ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 27/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

 

شروط الارتباط

مباركات مختلطة من إيرلندة

يعتقد مفوض أوباما للسلام أن نجاحه في إيرلندة الشمالية ينبغي أن يمنحنا الأمل في السلام

بقلم: جيمس تروب/ السياسة الخارجية

27 آب، 2010

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

لا تقدم المفاوضات المباشرة ما بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي أسس واضحة للحماس ، أو حتى للأمل. لقد وافق عباس على المحادثات بتردد بدا على شفير الرهبة، في حين يشعر نتنياهو الذي يقف شعبه بقوة من ورائه، بقليل من الضغط  حيال القيام بتنازلات حقيقية.وقد وضع خبراء شرق أوسطيون توقعاتهم في مستوياتها الدنيا. ولكن جورج ميتشيل، المبعوث الخاص الى الشرق الأوسط من قبل رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما، يعتقد أنه يعرف شيئا لا يعرفه المثبطون: فبما يكفي من الصبر والمثابرة، بإمكانك حمل  الخصوم الأشد عداوة على رؤية مصالحهم المشتركة. لقد كان هذا هو الدرس الذي تعلمه من دوره في عملية السلام في إيرلندة الشمالية في عقد التسعينيات. "كان لدينا حوالي 700 يوم من الفشل ويوم واحد من النجاح،" كما صاغ ذلك مؤخرا. وكما في ذلك الوقت، كذلك الآن:"إن الجهود السابقة لصنع السلام والتي لم تنجح لا يمكنها أن تعوقنا عن المحاولة مرة أخرى."

 

كونه قد أدار مفاوضات ناجحة تحت ظروف صعبة للغاية ليس فقط في إيرلندة الشمالية بل كذلك بين مالكي ولاعبي أندية البيسبول، يمتلك ميتشيل حقا في تفاؤله الهادىء والذي لا تظهر عليه علائم الانفعال. الأمل في حد ذاته مكونا أساسيا من مكونات المفاوضات: عليك في بعض الأحيان أن تؤمن بإمكانية نتيجة ناجحة أكثر مما يؤمن الخصوم أنفسهم فقط لتحملهم على أن يتحدث واحدهم إلى الآخر.باختصار، فإن علينا أن لا نرغب في أن يشعر ميتشيل حيال الشرق الأوسط  بأي شعور يكون أقل إيجابية مما يبدو أنه يشعر به. ولكن هذا يختلف عن التساؤل فيما إذا كان أمله له ما يبرره. فهل تشكل عملية السلام في إيرلندة الشمالية سابقة ذات دلالة لمحادثات الأسبوع القادم؟ وما هي الدروس(التي يمكن استفادتها) من غارة ميتشيل الأولى في (حقل) الديبلوماسية العالمية والتي توجت بالنجاح في 1998؟

 

ليس من الصعب فهم السبب في أن يستقي ميتشيل الأمل من التشابه. ففي حينها قام الرئيس بيل كلينتون بتعيينه مبعوثا في ال1994، كان "الموالون" الكاثوليك و"الاتحاديون" البروتستانت قد أمضوا عقودا وهم يقتلون ويجدعون بعضهم البعض، و(يقتلون ويجدعون) أبرياء مدنيين على كلا  الطرفين. لم يكن اقتتالهم بسبب الأرض كما في الشرق الوسط بل على وضع بلادهم: فالكاثوليكيون أرادوا الانضمام على نطاق واسع إلى إيرلندة الكاثوليكية، في حين أراد البروتستانت البقاء ضمن المملكة المتحدة. ولكن وكما في الشرق الأوسط، فإن الاختلافات الدينية قد  غذت  بعمق الصراع على الطموحات القومية المتنازعة. وكما يكتب ميتشيل في صنع السلام، والذي هو روايته عن دوره في العملية، فإن" قرونا من النزاع قد ولدت كراهيات تجعل من المستحيل فعليا لكلا المجتمعين أن يثق أحدهما بالآخر... فكل منهما كان يفترض الأسوأ في الآخر."وكما لخصته نانسي سوديربيرغ، وكيلة مستشار الأمن القومي لدى كلينتون، فإن ميتشيل أجبرهم على رؤية أنه كان هناك جانب يربح فيه الطرفان ليتحركوا باتجاهه، وأنها لم يكن حتميا أن تكون مباراة حصيلتها التعادل السلبي."وقد أخبرتني سودير بيرغ، أن مواهب ميتشيل لحمل الخصوم على رؤية الدافع "يمكن تحويلها مباشرة" الى الشرق الأوسط. لقد بدت المفاوضات نفسها في بعض الأوقات مألوفة على نحو مخيف: فالنزاع اللانهائي، والعقيم على العملية، وعلى القواعد الأساسية للنقاش، وعلى الأجندة الأولية، وعلى الأجندة النهائية، استغرقت غالبية الأجزاء من تلك الأيام السبعمئة. لقد استمر المتطرفون من كلا الجانبين في محاولة إخراج المساعي المبذولة عن مسارها باستخدام تحركات عنف محسوبة. "كشرط مسبق" للمحادثات، طالب الاتحاديون بأن يقوم الجيش الجمهوري الإيرلندي (آي آر إيه)، المنظمة العسكرية الكاثوليكية بالتخلي عن أسلحته. وقد أصر الموالون، كما تفعل إسرائيل الآن، على التفاوض دونما شرط مسبق. في النهاية قام ميتشيل بقطع العقدة الغوردية:( عقدة صعبة الحل ربطها الملك غورديوس من فويجيا وقطعها الإسكندر الأكبر بسيفه بعد أن سمع أن من يقطعها سيكون حاكم آسية التالي. المترجم) وذلك بإقناع كلا الطرفين بقبول مجموعة من المبادىء، بما فيها التزام ب"الوسائل الديمقراطية وحصريا السلمية لحل القضايا السياسية و نزع شامل وممكن التحقق منه للسلاح من المنظمات العسكرية من كلا الطرفين. وقد وافق الطرفان عندها على عقد محادثات "تقاربية" مع الحكومتين البريطانية والإيرلندية قبل الانتقال إلى المفاوضات المباشرة.

والآن وبعد ثمانية عشر شهرا، يحضر ميتشيل الإسرائيليين والفلسطينيين إلى النقطة نفسها. الدرس الذي يبدو أنه تعلمه في إيرلندة الشمالية هو لا تستسلم لقنوط  الأوضاع الظاهر. إذا ما أصررت على الحركة قدما، فإن أمورا جيدة ستتحقق. ولكن بإمكانك تعلم درس آخر، درس مختلف تماما من الرواية خاصة  ميتشيل. فقد كان السبب في موافقة كلا الطرفين في النهاية على تقديم تنازلات مؤلمة، كتب ميتشيل، أن" الغالبية العظمى من الشعب كان قد اكتفى " من الجنازات والعنف وكانوا متلهفين على السلام. ورغم أن المتطرفين كانوا ما يزالون موجودين، فإن المتشددين على كلا الطرفين كانوا قد تراجعوا عن مطلبهم الأشد تطرفا: الجيش الجمهوري الإيرلندي في سبيل إيرلندة موحدة، والاتحاديون في سبيل  شمال يديره البروتستانت. الأمور المتبقية العالقة، ورغم كونها متنازع عليها بضراوة، كانت شديدة التأثر بالاختلاف الحاد حيال: كيف يمكن لجمعية تشريعية منتخبة في الشمال أن تحمي حقوق الأقلية الكاثوليكية، وتحت أي بند ستخاطب المؤسسات الشمالية الجديدة إيرلندة؟

طريقة أخرى لفهم الدرس من  إيرلندة الشمالية هي كالتالي: الاستعداد هو كل شيء. ينبغي على الخصوم أن يتوصلوا إلى أن مطالبهم العظمى تقف في طريق تسوية سلمية. ويزعم أن عباس قد توصل إلى هذه النقطة، وكان هذا هو السبب في موافقته على الانخراط في محادثات مباشرة بعد الإصرار غير المثمر على " بنود عودة" واضحة، وفوق كل شيء إنهاء بناء المستوطنات الإسرائيلية وعودة إلى حدود ما قبل ال1967. في مواجهة ارتياب عام يجمعه العداء، قبل عباس بإصدار تصريح في الشرق الأوسط "الرباعية"  يعيد فيه التأكيد ببساطة على التزام سابق بالمفاوضات المباشرة التي "تؤدي إلى تسوية ... وتنهي حالة الاحتلال التي بدأت في ال1967."

 

حماس، والتي تحتل موقفا مشابها لموقف جيش التحرير الإيرلندي، رفضت المحادثات وبقيت ملتزمة رسميا (بهدف) تدمير إسرائيل. وكما عبر عن ذلك مسؤول إسرائيلي، كان جيش التحرير الإيرلندي يتطلع إلى نهاية اليوم للتفاوض مع البريطانيين، وهو أمر لا يمكنك أن تقوله عن حماس، ولا عن سورية، وحزب الله وأطراف أخرى في الصراع ". بدلا من ذلك، فإن المتشددين يخططون للإفادة من فشل هذه المحادثات الأخيرة.

 

ولكن موقف إسرائيل يشكل عقبة مساوية و بديلة في طريق السلام. فإسرائيل هي القوة المحتلة في فلسطين، كما كانت بريطانية في إيرلندة الشمالية. ولكن قبل مجيء ميتشيل بزمن أجرى البريطانيون تغييرا جذريا في الصميم. ففي 1993 في تصريح داوننغ ستريت، قطعت بريطانية على نفسها عهدا بأن لا تقوم بأي "استراتيجية أنانية أو (تستأثر) بمصلحة اقتصادية في إيرلندة الشمالية." وتعهدت بالسماح للشعب بتقرير مصيره الخاص. لقد قامت الحكومات البريطانية المتتابعة بتنازلات مؤلمة لتضع حدا للاضطرابات. إن موقف إسرائيل بالطبع ليس مشابها، وذلك لأن وجودها كدولة مهدد، ولكن لا حكومة نتنياهو، ولا  العموم ذو النطاق الأوسع قد أثبت استعداده لتقديم تنازلات، فوق كل شيء في التسويات، التي من شأنها تعزيز يدي عباس في مواجهة حماس وشعبه هو. في نفس الوقت، فإن وقائع يتعذر العودة عنها قد تفاقمت على الأرض. رغم أنه كثيرا ما يقال أن"كل شخص يعلم" ما ستبدو عليه صفقة سلام، فإن سياسة التسوية هي في طريقها لتحويل حل الدولتين إلى رسالة ميتة. الآن هناك حوالي نصف مليون مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية. إنه من غير المتوقع عمليا أن تقوم إسرائيل بتفكيك ما يكفي من منازلهم للسماح لدولة فلسطينية قابلة للإستمرار بالتواجد، بالنظر إلى ما كان عليه الأمر لإخراج عدة آلاف فقط من الإسرائيليين من غزة.

 

تشير المقارنة مما بين الوضعين فقط إلى العناد الإسرائيلي/ الفلسطيني الأشد وإلى القيود التي يعمل ضمنها مفاوض موهوب ودقيق مثل ميتشيل. ولكن هل يعني هذا أن على إدارة أوباما أن تسمح لكلا الطرفين بالاستمرار في تخميش بعضهما البعض إلى أن يستصرخ شعباهما المجهدين للسلام. قد يكون هذا ضروريا، ولكن بالنظر إلى الجوار فإنه اقتراح خطير للغاية. إن ضراء الفلسطينيين تغذي الكراهية لإسرائيل والولايات المتحدة عبر العالم الإسلامي. في الحقيقة فإن المنطقة العربية الأوسع هي طرف في أي تسوية بطريقة لا يوجد فيها أي تشابه مع الوضع في إرلندة. إن إحدى الجوانب المؤملة في هذه المفاوضات هو موافقة كل من الرئيس المصري حسني مبارك وملك الأردن عبد الله الثاني على الحضور. لا يستطيع عباس القيام بأي تنازلات على الإطلاق دونما تغطية من الدول العربية الكبرى. الطريقة الوحيدة لتهميش حماس ستكون عن طريق مصادقة واسعة على أي نتائج ممكنة. فقط إذا ما تم تهميش حماس يمكن إقناع إسرائيل بالتحرك بطرق كانت لتكون بغير ذلك (تهميش حماس) مهددة لأمنها. لا مبارك ولا عبدالله لديهما الكثير من الأتباع بين الشعوب العربية، لذا فهو مزمار ضعيف للغاية، ولكن لا يوجد أي نوع آخر من المزامير في الشرق الأوسط . سواء كان ذلك مع إيران، أو سورية، أو لبنان، لئلا نذكر العراق أو أفغانستان، فقد اكتشفت إدارة أوباما كم من المحبط محاولة تشكيل نتائج جيدة في المنطقة. وقد تكون هذه الأيام إشارة بدء لتمرين آخر مشابه في عملية تعلم مؤلمة. يحتاج جورج ميتشيل إلى الأمل، وكل الصبر، الذي يستطيع استحضاره.

ـــــــــ

*جيمس تراوب: كاتب مساهم في مجلة النيويورك تايمز ومؤلف كتاب أجندة الحرية، الذي طبع مؤخرا.

عموده  في السياسة  الخارجية (شروط الإرتباط)، يصدر أسبوعيا.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

 


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ