ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الاعتقال
التعسفي والمحاكمات الصورية في
سورية الدكتور
عبدالله تركماني في الوقت الذي تتعرض
فيه سورية لمخاطر وتحديات
عديدة، وفي الوقت الذي تحتاج
فيه لأفكار وجهود كل مواطنيها،
فإنّ السلطة تنتهك الحريات
الأساسية التي يكفلها الدستور
السوري والشرعة العالمية لحقوق
الإنسان، بتعلة حالة الطوارئ
والأحكام العرفية المعلنة في
البلاد منذ العام 1963. لقد تكررت، على مدار
سنوات ما بعد ربيع دمشق في العام
2000/2001، الحملات ضد المثقفين
وناشطي الشأن العام، اعتقالا
ومحاكمات وأحكاما بالسجن،
وملاحقات واستدعاءات
واتهامات مضللة، وتسريحا من
العمل في دوائر الدولة، ومنعا
من السفر حتى لأسباب صحية، كما
هي حالة الأستاذ رياض سيف ( وجهت
عائلته من دمشق نداء باسم
الإنسانية في 1 فبراير/شباط
الجاري: لقد علمنا بالأوضاع
السيئة التي يعيشها في
ممر خارج مهجع في السجن،
يعاني من البرد القارس من دون
سرير أو غطاء. مع العلم أنه
يعاني من انسدادات في شرايين
القلب، ومن سرطان البروستات
الذي يُعتبر البرد أهم عدو له،
لذلك نُحمِّل السلطات المعنية
مسؤولية الحفاظ على حياته،
ونطالبها بالإفراج عنه فورا
والسماح له بالسفر للمعالجة
لعدم توفر العلاج اللازم داخل
سورية، ومحاسبة كل من قام بهذه
الإجراءات غير الإنسانية داخل
المعتقل ). لقد تعرض نشطاء الشأن
العام، منذ بداية العهد الجديد
في العام 2000، إلى ثلاث موجات
اعتقالات تعسفية ومحاكمات
صورية: فمن معتقلي الرأي
والضمير لربيع دمشق ( رمزهم
الدكتور عارف دليلة )، إلى
معتقلي إعلان بيروت - دمشق
لمجموعة من المثقفين والناشطين
السوريين واللبنانيين في العام
2005، لتسوية الخلافات العالقة
بين لبنان وسورية بروح الأخوة
بين الشعبين والدولتين ( رمزهم
الأستاذ ميشيل كيلو ). وعشية
الذكرى التاسعة والخمسين
للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
أقدمت مخابرات أمن الدولة على
حملة استدعاءات واعتقالات شملت
– حتى كتابة هذه السطور- ما يزيد
عن أربعين ناشطا من أعضاء
المجلس الوطني لـ " ائتلاف
إعلان دمشق للتغيير الوطني
الديمقراطي "، وقُدِّم اثنا
عشر منهم إلى محكمة صورية، طبقا
للأحكام العرفية وحالة الطوارئ
( الدكتورة فداء الحوراني - د.
أحمد طعمة - أكرم البني - علي
العبدالله – د. وليد البني -
محمد حجي درويش – د. ياسر العيتي
- جبر الشوفي - مروان العش - فايز
سارة - رياض سيف - طلال أبو دان ).
ما زالوا يقبعون في أقبية
السجن، من دون أدنى مراعاة
للقوانين الدولية، وحتى
الوطنية التي تفرض وجوب مذكرات
قضائية رسمية لتوقيف المواطنين.
وثمة تقارير تتحدث عن تعرّضهم
للتعذيب، لا لذنب ارتكبوه سوى
أنهم عبّروا، بوسائل سلمية
مشروعة يقرها الدستور السوري،
عن الحلم بسورية أفضل،
ديمقراطية مزدهرة منيعة،
متحررة من الاستبداد، يتمتع
أبناؤها بالحرية والعدل
والكرامة. لقد شكل انعقاد
المجلس الوطني لإعلان دمشق،
بتاريخ 1 ديسمبر/كانون الأول 2007،
محطة هامة في تاريخ الشعب
السوري من أجل التغيير الوطني
الديمقراطي بشكل سلمي ومتدرج،
حيث جاء ليطور العمل المعارض،
ويدعو إلى إنقاذ البلاد من
أزماتها المتعددة ووضعها على
طريق التغيير الوطني
الديمقراطي و إنهاء حالة
الاستبداد والفساد. ومن
المفارقات الملفتة للانتباه،
أنّ قاضي التحقيق واجه معتقلي
الرأي والضمير بتقرير الأمن
واتهاماته المعتادة والموزعة
على مواد قانون العقوبات، والتي
شملت: النيل
من هيبة الدولة وإيقاظ النعرات
العنصرية والمذهبية، وتكوين
جمعية بقصد قلب كيان الدولة،
ونشر أنباء كاذبة من شانها أن
توهن نفسية الأمة. إن التهم لا تحتاج
حتى للتعليق، فهي وُجِّهت بعد
أن مارس الناشطون حقهم في
التجمع الذي يكفله الدستور
السوري ( المادة 26: لكل مواطن حق
الإسهام في الحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية، والمادة 38: لكل
مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه
بحرية وعلنية بالقول والكتابة
وكافة وسائل التعبير الأخرى،
والمادة 39: للمواطنين حق
الاجتماع والتظاهر سلميا في
إطار مبادئ الدستور ) وسائر
المعاهدات الدولية التي صادقت
عليها سورية. إنها تهم ضد آرائهم
فقط وليس ضد أي فعل ارتكبوه،
وتعتبر إدانة لذات المحكمة التي
تستقي أحكامها من السلطة
السياسية وأجهزتها الأمنية. وردا على التهم
الموجهة إليه قال رئيس أمانة
" ائتلاف إعلان دمشق للتغيير
الوطني الديمقراطي " رياض
سيف: إننا طلاب حرية واليوم نحن
بحاجة إلى الديمقراطية وإنها
الحل الوحيد للحفاظ على وحدة
البلاد وتقدمها وحصانتها ضد أي
تدخل خارجي .. ونريد التحول
بسورية إلى الديمقراطية بشكل
هادئ وآمن، وبعد ذلك تنتخب
جمعية تأسيسية من كافة فئات
الشعب وكافة القوى السياسية بما
فيهم حزب البعث، لصياغة دستور
يتلاءم مع المرحلة القادمة. إنّ السلطة
المستبدة، فاقدة الشرعية
الدستورية، توسلت ذريعة الحفاظ
على السيادة والاستقلال ودرء
الأخطار الخارجية لتنصّب من
نفسها مسؤولا وحيدا عن إدارة
شؤون الوطن واحتكار الحق في
التصرف باسمه، معتبرة أية
مبادرة بخلاف
ذلك خروج عن الطاعة أو طعن
بالمقدس الوطني، تستحق أشد
عقاب. إنّ الطبعة الوحيدة من
الوطنية التي يُطلب من جميع
السوريين إعلان ولائهم لها
وانتمائهم إليها، والالتحام
عبرها بالرئيس والنظام والحزب،
لا تبدو الوطنية فيها مرتبطة
بحقوق وواجبات ومصالح
ومسؤوليات والتزامات تخص
الجميع وكل مواطن، وتحتمل
النقاش والتطوير والتجديد
والتحسين، وإنما سقفا تفرضه
مقتضيات أمن السلطة. بينما
الوطنية الحقيقية تتعلق بتنامي
شعور المواطنين بقوة انتمائهم
لوطنهم، وبمدى اعتزازهم بهذا
الانتماء، واستعدادهم للدفاع
عنه والتضحية من أجله. لقد جاءت حملة
الاعتقالات التعسفية
والمحاكمات الصورية في ظروف
سياسية إقليمية ودولية خطرة،
تتطلب من السلطة اتباع سياسات
منفتحة تجاه الشعب والمعارضة.
كما تتطلب سياسة حكيمة تجاه
محيطها العربي والإقليمي
والدولي، منعا للمزيد من
العزلة، وتجنبا لصراعات حادة
تهدد سلامة الوطن والمواطنين. *كاتب
وباحث سوري مقيم في تونس ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |