ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حضارية
شعوبنا.. وهمجيتهم د.إبراهيم
حمّامي بعد أن عقدت العزم
على زيارة قطاع غزة، لأدخل
ولآول مرة جزء غالي من أرض
فلسطيننا الحبيبة، وبعد أن قدّر
المولى عز وجل لهذه الزيارة أن
تتم - وهو ما سأتناوله بالتفصيل
لاحقاً – وبعد أن شاهدت وسمعت
مواقف الأطراف مما جرى من كسر
ولو جزئي للحصار الجائر المفروض
على شعبنا، عجبت لتلك الحملة
الشعواء التي تتصاعد ضد شعبنا
المسالم المحاصر، والذي ضرب
أروع امثلة الحضارة رغم معاناته
المستمرة. كٌتّاب سخروا
أقلامهم للنيل من أبناء شعبنا
دون استثناء، وآخرون وجهوا كل
جهودهم لحشد وتجييش الشارع
والرأي العام المصري ضد
"الخطر الفلسطيني الجارف"،
وضد الاعتداء على "سيادة
وكرامة" مصر، وضد "خطر
التوطين" المزعوم في سيناء،
ووصفات جاهزة تحاول جاهدة أن
تُحوّل المزاج العام المتعاطف
مع قضية فلسطين وأهل فلسطين،
إلى حقد ونقمة على "الهمج"
القادمين من الشرق! البرامج المتلفزة
الحوارية أيضاً استدعت شخصيات
كارهة لكل ما هو فلسطيني، لتبث
الرعب في قلوب المتابع والمشاهد
المصري، مستضيفة رموزاً سياسية
فلسطينية لا تتوانى عن الطعن في
شعبها لأهدافها غير البريئة، بل
وتهديده بابقاء المعبر مغلقاً
"إلى ما لا نهاية" كما فعل
نبيل عمرو، أو بزيادة جرعة
الخوف لدى الشارع المصري
باعتبار ما جرى موجهاً ضد أمنه
كما فعل حسن عصفور، أو بالتحريض
المباشر والاعتذار الملغوم عن
أحداث لا وجود لها إلا في مخيلة
من يذكرها، طبعاً و لاننسى
توجيهات رأسهم محمود عبّاس
المحتمي في المنطقة السوداء من
رام الله وتوصيفاته المعروفة
والتي لم تعد مستغربة منه أو من
الحفنة المحيطة به. ترى هل يستحق شعبنا
ما يتعرض له؟ لنقف سوياً عند بعض
الحقائق: · عدد الذين دخلوا
إلى شمال سيناء بعد 23/01/2008
يتراوح بين 700 و800 ألف شخص، وهذا
الرقم بحسب عبد المنعم سعيد
مديرمركز الأهرام للدراسات
السياسية والإستراتيجية يوازي
عدد سكان قطر أو البحرين. · مئات الالاف هذه
كانت تحمل معها حصيلة أشهر
طويلة من المعاناة والحصار
والتجويع ·
الدخول كان عفوياً وجماعياً
ودون ترتيبات مسبقة · أوصدت
في وجوههم الفنادق والنزل
وأقاموا في العراء رغم برودة
الجو، ولولا كرم وضيافة أهالي
شمال سيناء لسقط بعضهم ضحايا
البرد والصقيع ·
كان تعاطف وتضامن ودعم الشعب
المصري ومنذ اللحظات الأولى غير
مسبوق، وانهالت المساعدات من كل
حدب وصوب، وركز الجميع على رفض
تجويع الشعب الفلسطيني، وعلى
العلاقات المميزة بين الشعبين،
وما موقف لاعب الكرة المصري أبو
تريكة ووقوف فئات الشعب المصري
بكلها معه إلا دليل على حجم
التأييد والدعم · لم
تستطع كل الصحف والأقلام
والبرامج التي جُيشت لاستعداء
الرأي العام ضد شعبنا أن توثق
حادثة واحدة، نعم واحدة فقط لا
غير، قام فيها فلسطينيون
باقتحام المحال التجارية، أو
فتحها عنوة، أو نهبها، أو شراء
بضاعة دون تسديد ثمنها حتى وان
كان ثمنها تضاعف مرات ومرات،
وحتى بعد أن صدرت الأوامر
باغلاقها في وجوههم · لم
يستطه هؤلاء أيضاً أن يرصدوا
حالة اعتداء واحدة، نعم واحدة
فقط لا غير، داخل الأراضي
المصرية على قوات الأمن أو
المواطنين · للأمانة
وباستثناء حالتين فرديتين
"تطنطت" لها الأبواق،
الأولى تتعلق برفع العلم
الفلسطيني فوق أحد أعمدة
الكهرباء في منطقة الشيخ زويد
من قبل أحد المراهقين، وهو
الأمر المرفوض جملة وتفصيلا،
والأخرى عندما استعمل بعض
الأفراد سلم خشبي "سيبة"
للتدفئة، وهو ما أثار حفيظة أحد
الأئمة فخصص خطبة الجمعة للحديث
عنه، إلى أن تقدم مواطن فلسطيني
لا علاقة له بالأمر لكن ساءه ما
قيل، ودفع للامام 200 جنيه بدلاً
من السلم الخشبي، وهو ما يفوق
ثمنه الأصلي، كتعويض عن هذا
السلم، باستثناء الحادثتين لم
تسجل أي حالة تسيء بشكل مباشر أو
غير مباشر لأخلاق شعبنا · لو
قسنا بمقياس النسبة والتناسب
وبالمقارنة مع المجتمعات
الأخرى المتساوية عددياً وغير
الخاضعة لظروف الحصار
والتجويع، لكانت المحصلة صفر من
الجرائم والأحداث، وهو ما يثبت
حضارية شعبنا · دون
انتقاص من أحد، ومع تقديرنا
للظروف المحيطة وبطبيعة النفس
البشرية، ومع ايماننا بأن
تصرفات الأقلية المنحرفة لا
تُشين الشعوب، لنقارن بين
تصرفات شعبنا، وما حدث على سبيل
المثال بعد اعصار كاترينا الذي
ضرب المناطق الجنوبية للولايات
المتحدة الأمريكية صيف عام 2005،
وما تبعه من عمليات نهب وسطو
وسلب للمحال التجارية، لا لغرض
سد الرمق بل لحمل كل ما يمكن من
أجهزة كهربائية وغيرها، وما حدث
بعد سقوط بغداد عام 2003 من تهب
للوزارات والمصارف وغيرها،
لعرفنا درجة الحضارة التي تعامل
بها شعبنا وهو المحتاج للطعام
والشراب والدواء والكساء
والأسمنت والوقود وغيرها. · رغم
ما أثير عن نية الفلسطينيين في
اقامة "غزة الكبرى"
والتوطن في سيناء، بل واحتلال
رفح والعريش، عاد مئات الالاف
إلى سجنهم في قطاع غزة طواعية،
ليثبتوا وبالبرهان القاطع أنهم
رغم الحصار والتجويع لأن يتركوا
أرضهم ولن يقبلوا بغيرها وطناً ·
حاولت ذات الأقلام والأصوات
اختراع قصص وهمية كمحاولات خطف
جنود مصريين - لا نعرف لأي غاية!
أو القبض على أشخاص وبحوزتهم
أحزمة ناسفة فشلوا في عرض أي
منهم على الشاشات لعدم وجودهم
أصلاً، أو قامت بتضخيم مبرمج
لأحداث معينة كالحادث المؤسف
على المعبر والذي سقط فيه ضحية
فلسطيني وجرح العشرات من
الطرفين ·
رغم كل هذا التحشيد بقي كان
تعامل قيادة قطاع غزة والحكومة
فيه تعاملاً قائماً على
الاحترام والتقدير لدور مصر
الرسمي والشعبي، ولم تصدر أي
اهانات لهذا الدور، رغم حجم
التحشيد المسيء في الاعلام
المصري · تم
التلويح وعبر نظريات غريبة روّج
لها كبير المفاوضين الفاشلين
صائب عريقات، أن الهدف مما جرى
هو "رمي" قطاع غزة في وجه
مصر لتخليص الاحتلال من أعبائه!
ترى ما هي المسؤوليات الملتزم
بها الاحتلال اليوم؟ ومن الذي
طلب أو يطلب تحمل أعباء القطاع؟
وهل فتح معبر رفح أمام الأفراد
والبضائع – بثمنها- توريطاً
لمصر؟ ·
القضية الأخيرة هي موضوع الأمن
القومي المصري، وترديدها في كل
مناسبة وكأن خطراً داهماً على
مصر سيعبر من رفح، والسؤال هل
الأمن القومي المصري لا يتحقق
إلا بتواجد جنود الاحتلال على
معبر رفح واشرافهم عليه؟ وهل
رصدت أجهزة الأمن خلال العقود
الماضية حادثة واحدة، نعم واحدة
فقط لا غير، لفلسطيني أخل أو
عرّض أمن مصر للخطر؟ هذا من
المستحيلات لسبب بسيط، أن كل
فلسطيني على هذه الأرض يعتبر
أمن مصر أمنه المباشر، ويحرص
عليه أكثر من حرصه على أمن نفسه،
هكذا تربينا، وهذه هي مكانة مصر
وأهلها الغالية في قلوبنا، وهنا
اقتبس فقرة مما كتبه الزميل
المبدع رشيد ثابت قائلاً: " هل
فلسطين هي من قتلت عشرات آلاف
المصريين؟ هل غزة مسؤولة عن
ستين ألف مصري في عداد
المفقودين(هذه هي الوصفة
المخففة للاقرار بأنهم ذبحوا
على يد الصهاينة أثناء الأسر
وذهب دمهم مطلا وبدون مساءلة من
الدولة المصرية لصديقتها في تل
أبيب)؟ وهل نحن من أدخلنا وندخل
الإيدز والمخدرات والرقيق
الأبيض والمبيدات المسرطنة
والأعلاف المسممة والأدوية
"المضروبة" للقطر المصري
باستمرار؟" هذه هي الحقائق، فمن
اين جاءت الادعاءات والمخاوف،
ولماذا وقفت حفنة أوسلو
والاعلام الموجه ضد شعبنا لتطعن
في أخلاقه وكأنه ارتكب جريمة
العصر؟ ما سبق يثبت أن شعبنا
كان أكثر الشعوب تحضراً
وأخلاقاً خلال أيام تواجده في
مصر، وأن الشعب المصري كان
أكثرها كرماً وضيافة لاخوانه،
وأن من يقود الحملة الشعواء على
شعبينا لا ينطلق من منطلق الحرص
أو الكراهية، بل لأهداف أكبر من
ذلك، ولغايات تفوق شمال سيناء،
خاصة حفنة أوسلو التي لم تعد
مواقفها تختلف عن مواقف
الاحتلال في شيء، اللهم الا في
اللغة التي تتحول من العبرية
للعربية. اتقوا الله وارفقوا
بأنفسكم أولاً وبشعوبنا ثانية،
وتأكدوا أنه ما من قوة على الأرض
تستطيع أن تفرق بين شعبينا، ولا
أن تزعزع ايمان شعب مصر بعدالة
قضيتنا، وهو الذي رفض ويرفض
التطبيع لعقود من الزمن، بعد أن
امتزجت دماؤه بأرض فلسطين
وثراها. ترى من الحضاري ومن
الهمجي؟ من صاحب الأخلاق
والفضيلة ومن صاحب الادعاء؟ كل التحية لشعبنا
الخلوق المتحضر والذي أفخر
بالانتماء اليه، وكل التحية
لشعب مصر العظيم، والعار
للاحتلال وأذنابه وأبواقه. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |