ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
تنقذ خطة الحوافز الاقتصاد
الأمريكي؟ تقرير
واشنطن – محمد الجوهري العدد
197 14 فبراير 2009 تصاعدت
وتيرة تفاقم الأزمة المالية
التي تعصف باقتصاد الولايات
المتحدة الأمريكية منذ فترة
ليست بالقصيرة، حيث فقد أكثر من
600 ألف مواطن أمريكي وظائفهم
خلال شهر يناير الماضي، في
سابقة لم تحدث منذ حوالي خمسة
وثلاثين عامًا، حيث يعتبر هذا
هو العدد الأكبر الذي يشهده شهر
واحد في معدل فقدان الوظائف منذ
العام 1974. وفي
الوقت الذي تسعى فيه الإدارة
الأمريكية الجديدة للخروج
بالاقتصاد الأمريكي إلى بر
الأمان، وإنقاذه من حالة الركود
التي تُعتبر الأسوأ منذ الكساد
الكبير في القرن الماضي، قضى
الرئيس الأمريكي باراك أوباما
أسبوعًا عصيبًا حاول فيه إقناع
أعضاء الكونجرس الأمريكي بخطته
لدعم وحفز الاقتصاد. فخلال
الأسبوع الماضي شهدت أروقة
الكونجرس صراعًا محتدمًا بين
البيت الأبيض والأعضاء
الديمقراطيين من جانب، وأعضاء
الحزب الجمهوري من جانب آخر،
حول تفاصيل الخطة التي قدمتها
الإدارة الأمريكية، ومدى
الجدوى التي يمكن أن تُحققها في
سبيل إنقاذ الاقتصاد الأمريكي،
ودخل قادة الحزبين في جدل محتدم
للتوصل إلى تسوية بشان
تفاصيلها، وما تتضمنه من
إجراءات، حتى يمكن تمريرها
والموافقة عليها، انتهي
بالتوصل لتسوية بشأن الخطة نتج
عنها تمرير الخطة في مجلس
الشيوخ بأغلبية 61 صوتًا مقابل
37، وفي مجلس النواب رفض جميع
النواب الجمهوريين الخطة، ولكن
تم تمريرها في المجلس بأغلبية 244
صوتًا من الديمقراطيين. كان هذا
الصراع محل اهتمام وسائل
الإعلام الأمريكية هذا
الأسبوع، التي انشغلت برصد ردود
الأفعال المتباينة بشأن هذه
الخطة بين المشرعين الأمريكيين.
هل تنقذ
خطة الحوافز الاقتصاد
الأمريكي؟ وعلى
شبكة MSNBC استضاف برنامج واجه الصحافة Meet
The Press – الذي يقدمه ديفيد جريجوري David
Gregory – عددًا من أعضاء الكونجرس
الديمقراطيين والجمهوريين
للحديث عن المعركة السياسية
التي شهدها الكونجرس الأمريكي
للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة
الحوافز والدعم. وتساءل
جريجورى Gregory عن إمكانية أن تسهم هذه الخطة
في إنقاذ الاقتصاد الأمريكي،
ومن جانبه أكد السيناتور
الجمهوري عن ولاية نيفادا Nevada جون إنسين John
Ensign أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال
اعتبار أن تمرير هذه الخطة هو
الحل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد،
فاليابان على سبيل المثال في
عقد التسعينيات من القرن الماضي
مرت بأزمة اقتصادية كبيرة،
وقدمت الحكومة اليابانية آنذاك
ست خطط مشابهة لما قدمها الرئيس
باراك أوباما، ولكنها لم تنقذ
الاقتصاد الياباني من حالة
الركود التي مر بها. ومن ثم فيجب
أن يتم الحذر بشأن هذه الخطة حتى
لا يتم إهدار أموال دافعي
الضرائب الأمريكيين. وفي هذا
الصدد قال السيناتور: إن عملية
إنقاذ الاقتصاد الأمريكي تحتاج
إلى حوار شامل بين الديمقراطيين
والجمهوريين للوصول إلى أفضل
الأفكار والحلول للخروج من هذه
الأزمة. أما عضو
مجلس النواب عن ولاية إنديانا Indiana
الجمهوري مايك بينس Mike Pence
فقد أكد أن جوهر خطة الحوافز
التي أعلن عنها الرئيس أوباما
تقوم على زيادة الإنفاق
الفيدرالي من جانب الحكومة
الفيدرالية، وهو أمر رفضه
الأمريكيون في عهد الجمهوريين،
ومن ثم فإن خطة الحوافز هذه لن
تفعل شيئًا سوى زيادة تدخل
الحكومة في الاقتصاد وإثقالها
بمزيد من الديون. أما
السيناتور الديمقراطي عن ولاية
ميسوري Missouri
كلاير ماك كاسكيلClaire McCaskill فقد أشار إلى أن الشكل النهائي لهذه
الخطة جاء بعد مشاورات طويلة
بين قيادات الحزبين الجمهوري
والديمقراطي، وقد تم التوصل
لتسوية بشأنها، على أساسها تم
تمرير الخطة في الكونجرس
بمجلسيه، وهي التسوية التي
يرتضيها الشعب الأمريكي من أجل
إنقاذ الاقتصاد الأمريكي. وفي
السياق ذاته رفض عضو مجلس
النواب عن ولاية ماساشوسيتس Massachusetts الديمقراطي بارنى فرانك Barney
Frank حجة الجمهوريين القائلة: إن
زيادة الإنفاق الحكومي سوف تخلق
حكومة كبيرة وأكثر تدخلاً في
الاقتصاد، الأمر الذي يرفضه
الأمريكيون، قائلا: إنهم يدفعون
بهذه الحجج عندما يتعلق الأمر
بالاقتصاد فقط، ولكن حينما
يتعلق الأمر بالإنفاق العسكري
نجد كلامًا مختلفًا كليةً، فهم
يؤيدون زيادة الإنفاق.وهو ما
كان جليًّا في ميزانية وزارة
الدفاع للإدارة السابقة تحت
قيادة الرئيس جورج بوش، بسبب
الحروب التي تشنها الولايات
المتحدة في العراق وأفغانستان،
وقبل ذلك أنفقت الولايات
المتحدة مليارات الدولارات
أثناء الحرب الباردة. وبالرغم
من ذلك يرفض الجمهوريون تدخل
الحكومة في الاقتصاد، ويدافعون
بأن هذه الخطة التي قدمها
الرئيس أوباما هي إهدار للموارد
الفيدرالية، بالرغم من أن هذه
الخطة تهدف إلى ضخ كثيرٍ من
الاستثمارات في مجالات البنية
التحتية المنهارة وإنهاء حالة
الركود الاقتصادي. ماكين
الخطة بمثابة سرقة للأجيال
القادمة أما
برنامج Face
the Nation الذي يقدمه الإعلامي بوب شيفر Bob
Schieffer على شبكة CBS فقد أعد حلقة خاصة من البرنامج مع
المنافس السابق للرئيس الحالي
باراك أوباما على منصب الرئاسة
السيناتور الجمهوري عن ولاية
أريزونا Arizona جون ماكين، وهو من المعارضين
الأساسيين لخطة الحوافز التي
طرحها أوباما، بل إنه كان قد طرح
خطة بديلة تقوم على ضخ ما يقارب
نصف المبلغ الذي طرحه الرئيس
أوباما في خطته، ولكنها لم تنل
التصويت اللازم لتمريرها. وعن
الأسباب التي دفعت السيناتور
ماكين لرفض هذه الخطة، أكد أنها
الأكبر على الإطلاق ليس فقط
فيما تتضمنه من إنفاق حكومي
كبير، ولكنها أيضًا تنقل كثيرًا
من السلطات والمسئوليات إلى
الحكومة الفيدرالية، بل اعتبر
أن هذه الإجراءات أكبر من تلك
الإجراءات التي اتخذتها
الولايات المتحدة لمواجهة
الكساد الكبير في ثلاثينيات
القرن الماضي. وعلى هذا الأساس
سوف يؤدي تطبيق هذه الخطة
لتغيرات جوهرية في المبادئ
والسياسات التي يقوم عليها
الاقتصاد الأمريكي. وهذا بالطبع
سيكون له آثار سلبية على
الولايات المتحدة. وأكد أن هذا
النوع من الإجراءات الحمائية
التي تشملها الخطة يثبت التاريخ
الأمريكي أنها لم تكن فعَّالة
في أي وقت من الأوقات. وقد وصف
ماكين الخطة بأنها عملية سرقة
للأجيال القادمة Generational Theft حيث سيتم تكديس مليارات الدولارات، وقد
كانت الولايات المتحدة قد خصصت
أكثر من 700 مليار دولار أمريكي
في إطار النسخة الأولى لبرنامج
إنقاذ الأصول المتعثرة Troubled Asset Relief Program (TARP) ، وهاهي الحكومة الأمريكية
مرة أخرى تخصص ما يزيد على 800
مليار دولار في نسخة أخرى من هذا
البرنامج. وشدد
السيناتور الجمهوري على الموقف
الاقتصادي المعقد الذي تعيشه
الولايات المتحدة في الوقت
الحالي. حيث أشار إلى أن واشنطن
في الوقت الحالي مطالبة بتوفير
كثيرٍ من المخصصات المالية،
فهناك على سبيل المثال الأموال
اللازمة لتمويل الحروب التي
يخوضها الجيش الأمريكي في
الخارج، والتي هي بالطبع في
حاجة إلى مبالغ مالية كبيرة،
ومن ثم سيظل الاقتصاد يدور في
هذه الحلقة المفرغة، حيث ستكون
هناك حاجة إلى قانون آخر
للموافقة على تخصيص أربعة
مليارات دولار لمواجهة نفقات
هذه الحروب، وعلاوة على ذلك فإن
عجز الميزانية الأمريكية وصل
إلى أرقام قياسية حيث بلغ حوالي
1.2 تريليون دولار وهذه فقط
البداية. كل هذه الأمور ـ حسب
ماكين ـ ستدفع بالدين الأمريكي
إلى مستويات غير مسبوقة في
تاريخ الولايات المتحدة
الأمريكية، وهذه الأعباء سوف
يتحملها الأطفال الصغار في
المستقبل حينما يتولون زمام
الأمور. وعن مدى
إسهام هذه الخطة في إنقاذ
الاقتصاد الأمريكي، لفت ماكين
الانتباه إلى أنه إذا كانت
تقارير مكتب الميزانية التابع
للكونجرس Congressional Budget Office – وهو جهة محايدة غير حزبية – قد أشارت
إلى أن هذه الخطة سوف تساعد على
خلق ما بين 1.3 إلى 3.9 مليار وظيفة
بنهاية العام القادم، إلا أنه
في مقابل هذه المزايا التي
ستعود على الاقتصاد، فإن هناك
سلبيات ستتمخض عن تطبيق الخطة،
حيث سيكون هناك ديون كبيرة على
الأمريكيين أن يتحملوها خلال
السنوات المقبلة، كما أنه من
المتوقع أن يحدث تباطؤ في نمو
الاقتصاد، وهذه الآثار السلبية
ـ كما ذكر ماكين ـ سوف تتحملها
الأجيال القادمة في المستقبل. متى
تنجح الخطة؟ وعلى
راديو NPR حاولت ليز هالوران Liz
Halloran الوقوف على المعيار الذي يمكن
بالاعتماد عليه قياس مدى نجاح
خطة الإنقاذ التي طرحها البيت
الأبيض. وفي هذا السياق عرض
التقرير أولاً للمعيار الذي
وضعه الرئيس الأمريكي، حيث أكد
أوباما أن معيار نجاح خطته أنها
سوف توفر حوالي أربعة ملايين
وظيفة للأمريكيين. وعلى
هذا الصعيد أكد التقرير أن هذا
المعيار رفضه كثير من الخبراء
الاقتصاديين والسياسيين
الأمريكيين. ولفت التقرير
الانتباه إلى تأكيدات زعيم
الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش
ماك كونيل Mitch
McConnell الذي أكد أنه خلال فترة الكساد
الكبير فإن الخطة التي قدمتها
الإدارة الأمريكية آنذاك تحت
مسمى "New
Deal Era" قد فشلت في إخراج الاقتصاد
من أزمته، ومن ثم فإن مصير خطة
أوباما لن يكون أفضل من مصير هذه
الخطة. أما
الخبير الاقتصادي المحافظ في
مؤسسة التراث الأمريكية Heritage Foundation البحثية برايان رايدل Brian
Reidl ، فإنه أكد أنه لا يمكن التمييز
بين النتائج التي قد تتمخض عن
تطبيق هذه الخطة بالنسبة لحالة
الاقتصاد، وبين تلك النتائج
التي يمكن أن تظهر بسبب عمل
آليات التصحيح الذاتي التي يتسم
بها نظام السوق، فعلى حد قوله
ليس هناك متغير منفرد يمكن على
أساسه قياس نجاح الخطة. أما
تايلر كوين Tyler
Cowen أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج
ماسون George
Mason University،
فقد أكد أن الأمر قد يستغرق من
عامين إلى ثلاثة أعوام لتقييم
مدى نجاح هذه الخطة. وأكد أن على
الإدارة الأمريكية قبل أن تقدم
خطتها التحفيزية، فإن عليها
أولاً أن تعمل على تثبيت أركان
النظام البنكي في الولايات
المتحدة وسوق العقارات أيضًا،
والعمل على استقرار أوضاعهم.
واتفقت في هذا الرأي أيضًا
الباحثة في مجلس العلاقات
الخارجية Council
on Foreign Relations
أميتى شليسAmity Shlaes التي أكدت على أولوية إصلاح النظام
البنكي وإصلاح البرامج
الاجتماعية والتي على رأسها
برامج الضمان الاجتماعي،
وإصدار تشريعات ضريبية جديدة
يستفيد منها قطاع الأعمال في
الولايات المتحدة. تقييم
أداء الرئيس الأمريكي وعلى
شبكة ABC أعد كبير مراسلي الشبكة جورج
ستيفانوبولوس George Stephanopoulos
تقريرًا عن أول مؤتمر صحفي عقده
الرئيس الأمريكي الجديد في إطار
محاولاته لإقناع الأمريكيين
خاصة المشرعين بالكونجرس بخطته
لإنقاذ الاقتصاد، وأكد
ستيفانوبولوس Stephanopoulos
أنه إذا كان أوباما استطاع أن
يقوم بتعيين مجموعة من
المسئولين الجمهوريين في مناصب
رفيعة داخل إدارته الجديدة،
فإنه وجد صعوبة كبيرة في إقناع
أعضاء الحزب الجمهوري
بالموافقة على خطته. فهو لم
يتمكن من التواصل مع الجانب
الآخر، الأمر الذي اعتبره
المراسل تناقضًا بين الوعود
التي قطعها على نفسه أثناء
حملته الانتخابية، بإحداث
تغييرات جوهرية على الساحة
السياسية في الولايات المتحدة،
والقضاء على الانتماءات
والاتجاهات الحزبية التي سيطرت
عليها على مدار الفترة الماضية. وفي
إطار تقييمه لأداء الرئيس
الأمريكي في أول شهر له في
السلطة، أكد ستيفانوبولوس Stephanopoulos على أن أوباما واجه معظم
المشاكل والعقبات التي اعترضت
طريق معظم الرؤساء الأمريكيين
السابقين في بداية فترات حكمهم. ----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |