ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 27/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

أسد في لبنان! ... فماذا في الجولان؟

سالم أحمد*

من منكم يتذكر أواخر عهد الاحتلال وبدايات عهد الاستقلال في كل من سورية ولبنان في أربعينيات القرن العشرين؟ في حينه وضعت حكومتا البلدين –المنتخبتان ديمقراطيا- أسس العيش المشترك بينهما، وكأنهما كيان واحد لا كيانان، وهذا ما عُبِّر عنه بعدم الحاجة إلى سفارة لبنانية في دمشق، ولا لسفارة سورية في بيروت. وكان ذلك في جو من الاحترام المتبادل، بحيث لم يكن يشعر اللبناني أنه تحت وصاية الشقيق الأكبر على شقيقه القاصر. فقد كانت العلاقة أكبر من علاقة بين دولتين، كبرى وصغرى، بل علاقة بين شقيق وأخيه يحب كل منهما الآخر، ولا يتجاوز عليه ولو أن ينقصه جزءا يسيرا من حقه.

غير أن ذلك تغير بعد أن منيت واشنطن بهزيمة قاسية في فيتنام، وأدركت أنها لا تستطيع أن تكون جاهزة للتدخل لحماية مصالحها كلما دعت الحاجة. وبترتيب من "هنري كيسنجر" وزير خارجيتها في سبعينيات القرن الماضي، عملت واشنطن على إيجاد زعامات محلية تقوم بدورها في المنطقة من دون الحاجة إلى تجريد جيوش جرارة لاستيعاب أحداث طارئة في بلدان بعيدة عنها، أو لافتعال هذه الأحداث إذا اقتضى الأمر.

أصحاب نظرية المؤامرة يزعمون: أن واشنطن لم تفاجأ بحرب 6 أكتوبر عام 1973 التي ابتدأتها مصر وسورية لتحرير أراضيهما التي احتلتها إسرائيل في هزيمة 5 حزيران عام 1967. ويؤكدون أن أصدقاء أمريكيين للرئيس "أنور السادات" و"حافظ أسد" أشاروا عليهما بأنهما لو خاضا حربا مع إسرائيل وكسبا بعض الأراضي فستتدخل عندها واشنطن لفرض "هدنة دائمة" بين الطرفين. وضعت مزدوجتين حول هدنة دائمة لأننا سنرى أن هذه الهدنة اختلفت عن خط وقف إطلاق النار القلق الذي رسم بعد حزيران عام 1967.

البعض يعتقد أن وصول الرئيسين "أنور السادات" و"حافظ أسد" إلى سدة الرئاسة في كل من مصر وسورية في وقت متقارب لم يكن صدفة، بحيث لم يفصل بينهما إلا شهر ونصف، (مات عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 وخلفه "السادات". كما قام "حافظ أسد" بانقلابه على رفاقه في16 تشرين ثاني نوفمبر عام1970). هذا الوصول المتقارب، كما حربهما المشتركة، كما توقيع اتفاقيتي فك الارتباط بين إسرائيل ومصر أواخر 1973 وأوائل عام 1974 مع سورية، برعاية أمريكية. وقد وصلا لسدة الحكم بعد نظامين (صلاح جديد في سورية وعبد الناصر في مصر) كثيرا ما كانت تنظر لهما واشنطن بعين الريبة والقلق، لأنهما كانا موالين للاتحاد السوفييتي، أو لنقل أنهما لم ينضويا بشكل كامل تحت جناح واشنطن، مع أنها لم تكن غائبة عن المسرح عند وصول "ناصر وجديد" ما جعل أصحاب نظرية المؤامرة يؤكدون أن "معلم" الأسد والسادات واحد وهو واشنطن.

أما "السادات" فكان عند ظن واشنطن. فزار القدس للمحتلة وخطا أول خطوة لكسر حاجز العداء النفسي  بين العرب وإسرائيل، واقتدى به آخرون، حتى الفلسطينيون أنفسهم. وأما "حافظ أسد" فقد أثبت أنه الرئيس الذي يلتزم باتفاقه مع "كيسنجر"، ولتستمر "الهدنة الدائمة" -التي وقعها مع إسرائيل برعاية كيسنجر-على مدى أكثر من ثلاثة عقود، لم يعكر صفوها طلقة بندقية صيد تطلق على عصفور. فانصرف الإسرائيليون لأعمالهم في هضبة الجولان المحتلة، وقد أمنوا على أنفسهم في الجبهة السورية. 

استطرادا، لا يفوتنا أن ننبه إلى قضية قد يستشكلها البعض للوهلة الأولى، عند وضع حافظ أسد وأنور السادات في خانة واحدة، ويعتبرون ذلك ديماغوجية وهرطقة سياسية. إذ كيف نجمع –حسب رأيهم- بين السادات الاستسلامي الذي كان أول من سار على طريق التطبيع ،وبين المقاوم الممانع حافظ أسد، الذي صمد وتصدى لكل أشكال الانحناء لأمريكا؟

وحتى لا يطول بنا المقام والمقال، فإننا نؤكد أن الخلاف الظاهري بين الرئيسين لم يكن إلا تقسيما وظيفيا، لا أكثر ولا أقل. فقد أخذت واشنطن بعين الاعتبار ما يصلح لكل منهما من خلال الصفات الشخصية لكل رئيس ولا يصلح للآخر.

فقد وّظِّف السادات لدغدغة عواطف الإنسان العربي المتطلع إلى الرفاهية، ولتلوين السلام أمامه بألوان وردية في ظل "البزنس" الذي ستؤمنه لنا أمريكا، فيما لو قبلنا بالتطبيع مع إسرائيل، وتركنا وراء ظهورنا خطابات الأصوليين الإسلاميين وأعداء الحرية.

أما "حافظ أسد" فقد كان دوره أخطر. فقد وُظِّف ليستثير مشاعر الشباب العربي المتطلع إلى مقاومة الهيمنة الأمريكية. وقد حاول حافظ أسد أن يشهر في وجه أعدائه –إسلاميين ورفاق يساريين- كل أسلحة القمع تحت غطاء من صمتٍ إعلاميٍ أمريكي. فهم حسب رأي أبواقه الإعلامية يقفون في الصف المعادي، وربما تجرأ فوصفهم بأنهم عملاء لأمريكا. ولقد كانت الصدمة كبيرة - كانت عند البعثيين أكبر- عندما استجاب حافظ أسد لطلب واشنطن فساهم في الحلف "الثلاثيني" ضد العراق، فأرسل الوحدات السورية لتقاتل الجيش العراقي في عام 1991، تحت العلم الأمريكي.

لو أغلقنا "هلالي" الاستطراد آنفا، وعدنا للحديث عن هضبة الجولان التي أصبحت واحة للسلام والهدوء، بعد أن كانت الحدود السورية مع إسرائيل لا تهدأ، حتى في عهد "حافظ أسد"، لوجدنا اللبنانيين يقولون، وهم محقون في ذلك: ألسنا أولى من إسرائيل بالسلام مع إخواننا السوريين؟ وهذه الاغتيالات ما تزال تضرب لبنان، وما تزال المخابرات السورية تعيث فسادا، أليسوا محقين في طلبهم الأمن من جور إخوانهم السوريين!

فبعد أن ضمن النظام السوري الأمن على الجبهة الإسرائيلية تفرغ للبنان، بعد أن أخذ حافظ أسد الضوء الأخضر من واشنطن في عام 1976، ليكون حاكما مطلقا في لبنان، على مدى ثلاثة عقود، قتل منهم من قتل، واعتقل من اعتقل وشرد من شرد. لم يوفر طائفة ولا حزبا ، إلا من انضوى تحت جناحه، أو صار من أزلامه والسائرين في ركابه.

ومع ذلك يقف "حسن نصر الله" -بمناسبة وبدون مناسبة- ليشيد بالممانعة السورية وبالدور السوري. فهل الممانعة تقتضي أن يترك اللبنانيين لا يدري أحدهم متى تنفجر به سيارته أو تنفجر سيارة غيره قرب ليذهب في عالم القتلى؟ أم الممانعة ذلك التاريخ الذي شهد التنسيق الذي جرى ويجري بين ال (سي، آي، إي) ومخابرات النظام السوري، وليس آخر ذلك ما جرى من السماح ل 40 عنصرا من (سي، آي، إي) بدخول حلب لاقتفاء آثار "محمد عطا" القائد المزعوم لأحداث سبتمبر عام 2001.

المواطن العربي لا يجهل الدور السيء الذي لعبه النظام السوري في سورية وفي العراق وفي لبنان، وما لعبه فيه من دور مشين، قتل فيه من قتل واعتقل من العقل، وشرد آلافا من اللبنانيين والسوريين. بل لم يقف موقفا واحدا فيه مصلحة البلدين.

مع تنديدنا بالحرب التي جرت بين العراق وإيران، فقد وقف النظام السوري مع إيران ضد العراق، وكان الأولى أن يسعى بالصلح بين البلدين أو أن يقف –على الأقل- على الحياد. كما لم يندد ولو لمرة واحدة باحتلال إيران للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات.

لقد فرط حافظ أسد بالجولان –بيعا أو هروبا- وسلمها لإسرائيل. ولكنه أظهر كل بطولاته في لبنان بدلا من أن يعمل على تحرير الجولان. وهاهو بشار أسد يسير على خطوات أبيه في لبنان، ما جعل اللبناني يتحسر ويقول: أسد في لبنان .. فماذا في الجولان؟

*كاتب سوري.

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ