ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حديث
القلب إلى المفتي أحمد حسون إبراهيم
درويش* يا سماحة المفتي:وأنا المسلم
العادي أحرص وأجتهد على أن أظهر
في أقوالي وأفعالي بالشكل الذي
يرضي ربي. فهل يا تُرى تفعل
الشيء نفسه؟! يا سماحة المفتي: أقدّر الموقع
الرسميّ الذي تتبوّؤه في نظام
آل أسد، ولكن لا أجد فيما تذهب
إليه أيّ مسوّغ ديني أو سياسي أو
مصلحي أو وطني أو قومي سوى مصلحة
التزلّف لذوي الشأن من غير
المسلمين الذين أمرك الله ـ
وأنت الموقّع عنه ـ أن لا تميل
إليهم، بل أن تبلّغهم رسالة
الله كما هي! يا سماحة المفتي: السياسة أو
الحكمة شيء وأن يرققّ الواحد
منا دينه حتى ينخرق... شيء آخر،
لقد تعلّمت من مبادئ الإسلام
العظيم أن المسلم عزيز كريم
واضح، لا يرضى بالذل أو
الدنيّة، لأنه على الحق المبين.
فما بالك تداهن أصحاب الديانات
الأخرى على حساب دينك الحق وحقك
الصُّراح؟ هل إذا تظاهر الواحد
فينا بأنه يهودي صهيوني محتل أو
صليبي حاقد على الإسلام
والمسلمين سيصبح موضع تقدير في
نظر هؤلاء القوم؟ أم أنه سيُرضي
ربّ العالمين؟ أم تراه سيرضي
الناس الذين يُفتَرَض أنه
يمثّلهم؟ يا سماحة المفتي: هل زاغ بصرُك أو
انعدمت عندك الرؤية أو ران على
قلبك إلى درجة أنك لم تعُد تفرّق
بين الفلسطينيّ الذي وقع عليه
الظلم ويحاول أن يدفع عن نفسه
وأهله وأرضه وعرضه ودينه هذا
الظلم، وبين اليهوديّ الصهيوني
المعتدي الغاصب الذي لا يتورّع
عن ارتكاب كل الجرائم والموبقات
في سبيل ترسيخ احتلاله وتثبيت
وجوده في الأرض التي باركها
الله للعالمين؟ يا سماحة المفتي: لقد نقلت وكالات
الأنباء ووسائل الإعلام
العالمية على لسانك تصريحات لم
أدرِ أيها الصحيح! فقد ذكرت
مصادر إعلامية عنك قولك: ملعون
من يقتل طفلاً فلسطينياً أو
يهودياً. على حين نقلت وسائل
أخرى على لسانك قولك:ملعون من
يقتل فلسطينياً أو يهودياً. فأي
العبارتين لك؟ بالرغم من أننا
لا نجد في النتيجة فرقاً
جوهرياً، لأننا قد أدركنا
المغزى من كلامك، وهو أنك ساويت
بين صاحب الحق الذي يدافع
بوسائل بسيطة بدائية عن حقه،
وبين محتل معتد أثيم لم يرع حرمة
طفل ولا امرأة ولا مسنّ، كما لم
يرع حرمة مسجد ولا كنيسة، ولا
حرمة حق ولا قانون ولا عُرف! إنني ـ وأنا المسلم العادي ـ
أستطيع أن أتفهّم الدافع لمثل
هذا الكلام لو أنه قد صدر عن
حاخام أو قسيس أو رجل دين بوذي
أو هندوسي أو وثني...، لكني لا
أستطيع أن أفهمه أو أسوّغه
عندما يصدر عن مفتي دولة عربية
إسلامية، ما زال اليهود
الصهاينة يحتلون جزءاً عزيزاً
من أراضيها، ويرفع نظامها شعار
الصمود والتصدي والممانعة! فأي
إسلام هذا الذي تنطق باسمه؟ وأي
نظام هذا الذي تمثّله؟ وأي منطق
هذا الذي جعلك تسوّي بين القاتل
والضحية؟ بل ملعون مَن لا
يفرِّق بين القاتل والضحية،
ومَن يسوّي بين الحق والباطل،
كما لُعِن الذين اشتروا بآيات
الله ثمناً قليلاً، وحرّفوا
الكلِمَ عن بعض مواضعه!!. يا سماحة المفتي: لقد فكّرتُ
كثيراً في معنى كلمة " سماحة
" التي تُقرَن باسمك وأسماء
أمثالك، فكان التفسير الأول
الذي تبادر إلى ذهني هو أنها
مأخوذة من رقص السماح، الذي
أحياه في سورية المرحوم فخري
البارودي وجعل له مدرسة
لتعليمه. ولما لم أجد علاقة
منطقية بين عملك مفتياً عامّاً
للجمهورية وبين هذا النوع من
الرقص، لم يخطر على بالي ـ وما
زلت أفكر في معنى الكلمة ـ إلا
معنى آخر، وهو أنك تسمح لنفسك
بأن تتلوّن بلون الجو ّالذي
تصبح فيه! دون اعتبار للموقع
الذي تمثّله، أو العلم والحق
الذي تحمله!! عيب يا سماحة المفتي، احترم
موقعك ومنصبك وسمعة عائلتك. ------------------------- * المشرف على موقع syriakurds.com المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |