ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حقوق
المواطنة في صحيفـة المدينـة-1 الدكتور
خالد الاحمد* تمهيـــد
: يقول
الدكتور يوسف القرضاوي يحفظه
الله : قرر
فقهاء المذاهب المختلفة جميعاً
: أن غير المسلمين في المجتمع
الإسلامي، وهم الذين يعبَّر
عنهم في الاصطلاح الفقهي بـ (أهل
الذمة) يعدُّون من (أهل دار
الإسلام). فهم من (أهل الدار) وإن
لم يكونوا من (أهل الملَّة). وفي
اجتهادي: أن كلمة (أهل الدار) هذه
تمثِّل مفتاحاً للمشكلة، مشكلة
المواطنة، لأن معنى أنهم (أهل
الدار) أنهم ليسوا غرباء ولا
أجانب، لأن حقيقة معناها: أنهم
أهل الوطن، وهل الوطن إلا الدار
أو الديار؟ وإذا
ثبت أنهم أهل الوطن، فهم (مواطنون)
كغيرهم من شركائهم من المسلمين. وبهذا
تحلُّ هذه الإشكالية من داخل
الفقه الإسلامي، دون الحاجة إلى
استيراد مفهوم المواطنة من سوق
الفكر الغربي. بل
أقول: إن الاشتراك في الوطن يفرض
نوعاً من الترابط بين المواطنين
بعضهم وبعض، يمكن أن نسمِّيه (الأخوة
الوطنية) فكلُّ مواطن أخ
لمواطنه، وهذه الأخوة توجب له
من حقوق المعاونة والمناصرة
والتكافل ما يستلزمه معنى (الأخوة)
أي الانتماء إلى أسرة واحدة. والأخوة
الوطنية دليلها من القرآن
الكريم ، عدة آيات تصرح بالأخوة
في الوطن، منها قوله تعالى :{كَذَّبَتْ
قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ *
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء:106]،
وأمثالها كثير . انتهى
كلام القرضاوي . ويبدو
لي أن مصطلحات ( وطن ، ومواطن ،
ومواطنة ) جديدة على كثير من
الدعاة المسلمين ، الذين ملأت
عقولهم مفاهيم الإسلام العظيمة
كالعقيدة ، والحلال والحرام ،
والجنة والنار ، وغيرها من
المفاهيم الإسلامية التي تبين
فلسفة الإسلام في تحديد العلاقة
بين الله والإنسان والكون ،
والتي يحتاجها كل مسلم في حياته
، ليمر في الدنيا بســلام إلى
الآخرة دار القرار ... لكننا
كي نمر بسـلام في هذه الدنيا
نحتاج أيضاً وطنـاً نعيش فيه ،
وسيكون لنا فيه جيران ، وشركاء ،
وقد لايكون في مقدورنا انتقاء
هؤلاء الجيران وهؤلاء الشركاء ،
ننتقيهم كما نريد ونرغب ، - هذا
جدلاً أنه من الأفضل أن يكونوا
من نوع واحد - بل يفرض وجودهم
فرضاً بطبيعة الواقـع ، كما هو
واقع المسلمين منذ فجر التاريخ
حتى هذه الساعة ، وفي كل مكان ،
كنت تجد المسلمين
مع ( غير المسلمين ) يعيشون
في وطن واحد، وأصدق الأمثلة
وجود اليهود مع أعظم وأفضل
مجتمع بشري عرفتـه الدنيـا
وسطره التاريخ البشري ، مجتمع
الرسول
في
المدينة المنورة ... ، الذي ضم
بعيد الهجرة مباشرة ، وربما
بعد بدر (1500) مسلم (انظر محمد
حميد الله ، الوثائق السياسية
للعهد النبوي والخلافة الراشدة
، ص 65) و(2000)
رجل يهودي ( انظرياسين الغضبان ،
مدينة يثرب قبل الإسلام ، ص 103) ،
وفيه عددكبير من العرب المشركين
يتراوح عددهم من (4- 16) ألف مشرك
من العرب ( محمد احمد الرويثي
ومصطفى محمد خوجلي . المدينة
المنورة ، البيئة والانسان ، ص
257) . في هذا المجتمع الذي آلت
رئاسته إلى المسلمين بقيادة
رسول الله صلى
الله عليه وسلم ،
ولكن كما ترون غير المسلمين فيه
أكثر من المسلمين ، وضع أول
دستور يعيش على ضوئه المسـلمون
مع غير المسلمين في وطــن واحد
... ــ ولو أن اليهود احترموا
عهودهم في صحيفة المدينة لاستمر
وجودهم في المدينة ، وماكان
الرسول ليخرجهم لولا نقضهم عهد
الصحيفة ـ جاء في
السيرة النبوية : (بعد هجرة
الرسول صلى
الله عليه وسلم إلى المدينة، وإقامة
قواعد المجتمع الإسلامي، كان من
الضروري تنظيم العلاقة بين
المسلمين وغيرهم من أهل
المدينة، من أجل توفير الأمن
والسلام للناس جميعاً، لذا كانت
هذه الوثيقة لتنظيم العلاقة بين
المسلمين من جهة، وتنظيمها كذلك
مع من جاورهم من القبائل من جهة
أخرى، وبما أن قبائل اليهود
كانت أكثر القبائل حضوراً في
المدينة فقد جاءت أغلب بنود تلك
الوثيقة متعلقة بتنظيم العلاقة
معهم ) . ونصيحتي
للأخوة الدعــاة تعميـق
ثقــافــة الوطن والمواطن
والمواطنة ، واستخراج أصولها من
كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم
، ونشر هذه
الثقافـة لأننا بحاجـة ماسـة
إليها اليوم ، ونحن ننظـر
لسوريا المستقبل ، كما نقول :
ونؤكد : سوريا لكل أبنائها ،
وبعد أن ذقنا مرارة الإقصاء ،
نؤكد أننا لاندعو إلى إقصاء
مواطن ، أي مواطن عن وطنـه ، أو
إنقاصه حقاً من حقوقه ... فقد
قبل رسول الله صلى الله عليه
وسلم
اليهود
مواطنين في المدينة المنورة ،
وعقد معهم عهداً عرف باسم (
صحيفة المدينة ) تحدد مالهم
وماعليهم ، ولانـجد ميزات
للمسلمين على غير المسلمين ،
فحرية الدين للجميع ، ولكل
عبادته لله عزوجل – كما يعتقد –
والجميع يدافعون عن المدينة
المنورة ، إذا غـزاها العـدو ....
كما سنرى في موضوع قادم .... *باحث
في التربية السياسية ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |