ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس  26/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

خلاف أمريكي أوروبي حول دمقرطة الشرق الأوسط

تقرير واشنطن – حنان سليمان

يأمل كثيرون مع قدوم الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى البيت الأبيض في إعادة إحياء التعاون عبر ضفتي الأطلنطي، بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتجاوز مرحلة التوتر خاصة على المسرح الشرق أوسطي باعتباره منطقة تشتعل بالصراعات التي تختلف حولها الرؤى الأمريكية والأوروبية، وليس أدل على ذلك من حرب العراق (مارس 2003) التي سببت انقسامًا وتصدعًا حادًّا حتى في الأوساط الأوروبية ذاتها، وأحدثت توترًا في العلاقات على ضفتي الأطلنطي.

لكن الحقيقة هي أن الخلاف الأمريكي ـ الأوروبي أعمق من حرب العراق بكثير، فهو يحمل جذورًا لا علاقة لها بالقوة العسكرية بل بالنهج المختلف لكل طرف فيما يتعلق بقضايا الديمقراطية والإصلاح في الشرق الأوسط. وللوقوف على مدى التشابه أو الاختلاف في الاستراتيجية الأمريكية والأوروبية لنشر الديمقراطية، أصدر مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط Saban Center for Middle East Policy بمؤسسة بروكينجز Brookings Institution منذ بضعة أسابيع دراسة تحليلية بعنوان "أوروبا، الولايات المتحدة وديمقراطية الشرق الأوسط : إصلاح الصدع" Europe, the United States, and Middle Eastern Democracy: Repairing the Breach.

 

نشر الديمقراطية بين أمريكا وأوروبا

تشرح الدراسة التي أعدها الباحثان تمارا كوفمان Tamara Cofman Wittes بمؤسسة بروكينجز Brookings Institution، ومديرة مشروع ديمقراطية وتنمية الشرق الأوسط، وريتشارد يانجز Richard Youngs منسق مؤسسة العلاقات الدولية والحوار الأجنبيFoundation for International Relations and Foreign Dialogue (FRIDE) مبادئ الاستراتيجيتين المختلفتين. فبينما تنطلق الفرضية الأوروبية على أساس أن الأوروبيين هم أكثر دراية بالمنطقة وشعوبها من الأمريكيين نظرًا لتاريخهم الاستعماري في الشرق الأوسط مقابل سياسة أمريكية تحمل درجة عالية من السذاجة، تنطلق الاستراتيجية الأمريكية من منطلق التغير التدريجي الرافض للإجراءات العقابية وتفضيل عرض الحوافز بدلاً من تبني لهجة خطابية حادة، في إشارة إلى أن السياسة التي اتبعتها الإدارة الأمريكية السابقة كانت سياسة شاذة عن النهج الأمريكي.

توضح الدراسة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اختلفا على قضايا بارزة تتعلق بالإصلاح في المنطقة بما أثر على العلاقات بين الطرفين وجعلها تفتقر للثقة في مرحلة ما بعد هجمات سبتمبر 2001 عندما وجدت إدارة جورج بوش حاجة ملحة في نشاط دبلوماسي لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط في سياق معركة كسب القلوب والعقول ضمن الحرب على الإرهاب.

 

وبالرغم من إعلان أمريكا وأوروبا التزامهما القوي بدعم الديمقراطية العربية باعتبارها دعامة أساسية لضمان أمن الدول الغربية، إلا أن هذه الالتزامات سرعان ما تلاشت بفوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، ليعود الطرفان من جديد لسياستهما القديمة القاضية بدعم أنظمة "الحكم الاستبدادية" في العالم العربي مع إبداء قدر من الاهتمام بالحوار مع جماعات المعارضة الإسلامية وإن كان ذلك الحوار قد تم في مراحل مختلفة.

 

مبادرات إدارة بوش تغرد خارج السرب

وفي معرض تحليلها لسياسة نشر الديمقراطية التي انتهجتها إدارة بوش، ذكرت الدراسة أن الإدارة الأمريكية السابقة غالبًا ما وجهت انتقادات حادة للأنظمة العربية في هذا الخصوص كما أنها اتخذت قضية الديمقراطية في بعض الأحيان ذريعة لتبرير عزل الحكومات "غير الصديقة" أو غير الموالية لها.

وأضحت أن السياسة الأمريكية في ذلك الوقت أكثر ميلاً إلى استخدام العصي أي لغة التهديد والوعيد مقارنة بأوروبا التي قدمت الجزر أي الحوافز الاقتصادية والسياسية لتحقيق انجازات محددة على صعيد الديمقراطية والحرية.

ومن هذا المنطلق، أطلقت إدارة بوش مبادرة "الشرق الأوسط الكبير" أو The Greater Middle East Initiative عام 2004 على أمل تبنيها في ختام مشاورات مجموعة الدول الثماني الصناعية G8، إلا أنها قوبلت بجملة من الاعتراضات الأوروبية التي اعتبرت أن واشنطن تسعى لاستغلال التواجد والخبرة الأوروبية في المنطقة لصالحها في محاولة لانتزاع السيطرة على القضية فتستأثر وحدها بالمبادرات الفعالة. كما عبرت الاعتراضات الأوروبية أيضًا عن رفض استبعاد الحكومات العربية أو المجتمعات المدنية في هذه المنطقة من المشاورات لأخذ رأيهم في الاعتبار عند وضع بنود المبادرة، ليتغير اسم المبادرة بعد ذلك إلى مبادرة الشرق الأوسط الأوسع وشمال إفريقيا Broader Middle East and North Africa (BMENA) بعد تشاور الأوروبيين مع الحكومات العربية واستبعاد باكستان وأفغانستان من النطاق الجغرافي للمبادرة مع الربط بين جهود الإصلاح وإحراز تقدم على صعيد الصراع العربي ـ الإسرائيلي.

وبخلاف هذه المبادرة، فإن هناك أيضًا مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية "AMEI" American Middle East Partnership Initiative التي تعمل على نشر الديمقراطية والتي بلغت ميزانيتها منذ إطلاقها عام 2002 وحتى عام 2008 أكثر من 534 مليون دولار، بالإضافة إلى 370 مليون دولار إضافية إجمالي ميزانيات مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال بوزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية United states Agency for international Development (USAID) اللذان قاما بتمويل مشروعات في الحكم الرشيد ومشروعات حقوقية نسائية وأخرى تعليمية.

وفي الجهة المقابلة، لا تزال المشروعات الأوروبية لنشر الديمقراطية والإصلاح والحكم الرشيد تعاني من ضعف التمويل بالرغم من زيادة ميزانياتها، وتقول الدراسة: إن المنطقة العربية تعتبر أكثر المناطق ضعفًا للتمويل على الأجندة الأوروبية خاصة في مجال الدعم السياسي.

 

واشنطن وبروكسل . من التناحر إلى التعاون

ولكن برغم ذلك، فإن إدارة بوش اقتنعت ولو قليلا بجدوى السياسة الأوروبية القائمة على ربط الحوافز الاقتصادية بالأهداف السياسية واستغلال شبكات التعاون والتنمية في دعوتها لنشر الديمقراطية وهو ما تجسد في إعلان برشلونة Barcelona Declaration التي تطورت لاحقًا إلى الاتحاد من أجل المتوسط Union of the Mediterranean، وبدا ذلك في خطط واشنطن التي أطلقتها لخلق منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط بحلول عام 2013 بعد أن وقعت اتفاقيات مماثلة منفردة مع البحرين والأردن وتونس والمغرب.

وأوضح مثالين على نجاح السياسة الأوروبية وفشل نظيرتها الأمريكية هما الملفان السوري والإيراني؛ فبينما يدعم الاتحاد الأوروبي الإصلاح في سوريا عن طريق الحوار مع الإصلاحيين من داخل الحكومة، تفضل واشنطن عزل سوريا عن المجتمع الدولي ودعم حركات المعارضة من خارج سوريا. أما بالنسبة لإيران، فمع الضعف الذي انتاب الحركة الإصلاحية بزعامة محمد خاتمي الرئيس الإيراني الأسبق قدم الاتحاد الأوروبي بعض التنازلات حول دعوات الإصلاح الداخلي من أجل مواصلة الحوار حول البرنامج النووي، وهو عكس توجه الإدارة الأمريكية السابقة كليةً، والتي تريد التغيير جملة واحدة بل وترفض بداية الحوار مع طهران.

لكن مع وصول قادة جدد لحكم فرنسا وألمانيا وإدراك تحدي إصلاح النظام السياسي العربي، يبدو أن بوادر تقارب في الاستراتيجية الأمريكية والأوروبية لنشر الديمقراطية بدأت تلوح في الأفق ويبقى على قيادات الطرفين أن تحسم موقفها في تحديين أساسيين لتحديد مدى التقارب الذي يتوقع أن تشهده العلاقات بين الطرفين خلال الفترة القادمة.

هذان التحديان كما توضحهما الدراسة هما كيفية عرض حوافز معينة على الحكومات العربية للمضي قدمًا في إصلاحاتها الديمقراطية وكيفية دعم الديمقراطية على المدى البعيد مع تحقيق أهداف استراتيجية على المدى القصير، إلا أن الدراسة حددت بعض مسارات التلاقي على أرض الواقع التي يمكن البناء عليها لتعزيز العلاقات بين واشنطن وبروكسل أهمها الفجوة العميقة في التنظير والسياسة الفعلية أي فيما هو كائن وما ينبغي أن يكون.

مثال واضح في هذا الصدد هو الموقف الأمريكي من قضايا الإصلاح في مصر حيث استخدمت واشنطن لهجة حادة مع القيادة المصرية لحملها على الإفراج عن النشط سعد الدين إبراهيم وصلت إلى حد التهديد بوقف المعونات الأمريكية لمصر، ثم تصاعدت الأحداث مجددًا مع سجن أيمن نور ـ رئيس حزب الغد في ذلك الوقت ـ إلا أنه عندما صوت الكونجرس لفرض شروط أمريكية على المعونة العسكرية لمصر منها حظر تهريب الأسلحة إلى غزة عبر الأنفاق؛ تدخلت وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، وقتها لتُجنب مصر هذا القرار.

كان للاتحاد الأوروبي موقف مماثل حيث بدأ منذ الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجريت في مصر عام 2005 في الدعوة إلى التحول الديمقراطي، ولكن مع تراجع التوجه الديمقراطي المصري خفتت الأصوات الأوروبية المطالبة بالإصلاح وهدأت معها الانتقادات الموجهة للنظام المصري، فضلاً عن أن معونات بعض الدول الأوروبية لا تزال تتدفق إلى مصر.

مسار تلاق آخر هو امتناع الطرفين عن تمويل منظمات إسلامية بشكل مباشر، وإن كانت واشنطن أكثر انفتاحًا من بروكسل على النشطاء الإسلاميين حيث تحاور مسئولون أمريكيون مع نواب في البرلمان المصري عن جماعة الإخوان المسلمين بصفتهم نوابًا مستقلين بين الحين والآخر، كما يتعامل المعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي مع أحزاب إسلامية في اليمن والمغرب.

والمثال الحي الذي يؤكد على أن التعاون الأمريكي ـ الأوروبي قد يؤتي ثماره هو الملف الليبي الذي لم يجذب كثيرًا من الأنظار حيث نجحت الجبهة الأمريكية ـ البريطانية إلى دفع ليبيا للتخلي عن برنامج أسلحتها للدمار الشامل عام 2003، وأيضًا الملف اللبناني حيث نجحت واشنطن وباريس في تمرير قرار مجلس الأمن رقم 1559 عام 2004 والذي يطالب برحيل القوات الأجنبية ـ في إشارة إلى القوات السورية في لبنان ـ عن الأراضي اللبنانية فضلاً عن نزع سلاح الميليشيات.

في النهاية تُوصي الدراسة بإنشاء منتدى لتنسيق السياسات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول الشرق الأوسط بما يتوافق مع الحوار الاستراتيجي الذي أطلقه الطرفان عام 2005. وتوصي باستمرار إطلاق بيانات دبلوماسية مشتركة حول عمليات الإصلاح في الشرق الأوسط، وتنسيق الجوائز أو المكافآت التي يجب أن تحصل عليها الدول العربية التي تُجري إصلاحات ديمقراطية حقيقية، وتنسيق المواقف حول الحوار مع الإسلاميين.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ