ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تركيا،
نجم يتصاعد في السياسة
الإقليمية نعمت
بيريكر* اسطنبول
– قامت وزيرة الخارجية
الأمريكية هيلاري كلينتون
بزيارة لأنقرة الأسبوع الماضي
وامتدحت تركيا كدولة قيادية في
الشرق الأوسط تلعب دوراً
محافظاً في المنطقة. كذلك أعلنت
أن الرئيس الأمريكي باراك
أوباما يخطط لزيارة تركيا في
نيسان/إبريل المقبل، مضيفة بذلك
إلى التوقعات حول أية دولة
مسلمة سيخاطب الرئيس أوباما
منها العالم الإسلامي خلال سنته
الأولى في الرئاسة. ولكن لماذا
يتم توجيه كل هذا الاهتمام
المفاجئ على تركيا؟ واصل
نجم تركيا الصعود، في الساحة
الدولية على الأقل، نظراً
لجهودها المتنوعة في صنع السلام
منذ صعود حزب العدالة والتنمية
إلى السلطة عام 2002، ومرة أخرى
عام 2007. توسطت
الحكومة التركية على سبيل
المثال بين الشيعة والسنة في
العراق، الأمر الذي ساعد على
تشكيل حكومة ذات قاعدة واسعة
هناك. كما أن عرض تركيا المساعدة
على التخفيف من أزمة الرسوم
الكاريكاتورية الدنمركية عام
2003 ودورها عام 2005 مع أسبانيا في
إنشاء مبادرة عالية المستوى في
الأمم المتحدة لتشجيع التفاهم
بين العالم الإسلامي والغرب،
المسمى تحالف الحضارات، أثبت
رغبتها بالعمل كجسر لعلاقات
فضلى بين المسلمين والغرب. كانت
تركيا وما زالت وسيطاً نشطاً
للسلام بين الفلسطينيين
والإسرائيليين، وحماس وفتح،
وسوريا وإسرائيل، والباكستان
وإسرائيل، وأفغانستان
وباكستان، والاتحاد الأوروبي
وإيران، والولايات المتحدة
وإيران. كما
ينبع تأثير تركيا المتزايد في
السياسة الدولية، في عيون الغرب
على الأقل من النموذج الذي
توفره ديمقراطيتها العلمانية
للدول المجاورة والديمقراطيات
الناشئة مثل العراق وأفغانستان. قامت
هيلاري كلينتون أثناء وجودها في
تركيا بزيارة ضريح كمال
أتاتورك، القائد المؤسس
للجمهورية التركية العلمانية.
كما ظهرت على برنامج تلفزيوني
تنسّقهُ أربع نساء من أتباع
الحركة النسائية وعقدت مقابلة
مع الصحفي التركي والمعلق
السياسي مهمت علي بيراند، الذي
طرح عليها سؤالاً حول تأهيل
تركيا كتجسيد "للإسلام
المعتدل". أجابت كلينتون
"لن نقوم بتوصيف الميول
الدينية لأية دولة". تشكل
هذه الكلمات والإيماءات موافقة
الولايات المتحدة الضمنية على
هوية تركيا العلمانية. إلا أنه
بينما تقوم تركيا بتحقيق خطوات
مثيرة للإعجاب في الساحة
الدولية، تبقى العديد من
المشاكل الداخلية بدون حل. تطرح
حكومة حزب العدالة والتنمية
نفسها كحزب محافظ بهوية إسلامية
تحافظ على التزام صارم
بالديمقراطية وحكم القانون
والعلمانية. أثناء فترة حكمه
الأولى، جرى تأكيد تعهد حزب
العدالة والتنمية بالدفاع عن
هذه القيم من خلال سلسلة من
الإصلاحات الديمقراطية، بما
فيها تحديث القانون الجزائي،
اتخذت بهدف الالتزام بإرشادات
عضوية الاتحاد الأوروبي. إلا أنه
بعد الفوز بانتخابات عام 2007،
أشارت الحكومة في عدة مناسبات
إلى أن السياسة ذات القاعدة
الدينية تأخذ أولوية على
الممارسات الديمقراطية. تحوّل
الطرح الخاص بالقانون الشامل
والديمقراطية، وخاصة حول قضايا
تتعلق بالمرأة والأطفال
والأقليات والتعليم، ليصبح
طرحاً دينياً. أصبحت قضية تطعيم HPV عام 2007 على سبيل المثال، لمنع سرطان
الرحم عند النساء مجالاً للحوار
العام حول عفّة المرأة، وليس
صحّتها. تعرّض قضايا كهذه
السلطة التي اكتسبتها تركيا حتى
الآن كوسيط سلام دولي إلى الخطر
لأنها تحد من مصداقيتها
كديمقراطية علمانية في الساحة
الدولية. وهناك
الكثير من حالات المحافظة
الدينية في الحكومة. قبل أسابيع
قليلة سأل وزير البيئة فيسيل
إيروغلو، مجيباً على نساء تذمرن
حول البطالة "أليس لديكم عمل
كافٍ في المنزل؟" كذلك قام
مجلس العلوم الوطني مؤخراً
بمراقبة قصة غلاف مجلة العلوم
والتكنولوجيا التركية التي
تتمتع بشعبية وقام بطرد محررها
لأنه جرى نشر صورة تشارلز
داروين على غلاف المجلة. يعتبر
الاعتماد على الطروحات
والتصرفات الإسلامية لحل
القضايا المحلية الملّحة
وتعزيز دورها كلاعب له أهميته
في الشرق الأوسط سياسة غير
حكيمة لحزب العدالة والتنمية.
سوف يترجم أتباع مسار من
الأعمال الدينية السياسية على
المدى البعيد على أنه إحياء
لتطلعات تركيا الامبريالية
العثمانية المتجددة فيما يتعلق
بدول شرق أوسطية أخرى. سوف يُنظر
إليها في الغرب على أنها انجراف
عن القيم الديمقراطية
العلمانية التي يمكنها أن تفشل
فرص تركيا في الوصول إلى
الاتحاد الأوروبي. يتوجب
على حزب العدالة والتنمية أن
يضمن أن تسعى تركيا للحفاظ على
مكانتها كعنصر تحوّلي في
المجتمع الدولي. تعتمد سمعة
تركيا كنجم صاعد في الساحة
الدولية ليس فقط على التوجه
التوسطي تجاه القضايا العالمية
وإنما كذلك عن كيف تقوم بإدارة
شؤونها في الداخل. ـــــــــــ *
نعمت بيريكر أستاذ في تحليل
النزاع وحله بجامعة سابانشي في
اسطنبول. كُتب
هذا المقال لخدمةCommon Ground
الإخبارية. مصدر
المقال: خدمة Common Ground
الإخبارية، 27 آذار/مارس 2009 تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال. ----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |