ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هذه الشعوب .. مَن يَحني ظهورها لحكّامها .. كي
يَركبوها !؟ عبدالله
القحطاني إذا صحّ قول القائل : (
لا أحد يستطيع امتطاء ظهرك ،
مالم تكن منحنياً !) وهو صحيح ،
في الغالب .. فلا بدّ من طرح
السؤال التالي : مَن يحني طهور
الشعوب الخاضعة للاستبداد ، كي
يمتطيها حكّامها المستبدّون !؟ الجواب
، هنا ، ليس سهلاً ، ألبتّة ! لأن
المشاركين في حني ظهور الشعوب ،
كثر.. وكل منهم يسهِم ، بطريقة ما
، وبنسبة ما ، في هذه العملية
المعقدة ! ومِن هؤلاء : 1)
الحكّام أنفسهم : عبر
أساليبهم المتنوعة ، في المكر
والخداع ، والتزييف ، والكذب ،
والدجل ، وتوظيف كل شيء ، حَسن
وقبيح .. لتحقيق أهدافهم ، في
امتطاء ظهور الشعوب ! 2)
رجال الحكّام : السياسيون
منهم ، والأمنيون ، والإعلاميون
.. الذين يمارسون الخداع والدجل
، خدمة للحكام ، وبالتالي : خدمة
لأنفسهم التي باعوها للحكّام ،
وربطوا مصيرهم بمصيرهم ( ومع ذلك
، لايستطيع الحكّام ورجالهم ،
وأتباعهم المعروفون .. أن
يذلّلوا ظهور الناس جميعاً ! وكل
ما قد يستطيعون فعله ، هو تذليل
ظهور أقلية
من الناس .. من الجهلة ، و أصحاب
المصالح والأهواء !). 3)
علماء السلاطين : الذين
تتوقّع منهم شعوبهم أن يكونوا
قدوة لها ، في الصدق والأمانة،
وقول الحقّ ، والدفاع عن مصالح
الأمّة ! إلاّ أن أهواءهم ،
ومصالحهم الخاصة .. تدفعهم إلى
الانسياق مع رغبات الحكّام ،
وتزيين باطلهم ، في نظر أنفسهم ،
ثمّ في نظر الناس ! والثناء
عليهم ، وعلى مواقفهم وسياساتهم
، في وسائل الإعلام .. حتى يظنّ
البسطاء من الناس ، أن هؤلاء
الحكّام ، هم من الأتقياء
البررة ، لكثرة ثناء العلماء
عليهم ! ولولا ذلك ، لما جرؤ
العلماء على تزكيتهم ..لأن
العالِم لا يزكّي أناساً فاسدين!
( وهؤلاء العلماء ، أيضاً ،
قد يسهمون في تذليل ظهور قسم من
المواطنين ، لكنهم لايستطيعون
خداع الشعب كله .. بل إن تأثيرهم
في الناس يقل كثيرا بعد أن تنكشف
علاقاتهم بالحكام عبر أجهزة
استخباراتهم .. وفي كل الأحوال ،
تبقى أكثرية الناس ، بعيدةً عن
تأثيرهم !) . 4)
مثـقفو السلطة : من كتاب
وأدباء وأكاديميين ! وهؤلاء ،
غالباً مايكون ارتباطهم
بالسلطة واضحاً مكشوفاً ،
وتأثيرهم في الجماهير محدوداً !
إلاّ أن لهم تأثيراً من نوع ما ،
لا يمكن إنكاره ، في شرائح
معيّنة من البشر ، تقرأ
كتاباتهم ، وتسمع خطبهم أو
دروسهم .. وتتأثّر بهذي وتلك !
5)
قادة المجتمع : من زعماء
قبائل ، ووجهاء مدن وأحياء .. ومن
نقابيين وتجّار، وصناعيين
ومهنيين .. ممّن تتمكن السلطة من
شرائهم ، بالأموال أو الوعود ..
أو تتمكّن
من خداع عقولهم وضمائرهم ،
فينضمّون إلى جوقة الهتّافين
لها ، الحاطبين في حبالها ،
الذين يزيّنون لِمن حولهم من
البشر ، حكمها وسياساتها ،
ومواقفها وأخلاقها .. ويـُمنّون
الناس بمستقبل زاهر، تحت ظلال
حكمها الوارفة ! 6)
الصامتون : من سائر الفئات ،
لاسيّما العلماء وأصحاب الرأي ،
والمفكّرين والمثقّفين
والوجهاء .. ممّن لا تستطيع
الحكومات شراءهم ، ويظلّون
محسوبين على الشعب بصفتهم قادة
له غير منتخبين .. يوجّهونه
وينصحونه ، ويسدّدون خطاه ! وحين
يراهم الناس صامتين ، إزاء
ممارسات الحكاّم ، يظنّون
الحكّام على صواب ؛ لأن
القيادات الشعبية لا تـغش
رعيّتها ! فلو وجَدت هذه
القيادات ، فساداً في الحكم ، أو
انحرافاً .. لما سكتت ! وبهذا
يكون سكوتها إقراراً بصحّة
مايفعله الحكّام ، أو يقولونه ،
أو يرسمونه من سياسات ..!
ـ وقد لا يخطر في بال
الكثيرين من الناس ، أن
قياداتهم الشعبية يمكن أن تسكت
على الفساد والظلم ، خوفاً ، أو
جبناً ! ـ وقد يقتدي كثيرون
من أفراد الشعب ، بقياداتهم
الشعبية ، فيلتزمون الصمت ،
ملتمسين لأنفسهم أعذاراً ؛ إذ
مادام قادتهم قد سكتوا ، فيسعهم
هم السكوت ، أيضاً ! 7)
بعض القوى السياسية المعارضة :
توطّد الحكم للحكّام الذين
تعارضهم ، بأساليب مختلفة ،
منها : *
تشويه صورة المعارضة ، عن قصد أو
غير قصد ، وهي تحسب أنها تحسن
صنعاً! *
إثارة العقبات والعراقيل ، في
وجه المعارضات الجادّة ،
باختلاق مشكلات وأزمات من لاشيء
.. خدمة لمصالحها الخاصّة ، أو
خوفاً من المعارضات الأخرى ، أن
تنفرد بالساحة ! أوحسداً شخصياً
، أو حزبياً ، من أطراف معيّنة ،
تجاه أطراف أخرى ! *
التخبط الفكري ، أو السلوكي ،
لدى بعض العناصر البارزة في
المعارضة ، الذي يعيق عملها ، أو
يضيع عليها الأهداف الصحيحة ،
التي يجب أن تحدّدها لأنفسها ،
وتسعى إلى تحقيقها ..! فيصبّ
ضعفها وتخبّطها ، في دائرة خدمة
الحكم المستبد ،
شاءت أم أبت ! *
الإشفاق الزائد على الشعب ـ لدى
بعض القوى المعارضة ـ إلى حدّ
تجميد أيّ نشاط ، يمكن أن يعرّضه
لأيّ أذىً ، من أيّ نوع ! بذريعة
أن الزمرة التي تحكم البلاد،
شرسة متوحّشة.. وأن أيّ تحرّك
شعبي ، سيعرّض الناس لانتقام
شديد، وعنف شرس !
وذلك قد يصيب قوى المعارضة
هذه ، بنوع من الإحساس بالذنب ،
لتسبّبها في تعريض الناس للأذى
..! وهذه هي الفلسفة التي
قام عليها نظام أسد ، منذ
البداية !غرْس الرعب في نفوس
الناس، كيلا يفكّر أحد منهم ،
بالتحرّك ضدّ الحكم ! ولقد كانت
لتجربة السبعينات والثمانينات
، من القرن المنصرم .. آثار سلبية
مدمّرة على نفوس المعارضات
السياسية عامّة ؛ إذ غرس فيها
النظام ، ماغرسه في نفوس
المواطنين جميعاً ، من الحرص
الزائد على اتّقاء غضب الحكّام
، وبالتالي ؛ إيثار السلامة على
أيّ تحرّك ـ مهما كان سلمياً ـ
يمكن أن يعرّض الناس للأذى ..! وما
الذي يريده آل أسد غير ذلك
!؟ فينطبق على هذا النوع من
المعارضة ـ والحال هذه ـ قول
الشاعر: (زاد في الرقّة حتّى
انخرقا !). لكنه هنا لم ينخرق
وحده ، هنا ، بل خرقَ ، معه ،
إرادة الحياة ، الفطرية
الإنسانية ، لدى أبناء شعبه ! إذ
جعلهم قطيعاً من الأغنام ،
لايتحرّكون ضدّ جزّاريهم ، إلاّ
بإذن ، أو سماح ، من الجزّارين
أنفسهم ! أو بضمانة دولية ،
حازمة صارمة ؛ بأن الشعب لن
يمَسّ بأذىً ، إذا خرج في
الشوارع معبّراً عن رأيه ،
بصورة سلمية ! وهذا قد لايتحقّق
في المدى المنظور، ولا في أيّ
مدىً ، مادامت القوى
الدولية المتحكّمة بقرارات
المنطقة ، ماتزال تراهن على آل
أسد ، على أنهم أقلّ البدائل
الموجودة على الساحة السورية ،
سوءاً ، بالنسبة إليها ! كما أن
القوى الدولية ، وغير الدولية ..
لاتتحرّك ، أصلاً ، لحماية شعب
ما ، إلاّ إذا بادر الشعب نفسه ،
إلى انتزاع حقوقه ، وتعرّض لظلم
أو اضطهاد! وما دام الشعب
صامتاً،
عن رضىً أو خنوع ..فلا
يـُتوقّع أن تظهِر القوى
الدولية ، من الشفقة والعطف
عليه ، أكثر ممّا يقدّمه لنفسه ،
من استعداد للتضحية ، في سبيل
انتزاع حريّته من جلاّديه !
وربّما تمثّـل آل أسد
وأعوانهم ، هنا ، بمقطع من
الأغنية المتداولة ، مع بعض
التحوير: (الشعب راضي ، وأنا
راضي ، مالك ومالنا ياقاضي !؟).
8)
القوى الدولية : التي لها مصالح
في بقاء الحكومات المستبدّة ،
متسلّطة على رقاب شعوبها !
لتستطيع ، هذه القوى الدولية ،
التحكّم بقرارات هذه الشعوب ،
وقرارات أوطانها .. عبر هيمنتها
على الحكّام ، وابتزازهم ،
وتهديدهم بانتزاع الكراسي منهم
! 9)
ويبقى السؤال الأهمّ ، في البحث
كله ، هو : مَن يحمل الوزر
الأكبر، أمام الله ، وأمام
الناس .. عن تذليل ظهور الشعوب ،
للحكام الظلمة ، كي يمتطوها
ويستعبدوها ويسحقوها ، وينهبوا
خيرات بلادها !؟ لا شكّ أن لكل صنف من
الأصناف المذكورة ، نصيبه من
الوزر، بقدر حجمه ووزنه
في المجتمع ، من خلال موقعه
الاجتماعي ، أو السياسي ، أو
العلمي ، أو الثقافي .. وعلى
رأس الجميع ، تأتي مسؤولية
العلماء الشرعيين ، سواء منهم
الذين باعوا أنفسهم للحكّام
الظلمة ، والذين سكتوا عن ظلم
الحكام خوفاً ، أو جبناً ، أو
مسايرة ! ثم تأتي أوزار
الآخرين ، متدرّجة في الخطورة
والضخامة ، بحسب مالكل منها ، من
قدرة على الفعل والتأثير ! وسبحان
القائل : بل الإنسان على نفسه
بصيرة . ولو ألقى معاذيره . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |