ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مرّة
أخرى : الوحش .. وفارس الكلمةِ
الأعزل ! سامي
رشيد • أن
تلقي بنفسك ، ولاسلاحَ لك سوى
الكلمة .. في فم عدوّك المتوحّش ،
الذي يدّعي أنه حامٍ للوطن
والمواطنين .. أو أن تعرّض جسدك
للنهش بأنيابه و مخالبه ، حرصاً
منك على مصلحة وطنك وشعبك
وأمّتك .. فهذا عمل نوعي مميّز،
على مستوى التفكير الإنساني
عامّة .. وتختلف فيه التفسيرات
إلى حدّ التناقض العجيب ! (1) الحكماء
، وفلاسفة السياسة والأخلاق ..
يَعدّون هذا نوعاً من البطولة
النادرة ، التي يَصعب أن يقدِم
عليها ، سوى أصناف مميّزة من
البشر! (2) الناس
العاديون ، يختلفون في تفسير
الأمر : ـ بعضهم يسمّيه
تهوّراً ! ـ وبعضهم يراه سذاجة ! ـ وبعضهم يَعدّه
بطولة ! (3)
عدوّك الوحش ، يرى فيه أشياء
عدّة ، تختلف حسب نظرته إلى نفسه
، وإليك ، في الأحوال التي يمرّ
بها ، ووفقاً لاختلافات الرؤى
لدى عناصره ..! *
في حالات السكر؛ سكر السلطة
، أو سكر الغرور، أو سكر الخمرة
.. يرى :
ـ أنك جبان ، لاتملك الشجاعة
لمقاومته بالسلاح !
ـ وأنك غبيّ ساذج ، تسلمه
نفسك بلا مقاومة ، ليبطش بك ،
ويريح نفسه من صوتك الإنساني
المزعج .. فيحقّق عليك انتصاراً
مجّانياً سهلاً ! * في حالات يقظة
البقيّة الباقية من حسّه
الإنساني ، المدفون تحت ركام
زيفه وحماقته وسقوطه الخلقي ..
يرى :
ـ أنك عملاق حقيقي ، وأنه
قَزم حقيقي ، يتمنّى أن يملك
قسطاً ، ولو يسيراً ، من شجاعتك
ونبلك وإنسانيتك ، واحترامك
لنفسك .. حتى لو أدّى ذلك إلى
خروج السلطة من بين يديه ! لأن
إحساس المرء بقيمة إنسانية
نبيلة ، تتحرّك في أعماقه .. لا
يَعدله الزهو الفارغ بامتلاك
السلطة ؛ أيّة سلطة في الدنيا !
ـ أن كلمتك العزلاء ، أقوى
من مخالبه وأنيابه ، وأخطر عليه
من أيّ سلاح مادّي ، ممّا يتسلّح
به هو !
ـ أنك خطر عليه في حياتك..!
وإذا قتلك ، كان دمك ـ ميتاً ـ
أخطرَعليه مِن كلمتك حياً ! (4)
أنت كيف ترى نفسك : * مادمت تقدِم على عمل
بطولي ، تعرّض حياتك فيه لخطر
حقيقي .. يصعب عليك أن ترى عملك
هذا ، يصبّ في إطار الرياء ، أو
المباهاة ، أو ادّعاء البطولة
المجّانية الفارغة ، التي تبتغي
منها كسبَ إعجاب الناس بك !
أمّا نظراتك إلى آراء الناس
، المختلفة فيك ، وفي الهدف الذي
تسعى إليه .. فتنصهر، كلها ، في
بؤرة واحدة ، هي: رأيك أنت في
نفسك ، وفي قيمة هدفك ، كما
تراها أنت ! ونَحسب هذا ، كله ،
من طبائع الأشياء ، ومن مألوف
الفكر الإنساني ، والسلوك
البشري عامّة ! وربّما كان هذا ،
متّسقاً مع مدلول قول الشاعر
القديم : إذا هَمّ ، ألقى بينَ
عينيه هَمّه
ونَكّبَ عن ذِكر العَواقبِ
جانِبا! فمَن
صَرف ذهنه عن التفكير، فيما
يمكن أن يناله من أخطار، على
نفسه وأهله .. يَسهل عليه صرف
ذهنه ، عن التفكير فيما يمكن أن
يقوله عنه الناس ! هذا إذا كان
إنساناً عادياً بسيطاً ، لايجيد
حساب نتائج فعله تماماً ، في
الحال والمآل ! أمّا من كان يعلم
جيداً ، أن للحرّية ثمناً يجب أن
يـُدفع ، وأن هذا الثمن ـ مهما
كان باهظاً ـ يظلّ أقلّ قيمةً من
الحرية نفسها.. فمِن باب أولى ،
ألاّ يكترث بأقوال الآخرين..
وهذا هو النوع المميّز من البشر!
الذي يقدِم على تضحية العاقل ،
الذي يعرف جيداً ماذا يبذل ،
وماذا ينال الآخرون مِن بذله ،
وماذا ينال هو من تضحيته ، في
سبيل الآخرين مِن أبناء وطنه
وأمّته ! أمّا الجاهل ، الذي
يندفع وراء هدف لايعرف أبعاده
بالضبط ، ثمّ يمنَى بخسائر
معيّنة ، في نفسه أو أهله أو
ماله .. فسرعان ما يخالط نفسَه
الندم ، ولوم الذات .. ثم
الاستسلام للوحش ، عن قناعة
ورضى! وربّما تلا ذلك ، تفانٍ في
خدمة الوحش ـ سراً أو علانية ـ
تكفيراً عمّا جنته يداه ، تجاه
وحشِه الحبيب ! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |