ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بدء
مبكر للشد والجذب بين البيت
الأبيض والكونجرس تقرير
واشنطن - سالي عبد المعز العدد
197 14 فبراير 2009 مع فوز
الديمقراطيين وسيطرتهم على
الكونجرس بمجلسيه، النواب
والشيوخ، وعلى البيت الأبيض
مكونين حكومة تُعرفُ باسم
الحكومة الموحدة (Unified Government)، أضحت هناك وجهتا نظرٍ حول العلاقة بين
البيت الأبيض والكونجرس. تتوقع
وجهة النظر الأولى انسجامًا
تامًّا بين الكونجرس والبيت
الأبيض يُمكن الرئيس الأمريكي
من تنفيذ أجندته دون معارضة. في حين
ترى وجهة النظر الأخرى عكس ذلك
مستندة إلى الخبرة التاريخية في
أن سيطرة أحد الحزبين الكبيرين،
الديمقراطي أو الجمهوري، على
السلطتين التنفيذية والتشريعية
لا يعني انسجامًا في الرؤى بين
البيت البيض والكونجرس وخير
مثال على ذلك فرانكلين روزفلت
الذي قاد الولايات المتحدة في
وقت بلغ الكساد الاقتصادي فيه
ذروته، وبمساعدة الأغلبية
الديمقراطية في الكونجرس في ذلك
الوقت تمكن من قيادة الولايات
المتحدة للخروج من الكساد،
ولكنه في فترته الثانية اصطدم
بحزبه في الكونجرس. وعلى هذا
المنوال بدأ الرئيسان
الديمقراطيان "جيمي كارتر"
و"بيل كلينتون" ولايتيهما
بأغلبية لحزبهما في مجلسي
الشيوخ والنواب، قبل أن تتوتر
علاقتهما مع الكونجرس بعد ذلك
بدرجة كبيرة. ويستند أنصار
الرأي الثاني إلى معاناة باراك
في الحصول على موافقة مجلسي
الكونجرس على خطته لإنقاذ
الاقتصاد الأمريكي. أمريكا
من الحكومة المنقسمة إلى
الموحدة تمتع
الرئيس الأمريكي الأسبق جورج
بوش بفترة حكومة موحدة (Unified Government) غير قصيرة امتدت من بداية حكمه عام 2001
وحتى انتخابات التجديد النصفي
للكونجرس في عام 2006، تمكن
خلالها من كسب تأييد الكونجرس
لكثيرٍ من سياساته الداخلية
والخارجية، كما أسهمت في تضاءل
الدور الرقابي للكونجرس على
الإدارة الأمريكية، والتغاضي
عن كثيرٍ من فضائحها وممارساتها
التي مثلت في بعض الأحيان خرقًا
واضحًا للحريات ومواثيق حقوق
الإنسان. وقد
وضعت انتخابات التجديد النصفي
للكونجرس في عام 2006 نهاية لفترة
الحكومة الموحدة وبدأت مرحلة
الحكومة المنقسمة (Divided Government)
ما بين رئيس جمهوري في البيت
الأبيض وأغلبية ديمقراطية في
الكونجرس، حاول الديمقراطيون
من خلالها التأثير على سياسات
الإدارة الأمريكية وتغيير
مسارها وفرض قدرٍ أكبرَ من
الرقابة عليها. نجحت محاولات
الديمقراطيين في أحيانٍ وأخفقت
في أحيانٍ أخرى. ولكنها أدت إلى
إنعاش الكونجرس واستعادته
لدوره القوي والمؤثر في صنع
القرارات، وليس اقتصار دوره على
منح التأييد والدعم لسياسات
الإدارة الأمريكية. ومع
انتخاب الرئيس الديمقراطي
باراك أوباما تبدأ مرحلة جديدة
من الحكومة الموحدة (Unified
Government)، ما يسمح للرئيس أوباما
بتنفيذ برنامجه وتحويله إلى
سياسات وقوانين. فداخل مجلس
النواب يسيطر الديمقراطيون على
256 مقعدًا من أصل 435، وفي مجلس
الشيوخ يصل عدد أعضائه
الديمقراطيين إلى 58 مقعدًا من
أصل مائة مقعد. ولكن
الرئيس الأمريكي يطمح في أكثر
من الحصول على أغلبية تمكنه من
تحويل أجندته إلى سياسات
وقوانين؛ فهو يسعى إلى حث أعضاء
مجلسي النواب والشيوخ على تخطي
الولاءات الحزبية، وإلى كسب
تأييد عدد من الجمهوريين لتمرير
مشروعاته الخاصة بالاقتصاد
والسياسة الخارجية وغيرها من
القضايا الداخلية. المعارضة
وإمكانات التأثير داخل
الكونجرس من
الخطأ الاعتقاد أن وجود أغلبية
ديمقراطية داخل الكونجرس يمثل
ضمانة للبيت الأبيض لتمرير
سياساته دون معارضة واختلافات
بين الإدارة والكونجرس. فالنظام
الأمريكي يمنح الأقلية داخل
الكونجرس بعض الآليات التي
تُمكنها من التأثير على
الأغلبية. فقد يتمكن الجمهوريون
أحيانًا من عرقلة القوانين أو
التأثير على بعض القوانين
والضغط على الديمقراطيين
لتقديم تنازلات. فطبقًا
للقواعد المعمول بها داخل مجلس
الشيوخ لا توجد قيود على
استمرار النقاش حول أي موضوع،
وبالتالي قد يستمر النقاش إلى
ما لا نهاية، وأحيانًا ما يتعمد
الجمهوريون الاستمرار في
النقاش بهدف منع التصويت على
مشروع القانون. وقد استغل
الجمهوريون ذلك بالفعل في
الدورة السابقة للكونجرس التي
سيطرت عليها أغلبية ديمقراطية.
ولإنهاء النقاش يحتاج
الديمقراطيون إلى التصويت على
قرار بإنهاء النقاش على مشروع
القانون داخل المجلس ونقله إلى
مرحلة التصويت ويُتخذ القرار
بأغلبية 60 صوتًا. وداخل
مجلس النواب يمكن للمعارضة
استخدام "الاقتراح بإعادة
مشروع القانون للجنة
المختصة" (Motion
To Recommit)؛ بغرض القضاء على مشروع
القانون وعدم التصويت عليه. كما
يحق للأقلية استخدام
"الاقتراح بإعادة مشروع
القانون إلى اللجنة بتوصيات"
(Motion to Recommit with Instructions) وهي تعد بمثابة الفرصة
الأخيرة للأقلية لاقتراح تعديل
على مشروع القانون قبل التصويت
عليه خاصة في الأوقات التي تضع
فيها الأغلبية قواعد من شأنها
أن تحد، أو تمنع مناقشة
التعديلات على مشاريع القوانين.
إعادة
الانتخاب وراء غياب الولاء
الحزبي والكونجرس
الأمريكي، مثله في ذلك مثل كافة
المجالس التشريعية، يتأثر
نوابه بالناخبين وتفضيلاتهم
مما يجعلهم (أي النواب) يصوتون
أحيانًا بما يتعارض مع السياسات
الحزبية. فعلى عكس مجلس الشيوخ
الذي يُنتخب أعضاؤه لمدة تصل
إلى ست سنوات، فإن أعضاء مجلس
النواب يتم انتخابهم مع كل دورة
برلمانية كاملة (أي كل عامين) ما
يجعلهم أكثر حرصًا على إرضاء
ناخبيهم حتى يتم إعادة انتخابهم
مرة أخرى. وفي حين يتم انتخاب
نواب مجلس الشيوخ من قبل ناخبي
الولاية بأكملها، فإن أعضاء
مجلس النواب يتم انتخابهم في
دوائر انتخابية أصغر داخل كل
ولاية. كما أن
بعض الديمقراطيين قد يختلفون مع
توجهات الرئيس والإدارة، وهو
أمر شائع في السياسة الأمريكية
حيث لا يتم التصويت دائمًا على
أساس الاعتبارات والولاءات
الحزبية. وبالرغم من ازدياد
التماسك الحزبي والاستقطاب
داخل الكونجرس وارتفاع نسبة
التصويت القائمة على الولاءات
الحزبية مع تراجع المعتدلين
والوسطيين في كلٍّ من الحزبين
في السنوات الأخيرة خاصة خلال
فترتي ولاية جورج بوش، إلا أن
ذلك لا يعني ضمان استمرار
التصويت بهذه الصورة. صحيح أن
فترة الحكومة المنقسمة في عامي
2007- 2008 خلال دورة الكونجرس الـ110
قد كرست التصويت الحزبي، غير أن
الوضع أحيانًا يختلف في ظل
الحكومة الموحدة، وقد يحتاج
الرئيس أحيانًا لتقديم بعض
التنازلات للحصول على بعض أصوات
حزب الأقلية لضمان الحصول على
أغلبية كافية لتمرير مشروعات
القوانين التي يتقدم بها. وبذلك
فإن مجرد وجود حكومة موحدة لا
يعني بالضرورة أن يكون الكونجرس
والإدارة على وفاق تام. خطة
الحوافز الاقتصادية .الاختبار
الأول تُعتبر
خطة الحوافز الاقتصادية التي
تقدم بها الرئيس باراك أوباما
إلى الكونجرس بما يزيد على 800
مليار دولار ما بين إنفاق حكومي
وتخفيضات ضريبية أول اختبار
للعمل بين الإدارة والكونجرس.
وقد قام الرئيس أوباما بزيارة
للكونجرس وأجرى عددًا من
الحوارات مع الجمهوريين بهدف
إقناعهم بالتصويت لصالح الخطة،
والتي أعلن غالبية الجمهوريين
معارضتهم لها لتضمنها إنفاق
حكومي ضخم ونسبة أقل من
التخفيضات الضريبية. ومعروف
أن الجمهوريين والديمقراطيين
يختلفون في سياساتهم الخاصة
بتنشيط الاقتصاد؛ فبيمنا يسعى
الجمهوريون لزيادة الإعفاءات
والتخفيضات الضريبية، يدفع
الديمقراطيون إلى زيادة
الإنفاق الحكومي مع تخفيضات
ضريبية أقل. وقد أظهرت النقاشات
داخل الكونجرس الأمريكي أن
الجمهوريين قد يكون لهم تأثير
على الصورة النهائية التي سيصدر
بها القانون. وقد
تضمنت الخطة الأولية إنفاقًا
حكوميًّا ضخمًا على البنية
التحتية والتعليم والرعاية
الصحية وصل إلى ثلثي المبالغ
المخصصة للخطة. وقد طلب أوباما
من النواب الديمقراطيين حذف
إحدى البنود التي يرفضها
الجمهوريون في صيغة الخطة داخل
مجلس النواب. كما تمكن
الجمهوريون داخل مجلس الشيوخ من
التأثير على بنود الخطة، فقد
أقر مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء
الماضي (10 من فبراير 2009) الخطة
بقيمة 839 مليار دولار وتتضمن
زيادة 110 مليار دولار تخفيضات
وإعفاءات ضريبية عن الخطة التي
وافق عليها مجلس النواب بقيمة 819
مليار دولار. وهو الأمر الذي جعل
ثلاثة من نواب مجلس الشيوخ
الجمهوريين – هم سوزان كولينز
وارلين سبيكتر وأوليمبيا سنو -
يوافقون على الخطة التي تم
إقرارها بأغلبية 61 صوتًا مقابل
37، في حين لم يصوت أي من النواب
الجمهوريين لصالح خطة الحوافز
المالية والتي تمت الموافقة
عليها بأغلبية ديمقراطية 244
صوتًا، في حين عارضها جميع
الجمهوريين. وجدير بالذكر أن
أحد عشر نائبًا من النواب
الديمقراطيين قد عارضوا مشروع
القانون. وبالرغم
من المعارضة الجمهورية الكاملة
لمشروع خطة الحوافز الاقتصادية
داخل مجلس النواب، إلا أن ذهاب
الرئيس أوباما إلى الكونجرس
ونقاشاته مع عدد من القادة
الجمهوريين يعكس صدق نواياه في
التعامل مع الجمهوريين والقضاء
على الاستقطاب الحزبي داخل
الكونجرس، ورغبته في التوصل
لحلول وسطية تَلقى قبول
الديمقراطيين والجمهوريين معًا
وتؤدي إلى خروج قانون بتأييد من
الحزبين. وهو ما دفع جون بوينر
زعيم الأقلية الجمهورية إلى
القول بأن الرئيس كان صادقًا في
رغبته في العمل مع الجمهوريين
وفي محاولة الوصول إلى أرضية
مشتركة والحصول على دعم جمهوري
لخطته. وبالرغم
من إخفاق أوباما مع الجمهوريين
داخل مجلس النواب، إلا أن
التعاون بينهما قد يثمر نتائج
أفضل في المستقبل، خاصة مع
مناقشة الخطط القادمة للإنقاذ
المالي وغيرها من القضايا
الداخلية والسياسة الخارجية. نتيجة
للاختلافات بين الصيغة التي
أقرها مجلس الشيوخ والتي وافق
عليها مجلس النواب، يتعين على
المجلسين العمل على توحيد بنود
الخطة ووضع صيغة موحدة حتى يتم
إرسالها للرئيس للتصديق عليها.
وقد تقدم الديمقراطيون
بتنازلات للحفاظ على موافقة
الجمهوريين الثلاثة داخل مجلس
الشيوخ؛ حيث يتم حذف بعضٍ من
الإنفاق الحكومي على التعليم
والصحة الذي تقدم به
الديمقراطيون في مقابل الزيادة
في الخفض الضريبي الذي كان
سببًا في تصويت النواب
الجمهوريين المعتدلين الثلاثة. وفي
التحليل الأخير نخلصُ إلى أنه
بالرغم من أن الشواهد الأولية،
تُؤكد تمتع أوباما بأغلبية
ديمقراطية، قد تمكنه من تنفيذ
غالبية سياساته، خاصةً مع
الإجماع الديمقراطي الذي حصل
عليه في خطة الحوافز
الاقتصادية، إلا أن استمرار هذا
الوضع في المستقبل ليس أمرًا
مؤكدًا، كما أن رغبة الإدارة
الأمريكية في التحاور مع
الأقلية الجمهورية داخل
الكونجرس وكسب تأييدهم يعطي
فرصة حقيقية للجمهوريين للضغط
على الإدارة والأغلبية
الديمقراطية داخل الكونجرس
لتقديم تنازلات للجمهوريين
والموافقة على بعض مقترحاتهم
بما يضمن عدم احتكار
الديمقراطيين الكامل لعملية
صنع السياسات في واشنطن. ----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |