ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
يشكّل المنع السويسري فرصة؟ ريتشارد
تشارترز وعلي جمعة القاهرة/لندن يُلقي
التصويت الأخير في سويسرا لمنع
بناء مآذن جديدة ظلاً غير ضروري
على تاريخ مثير للإعجاب من
التسامح وحسن الضيافة
والتكامل، التي تشكّل قصة
سويسرا الحقيقية. إلا أنه من
الأهمية بمكان أن نتذكر أن هذا
التصويت لا يغيّر بأي حال من
الأحوال التأكيد الأساسي في
الدستور السويسري بأن "حرية
الدين وفلسفته أمور مضمونة.
يملك جميع الأشخاص الحق في
اختيار دينهم أو قناعاتهم
الفلسفية بحرّية، والإعلان
عنها وحدهم أو ضمن مجموعة". من
الأهمية بمكان كذلك ملاحظة أن
الحكومة السويسرية وزعماء
المجتمعات المسيحية ومعظم
الإعلام في سويسرا عبّروا
جميعاً عن معارضتهم لهذا
التعديل وعن خيبة أملهم
بالموافقة عليه. رغم
ذلك، ورغم أن المآذن تبدو
وكأنها تشكل تمثيلاً لاهتمامات
أوسع بكثير، إلا أن التصويت
نفسه يشكّل اليوم رمزاً خطيراً
لكبت حريات ممارسة الأديان،
ويفعل ذلك بأسلوب قد تكون له
تداعيات أوسع في كافة أنحاء
أوروبا وما وراءها، حيث تحتاج
هذه الحريات للتعزيز والحماية
وليس للحد منها. ورغم
أنه يمكن النظر إلى المآذن على
أنها لحظة مخاطرة، يجب أن يُنظر
إليها كذلك على أنها لحظة فرص.
لا يكفي مجرد الحزن على هذا
القرار والمضي في سبيلنا. ما نحن
بحاجة إليه الآن هو مشاركة جادة
للتعامل مع القضايا المبطِّنة.
ماذا كانت تلك القضايا؟ ما هي
المعلومات أو الأمور المشوهة
التي أدت إلى الآراء والمعتقدات
التي أدّت بدورها إلى ذلك
التصويت؟ ما الذي نحتاج لعمله
فيما يتعلق بالمخاوف التي كانت
تعمل في الخفاء كما اتضح الآن؟ نكتب
مقالنا هذا كمفتي من مصر حيث عاش
المسيحيون والمسلمون جنباً إلى
جنب عبر قرون عديدة، وأسقف من
لندن، واحدة من أكبر مدن العالم
وأكثرها تنوعاً. نحن متحدون
بالتزامنا بتفهّم أفضل للقضايا
التي تتسبب بالتوتر حتى يتسنى
لنا تشجيع العمل الجاد الذي
يحقّق تحسناً فعلياً. لن يكون
المؤتمر المقبل الذي يشارك
برعايته وينظّمه تحالف الأمم
المتحدة للحضارات والذي نأمل أن
نعقده في سراييفو والذي ندعو
إليه حكومات وزعماء دينيين من
أوروبا وحوض البحر الأبيض
المتوسط، لن يكون عن سويسرا
وإنما عن القضايا الأوسع، ولو
كانت موازية، التي تواجهها
العديد من الدول: كيف يمكن
مساعدة الأقليات المعرّفة
دينياً ومجتمعات المهاجرين على
أفضل وجه بأساليب تحترم
احتياجاتهم واحتياجات المجتمع
الأوسع حولهم؟ كيف يمكن إدارة
التكامل دون التهديد
بالاستيعاب؟ هل هناك مبادئ عامة
للممارسة الفضلى التي يمكننا
جميعاً تبنّيها فيما يتعلق بما
تعنيه، بتعابير عملية، للحفاظ
على وممارسة أدياننا كذلك؟ سوف
يتطلب الأمر شجاعة لأن يصغي كل
تقليد ديني بصدق لانتقادات
الغير ومخاوفهم. إلا أنه يتوجب
علينا إيجاد سبل لتيسير
المشاركة الجادة رغم المخاوف
الموجودة. يتوجب على كل دين
مقاومة الإغراءات لتخيّل ما هو
أفضل عن نفسه فقط، ومقارنة ذلك
مع الأسوأ الذي يمكن تصوّره في
الآخرين. بدلاً من ذلك، يتوجب
على كل تقليد أن يضع نموذجاً
للكرم الذي يرغب الحصول عليه من
الآخرين: يتوجب على كل منا أن
يتبادل الحريات التي يرغب بها
لنفسه من الآخرين: يتوجب على كل
منا أن يتبادل الحريات التي
نرغبها لأنفسنا. ولكن الحكومات
تحتاج للشجاعة كذلك، حيث لا
يمكن السماح لها بتجاهل الدين
أو أن تكون طرفاً في إنكار
الحقوق التي تتطلبها الممارسة
الحرية للدين. ليست
المآذن أكثر أهمية أو أساسيّة
للإسلام مما هي قباب الكنائس
المسيحية، إلا أن كلاً منها دون
شك تمثّل دينها وتستحضره. قد
نحسن الصنع إذا تذكرنا أن
المآذن وأبراج الكنائس لها معنى
رمزي معمّق مشترك واحد على
الأقل: كلاهما تشيران نحو
السماء لنا وتذكراننا إلى أنه
يوجد مكان للصلاة بجانب كل
منهما. لنأمل
أن يكون هناك معنى أخلاقي في ذلك. رغم
أننا نختلف في قضايا هامة في
المجالات الدينية، يُناشدنا كل
دين أصيل لا أن نحب الله تعالى
فحسب وإنما جارنا كذلك. هذا
التزام عملي جداً يمكن لجميع
أصحاب النوايا الحسنة أن
يتشاركوا فيه. نناشد القادة في
الآديان والحكومات والمجتمع
المدني أن يجتمعوا معنا ليجدوا
الأساليب التي تسمح لنا، وبأفضل
السبل، أن ندرك خلافاتنا ونعترف
بها، وأن نتحد في الوقت نفسه في
السعي السلمي للصالح العام. ــــــــــــ *
ريتشارد تشارترز هو أسقف لندن
وعلي جمعة هو المفتي العام
للديار المصرية. تقوم خدمة
الأرضية المشتركة الإخبارية
بتوزيع هذه النسخة المختصرة من
المقال بإذن من المؤلفين. يمكن
الحصول على النص الكامل من
الموقع newsweek.washingtonpost.com/OnFaith والموقع www.guardian.co.uk. مصدر
المقال: On
Faith، 10 كانون الأول/ديسمبر 2009،
الغارديان، 11 كانون الأول/ديسمبر
2009 تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال. ----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |