ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  22/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

هل هناك توافق بين الإسلام وأفلاطون؟

إريك هاينز*

لندن – أقوم هذا الفصل الدراسي بتدريس مساق عن أرسطو والديمقراطية والقانون في حرم جامعة لندن التي يتواجد فيها عدد كبير من الطلبة المسلمين. خلال الأسابيع القليلة الماضية، توجه إثنان منهم لمقابلتي بشكل منفصل وفي أوقات مختلفة. سألني كل منهما، بقليل من التوتر، ما إذا كانت فلسفة أرسطو متناغمة مع الإسلام.

ليس هناك سؤال أكثر إثارة للاهتمام أو التعقيد من هذا السؤال.

اختفت التعاليم الإغريقية بالتدريج من أوروبا الغربية بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية والدخول في العصور الوسطى. كانت مراكز التعليم الإسلامية في حوض البحر الأبيض المتوسط هي التي حافظت على الفكر الإغريقي حياً، حيث قام مفكرون مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد بوضع تعليقات مطوّلة حول الرسائل الإغريقية المبكّرة عن الديمقراطية والعلوم الدينية وعلم النفس ومواضيع كثيرة أخرى ما زالت تدرّس حتى اليوم كمواضيع كلاسيكية.

عاد أرسطو للظهور في العصور الوسطى اللاحقة من خلال تراجم عربية في الغرب، فأعاد إدخال التعقيد المنطقي والجدلي إلى مسيحية القرون الوسطى، وفتح الباب لإحياء تدريجي للكلاسيكية الإغريقية الرومانية التي أدت في نهاية المطف إلى فترة الصحوة الإيطالية.

عبر العصور والقرون، وعبر إمبراطوريات وحملات صليبية، وصمود وسقوط حضارات بأكملها، كان جوهر الحكمة الذي ينسج نفسه بثبات عبر الإسلام والمسيحية واليهودية هو الفلسفة الإغريقية. المثال الأكبر هو أسبانيا في عصرها الذهبي.

إلا أن البعض يصرّون على أن الفسلفة العلمانية تعارض الإسلام. وقد وجد الطلاب الذين استشاروني أنفسهم في وضع العديد من الشباب المسلمين في الغرب اليوم. يمكن حتى لخيار المشاركة في مساق حول القانون والأخلاقيات أن يثير مأزقاً حول الهوية والولاء.

يعرف أي شخص على علم بأفلاطون أنه لا يوجد أمر ممنوع في الفلسفة الإغريقية. كذلك لا يؤخذ بموضوع ما على أسس الإيمان فقط. يجب تبرير المنطق والطبيعة والأخلاقيات والسياسة بل وحتى الفن والموسيقى والأدب من خلال المنطق العقلاني. لا تعتبر أية عادة أو تقليد أو دين فوق البحث المعمق. يجب مساءلة وجود الآلهة والأديان إذا لم يتوفر المنطق الجيد لدعم ذلك الوجود.

تشكّل كتابات قدامى الإغريق بالنسبة لهؤلاء الذين يؤمنون أن الحياة الإنسانية ذات المعنى تحتاج للإيمان مضافاً إليه المنطق، قراءة غير مريحة. ابتعد المتدينون من كافة الأديان والعقائد في وقت من الأوقات عن الفلسفة العلمانية، فالدين، مثله مثل العلوم، يغلق الأذهان عندما يقود الناس بشكل مفتوح أو سرّي لأن يعلنوا: "نملك جميع الحقيقة التي نحتاجها. لسنا بحاجة للفلسفة".

لم يكن لدى الطالبين اللذين قاما بمراجعتي أية نية في إغلاق ذهنيهما. قرر كلاهما أن دينهما الإسلامي لا يمنعهما بأي طريقة من التساؤل الحر الناقد في الأخلاقيات والتاريخ والمجتمع. وهما يعتنقان الإسلام حتى يفتحا المجال لعالم أكثر اتساعاً، وليس لإبقائه منغلقاً. ليس لديهما أي خوف من أرسطو. فهم، مثل أرسطو، حاكمين على وعيهم، وهم لا يرون في الشرائع الإغريقية مبدأ مقرر أو إيمان أعمى، وإنما حوار حيّ. لا يشكل أرسطو تهديداً أكثر مما يشكله منتدى تربوي أو ثقافي عبر الأديان.

يدعم حوالي 80% من المسلمين البريطانيين حسب استطلاع أجرته البي بي سي مؤخراً، بعيداً عن رفض المسيحية، دوراً أكبر لها في الحياة في بريطانيا. ويرفع هذا الرقم بواقع 10% حتى عدد المسيحيين الذين يعربون عن دعم كهذا. كيف يمكن ذلك؟ ألم تكن المسيحية العدو اللدود للإسلام بعد قرون دموية عديدة؟

ما يفهمه العديد من المسلمين في الغرب، وما يعتنقه الطالبان اللذان أدرّسهما هو النظرة المعمقة بأن التقاليد الثقافية والدينية والفكرية تفاعلية ودينامية. يقوم المسلمون بدعوة غير المسلمين لإعادة تقييم تراثهم، لأنهم يدركون أن إعادة فتح الذهن حيال تقليد ما يشكل أسلوباً لفتحه تجاه الآخرين.

لا يحتاج عدم التسامح في الماضي أن يضع عائقاً في وجه مستقبل متسامح. يقوم المسلمون بحثّ غير المسلمين على الاحتفال بماضٍ هام، وهذا لا يمنع ذلك الماضي أو أي ماضٍ آخر من البقاء عرضة لتقييم مستمر ناقد.

امتلأت العناوين والمكتبات في السنوات الأخيرة بتمييز واضح مبسّط: العلوم مقابل الأديان، المنطق مقابل الإيمان، الغرب مقابل الإسلام. لن يحقق العلم والدين والمنطق والإيمان والغرب والإسلام أسمى تطلعاتهما في انتصار أي واحد منها على الآخر، بل بالتبادل المستمر بينها جميعاً.

في الوقت الذي رفضت العديد من الأصوات الإسلام عن جهل وسوء معرفة، وبالفعل الدين ككل، على أنه تجسيد للجهل، يثبت الطالبان اللذان قاما بمراجعتي عكس ذلك، تماماً كما يفعل المفكرون المسلمون في كافة أنحاء العالم. وهم يسعون، مثلهم مثل أجدادهم العظماء في القرون الوسطى، إلى تحقيق الانفتاح وليس الانغلاق داخل الإسلام. وهم يستخدمون الإسلام لتعميق فهمهم للتقاليد الأخرى، ويستخدمون تقاليدهم لتحقيق فهمهم للإسلام.

ــــــــــ

* إريك هاينز أستاذ في القانون والعلوم الإنسانية بجامعة كوين ماري في لندن.

ظهر هذا المقال على موقع "التعليق مجاني: الإيمان" للغارديان، وقد كُتب لخدمة Common Ground الإخبارية.

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 20 آذار/مارس 2009

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ