ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تلكم
الطغمة التي ... عبد
الحميد حاج خضر* وقف عمر
أبو ريشة - شاعر سورية المبجل
وسفيرها الموقر، بُعيد نكبة
فلسطين والعرب الأولى عام 1948،
يخاطب أبا العلاء المعري
في حفل أقيم تكريماً للشاعر
الفيلسوف برعاية، رئيس الوزراء
آنذاك السيد جميل مردم بك، يقول:
( تلكم الطغمة التي وقف الملك
فيها مطرقاً خزيانا ) ( ما أظن
العصور مرت عليها فتلفت أما
تراها الآن ) ، فناداه السيد
جميل مردم بك من تحت المنصة: من
تعني يا أبا ريشة ؟ ! وبدون تردد
أجابه: "من توخزه الإبرة يحس
بها"، وأتم قراءة قصيدته
العصماء على مسامع الحضور. لم
يأمر السيد رئيس الوزراء أن
يقاد الشاعر بالسلاسل والأغلال
إلى سجن المزة أو سجن القلعة أو
سجن الشيخ حسن. لا؛ لأن رئيس
الوزراء كان له حلم (معن بن
زائدة) أو حصافة (معاوية بن أبي
سفيان)، وإنما لأن الجماهير لم
تصب بعد بلوثة الغوغاء التي
أورثتها سفاهة الاستبداد وخبل
المنافقين، فجثت أمام الإقطاع
السياسي؛ مدماة بأنياب وأضراس
زبانيته وجلاوزته وأحلاسه. نقول
اليوم: سقى الله تلك الأيام،
والله غالب على أمره ولكن أكثر
الناس لا يعلمون. ( إني لأنظر
للأيام أرقبها فألمح اليسر يأتي
من لظى الكرَبِ . لم نقرأ
في تاريخ تلك الحقبة أن فريقاً
من أهل القلم أو السياسة، رمي
الشاعر بالعمالة أو السطحية أو
الضبابية وما إلى ذلك من سفاهة
القول وبذاءة المنطق، بعد أحسن
التعبير عن معاناة الشعب وضمير
الأمة ، بل قرأنا أن الجماهير
كانت تقف معه، كما كانت النخب
المثقفة الواعية تترنم بشعره،
فمن حدا اليوم بالبعض أن يشحذ
قلمه ويلّهج لسانه بالتهم
الرعناء - لينال من رموز الصمود
ونبراس الأمل التي أفرزتها
معاناة شعب سورية العظيم.؟ إن
إعلان دمشق كان في أحد وجوهه
صرخة من مشكاة عمر أبو ريشه، فقد
جلب استبداد الإقطاع السياسي،
الذي يهيمن على سورية اليوم،
الخزي والعار للوطن والمواطن،
كما جلب إليه الفقر والبؤس
والوهن. متشدقاً بالصمود
والممانعة؛ علماً أن الجميع
يعلمون علم اليقين، وحتى الذين
يدافعون عنه، أنه نظام بائس
وضيع مدعياً بالمظهر مرتهناً
بالجوهر، ولهذا لم تعد هناك
حاجة إلى الدليل أو كما قال
الشاعر:( وليس يصح في الأذهان
شيئاً إذا احتاج النهار إلى
دليل). للإعلان
وجوه أخرى لم يدركها من ترعرع في
أحضان الشمولية، سواء من ذاق أو
تذوق السلطة أو توهم الوصول
إليها عبر أحزاب لا تعرف إلا
التلفيق والوثنية لزعماء
مشحونين نرجسية وغطرسة. الإعلان:
إطار جامع وقلب نابض يرفد كل على
حسب جهده وما يسر له، فالتنافس
مندوب والإبداع مطلوب والحماس
منسوب والتنطع مشجوب. الإعلان
يقول: لكل صاحب مروءة وكرامة
ونخوة هلم إلى خير العمل: كلمة
حق عند سلطان جائر أو أمير ظالم.
الإعلان يقول لأهل الفضل: تفضل
سدد وقارب، كما يقول للمجتهد
انقد وبين جزاك الله خيراً عنا
وعن شعب سورية المعذب ألف خير.
إلى الذين جمدوا عضويتهم، دون
أن يسفوا إسفافاً يليق
بالأحرار، نقول لهم: إياكم
وخضراء الدمن، وخضراء الدمن ليس
المرآة الحسناء في المنبت السيئ
فحسب، وإنما السلطة المستبدة
الغشوم ذات التاريخ اللئيم،
وإياكم والتنكر لأهل الفضل،
فتنزعون عن أنفسكم ثوب الفضيلة
ورداء الوقار. والله لا يعرف
الفضل إلا أهل الفضل !، ولا يعرف
أهل المروءة إلا صاحب المروءة،
ولا يعرف الأحرار إلا كريم ولا
يغبط من حقهم إلا لئيم. ألا
يكفيهم ويكفيكم عذابات السنون
الطوال في أقبية السجون وسياط
الجلاوزة اللئام.؟ ثقوا أن
شعبنا لن ينسى تضحيات من قضوا
السنين الطوال بعيدين عن الأهل،
وكل الشعب لهم أهلاً. إن
جماهير الشعب تعيش المأساة في
سويداء قلوبها،والبعض يريد أن
ينسى والبعض يريد ينتصف، ولكن
كيف لنا، سواء في إعلان دمشق أم
في عموم الطبقة السياسية، أن
ننجز مشروع المصالحة الوطنية
والشعب السوري الصابر تلاحقه
حمم القمع والترويع والقهر
والفقر والإذلال،التي تصبها
منظومة القمع والفساد يومياً،
وبقسوة وشراسة لم يعرفها تاريخ
هذا البلد الطيب منذ العهد
المغولي. في هذه الأجواء
المحمومة - كيف يستطيع الشعب أن
ينسى ويجنح للسلم، والعربيد
مازال يعربد بعد أن قتل ما يزيد
على ألف معتقل برئ في زنزاناتهم
فجر العاشر من حزيران(يوليو) عام
1980، ثم استباحة حماة، في شباط(فبراير)
عام 1982 براجمات الصواريخ
ومدفعية الميدان الثقيلة، ثم
إطلاق قطعان القتلة- لتجهز على
الجرحى والشيوخ والفتيان وحتى
النساء الحوامل. في أجواء
العربدة هذه كيف يستطيع الشعب
أن ينسى أساليب نظام القتلة
البربري، عندما سارع لإخفاء
جرائمه الفظيعة بجرائم أفظع،
فشكل ما عرف بالمحاكم الميدانية
التي كانت تحكم وتنفد جريمة
الإعدام بالعشرات خلال دقائق
معدودات، كما شهد شاهد من أهلها
( مصطفى طلاس) إلى مجلة " دير
شبيغل" الألمانية مفاخراً:
"لقد كنت أوقع على أكثر من 150
عقوبة إعدام في الأسبوع الواحد"
بعد مأساة حماة بأشهر، أما
أثناء وبعيد استباحة المدينة،
فلم يك هناك وقت أو حاجة لتوقيع
أي من جلاوزة المكاتب المنتشرين
على امتداد الوطن، أو داخل
السجون والمعتقلات. لقد سيق
أبناء الوطن إلى ساحات وأخاديد
الإعدام بالعشرات حتى بلغ عدد
المفقودين، الذين لا يعرف
مصيرهم، ونحسبهم عند الله
شهداء، 17000 مواطن. لقد أيقن رأس
النظام أن سياسة القتل والترويع
ستركع الشعب السوري وتجعل منه
عبيداً وخولاً، فيكون جهدهم
وشقائهم وثروات بلادهم غنيمة له
ولزبانيته وورثتهم من بعدهم،
وقد كان للمجرمين حظهم من الشعب
الغنيمة، كل حسب موقعه من
الجريمة، وكل حسب موقعه من
السلطة. هذا حصاد نظام حافظ
الأسد، الذي صنع الكارثة أيها
السادة: بلد مستباح وشعب مقهور
وفقر مدقع وإرهاب مزمن. فماذا
تنتظرون ؟ إن كل من يقول بإعادة
تأهيل النظام، بحجة أن الوطن في
خطر، هو في أحسن الحالات ساذج
أهبل، وفي حقيقة الحال متواطئ -
ليس مع النظام فحسب الذي يطرب
ويعربد على هذه أنغام وتلك
الألحان، وإنما مع إسرائيل
وسدنتها في الاتحاد الأوربي،
الذين لا يريدوا أن يروا بديلاً
ديمقراطياً لنظام القمع وبصطار
العسكر. إني أدع الأخوة
والأخوات، الذين أخذتم العزة
بالإثم، أن يرجعوا عن قرارهم
بتجميد عضويتهم. أن يرجعوا عن
قرارهم الخاطئ جملة وتفصيلاً،
فالرجوع للحق والصواب فضيلة،
والحق أحق أن يتبع.( لـو أن كـل
معـد كـان شـاركنا في يوم ذي قار
ما أخطاهم الشرف؟ ). أما
الذين ارتعشت فرائصهم وأقلامهم
عندما ارتعشت فرائص أسيادهم
فنقول لهم: إذا كنتم ريح نتنة
فستلاقون إعصاراً من الحجة
والبيان يكشف خزيكم، ويردكم إلى
أوكاركم، وقد أعذر من أنذر،
فطلما دأبتم على الفتنة
واضطجعتم في مراقد الضلال. لقد
صبرنا على فساد معتقدكم وضحالة
حجتكم وسخف مقصدكم، فأنتم من
عناهم أبي نواس: (فقالت:
من الطراق قلنا عصابة خفاف
الأوادي تستقى لهم الخمر)( ولا
بد أن تزنوا فقالت أو الفدى
بأبلج كالدينار في طرفه فتر)(
فقمنا إليه واحداُ بعد واحد...........)
والبقية ع يتمها حفظة الشعر أو
راجع الديوان ! *باحث
في الفقه السياسي الإسلامي
المعاصر / ألمانيا – بوخوم ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |