: نعم
كانت له بهم صلة شخصية في الشهور
الأولى حين دعوه ليكون مستشارا
للثورة في شؤونها الداخليه .
فعمل معهم فترة . ولكنه تبين له
منذ اللحظة الأولى – لا أقول من
الأسبوع الأول ولكن من اليوم
الأول –عداءهم للإخوان
المسلمين . فحاول أن يوفق بين
الطرفين ، غير أنه ما لبث ان
تبين له أن لا سبيل إلى التوفيق .فانقطع
عن الاتصال معهم . وقد
استمرت هذه الفترة ثلاثة أشهر.
كانت الصلة فيها بينه وبين رجال
الثورة صلة وثيقة كاملة . ثم كان
الانقطاع بعدها تدريجيا ، حتى
وصل إلى الانقطاع الكامل بعد
حوالي شهرين آخرين )سيد قطب
للخالدي ص203 نقلا عن مجلة
الغرباء ، السنة الثالثة عشرة ،
العدد الثالث سبتمبر 1975
ص12 . سيد
يكشف الأسرار أثناء المرافعة: يقول : في عام
1951 سافر الدكتور أحمد حسين وزير
الشؤون الاجتماعية في وزراة
الوفد إلى أمريكا . وعاد منها
مستقيلا من الوزارة ، ورغم كل
الترضيات التي قدمها له النحاس
باشا فقد أصر على الاستقالة . ثم
أخذ بعدها في تكوين (جمعية
الفلاح) وفي مقدمة أهدافها
تحقيق العدالة الاجتماعية
للفلاحين والعمال ، وبرنامج ضخم
حول هذه الأهداف . وهللت الصحافة
الأمريكية للجمعية بصورة كشفت
عن طبيعة العلاقة بين الجمعية
والسياسة الأمريكية في المنطقة
_ _ ووضعت الهالات الكبيرة حول
الشاب الدكتور أحمد حسين ،
وحرمه المتخرجة على ما أذكر من
الجامعة الأمريكية . وانضم إلى
هذه الجمعية رجال كثيرون برئاسة
الشاب الدكتور أحمد حسين .مع
أنهم أكبر منه شأنا
ومقاما في ذلك الحين _ _ وهي
ظاهرة تلفت النظر ..وكان الشيخ
الباقوري ممن انضم إليها . المهم
في ما يتعلق بالخلاف بين رجال
الثورة والإخوان المسلمين .
وكنت في ذلك الوقت ألاحظ نموه عن
قرب.لأنني أعمل أكثر من اثنتي
عشرة ساعة يوميا قريبا من رجال
الثورة _ _ أقول المهم أن الأستاذ
فؤاد جلال. كان من بين أعضاء
جمعية الفلاح . وكان وكيلا
للجمعية . وكنت ألاحظ في مناسبات
كثيرة أنه يغذي الخلاف بين رجال
الثورة والاخوان المسلمين ،
ويضخم المخاوف منهم ، ويستغل
ثقة الرئيس جمال عبد الناصر به .
ويبث هذه الأفكار في مناسبات
كثيرة لم بكن يخفيها علي . لأنه
كان يراني كذلك مقربا من رجال
الثورة ، وموضع ثقتهم ، مع
ترشيحهم لي لبعض المناصب
الكبيرة الهامة ، ومع تشارونا
كذلك على المفتوح في الأحوال
الجارية إذ ذاك . مثل مسائل
العمال ، والحركات الشيوعية
التخريبية بينهم ، بل مثل مسألة
الانتقال ومدتها والدستور الذي
يصدر فيها _ _ المهم أنني كنت
أربط بين خطة الأستاذ فؤاد ،
وجمعية الفلاح كمنظمة أمريكية
الاتجاه والاتصال ، وبين إشعال
الخلاف بين الثورة والإخوان .
وقد حاولت في وقتها منع التصادم
ولكنني عجزت ،وتغلب الاتجاه
الآخر في النهاية _ _) لماذا
أعدموني ص14-15 المدة
الانتقالية والدستور : ويستوقفنا
في هذا المجال كلمة هامة لا يلقي
أحد لها بالا إذا كان لا يهمه
موضوع العنف عند سيد رحمه الله
وموقفه منه . هذه الكلمة هي
الجملة الأخيرة التي كان سيد
يثير الحديث عنها ، وهي المرحلة
الانتقالية . وهذا يعني أنه لم
يؤيد الثورة على أن تكون صاحبة
السيادة في مصر ، إنما أيدها على
أن تقوم لمرحلة انتقالية . ريثما
يوضع دستور جديد . ويعيد الأمر
إلى المؤسسات الدستورية في
البلاد . أي إلى وضع ديموقراطي
يشارك الشعب كله فيه . وهذه جاءت
عرضا في حديث سيد رحمه الله عن
القضايا المطروحة للنقاش .
والتي كان يشارك فيها
المستشاران الكبيران المدنيان
لرجال الثورة ؛ سيد قطب وفؤاد
جلال وهي التي قال فيها : (_ _
بل مسألة الانتقال ومدتها ،
والدستور الذي يصدر فيها ) سيد
قطب ، وهيئة التحرير : ( بعد
قيام الثورة وفي مطلع عام 1953
أراد عبد الناصر تشكيل حزب
ليكون واجهة للثورة _ _
فكان أمره بإنشاء (هيئة
التحرير ) في 23/1/1953 . وطلب
عبد الناصر من الإخوان المسلمين
الانخراط في هيئة التحرير، وحل
شعبهم وتنظيمهم وأرسل عبد
الناصر الضابط إبراهيم الطحاوي
في بداية شهر يناير 1953 إلى الأخ
اللواء صلاح شادي بهذا الخصوص.
فرفض صلاح شادي عرض عبد الناصر _
_ _ أما
بخصوص سيد قطب وهيئة النحرير .
فيبدوا أن عبد الناصر قد أشرك
سيد قطب معه ، أثناء التفكير في
نظام وجهاز وفكر هيئة التحرير .
وقد استغرق هذا عدة شهور من عام
1952 م . ولما
صدر المرسوم الجمهوري بإنشاء
الهيئة فغي 23/1/1953 كان سيد يتسلم
مسؤولية رئيسية فيها . لم يكن
سيد قطب سكرتيرا لهيئة التحرير
لأن عبد الناصر هو السكرتير
العام لها . ويبدوا أن سيد كان
مساعدا له .
ولم يستمر عمل سيد في هيئة
التحرير طويلا فقد كان أقل من
شهر . إذ أن الهيئة تأسست في
23/1/1953 واستقال منها سيد في شهر
فبراير شباط كما جاء في تقريره
الذي كتبه للمحققين ) سيد قطب من
الميلاد _ _ للخالدي ص305 إلى 307. بين
الهضيبي وسيد قطب: روى
الأخ الأستاذ محمود عبد الحليم
في مذكراته ( الإخوان المسلمون :
أحداث صنعت التاريخ ) خبرا عن
صلة سيد قطب بالإخوان وبخاصة
المرشد حسن الهضيبي قبل انضمام
سيد للإخوان عام 1953 م وخلاصة
الخبر أن الإخوان المسلمين
فجروا المعارك ضد القوات
الانجليزية في قناة السويس في
نهاية عام 51 . وأن الانجليز ردوا
على هذا بعنف وقسوة ووحشية .
ودمروا البيوت وقتلوا وجرحوا
الناس. واستشهد في الأيام
الأولى للمعركة ثلاثة من طلاب
الإخوان في الجامعات عادل غانم
وعمر شاهين وأحمد المنيسي . وكان
رأي فريق من الإخوان المسلمين ،
ومعهم الغيارى والمتحمسون من
الإسلاميين أن يدخل الإخوان
المعركة ضد القوات الانجليزية
بكل كثافة وضخامة وقوة . بينما
كان رأي فريق من الاخوان التأني
والتريث والانتظار ، حتى تحين
الفرصة المناسبة ، لئلا
تحصد قوات الانجليز شباب
الإخوان على ضفاف القناة _ _ وأحب
المراقبون والمقربون من
الإخوان سماع رأي المرشد العام
حسن الهضيبي لأنه القول الفصل
في هذا الموضوع . قال
الأخ محمود عبد الحليم : وهنا
تقدم الأستاذ سيد قطب . وكان حتى
ذلك الوقت لا يزال في صفوف
المتعاطفين مع الإخوان ، تقدم
بطلب الكلمة الفاصلة من المرشد
العام . فنشرت له –المصري-في أول
يناير 1952 الكلمة التالية تحت
عنوان : رأي الإخوان ورأي
الإسلام: _ _ومما قاله : (_ _فالناس
في حاجة ماسة إلى كلمة صريحة
واضحة رسمية من الإخوان في هذه
الأيام لأن هناك ما يدعو
إلى قولها _ _
وأصدقاء الحركة الإسلامية
من أمثالي هم أحرص الناس على
سماع هذه الكلمة ، فيما تواجهه
البلد من أحداث ) _ _ وكان
المرشد العام حسن الهضيبي عند
حسن ظن سيد قطب . فرد عليه بعد
يومين في 3/1/52 م في جريدة المصري
بكلمة جعل عنوانها : (الإخوان
،الإخوان) أكد فيها حرص الإخوان
على الجهاد ، ورغبتهم في مقاومة
الإنجليز ، وإصلاح مظاهر الحياة
في الأمة . ودعا إلى العمل
الصامت ، وترك لأعمال الإخوان
مهمة بيان مواقفهم وجهادهم . تطابق
الرأي بين سيد قطب والإخوان
المسلمين : وقال
عن سيد : ( وقال الكاتب الجليل
الأستاذ سيد قطب : إن دور
الإسلام في الكفاح الشعبي دور
إيجابي دائما . والشعب يكافح
اليوم من أجل غايتين جليلتين ؛
التحرر المطلق من كل استعمار
أجنبي ، والعدالة الاجتماعية من
كل استغلال . ورأي الإسلام واضح
فما هو رأي الإخوان ؟ ) فإذا
كان رأي الإسلام في ذلك واضحا .فما
معنى السؤال؟ إن رأي الإخوان
كذلك واضح .إلى أن قال الهضيبي
لسيد : وأما
رفع مستوى المعيشة فلعل الكاتب
يعلم من رأي الإخوان المسلمين
فيه ما لا يعلمه غيره ، من وجوب
توفر المسكن والملبس والغذاء
والعلاج لكل فرد في دولة
الإسلام . ويعرف أن هذا مبسوط في
كتبهم ورسائلهم . ويعرف أنه
مبسوط في كتابه (العدالة
الاجتماعية في الإسلام ) الذي
يدرسه الإخوان فيما يدرسون من
كتب بدقة وعناية . _ _ أما
أن الكاتب يريد منا أن نضع مناهج
محدودة وبرامج واضحة فإن هذا من
التفصيل الذي نعتزمه حين تتوفر
لنا أسباب النشر . كما توفرت لنا
أسباب القول فيه . ولعل ذلك يكون
قريبا إن شاء الله ) سيد قطب
للخالدي ص328/329 نقلا عن (الإخوان
المسلمين لعبد الحليم 2/480إلى489 ) من
قيادة الثورة إلى الإخوان
المسلمين : في
الوقت الذي كان سيد
في الذروة مع النظام الحاكم
–الثورة المصرية – ورُشِّح
وزيرا للمعارف فرفض ثم مديرا
للإذاعة فرفض ، ثم سكرتيرا
لهيئة التحرير التي لم يستمر
فيها أكثر من شهر . واستقال
ليمضي في الطريق المعاكس . وينضم
إلى الإخوان المسلمين (فخروج
الملك ليس غاية الثورة بل
الغاية منها العودة بالبلاد إلى
الإسلام ) لقد
تطور الطرح عند رجال الثورة عما
كانوا عليه من قبل كما ذكر البهي
الخولي ،عندما تم لقاء بين وفد
من الإخوان ، ووفد من هيئة
التحرير.لقولهم لوفد الإخوان
المسلمين : (إن
الهيئة أوسع أفقا من الإخوان
المسلمين فمثلها العليا لا
تقتصر على محمد وعلى عمر وخالد
بل تتسع لتشمل لينين وماركس
وفرويد ) ووجد
نفسه حقيقة في صف الإسلام وصف
الإخوان . وهو الذي بذل قصارى
جهده لمنع الصدام بين الفريقين .
ولما أيس من ذلك . انحاز إلى الحق
كما يراه . وكما قال (ومرة
أخرى استغرقت كذلك في العمل مع
رجال ثورة 23 يوليو حتى فبراير
سنة1953 عندما بدأ تفكيري
وتفكيرهم يفترق حول هيئة
التحرير ومنهج تكوينها ، وحول
مسائل أخرى جارية في ذلك الحين
لا داعي لتفصيلها . وفي الوقت
نفسه كانت علاقتي بجماعة
الإخوان المسلمين تتوثق
باعتبارها في نظري حقلا صالحا
للعمل للإسلام على نطاق واسع في
المنطقة كلها بحركة إحياء وبعث
شاملة ، وهي الحركة التي ليس لها
في نظري بديل يكافئها للوقوف في
وجه المخططات الصهيونية
والصليبية والاستعمارية ، التي
كنت قد عرفت عنها الكثير ،
وبخاصة في فترة وجودي في أمريكا
. وكانت نتيجة هذه الظروف مجتمعة
انضمامي بالفعل سنة 1953 إلى
جماعة الإخوان المسلمين )لماذا
أعدموني ص12و13 سيد
قطب ضد العنف: وننتهي
إلى ما انتهينا إليه في الفصل
السابق . إذ كان يؤمن بالكفاح
المسلح للتحرر المطلق من كل
استعمار أجنبي ، وأيد موقف
الإخوان في حرصهم على الجهاد
ورغبتهم في مقاومة الإنجليز . أما
بالنسبة للعدالة الاجتماعية
التي ينشدها فهو يطالب الإخوان
لتحقيقها لذلك بوضع المناهج
المحددة والبرامج الواضحة ،
واستجاب له الهضيبي بقوله : (أما
أن الكاتب يريد منا أن نضع مناهج
محدودة وبرامج واضحة . فإن هذا
من التفصيل الذي نعتزمه حين
تتوفر لنا أسباب النشر ، كما
توفرت لنا أسباب القول فيه .
ولعل ذلك يكون قريبا إنشاء الله) كان
هذا قبيل قيام ثورة 23 يوليو .
عندما وجد في ضباط الجيش من
يتبنى أفكاره ، ويتتلمذ على
آرائه . ويعتبر كتاب العدالة
الاجتماعية في الإسلام منهج
حياة . لم يجد حرجا أن يتعاون مع
هؤلاء الضباط ، وفيهم قيادة
الجيش لتغيير تركيبة النظام
الحاكم الخاضع للاستعمار بنظام
جديد يحقق الغايتين معا: التحرر
المطلق من كل استعمار أجنبي،
والعدالة الاجتماعية من كل
استغلال . ورأى أن غاية الثورة
هي العودة بالبلاد
إلى الإسلام . وإلى
الحلقة القادمة نمضي مع سيد
رحمه الله بعد أن انضم إلى
الإخوان المسلمين . *باحث
إسلامي سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |