ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء  18/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

عن الحزن والخسارة

سمو الأمير الحسن بن طلال*

عمان – رحم الله أخي الحبيب الحسين الذي تمر الذكرى العاشرة لرحيله والأحداث المأساوية في غزة تتْرى تحت أنظار العالم. وإذ تغمرني مشاعر الأسى والفقدان، أجدني أتأمل الصلة التاريخية للهاشميين بكافة مراحل المأساة الفلسطينية.

 

لا ينظر الهاشميّون إلى التاريخ على أنه سلسلة من الأحداث المنفصلة وغير المترابطة، لكنهم يعتبرون التاريخ عهدة الأجداد. من هنا، فإن التفاعل بين الجانبين الأردني والفلسطيني، ناهيك عن التلاحم والتراحم، يتطلب ضغطاً إيجابياً لحلّ ما قد أصبح ستين عاماً من المأساة للشعب الفلسطيني.

 

ينتاب واقع الشعب الفلسطيني حالة من الجمود. فلا يأخذ هذا الواقع صفة الدولة ولا صفة المحميّة الدولية. وبدلاً من دولتين تتمتعان بسيادة متساوية، كما كان التصور الأصلي وفقًا لخطة التقسيم الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، ما حدث على أرض الواقع كان اشتراط إحدى هاتين الدولتين - إسرائيل - ضمان أمنها مقابل إقامة الدولة الأخرى - فلسطين - مع ادعائها امتلاك الحقّ في تحديد الشريك المفاوض من الجانب الفلسطيني.

 

إلا أن هذا الموقف اللامنطقي واللامتماثل أضحى، لسوء الحظ، الركيزة في مواقف القوى الكبرى والصغرى، التي احتلت موقع الأمم المتّحدة كمصدر نهائي بالنسبة للشرعية والالتزامات القانونية.

 

وإذ قُسم الفلسطينيون إلى فئتين، "المعتدلين" و"المتطرفين"، فإن تلك القوى صادقت على موقف إسرائيل بشكل غير موضوعي، وحرمت الفلسطينيين من حقّهم في اختيار ممثليهم.

 

لقد نشأ هذا الوضع لأن خطة التقسيم لعام 1947 وقرارات الأمم المتحدة المتتابعة لم تتصوّر وضعاً "مؤقتاً" لفلسطين يدوم لأكثر من نصف قرن.

 

إن مسألة السيادة في ما يتعلق بوضع الأراضي التي خضعت إداريًّا للأردن ولاحقاً لإسرائيل لم تعالج أبداً، حيث بدى الاختلاف الكبير في الإدارة في التفسير الإسرائيلي لقوانين الاحتلال التي جعلت من الشعب الفلسطيني في وضع الأجانب الفاقدين للحماية.

 

شكلت صيغة "الأرض مقابل السلام"، المتضمنة في قراري مجلس الأمن 242 و338، الأساس لكل محاولات تسوية الصراعات الفلسطينية العربية مع إسرائيل. وقد استعملت في هذه الصياغة مصطلحات يشوبها الغموض. وفي غياب الحل الشامل، لم يتم التصدي لحقوق أعداد كبيرة من اللاجئين والنازحين في الداخل. فحالة انعدام الجنسية آخذة في الازدياد بكل ما يعنيه ذلك من مرارة ويأس.

 

في عام 1974، التزم الملك حسين بمطلب جامعة الدول العربية إعلان منظمة التحرير الفلسطينية "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، الأمر الذي عزز الوضع السياسي للمنظمة. إلا أنه لم يكن بإمكان الأردن، ككيان ذو سيادة قانونية، أن يتنازل عن الأراضي إلا لكيان آخر ذي سيادة. وتمثلت المفارقة الكبرى في أنّ وضع منظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني أثار تساؤلات الشعب الفلسطيني نفسه.

 

يشهد الشرق الأوسط تطوير مؤسسات انتقالية تدير شؤونها بنفسها. ولكن عندما يبدأ الصراع بأخذ حصيلته المروعة ويقف عائقاً أمام التقدم، فقد آن الأوان لتأسيس وكالة دولية مؤقتة لضمان حياة طبيعية يسودها السلام لكل سكان فلسطين وإسرائيل ولتأمين الحماية الكافية لكلا الطرفين.

 

كانت رؤية جدي الكبير الشريف حسين تنطوي على مفهوم الولايات العربية المتّحدة، حيث تحظى المناطق والشعوب كافة بالاعتراف بخصوصياتها التاريخية والثقافية في ضوء الاحترام المتبادَل. لقد كانت النهضة العربية بالنسبة إليه ميثاقًا مع الفقراء والمهمّشين في إدراك حقوقهم الثابتة كلها. إن السياسات القائمة على الاستقلال المتكافل والتبادلية توفر أفضل الفرص لنشر السلام والعدالة وتحقيق الازدهار لأراضينا المتعبة والمضطربة.

 

في معرض إشارته إلى معاهدة السلام مع إسرائيل، التي وقّعت في تشرين الأول ـ أكتوبر عام 1994، أكد الملك حسين كونها عنصراً أساسياً في سيرورة بناء سلام عادل ودائم وشامل بين إسرائيل وجيرانها.

 

لقد فُهمت معاهدة السلام على أنها حجر الزاوية في تركيبة إقليمية مكوّنة من دول، بما فيها فلسطين. وسيكون في هذه البناء مكان لكلّ شعوب المنطقة على أساس التبادلية السياسية، واحترام التنوع الثقافي، وتسهيل تطوير بنى فوق قُطرية، مثل مجتمع إقليمي للمياه والطاقة ينهض بدور أساسي في البيئة الإنسانية بما يحافظ على كرامة الإنسان.

 

فلا يمكن للأردن أن يتدخّل في رغبات الشعب الفلسطيني، ولن ينهض بهذا الدور، بل سيدعم حقهم في تقرير المصير. عملية البحث الشامل عن السلام هي قضية الجميع. فيجب على الإسرائيليين والفلسطينيين وكافة العرب أن يعترفوا بأنهم جزء من المشكلة وهم ليسوا فقط متفرجين.

------------------

* الأمير الحسن بن طلال هو أخو الراحل الملك الحسين بن طلال، وهو رئيس مجلس عدد من المنظمات المتعلقة بمجالات تشمل الدبلوماسية والدراسات عبر الدينية والموارد البشرية والعلوم والتكنولوجيا. 

تقوم خدمة Common Ground الإخبارية بتوزيع هذا المقال بإذن من المؤلف.

مصدر المقال: الجوردان تايمز، 9 شباط/فبراير 2009

www.jordantimes.com

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ