ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الدوافع
غير الأيدلوجية لتطرف الصهاينة تحقيق
نشر في آخر عدد من صحيفة AHRAM
WEEKLY ترجمة
: صالح النعامي قبل شهر
باع شمعون كرا الذي يقطن حي "
هتكفا " جنوب مدينة تل أبيب
شقته السكنية على عجل، وترك
المكان، وعندما استفسر جيرانه
عن الأمر لدى أقاربه الذين بقوا
في الحي تبين أنه قرر الإنتقال
للإقامة في مستوطنة " بيت إيل
"، إحدى المستوطنات اليهودية
التي تقع شمال شرق مدينة رام
الله، وسط الضفة الغربية. وقد
إنضم شمعون الذي كان معروفاً
تبنيه مواقف سياسية معتدلة
وتصويته الدائم لحزب العمل
لأكثر من 300 ألف مستوطن يقيمون
في المستوطنات اليهودية التي
أقيمت على أراضي فلسطينية
صادرتها سلطات الاحتلال. ويشرح
شمعون في مقابلة مع الإذاعة
الإسرائيلية باللغة العبرية
دوافعه للانتقال للعيش في هذه
المستوطنة مؤكداً أنها
دوافع إقتصادية، مشيراً إلى
أنه معني بالحصول على الحوافز
المادية الكبيرة التي تقدمها
الحكومة لليهود الذين يختارون
الاستيطان في الضفة الغربية،
سيما وإنه واجه مصاعب إقتصادية
كبيرة، أهمها فصله من العمل بعد
أن تم إغلاق مصنع النسيج الذي
كان يعمل فيه في تل أبيب. ولم
ينكر شمعون أنه منذ الآن
فصاعداً سيؤيد أحد الأحزاب
اليمينية التي تدعو للإبقاء على
سيطرة إسرائيل على الضفة
الغربية حتى لا يحرم من المزايا
الإقتصادية الكبيرة التي تمنح
له حالياً. هناك الآلاف من
الإسرائيليين الذين ينتقلون في
الآونة الأخيرة من المدن
الإسرائيلية ويتجهون للإقامة
في المستوطنات اليهودية في
الضفة الغربية، ومعظم هؤلاء لم
يقدموا على ذلك بفعل دوافع
أيدلوجية، بل بفعل دوافع
اقتصادية، لكنهم يجدون أنفسهم
مضطرين لتأييد اليمين الذي
يتمسك بالإحتفاظ بالأراضي
الفلسطينية. وهذه الظاهرة تعتبر
إحدى العوامل التي تقف وراء
إنزياح الرأي العام الإسرائيلي
نحو التطرف السياسي عبر تأييد
أحزاب اليمين واليمين المتطرف.
وحسب آخر استطلاع للرأي العام
تبين أنه لو أجريت الانتخابات
حالياً فإن اليمين واليمين
المتطرف سيحصل على أكثر من 75 من
مقاعد البرلمان المائة
والعشرين، وهو ما يضمن لليمين
حكم إسرائيل بمفرده. مكاسب
الاستيطان الإقبال
على الاستيطان في مستوطنات
الضفة الغربية والقدس يفسر
الاحتجاجات الكبيرة التي يقوم
بها المستوطنون ضد إعلان رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو تجميد البناء في
المستوطنات بشكل مؤقت لمدة عشرة
أشهر، على الرغم من أنهم يدركون
أن الحديث يدور عن مناورة. قصة
شمعون الذي انتقل لتأييد اليمين
تشكل دليلاً آخر على أنه لا يمكن
حصر تفسير تطرف المجتمع
الإسرائيلي في العوامل
الأيدلوجية، بل أن العوامل
الإقتصادية تلعب دوراً مركزياً
هاماً في دفع الإسرائيليين
لتبني مواقف متطرفة. سيفر
بلوتسكير كبير المعلقين
الاقتصاديين في صحيفة "
يديعوت أحرنوت " أوسع الصحف
الإسرائيلية انتشاراً يؤكد أن
التوسع في بناء المستوطنات في
الضفة الغربية والقدس تحديداً
بات يمثل بالنسبة للحكومة
الإسرائيلية حلاً لمشاكل
الفئات الفقيرة في المجتمع
الإسرائيلي. ويشرح بلوتسكير ذلك
بالقول أن ثمن المتر الواحد من
الأرض في تل أبيب وضواحيها يصل
إلى 1000 دولار، بينما يمكن شراء
متر الأرض في مستوطنات الضفة
الغربية بعشر دولارات!!، فضلاً
عن أن الدولة تقدم قروض إسكان
ميسرة جداً لكل الراغبين في
الإقامة في المستوطنات، علاوة
عن أنها تحرص على إقامة بنى
تحتية ممتازة في المستوطنات. فيلل
بالمجان وينوه
بلوتسكير إلى أن الحكومة
الإسرائيلية أقامت حي استيطاني
يتكون من فيلل فخمة تكلف
الواحدة أكثر من 350 ألف دولار،
منوهاً إلى أن كل من يريد شراء
فيلا فما عليه إلا أن يدفع ثمنها
بالتقسيط، حيث سيكون مطالباً
بدفع مبلغ 300 دولار كل شهر، مع
العلم أن متوسط دخل الفرد في
إسرائيل 18 ألف دولار في العام.
وتقول الكاتبة الإسرائيلية
اليسارية عميرة هاس
أن الإسرائيليين باتوا
يفزعون من أي احتمال للتسوية
السلمية للصراع، لأنه يمس
بمستوى حياتهم. وعن السبب الذي
يدفع الإسرائيليين للانتقال
للعيش في المستوطنات، تقول هس
" المستوطنات تزدهر في الوقت
الذي يعاني فيه معظم
الإسرائيليين من تراجع مستوى
الرفاهية، حيث توفر المستوطنات
للمستوطنين إمكانيات لا يمكن أن
يحصلوا عليها في حال قطنوا داخل
حدود إسرائيل. فيتم توفير الأرض
الرخيصة، فيلل واسعة، مخصصات
ومساعدات مالية، مناظر طبيعية
خلابة، بنية تحتية، شوارع
ومؤسسات تعليمية كبيرة،
وبالتالي يتم النظر للسكن في
المستوطنات كميزة إجتماعية
واقتصادية،من هنا فإن هذا
الواقع أهم من الرهان على
مخرجات السلام والتسوية ". مضار
التسوية فالتسوية
السلمية تفرض توزيع مصادر
المياه بالتساوي بين اليهود
والفلسطينيين، وليس لدى
الإسرائيليين استعداد للتعود
على تقليص كميات المياه التي
يحصلون عليها بسبب الجفاف، من
هنا فأن المرء بإمكانه أن يتوقع
كم سيكون صعباً على
الإسرائيليين التسليم بتوزيع
المياه بشكل متساو مع
الفلسطينيين في حال تحققت
التسوية السياسية للصراع ".
وتضيف هس " من اعتاد على
الحياة في ظل تمتعه بحقوق أكبر
وبطريقة تستند إلى تمييز عرقي،
يرى في القضاء على هذا التمييز
خطر على رفاهيته "، على حد
تعبيرها. وتشير إلى أن النخب
الإسرائيلية الحاكمة كانت
ومازلت ترى في التسوية السلمية
للصراع تهديداً للمنعة
الاقتصادية.
وتوضح هس أن لمجمع الصناعات
العسكرية الذي يعتبر أحد أهم
مصادر التصدير في إسرائيل دوراً
واضحاً في دفع الحكومة والنخب
والمجتمع لعدم القبول بالتسوية
السياسية، منوهة إلى أن هذا
المجمع يرى أنه سيتضرر في حال
تحقق السلام. وتضيف " لقد وجد
المجمع الصناعي العسكري في
الفلسطينيين في الضفة الغربية
قطاع غزة وسائل لتجريب الذخيرة
والوسائل القتالية التي يتم
تطويرها وتجريبها للتأكد من
فعاليتها ". دور
مجمع الصناعات العسكرية وتشير
هس إلى أن عشرات الآلاف من
الإسرائيليين الذين يعملون في
الصناعات العسكرية يحصلون على
رواتبهم بفضل بقاء الاحتلال.
وتنوه إلى أن الاحتلال أدى
للاهتمام بالخدمة العسكرية،
بينما أصبحت الخدمة العسكرية
مصدراً للثراء، مشيرة إلى أنه
في كل عام سنة ينهي عشرات الآلاف
من الإسرائيليين الخدمة
العسكرية الإللزامية، ولديهم
إعداد مهني كبير، وبالتالي فهم
يتوجهون إما للخدمة في جهاز
المخابرات أو العمل مستشارين
عسكريين في الخارج كمرتزقة،
وتجار سلاح " وبالتالي فإن
السلام يدمر مستقبلهم المهني
لطبقة مهمة من الإسرائيليين لها
تأثير كبير على الحكومة
الإسرائيلية ".وتختم هس
تفسيرها لانزياح الإسرائيلي
نحو التطرف بالقول أن الإبداع
الجماعي للإسرائيليين في
المجال الأمني ناجم عن الاحتكاك
المتواصل بين معظم
الإسرائيليين مع الفلسطينيين،
حيث يولد هذا الاحتكاك قتالاً
على نار هادئة، وهو وضع مثالي
للإسرائيليين، حيث يتم توظيف
اختراعات الإسرائيليين في
المجال العسكري في قتل
الفلسطينيين. ويرى وزير
الخارجية الإسرائيلي الأسبق
شلومو بن عامي أن هناك تحولات
اجتماعية وديموغرافية كان له
بالغ الأثر في تحول المجتمع
الإسرائيلي نحو التطرف، أهمها
هجرة مئات الآلاف من اليهود
الروس إلى إسرائيل مطلع
التسعينات من القرن الماضي.
ويشير بن عامي إلى أنه على
الرغم من أن المهاجرين الروس
الذين يشكلون حوالي خمس تعداد
السكان في الدولة اتجهوا نحو
الإنعزال عن بقية المركبات
الإثنية في المجتمع
الإسرائيلي، إلا أنهم في الوقت
ذاته تبنوا مواقف بالغة التطرف
من الصراع على الرغم من أن
أغلبيتهم الساحقة من غير
المتدينين. ويفسر البرفسور سامي
ساموحا، رئيس قسم علم الاجتماع
السياسي في جامعة حيفا
توجهات المهاجرين الروس
الذين يشكلون خمس السكان في
إسرائيل قائلاً أن الروس
والمهاجرين في صراعهم ضد
المركبات الإثنية الأخرى أخذا
يتشبون بكل ما يميزهم، سواء على
صعيد تبني المواقف المتطرفة من
الصراع، والتوجه للخدمة في
الوحدات العسكرية المختارة ". أبدية
الصراع وينوه
المفكر والكاتب الإسرائيلي
عوزي بنزيمان إلى أن المجتمع
الإسرائيلي بات يتبنى عقيدة "
أبدية الصراع "، منوهاً إلى
أن هذه العقيدة تقوم على فكرة
تقول: " الصراع مع العرب ابدي
ومحتوم ، ووفقاً لهذه العقيدة،
فأنه ليس هناك احتمال للتوصل
الى تسوية مع الفلسطينيين لأن
كراهيتهم لاسرائيل بلا حدود
". ويضيف " ووفق هذه
العقيدة، فأنه في حال انسحبت
اسرائيل من الضفة الغربية فإن
الفلسطينيين سيهاجمونها من
قلقيلية ونابلس، وإن ساهمت في
اقامة الدولة الفلسطينية
فسيثور ضدها فلسطينيو
48، حيث سيطالبون بالتخلي عن
الطابع اليهودي للدولة ".وأشار
بنزيمان الى أن استمرار عمليات
اطلاق الصواريخ بعد تنفيذ خطة
" فك الارتباط " في
قطاع ساهم فقط في تعزيز
الخوف الاساسي من ان "العرب"
لا يُسلمون تماماً بوجود
الدولة، وانه لو سنحت امامهم
فرصة للتخلص منها او إبادتها –
لانتهزوها بكل سرور، معتبراً أن
هذا شعور أساسي، وعلى أساسه
تتبلور نظرة اغلبية الجمهور
اليهودي بما فيه المحسوبون على
اليسار، للصراع.
ويرى الدكتور دانييل دور
أستاذ الإعلام في جامعة تل أبيب
أن العامل الذي عزز فكرة "
أبدية الصراع "، هو تشرب
المجتمع الإسرائيلي نظرية "
انعدام وجود شريك للتسوية "
في الجانب الفلسطيني. ويؤكد دور
أن زعيم حزب العمل الإسرائيلي
إيهود براك يتحمل المسؤولية
الكاملة عن ذلك لأنه أعلن أواخر
العام 1999 وعندما كان رئيساً
للوزراء أنه " اقترح على
عرفات أكبر ما يمكن أن يعرضه
زعيم إسرائيلي لحل الصراع، لكن
عرفات رد على عروضه السخية بشن
العمليات الإرهابية التي عبر
عنها اندلاع الإنتفاضة المدروس
والممنهج ". إسهام
براك ويؤكد
دور أن تفسير براك تلقفته
وتبنته النخب المثقفة ذات
التوجهات اليسارية والتي تسيطر
على وسائل الإعلام، والتي تضم
بشكل خاص معظم الصحافيين
والمعلقين وكبار كتاب الأعمدة
والمستشرقين والباحثين الذين
يشاهدهم الإسرائيليون على
شاشات التلفزة ويقرأون ما
يكتبون في الصحف. بعض كبار
الكتاب من الذين كانوا يعتبرون
منظرين لفكرة التسوية ومن قادة
حركة " السلام الآن "،
انقلبوا واصبحوا ينادون
باعتماد الحلول القمعية كوسيلة
لحل الصراع. أحد الأمثلة
الصارخة على ذلك، يولي تامير،
التي كانت مدير عام حركة "
السلام الآن "، والتي تشغل
حالياً مقعد في الكنيست عن حزب
العمل، وهناك
العديد من قادة الفكر، مثل
المفكر يارون لندن الذي كان أحد
منظري اليسار الصهيوني، وهو
الآن لا يفوت فرصة دون أن
يستغلها للدعوة لإرتكاب "
فظائع " في غزة . رابط
المقال: http://weekly.ahram.org.eg/2009/976/re1.htm ----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |