ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حسِبْنا
الباشا باشا! ... وجدنا الباشا
"زلمة". الطاهر
إبراهيم* الباشا لقب تركي بامتياز. كان
يطلق على من وصل رتبة اللواء في
الجيش العثماني. سوف أستطرد
قليلا لأذكّر بأن كل "والي"
كان يطلق عليه اسم "باشا".
فوالي سورية باشا، ووالي مصر
باشا، وهكذا. وقد حافظت بعض
البلدان العربية على إطلاق اسم
الباشا على من بلغ رتبة اللواء. وإذا كنا ابتدأنا حديثنا عن
الباشا فهو على كل حال ليس
موضوعنا الأساس بل مفتاحنا
إليه، وسيدور المغزى حول المثل.
فكثيرون يحملون ألقابا
وتسميات، ليس لهم منها إلا
الحروف. ومع ذلك فمثل هذه
التسميات تغرّ وتوهم. استطرادا
الأكراد في شمال سورية لديهم
"الآغا". وهو أكبر مالك
لأراضي القرية إن لم يكن المالك
الوحيد فيها. قديما كان الآغا
هوكل شيء في القرية الكردية،
وربما نظر إليه الفلاحون على
أنه "سوبرمان". لعل الأمر في لبنان يختلف بعض
الشيء. فمع احتفاظهم الاحتفالي
بكلمة باشا، فقد دخل إلى
قاموسهم لفظة الجنرال، التي تدل
على أن صاحبها يحب الظهور، ولو
بعد أن كبر وشاخ، لكنه لا يريد
أن يعترف أن عهده ولى. ولو عدنا إلى الباشا، فقد كان
يختار لهذا المنصب من هو أهل له.
فكل صاحب مكانة يطلق عليه اسم
باشا. في العصر الحديث صار هذا
اللقب في أكثر الأحيان اسما على
غير مسمى ،لأن الألقاب "ببلاش".
واشتهر في الحرب العالمية
الأولى قادة أتراك بلقب باشا
منهم جمال باشا "السفاح"،
وأنور باشا، ومصطفى كمال
أتاتورك، وآخرون. في كثير من البلدان العربية صعد
إلى السلطة ضباط عسكريون مروا
بمرتبة اللواء "الباشا"،
وتجاوز أكثرهم هذه المرتبة، -عدا
القذافي الذي بقي مصرا على
البقاء برتبة العقيد- حتى
أصبحوا رؤساء للدولة وكان من
أمرهم وأمرنا معهم ما كان. يبقى
أن العلامات العسكرية والنجوم
والتيجان والسيوف المتقاطعة
لها -عند البعض- بريق قد يخطف
الأبصار، ويأخذ بألباب أناس
ظنوا للوهلة الأولى أن هؤلاء
الباشوات باشوات عن حق وحقيق. ولقد اعتبرت الشعوب العربية
تخاذل الحكام العرب سببا رئيسا
في ضياع القسم الأكبر من أرض
فلسطين. لذلك رحبوا –ابتداء-
بالانقلابات التي توالت في بعض
البلدان العربية وظنوها هي
المخلص الذي كان ينتظره
الكثيرون. وهكذا رأينا ضباطا
برتبة لواء "باشا"
يتعاورون زعامة البلاد، "باشا"
بعد باشا آخر. وجاءت حرب حزيران عام 1967،
وأمسينا يوم 4 حزيران عام 1967،
ونحن نحلم أننا سنرمي إسرائيل
في البحر كما كان يزعم "باشوات"
كانوا في هرم السلطة و"باشوات"
في وزارة الدفاع، وإذا بنا نخسر
أرضا جديدة، ويضاف نازحون جدد
إلى لاجئي عام 1948. في مساء 10 حزيران أكملت إسرائيل
احتلال ما تبقى من فلسطين بما
فيها القدس الشريف. كما احتلت
كامل شبه جزيرة سيناء وهضبة
الجولان التي كان يشبهها
الخبراء العسكريون بخط "ماجينو"
الشهير لأنها كانت تطل على
أراضي 1948 من فوق. أثناء المعركة وبعدها كان
المواطن العربي يتسقط أخبار
الباشوات الذين دخلوا حرب عام
1967 حكاما ووزراء دفاع. كان يظن
أنهم، إن لم يحققوا النصر، فعلى
الأقل سيكونون في عداد القتلى
والشهداء، لأنه كان يعتقد أن
القائد لا يفر من المعركة. وغاية
ما في الأمر إذا أحيط به فسيقاتل
حتى يسقط شهيدا. وإذ به يفاجأ أن
الرؤساء الباشوات بقوا في
مناصبهم، بل وترسخوا فيها أكثر.
أما الباشوات وزراء الدفاع فقد
خطوا خطوات سريعة على طريق
الترقية ليصبحوا بعد حين في سدة
السلطة. في هذا الجو الكئيب كان بإمكانك
سماع حديث المواطن العربي
المحزون من تلك الهزيمة النكراء
التي لم يكن ما يبررها إلا تخاذل
"الباشوات"، فيتحدث مواطن
عربي لجاره فيقول: هذه كارثة
وليست حربا. لقد كنا نتوقع أن
نرى أكاليل النصر على جباه
هؤلاء "الباشوات"، لا أن
نراهم منهزمين من الجبهة على
ظهر حمار. لقد كان على الباشا أن
يثبت أنه "باشا" في الحرب
كما كان علينا باشا في السلم.
فيرد عليه جاره: أنا لم أفاجأ –مثلك-
بهذه النتيجة يا صاحبي. فهؤلاء
صاروا باشاوات على أبناء وطنهم
قادمين على ظهر دبابة. فالذي
يعمل "باشا" على أبناء وطنه
لا يجيد القتال. هذا الباشا إذا
ما فرضت عليه الحرب يهرب من أول
رصاصة، وأول من يفر في المعركة.
هؤلاء أسود على أبناء أوطانهم،
وهم في الحروب أفراخ نعام. أما باشاوات هذا العصر فليسوا
أحسن حالا من باشاوات خمسينات
وستينات القرن العشرين. فهم
يصولون ويجولون على المواطن، بل
وعلى الشعوب المجاورة. لكنهم لا
ينبسون ببنت شفة تجاه إسرائيل
التي تعربد في غزة. وصدق المثل: حسِبنا
الباشا باشا ... "تاري"
الباشا "زلمي". **كاتب سوري ------------------ *
تاري": وجدنا. *
زلمه كلمة فصيحة تعني رجلا
عاديا، والعامة يقولون زلمي. المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |