ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سيد
قطب ضد العنف الحلقة
الثالثة د.منير
محمد الغضبان* سيد
قطب عضو في جماعة الإخوان
المسلمين لماذا
انضم سيد إلى الإخوان المسلمين : يقول
سيد في مرافعته أمام محكمة
الثورة : "
ومرة أخرى استغرقت كذلك في
العمل مع رجال ثورة 23 يوليو حتى
فبراير شباط 1953عندما بدأ تفكيري
وتفكيرهم يفترق حول هيئة
التحرير ومنهج تكوينها . وحول
مسائل أخرى جارية في ذلك الحين
لا داعي لتفصيلها ... وفي الوقت
نفسه كانت علاقاتي بجماعة
الإخوان المسلمين تتوثق
باعتبارها في نظري حقلا صالحا
للعمل للإسلام على نطاق واسع في
المنطقة كلها بحركة إحياء وبعث
شاملة . وهي الحركة التي ليس لها
في نظري بديل يكافئها للوقوف في
وجه المخططات الصليبية
والصهيونية والاستعمارية التي
كنت قد عرفت عنها الكثير ،
وبخاصة في فترة وجودي في أمريكا
. وكانت نتيجة هذه الظروف مجتمعة
انضمامي بالفعل سنة 1953 إلى
جماعة الإخوان المسلمين . ومع
ترحيبهم – على وجه الإجمال –
بانضمامي إلى جماعتهم إلا أن
مجال العمل بالنسبة لي في نظرهم
كان في الأمور الثقافية لقسم
نشر الدعوة ودرس الثلاثاء ،
والجريدة التي عملت رئيسا
لتحريرها وكتابة بعض الرسائل
الشهرية للثقافة الإسلامية .
أما الأعمال الحركية كلها فقد
ظللت بعيدا عنها "
لماذا أعدموني ص 12 – 13 قبل
الاعتقال الأول: يشير
سيد رحمه الله إلى الاعتقال
الأول بقوله : " ثم
كانت حوادث 1954 فاعتقلت مع من
اعتقلوا في يناير – كانون
الثاني وأفرج عنهم في مارس ..."
هذا
الاعتقال لمدة شهرين فقط . لكن
ليس بين أيدينا شيء عن سيد خلال
عام كامل إلا ما قاله عن نفسه :
" في الأمور الثقافية لقسم
نشر الدعوة ودرس الثلاثاء.." في هذا
العام أصدر سيد رحمه الله كتابه
" دراسات إسلامية " عام 1953
وهو كتاب يعطينا أضواء كبيرة
جدا على شخص سيد وفكره . وإن كان
الكثير منه مقالات أعدت عام 1952.
أول بحث فيه هو : محطم الطواغيت .
والثاني : انتصار محمد بن عبد
الله . وآخر أبحاثه: حسن البنا
وعبقرية البناء . عدالة الأرض
ودم الشهيد حسن البنا . دعوتنا .
عقيدة وكفاح . يا شباب . ولعل
الأبحاث الأخيرة كتبها وهو عضو
في الجماعة على الأرجح . لكن نقف
عند مقال من الكتاب يعطينا أنصع
صورة عن رسالته وفكره وموقفه من
العنف . قوة
الكلمة : هذا هو
عنوان أحد مقالات الكتاب نستدل
منها على تحديد رسالته في
الحياة . يقول :
" في بعض اللحظات لحظات
الكفاح المرير التي كانت الأمة
تزاوله في العهد الذي مات (قبل
الثورة) كانت تراودني فكرة
يائسة . فتلح علي إلحاحا عنيفا .
أسأل نفسي في هذه اللحظات .ما
جدوى أن تكتب؟ هذه المقالات
التي تزحم بها الصحف ؟ أليس خيرا
من ذلك كله أن تحصل لك على مسدس
وبضع طلقات . ثم تنطلق تسوي بهذه
الطلقات حسابك مع الرؤوس
الباغية الطاغية ؟! ما جدوى أن
تجلس في مكتب فتفرغ حنقك كله في
كلمات ، وتصرف طاقاتك كلها في
شيء لا يبلغ إلى تلك الرؤوس التي
يجب أن تطاح ... ولكن
هذه اللحظات لحسن الحظ لم تكن
تطول ... كنت
أحس أن كتابة المكافحين الأحرار
لا تذهب كلها سدى لأنها توقظ
النائمين ، وتثير الهامدين ،
وتؤلف تيارا شعبيا يتجه إلى
وجهة معينة . وإن لم تكن بعد
متبلورة ، ولا واضحة . ولكن شيئا
ما كان يتم تحت تأثير هذه
الأقلام . ولكنني
كنت أعود في لحظات اليأس
والظلام لأتهم نفسي . كنت أقول :
أليس هذا الإيمان بقوة الكلمة
تعلة العجز عن عمل شيء آخر ؟ ألا
يكون هذا ضحكا من الإنسان على
نفسه . ليطمئن إلى أنه يعمل شيئا
. وليهرب من تبعة التقصير والجبن
؟ ... واليوم
خطر لي أن أرجع إلى بعض القصاصات
التي تحوي بعض ما كنت كتبت في
ذلك العهد الرهيب . ولست أنكر
أنني فوجئت مفاجأة شديدة . إن
قوة الكلمة شيء عجيب . إن أحلاما
كاملة قد أصبحت حقيقة واقعة .
وإن نبؤات قد صحت برمتها .
لكأنما كانت أبواب السماء
مفتوحة ، والمكافحون الأحرار
يكتبون ويتوجهون بكل قلوبهم مع
هذا الكلمات . وإلا فمن يصدق –
حتى أنا- أنني كتبت من عام مثل
هذه الفقرات .... ثم عدت
أسأل من جديد . ما سر قوة الكلمة
؟ إن
السر العجيب ليس في بريق
الكلمات وموسيقى العبارات إنما
هو كامن في قوة الإيمان بمدلول
الكلمات ، وما وراء الكلمات .
إنه في ذلك التصميم الحاسم على
تحويل الكلمة المكتوبة إلى حركة
حية .. في هذا يكمن سر الكلمة ،
وفي شيء آخر ؛ في استمداد
الكلمات من ضمائر الشعوب ومن
مشاعر الإنسان ومن صرخات
البشرية ، ومن دماء المكافحين
الأحرار . إنه
ليس كل كلمة تبلغ إلى قلوب
الآخرين فتحركها ، وتجمعها
وتدفعها . إنها الكلمات التي
تقطر دماء لأنها
تقتات قلب إنسان حي . كل كلمة
عاشت قد اقتات قلب إنسان . أما
الكلمات التي تلد في الأفواه ،
وقذفت بها الألسنة ، ولم تتصل
بذلك النبع الإلهي الحي فقد
ولدت ميتة ، ولم تدفع بالبشرية
شبرا واحدا إلى الأمام ، إن أحدا
لن يتبناها لأنها ولدت ميتة . إن
أصحاب الأقلام يستطيعون أن
يصنعوا شيئا كبيرا . ولكن بشرط
واحد ؛ أن يموتوا هم لتعيش
أفكارهم ، أن يطعموا أفكارهم من
لحومهم ودمائهم ، أن يقولوا ما
يعتقدون أنه حق ويقدموا دماءهم
فداء لكلمة الحق . إن أفكارنا
وكلماتنا تظل جثثا هامدة حتى
إذا متنا في سبيلها أو غذيناها
بالدماء انتفضت حية وعاشت بين
الأحياء ..... والكلمة
ذاتها – مهما تكن مخلصة وصادقة -
فإنها لا تستطيع أن تفعل شيئا .
قبل أن تستحيل حركة وأن تتقمص
إنسانا . الناس هم الكلمات الحية
التي تؤدي معانيها أبلغ أداء . إن
الفارق الأساسي بين العقائد
والفلسفات أن العقيدة كلمة حية
تعمل في كيان إنسان ، ويعمل على
تحقيقها إنسان . أما الفلسفة فهي
كلمة ميتة ، مجردة من اللحم
والدم تعيش في ذهن وتبقى باردة
ساكنة هناك ... إنه لا
بد من عقيدة ، وقوة الكلمة إنما
تنبع من أنها ترجمان العقيدة .
والعقيدة هي التي يغذيها الناس
بحياتهم فتوهب لهم الحياة "
دراسات إسلامية مقتطفات من ص 134
– 140 وقد
يرى الإخوة أني أطلت الاستشهاد
من كلمات سيد رحمه الله . وذلك
لأنه هو أجدر أن يعبر عن ذاته
وفكره وهو خير من أن نتنطع لوصف
هذا القلب الحي ، وهذا الإنسان
العملاق . ويمكن
أن نعتبر هذا المقال ، ومعظم
المقالات الأخرى من مستواه ، هو
سيد عام 1953 وهو في السنة الأولى
في صف الإخوان المسلمين . سيد
قطب : الاعتقال الأول: لقد
صدق حدس سيد قطب رحمه الله حين
قال في حفلة تكريمه من رجال
الثورة : (لقد
كنت في عهد الملكية مهيئا نفسي
للسجن في كل لحظة . وما آمن على
نفسي في هذا العهد أيضا . فأنا في
هذا العهد مهيئ نفسي للسجن ،
ولغير السجن أكثر من ذي قبل "
وهنا وقف جمال عبد الناصر وقال
بصوته الجهوري ما نصه :" أخي
الكبير سيد . والله لن يصلوا
إليك إلا على أجسادنا جثثا
هامدة . ونعاهدك باسم الله بل
نجدد عهدنا لك أن نكون فداءك حتى
الموت") لم يكن
بين هذا الكلام الذي قاله عبد
الناصر في حفلة تكريم سيد أغسطس
آب 1952م وبين اعتقال سيد بأمر
جمال عبد الناصر إلا أقل من سنة
ونصف حيث تم اعتقاله في 16 يناير
كانون الثاني 1954 . وسبب
ذلك أن سيد رحمه الله كان مع
المرشد العام حسن الهضيبي حين
أعلن بعض قيادات الإخوان
الانشقاق عليه بتحريض من عبد
الناصر . ورأى
سيد رحمه الله أن اليد
الأمريكية نجحت في إيقاد الفتنة
بين الإخوان والثورة والتي
ابتدأت بمحاولة شق الإخوان . يقول
الأستاذ محمود عبد الحليم : "
وفي أثناء انتظارنا في ذلك
المساء قرب منزل المرشد العام
" مساء احتلال المنشقين
للمركز العام " التقينا بالأخ
الأستاذ شيد قطب وكان غاضبا
يردد : يا فرحة الصهيونية
والصليبية العالمية . ويقول
الأخ سيد عيد : وعندما أتيحت لي
فرصة الالتقاء بالأستاذ سيد قطب
في السجن سألته : ما دخل
الصهيونية والصليبية العالمية
بخلاف داخلي بين الإخوان ؟ فقال
لي : لقد اتصل بي الأستاذ على
أمين في الساعة الثانية ظهر يوم
الحادث الجمعة 27 /11/1953 وقال لي :
أين حاسة الصحفي عندك ؟ الإخوان
"قايمين" على بعض بالسلاح
وأنت قاعد بالبيت . فقمت في
الحال وأخذت سيارة تكسي إلى بيت
المرشد . فلم أجد شيئا غير عادي .وذهبت
إلى المركز العام ، فلم أجد شيئا
ملفتا للنظر كذلك .. ثم
تحدث بعدها كل هذه الأمور التي
حدثت . هذا ما جعلني أقطع بان
الأمر مدبر من أكثر من جهة "
الإخوان المسلمون
رؤية من الداخل لعبد الحليم
ج 3 ص 195 و3 211 ويقول
الدكتور الخالدي : لقد
كان سيد قطب مع القيادة الشرعية
مثل جموع الإخوان المسلمين ففي
يوم الأحد 29 /11/1953 حضرت وفود ضخمة
من مختلف شعب الإخوان في مصر إلى
المركز العام معلنة تأييدها
للمرشد الشرعي الهضيبي . واجتمع
مكتب الإرشاد في المركز . وخطب
في الوفود – كما قالت جريدة
المصري " كل من عبد الحكيم
عابدين ثم تلاه سيد قطب ، ثم حسن
دوح وعز الدين إبراهيم وسعيد
رمضان وخميس حميدة . ثم تكلم
المرشد الهضيبي وأثنى على
المتكلمين والحاضرين "
سيد ... للخالدي ص 243 – 244
عن الإخوان لعبد الحليم 3- 217 نشاط
سيد قطب العالمي: خلال
السنة الأولى من انضمام سيد قطب
إلى الأخوان المسلمين قام
بمهمتين عظيمتين خارج الإطار
المصري . يقول
الدكتور الخالدي : " ومن
أعماله الإخوانية خارج مصر
إيفاده إلى دمشق في 2/3/1953 ليحضر
مؤتمر الدراسات الاجتماعية
فيها حيث ألقى فيها بحثا بعنوان
: التربية الخلقية كوسيلة
لتحقيق التكافل الاجتماعي ." ونقف
مليا مع محاضرته هذه لأنها توضح
نظريته في بناء المجتمع والدولة
. والحاقدون الذين يريدون أن
يصوروه مجرد سياف يريد أن يقط
رقاب من يخالفه في الرأي .
ندعوهم إلى أن يستمعوا له وهو
يبني المجتمع لبنة لبنة من
القاعدة إلى القمة ويرى أن هذا
هو طريق الإسلام . التربية
هي نظرية سيد في التغيير : " إن
الخط الرئيسي في أية محاولات
للتربية الخلقية . ينبغي
أن يكون هو ربط الضمير
الإنساني بأفق أعلى من الذات
المحدودة والمصلحة القريبة .
أفق يستعذب التضحية في سبيله
ويستسهل الصعب في الارتقاء إليه
. فماذا يكون هذا الأفق العالي
الجذاب ؟ لقد
يرى بعضهم أن يكون هو العزة
القومية ، ولقد يرى بعضهم أن
يكون هو الأخوة الإنسانية .
وكلاهما أفق كريم وضيء يمكن أن
يرفع مشاعر الفرد من أفق
المنفعة القريبة واللذة
الحاضرة. أما أنا فأوثر أن أربط
ضمير الفرد بأفق أعلى من هذه
الآفاق جميعا ، أفق تنطوي فيه
هذه الآفاق جميعا . أوثر أن
أربطه بالله خالق الأوطان وخالق
الإنسان ... إن
ارتباط الضمير الإنساني بالله
هو الخط الأول في أي تربية خلقية
ناجحة عميقة الجذور . وهذا يعني
أن تتخذ القاعدة الدينية قاعدة
أساسية للتربية الفردية أو
الاجتماعية في سبيل تكافل
اجتماعي لا يحقق مصلحة اجتماعية
فحسب . ولا مصلحة قومية فحسب . بل
كذلك يحقق غاية إنسانية أبعد
تتسم بالرغبة في رضا الله وحده ،
والتضحية بالغالي والرخيص
ابتغاء وجهه الكريم ... وحين
يستقيم لنا هذا الخط الأساسي
الأول .. حينئذ يسهل علينا أن
نغرس في هذا الضمير كافة
المشاعر التي يقوم عليها
التكافل الاجتماعي . وأن تقود
الفرد إلى سلوك اجتماعي يؤدي
إلى تلك الغاية . فإذا جاء
التشريع بعد ذلك ليقيم الأساس
العملي للتكافل الاجتماعي . وجد
طريقه إلى النفس الإنسانية
مفتوحا . وطريقه إلى الحياة
الاجتماعية ممهدا . أما الخطوط
العريضة في محاولة التربية
الخلقية فهي كثيرة . ولكنها كلها
ينبغي أن ترجع إلى ذلك الخط
الأساسي "
دراسات إسلامية لسيد قطب
مقتطفات من 48 إلى 61 لقاءات
ومحاضرات: "
وبعد المؤتمر التقى بقيادة
الإخوان المسلمين في سورية
وألقى محاضرة مؤثرة في جامعة
دمشق وصفها مرافقه – الأستاذ
محمد الياسين- بأنها محاضرة
رائعة . حلق فيها سيد خلال
ساعتين من الزمان . وقدم جوانب
من جمال التعبير
القرآني وإعجازه . ولم يكن
بين يديه كتاب ولا ورق . وحاول
بعد المؤتمر زيارة الأردن – كما
يروي الأستاذ يوسف العظم – ولكن
السلطات منعته من الدخول بأمر
من " جلوب" ."
سيد..... للخالدي 226 المهمة
الثانية : المؤتمر الإسلامي من
أجل القدس : "
ومن أعماله الإخوانية خارج مصر
انتداب الإخوان له ليشارك
في المؤتمر الإسلامي الذي نظمه
الإخوان المسلمون ، ودعوا له
قادة الرأي والفكر والعمل في
العالم الإسلامي ، والذي انعقد
في بيت المقدس في كانون الأول
11/1953 . والتقى سيد في هذا المؤتمر
قادة الرأي والفكر في العالم
الإسلامي وأعجبوا به . قال
الأستاذ علي الطنطاوي عن سيد
" وصرت ألقى على انفراد من
اصطفيت من أعضاء المؤتمر وكان
لنا لقاءات مع الشهيد السعيد
سيد قطب . كان يحضرها عصام
العطار وزهير الشاويش ، ويحضرها
أحيانا أديب صالح وكنا لا نفترق
إلا قليلا . وأخذت لهذه الجلسات
صور نشر بعضها . وقال (علال
الفاسي)عن سيد في المؤتمر : واجتمعنا
في المؤتمر الإسلامي الذي انعقد
في القدس برئاسة علامة العراق
المجاهد السيد أنجد الزهاوي .
فرأيت " قطب" المناضل
المتواضع ، الذي لم يكن يتطلع
لشيء من المناصب أو الألقاب . بل
يتأثر حين يرى بعض أصدقائه
يتهافتون عليها ... " سيد ..
للخالدي 236 سيد
بعد الاعتقال الأول رئيس تحرير
جريدة الإخوان المسلمين : (أقبل
الإخوان على دعوتهم وعملهم بعد
الإفراج في شهر مارس آذار 1954 .
وزادت أعمال سيد قطب الإخوانية
بعد هذا الإفراج ، حيث أصدر
جريدة الإخوان المسلمين وأشرف
على إعداد رسائل إسلامية تصدر
عن المركز العام . وقسم نشر
الدعوة فيه . ولما
زادت شقة الخلاف بين الإخوان
وعبد الناصر . صار الإخوان
يصدرون نشرات سرية يوردون فيها
الأخبار السرية لتلك الخلافات
والاحتكاكات مع عبد الناصر ،
ويسجلون فيها الكثير من
التحليلات والنظرات والتعليقات
. وكان لسيد قطب دور كبير في تلك
التحليلات والتعليقات ... واستمر
سيد في عمله هذا من مطلع شهر
أبريل نيسان حتى كان حادث
المنشية في 26 /10/1954 ... " سيد .....
للخالدي 346 و
يهمنا الحديث عن صحيفة الإخوان
المسلمين .. "
كانت الجريدة أسبوعية تصدر كل
يوم خميس عن المركز العام
للإخوان المسلمين . أصدر سيد
العدد الأول منها بتاريخ 17
رمضان 1373هـ وفق 20/5/1954 وقد أصدر
منها 12 عددا . ثم أوقفها بتاريخ 6ذي
الحجة 1373هـ وفق 5/8/1954 . وسبب
إيقافه لها هو تدخل الرقابة
الحكومية المباشرة وخاصة بعد
اشتداد الخلاف بين حكومة الثورة
والإخوان . حيث منعت الرقابة نشر
كثير من مقالاتها وتحليلاتها
وأخبارها . وكان سيد يكتب فيها
عدة مقالات . ولا يخلو عدد منها
من أكثر من مقال أو تعليق أو
تحليل له . وقد صرح سيد أثناء
محاكمته أمام " جمال سالم "
في 22/11/1954 بأنه أغلق جريدة
الإخوان المسلمين باختياره ،
لأنه لم يستطع أن ينشر فيها ما
يريد بسبب الرقابة . ومن
مقالالته فيها : منهج للأدب ، بل
نقذف بالحق على الباطل ،
الاتجاهات الثابتة للشعوب ، هذا
الشعب يريد ، صحوة ليس بعدها
سبات ، قضية واحدة وأمة واحدة ،
الرسالة الإسلامية والضمان
الاجتماعي "
سيد .... للخالدي 334- 335 ويؤسفني
أني لم أجد فيما لدي من المصادر
المتاحة أي مقالة أو تحليل لسيد
رحمه الله أثناء استلامه رئاسة
تحرير الصحيفة . لكننا نستطيع أن
نتعرف على هذه الأجواء المتوترة
من رسالة المرشد العام إلى
الرئيس عبد الناصر التي تصور
الأجواء التي انتهت إليها
العلاقة بين الفريقين. "
السيد جمال عبد الناصر رئيس
مجلس الوزراء : السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته . أما
بعد فإني
ما زلت أحيك بتحية الإسلام ،
وأقرئك السلام . ولا زلت ترد علي
التحية بالشتائم واتهام السرا
ئر ، واختلاق الوقائع ، وإخفاء
الحقائق . والكلام المعاد الذي
سبق لكم قوله والاعتذار منه.
وليس ذلك من أدب الإسلام . ولا
شيم الكرام . ولست أطمع في نصحك
لأن تلزم الحق فذلك أمر عسير .
وأنت حر في أن تلقى الله على ما
تريد أن تلقاه عليه . ولكني أريد
أن أبصرك بأن هذه الأمة قد ضاقت
بخنق حريتها وكتم أنفاسها .
وأنها بحاجة إلى بصيص من نور
يجعلها تؤمن بأنكم تسلكون بها
سبل الخير . وأن غيركم يسلكون
بها سبل الشر والهدم والتدمير
إلى آخر ما تنسبون إليهم . إن
الأمة بحاجة إلى القوت الضروري
والقوت الذي يزيل عن نفسها الهم
والغم والكرب . إنها في حاجة إلى
حرية القول ... أيها السيد إن
الأمة قد ضاقت بحرمانها من
حريتها . فأعيدوا إليها حقها من
الحياة ... فإنكم
لا شك تعلمون أن الإخوان
المسلمين حملة عقيدة ليس من
الهين أن يتركوها ولا أن يتركوا
الدفاع عنها ما وجدوا إلى
الدفاع سبيلا . فإغراء بعض الأمة
بهم . وتحريضهم عليهم من الأمور
التي لا تؤمن عواقبها ... " منهج
عظيم ودقيق : وهو في
صميم موضوع العنف . فرغم هذه
الخصومة بين الحكومة والإخوان .
يعلن الهضيبي في نهاية رسالته
منهجه . وسيد جزء من حملة هذا
المنهج "....
وإني أؤكد لكم أن في وسعك أن
تمشي ليلا أو نهارا وحدك بلا
حراس ، وفي أي مكان دون أن تخشى
أن تمتد إليك يد أحد من الإخوان
المسلمين بما تكره . أما أن
يمد أنصارك أيديهم بالسوء
استجابة لإغرائك . فإن مسؤوليتك
عند الله عظيمة . والذي
حملك على إبداء العداوة
والبغضاء للإخوان المسلمين هو
أنهم عارضوا المعاهدة " مع
الإنجليز" فالإخوان المسلمون
لا يؤمنون بها دون أن تناقش في
برلمان منتخب انتخابا حرا يمثل
الأمة أكبر تمثيل . حسن الهضيبي
المرشد العام للإخوان المسلمين
." في قافلة الإخوان عباس
السيسي 459. حادثة
المنشية ومحاولة اغتيال عبد
الناصر : وهي
القضية التي تذرعت بها الدولة
لملاحقة الإخوان المسلمين
وزجهم في السجون وإصدار حكم
الإعدام في أكبر قياداتهم .
وتنفيذه بلا هوادة ولا إبطاء ويظهر
التناقض واضحا تماما بين رسالة
المرشد العام . وبين محاولة
الاغتيال كما دبجتها أجهزة
الإعلام في الدولة . "
واستمر سيد في عمله هذا ( رئاسة
تحرير جريدة الإخوان المسلمين )
من مطلع شهر أبريل حتى كان حادث
المنشية في 26/10/1954م . حيث
أذيع في الساعة الثامنة من مساء
هذا اليوم أن عبد الناصر قد نجا
من محاولة اغتياله عندما أطلق
عليه النار وهو يخطب في دار
هيئة التحرير في المنشية في
الاسكندرية . ونسبت
المؤامرة إلى الإخوان المسلمين
، واتهم فيها " محمود عبد
اللطيف " عضو أسرة من أسر (
النظام الخاص) في القاهرة .
نقيبه هو المحامي ( هنداوي دوير )
وقامت
الحكومة بحملة مسعورة ، ألقت
فيها القبض على الألوف من
الإخوان المسلمين . والزج بهم في
السجون . " سيد ....... للخالدي
346/347 سيد :
حادث المنشية مدبر : يقول
سيد رحمه الله : " ولم أكن أعلم
شيئا يقينيا عن ذلك . ولكن كل
الظروف المحيطة كانت تجعلني أشك
في أنه ليس طبيعيا . كان شيء ما
يلح على تفكيري في أنه مدبر ،
لتكملة الخطة التي تنتهي
بالتصادم الضخم بين الثورة
والإخوان تحقيقا لأهداف أجنبية
. أرجح من استقرار الأحوال ، ومن
خطة الأستاذ فؤاد جلال وكيل
جمعية الفلاح أنها أمريكية . وعندما
كان السيد صلاح دسوقي يستجوبني
هنا في السجن الحربي عام 1954 ،
صارحته برأيي في تدبير هذا
الحادث ... وقد انتفض وقتها بشدة
وهو يقول لي .. هل أنت
بكل ثقافتك من الذين يقولون
بأنها تمثيلية ؟ وقلت له : أنا لا
أقول أنها تمثيلية ، ولكني أقول
أنها مدبرة لهدف معين . وأن
أصبعا أجنبية ذات دخل فيها .
فقال لي وقتها وقد هدأ اضطرابه :
جايز ولكن واحدا من الإخوان
المسلمين هو الذي قام بالحادث .
ثم أعود لسرد الأحداث المتعلقة
بنشاطي بعد عام 1954 . إن
شعوري وتقديري بأن حادث المنشية
مدبر تدبيرا . جعل يملأ نفسي
رغبة في معرفة الحقيقة . كل من
سألتهم ومنهم ناس قريبون جدا من
محمود عبد اللطيف الذي انطلقت
الرصاصات من مسدسه . ومن هنداوي
دوير كذلك قالوا لي : المسألة
غامضة مش عارفين الحكاية دي
حصلت ازاي ، وبعضهم قال :
المسألة فيها سر لا يمكن الآن
معرفته . وكانت كل الأجوبة لا
تملك أن تعطيني الحقيقة . غير أن
هذا كله كان يزيد نفسي شعورا من
ناحية أخرى بأن السياسة المخططة
لجانب الصهيونية والصليبية
الاستعمارية لتدمير حركة
الإخوان المسلمين في المنطقة
تحقيقا لمصالح ومخططات تلك
الجهات قد تحققت بنجاح . وأنه في
الوقت ذاته لا بد من محاولة الرد
على تلك المخططات لإعادة حياة
ونشاط الحركة الإسلامية حتى ولو
كانت الدولة لسبب أو أكثر ،
فالدولة تخطئ وتصيب ."
لماذا أعدموني 15 -16 لقد
كان سيد رحمه الله يعلم أن
الإخوان يرفضون فكرة
الاغتيالات وآخر رسالة – كما
رأينا – أرسلها المرشد العام
الهضيبي إلى الرئيس عبد الناصر
يعلمه بموقفه وهو يعلم المخططات
الأمريكية لتدمير الحركة وهذا
لا يتم إلا بأيد مصرية فلا بد من
توسيع الهوة بين الثورة
والإخوان وقد رأى بعينيه "
فؤاد جلال" الذي يعمل على
تعميق هذه الهوة
بتوجيه أمريكي وصدقت نبوءة
سيد رحمه الله فقد تبين بعد سنين
، وبعد زوال عبد الناصر الدور
الأمريكي والمصري الثوري في
العمل على القضاء على الحركة
الإسلامية . حادث
المنشية : التمثيلية المدبرة : يقول
أحمد عبد المجيد أحد المعتقلين
في تنظيم سيد قطب عام 1965 في
ليلة من ليالي شهر أكتوبر 1965 في
حوالي الساعة الثانية بعد منتصف
الليل والبرد القارس – رأيت
الطاغية القزم صفوة الروبي يجري
ويبحث عني بين مكاتب التعذيب
حتى وجدني عند الرائد حسن كفافي
. فاستأذنه وأخذني مسرعا إلى
المكاتب الرئيسية حيث مكتب
العقيد شمس بدران .. فلما وصلت
عند المدعو حمزة البسيوني . وضع
يده على كتفي بطريقة فيها مودة
غير معهودة منه أو من غيره في
هذا المكان . وطمأنني أن لا أخاف
. فازداد تعجبي من ذلك وقال : إنا
سنسألك في أمر وتذكره جيدا . ثم
أدخلني المكتب . فإذا به جمع من
حوالي عشرة أشخاص ..ورأيت على
الجانب الأيمن شخص يجلس على
الأريكة يدل مظهره وجلسته أنه
شخصية هامة ... وأظنه صلاح نصر
النجومي مدير المخابرات العامة
وقتها ... وأشار شمس إلى ذلك
الشخص بأدب – وطبقا للتقاليد
العسكرية ونظام الرتب – وقال له
: اتفضل يا أفندم اسأله ... فسألني
عما سمعت عن حادث المنشية عام 1954
فأجبته أني لا أذكر ذلك فقال :
تذكر على مهلك ، هل ترغب في
الاستراحة في الخارج وتفتكر على
مهلك ؟ وبعد برهة تذكرت الواقعة
وبدأت أفكر بسرعة . هل من
المصلحة ذكرها أم لا . فرأيت أن
لا غبار من ذكرها خاصة أن فيها
اسم صلاح دسوقي ضابط الشرطة
والذي كان محافظا في القاهرة .
ولكنه كان معزولا وقتها لإشاعات
تثار حوله .... فرويت له القصة دون
ذكر مصدرها أو ذكر أسماء : سمعت
أن هناك طالبا في الجامعة بكلية
التجارة . كان والده لواء شرطة
وروى له قبل وفاته مباشرة بأنه
كان أحد ثلاثة وراء تدبير حادث
المنشية على أنه محاولة لاغتيال
جمال عبد الناصر . والشخص الثاني
هو صلاح دسوقي ضابط الشرطة
السابق ومحافظ القاهرة في عهد
الثورة . وضابط ثالث كذلك وأن
الحادث مدبر رغبة من الحكومة ،
ولا دخل للإخوان به . ثم
أشار شمس للنقيب هاني بأخذي إلى
الخارج .... وبعد
فترة من الزمن حضر إلي النقيب
هاني " أركان حرب المباحث
العسكرية " وقتها وأبلغني
بلغة حادة مهددا بخلاف الأسلوب
الذي كان بداخل المكتب . بأن هذا
الكلام إذا قلته لن يقطع لسانك
فقط . بل ستقطع رقبتك ." ثم
تركني النقيب المذكور ودخل
المكتب عند شمس وعاد إلي بعد
حوالي نصف ساعة وأشار لصفوة
بعودتي لمكاني " الإخوان وعبد
الناصر ، القصة الكاملة للتنظيم
1965 أحمد عبد المجيد . مقتطفات من
ص 141 -144. حسن
التهامي يكشف سر الحادث وتدبيره
: "
يقول : عقد اجتماع ضم ( بول
لينارجر) مسؤول الدعاية السوداء
الأمريكي والذي قام من قبل
بتخطيط إعلامي لتصعيد نجومية
عبد الناصر . وضم الاجتماع عبد
الحكيم عامر ، زكريا محيي الدين
، حسن التهامي ، عبد القادر حاتم
، وجمال عبد الناصر . وفي
هذا الاجتماع – كما يروي حسن
التهامي – اقترح بول لينارجر –
افتعال محاولة للاعتداء على عبد
الناصر تكون سليمة التدبير .
وتقوم بها عناصر مختارة في هذا
الصدد . فتكون عملية إطلاق
الرصاص على عبد الناصر عملية
تمثيلية صورية محكمة ، وذات
تأمين كامل لتنفيذها ، وسيجذب
الحادث مشاعر الشعب نحوه لما
يراه فيه من مظاهر الشجاعة
وثباته وعدم خوفه واهتزازه . واعترض
البعض بأن ذلك مجازفة لا طاقة
لهم بتحملها . إلا أن بولينارجر
كان على يقين واقتناع تام به .
وانفرد بالاجتماع بعبد الناصر
شخصيا ، وبعد ثلاثة شهور تمت
عملية المنشية تماما كما وضع
خطتها بولينارجر بإحكام . وتم
فيها تنحية محمد نجيب ، والقضاء
على الجناة المزعومين ، واعتقال
الآلاف من الإخوان ، والزج بهم
في السجن الحربي " من كتاب :
لعبة الأمم وعبد الناصر . لمحمد
الطويل ص 94 -96 بتصرف. جلال
كشك الشاهد الآخر: ويقول
جلال كشك : " .... أبلغني سفير
دولة عربية أن المرحوم " حسن
صبري الخولي" الضابط والممثل
الشخصي للرئيس عبد الناصر اعترف
له أنه شخصيا " أي حسن صبري
الخولي " قد حضر بعض تدريبات
" محمود عبد اللطيف" على
تنفيذ عملية المنشية ، أي أن
محمود عبد اللطيف كان تحت إشراف
المخابرات الناصرية قبل الحادث
، وجرى تدريبه عليها بمعرفتهم
..." علاقة جمال عبد الناصر
بالمخابرات الأمريكية : جلال
كشك ص 272. سيد
قطب ضد العنف : حيث
رأينا ذلك من خلال هذا البحث : 1-
إيمانه بأن رسالته هي "
الكلمة " و" الكتابة "
ورفضه لخواطر العنف التي كانت
تراوده 2-
التربية هي نظرية سيد في
التغيير . 3- سيد
يعتبر الصراع ضد الأنظمة والذي
ينتهي إلى تدمير الحركة
الإسلامية هو مخطط أعداء
الإسلام ويجب أن لا يجر إليه
الدعاة إلى الله . 4-
يعتبر مهمته في الحركة
الإسلامية آنذاك هي مهمة دعوية
، فهو المسؤول عن الجانب
الثقافي في قسم الدعوة ، ورئيس
تحرير جريدة الإخوان المسلمين . 5- آثر
إغلاق الجريدة حين منعت من حرية
التعبير من الرقابة الحكومية . 6- سار
ضمن منهج الإخوان المسلمين
الذين يطالبون بالحرية ،
ويدفعون ثمن هذه المطالبة وكما
يقول : " كل كلمة عاشت قد
اقتاتت قلب إنسان ... إن أصحاب
الأقلام يستطيعون أن يصنعوا
شيئا كثيرا
ولكن بشرط واحد أن يموتوا
لتعيش أفكارهم " 7- وآمن
بنهج الإخوان المسلمين
الإصلاحي الذي يتحدث عنه بقوله :
" نشرت الأحزاب المصرية
برامجها التي تستمدها من
التعاليم المدنية . ونشر
الإخوان المسلمون برنامجهم
المستمد من الإسلام فظهر الفرق
واضحا وشاسعا بين تلك البرامج
الهزيلة المدخولة وبين هذا
البرنامج الضخم المخلص الخالص
الذي يسبق الموقف ويقود الأمة
إلى الأمام " دراسات ص93 8-
ويؤمن بمنهج الإخوان المسلمين
الذين يرفضون العنف ، ويرفضون
الاغتيالات كما ورد في رسالة
المرشد العام لرئيس مصر . واعتبر
حادثة محاولة الاغتيال في
المنشية حادثة مدبرة بأيد
أمريكية ، وأثبتت الأيام صحة
نبؤته . 9- ودفع
ثمن المطالبة بالحرية الاعتقال
الأول ، والاعتقال الثاني ،
والاعتقال الثالث . ثم إعدامه وإلى
الحلقة القادمة الرابعة لنعيش
مع سيد بعد عام 1954. *باحث
إسلامي سوري . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |