ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 07/03/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

 

أرض ليبية المجهولة

فريدريك ويري

الشؤون الخارجية الفصلية

28شباط 2011

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

بعد ابتهاج الليبيين، وكثير من العالم المتحضر فيما بدا أنه سقوط محتمل لمعمر القذافي، ستواجه البلاد مهمة إصلاح شاقة في أكثر أنظمة الشرق الأوسط  أورويلية  (نسبة إلى وصف جورج أورويل للعالم في روايته 1984). تفتقر ليبية إلى كل من المؤسسات الرسمية القانونية ومجتمع مدني فعال. فالعهد الجديد ما بعد القذافي بالتالي، من المرجح أن يكون متميزا بظهور جماعات داخلية طال قمعها تتزاحم على السيادة فيما سيكون بشكل مؤكد مشهدا سياسيا مضطربا.

لأربع عقود، كانت ليبية أرض مجهولة إلى درجة كبيرة، منطقة حيث شخصية زعيمها المتضخمة المتهورة و البيروقراطية البيزنطية تعيقان الشبكة الغير رسمية لوسطاء القوى الدائمة التغير. وحتى قبل القلقلة الحالية، فإن العمل مع هؤلاء الأشخاص لم يكن مؤكدا في أحسن أحواله..." كإلقاء السهام على البالونات في غرفة مظلمة،" كما صاغها ديبلوماسي كبير  في عام 2009.

في المستقبل القريب، حتى مع ذهاب القذافي، فإن البلاد قد تواجه نزاعا مستمرا ما بين قوات ليبية حرة وعناصر النظام المقاومة للتغيير. بشكل خاص، فإن أبناء القذافي.. سيف الإسلام، وخميس، والساعدي، ومعتصم.. والميليشيات التابعة لهم قد لا يذهبون بهدوء تحت جنح الليل، وقد يكون النضال لاجتثاثهم عنيفا ومطولا ( لنتذكر على سبيل المثال أبناء صدام حسين، عدي وقصي).سيف الإسلام، والذي كان يعرف لسنوات في الغرب باعتباره بطل ليبية المفترض للإصلاح، كشف عن شخصيته الحقيقية كرجعي مثل والده تماما بتوعده ب" حمام دم" في خطاب متلفز له الأسبوع الفائت.على الأرض، فإن العديد من الهجمات ضد المتظاهرين والذين يشك بكونهم متعاطفين معهم قد تم إصدار الأوامر إليهم من قبل الكابتن خميس القذافي، والذي يترأس كتيبة ال32، وحدة القوة الأفضل تدريبا والأفضل تجهيزا لدى النظام. مع انكشاف القلقلة الحالية، صعد نجم الساعدي: كعميد في القوات الخاصة، فقد تم إرساله لتهدئة ومن ثم قمع الثورة المختلطة في بنغازي في 16شباط.أخيرا، المعتصم، مستشار مجلس الأمن الوطني الليبي، والذي سعى كما تقول التقارير‘ في عام 2008 إلى إنشاء ميليشيا خاصة به لمجاراة إخوته ولديه روابط قوية مع عدد من المتشددين.

إلى جانب أولئك الذين يعيقون القذافي هناك أعضاء الجيش الليبي وضباط الفيالق الذين انضموا إلى المعارضة. بداية في أوائل عقد التسعينيات من القرن الماضي قام القذافي متعمدا بإضعاف  ضباط الفيالق الليبية بعد سلسلة محاولات انقلاب قام بها ضباط يحملون رتبا أقل من قبائل الورفلة  والمقراحه، والتي جرى تهميشها بشكل متزايد من قبل قبيلة القذافي، القذاذفة، والتي تم إثارة غضبها بسبب حربه الكارثية ضد تشاد في أوائل عقد الثمانينات من القرن الماضي. من هذه النقطة وصاعدا، أبقى القذافي الجيش العام ضعيف التمويل في الوقت الذي خصص فيه المصادر والتدريب لوحدات خاصة تألفت من القبائل الموالية للقذاذفة. حيث سيقوم لاحقا باسناد أمر هذه الوحدات إلى أبنائه.

عبرالسنوات، أصبحت القوات العسكرية النظامية متداعية وأصبحت ميزانيتها ضئيلة للغاية إلى درجة أن الفرقاء  والعقداء يرتدون ملابس مدنية للحفاظ على بذلاتهم. البعض ممن يعدون من أبرز الضباط .. من بينهم أولئك الذين دعموا القذاقي في إنقلاب 1969... أجبروا على القيام بتقاعد مبكر بعد الثورتين التونسية والمصرية وذلك بغية منعهم من قيادة أي معارضة. على الرغم من ذلك، فإن فيالق الضباط، على الرغم من ضعفها، قد تكون الكيان الرسمي الوحيد المؤهل لإعادة تمثيل المصلحة الوطنية الليبية بشكل غير منحاز في عهد ما بعد القذافي و، بشكل هام، منع حدوث اندلاع عنف الثأر.

ستتخذ القبائل الليبية كذلك موقفا انتقاديا كذلك تجاه الحكومة ولإعادة التسوية. لقد أطاح انقلاب القذافي بالهيمنة التقليدية لقبائل الساحل الشرقي في قورنية (بنغازي) لصالح أولئك الذين تم اجتذابهم من الغرب ومن داخل البلاد. وبالرغم من أن نظام القذافي كان، نظريا على الأقل، معارضا للهوية القبلية، إلا أن استمراريته اعتمدت بدرجة كبيرة على ائتلاف  متزعزع ما بين ثلاث قبائل رئيسية: القذاذفة، والمقارحة، والورفلة.

في عام 1993،اتخذ القذافي خطوات لتوجيه قوة القبائل لصالح البيروقراطية الثورية بإنشاء " لجان قيادة شعبية اجتماعية،" والتي كانت مسئولة عن الإبقاء على النظام المحلي. لقد كانت هذه الحركة اعترافا صامتا لا بأهمية القبائل والنخبة التقليدية في السياسة الليبية بل كذلك بأدوات النظام الطويلة الأمد لقوة الدولة.. اللجان الثورية التي استهين بها قد أصبحت فاسدة للغاية وانتقائية لتسيطر على الشعب.

في عهد ما بعد القذافي، ستلعب مجموعات القبائل المنشقة مؤخرا عن النظام القديم.. مثل قبائل المقارحة والورفلة دورا حاسما في منح الشرعية والوحدة لحكومة جديدة. لنقل إن ضعف وتشتت الجيش  والإغراء الممكن لمصادر النفط يلقي الضوء على التهديد الحقيقي تماما لقادة الحرب القبليين.

مع ذلك‘ فإن قوة القبائل متأثرة بملحقات أخرى: طبقة وسطى قوية، وبشكل متزايد الدين. من بين إسلامويي ليبية، اجتذبت الجماعة الإسلامية المقاتلة، منذ زمن طويل انتباه الغرب بسبب ارتباطها بالقاعدة. ولكن بعد القذافي، أصبحت الشبكات الغير سلفية، والظاهرة بدرجة أقل، تهم أكثر..أي، الجمعيات الصوفية والإخوان المسلمون. تظهر الجماعة الصوفية السنوسية المنافسة بشكل جلي في ذاكرة البلاد الجمعية. إنها تقدم القاعدة المنظماتية للمقاومة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي وكانت الدعامة لتأييد الحكم الملكي تحت إمرة الملك إدريس، والذي تسلم سلطة مستقلة منذ 1951 وحتى 1969.

بالرغم من عدائه الطويل للصوفية باعتبارها تهديدا محتملا لسلطته، لقد بدأ القذافي نفسه سياسة دعم الشبكات الخيرية الصوفية باعتبارها وسيلة حماية ضد السلفية المتشددة. قد يعود الإخوان المسلمون الذين طال قمعهم كذلك إلى الظهور كقوة محتملة. قد يكون ذا مغزى أن المنظمة كانت من بين أول الجماعات الليبية التي قامت بتقديم التهاني للنظام الجديد في مصر.

كل هذه التأثيرات مدعومة بصدع تاريخي فيما بين طرابلس والإقليم الشرقي لقورنية والواقعتين على ساحل البحر الأبيض المتوسط، القاعدة التاريخية للحكم السنوسي. المنطقتان تقسمهما اختلافات لغوية وتاريخية، وكذلك امتداد ضخم من الصحراء. يشترك الشرق بروابط  قبلية مع مصر وحتى مع الجزيرة العربية أكثر منه مع المغرب. فبعد الإطاحة بالملكية، قام القذافي بنقل السلطة السياسية والمصادر الاقتصادية إلى طرابلس، مما فاقم بصورة أكبر من الانقسام الإقليمي.

في ليبية ما بعد القذافي، ستشعر قورنية بميل لإعادة تأكيد سيادتها التاريخية. لمن لا يعلم، فإن المنطقة تنتج ثروة البلاد النفطية. كما أنها تحمل الإرث المجيد بقيادة لا كفاح مقاومة واحد بل اثنين: حملة المجموعة المقاتلة ضد الإيطاليين تحت أمر الزعيم الصوفي عمر المختار والآن "يوم الغضب" في السابع عشر من شباط، والذي تم تعميده من قبل منظميه ـ ليس صدفةـ باسم ثورة المختار.

الأطراف الجنوبية ذات الحكم الضعيف والسكان المتناثرين ستنافس كذلك من أجل المصادر والتأثير في الحكومة الجديدة. لقد كانت الجماعات الإثنية الغير عربية ذات الروابط المتعدية للحدود عبر الساحل وحزام الصحراء .. الأمازيغ(البربر)، والطوارق، والتوبو.. كانت مهمشة تحت حكم القذافي. سيسعون الآن دونما شك إلى تصحيح هذا الظلم، ولديهم الوسائل لجعل همومهم محسوسة.

قبل حدوث القلاقل في بنغازي مباشرة، كان النشاط في أوساط الأمازيغ هم القذافي الأمني الأكبر. لقد قام الطوارق بشن ثورة طويلة الأمد والتي امتدت عبر الجزائر و النيجر، ومالي، وتوبو الساخطة ونفذوا أعمال شغب دورية في المحافظات الجنوبية.بالنظر للأمام،فإن إدارة عادلة ستكون ضرورية لدمج هذه الجماعات الهامشية وكذلك ستمنع القاعدة في المغرب الإسلامي من التمتع بقابلية المناورة الجديدة في المنطقة باستغلال المظالم التي طال وجودها.تحتاج ليبية إلى مؤسسات تعددية، ودستور، وتقنيات تشارك الموارد لضمان أن لا يتسبب التنافس الطرابلسي القوريني،والقوة القبلية المفرطة، والمظالم الإثنية في تفكيك مكاسب الأسابيع الأخيرة.  عند هذه المرحلة، فإن دستور عام 1951يشكل نقطة بداية جيدة: فقد أسست لهيكل فيدرالي يقدم درجة من الإستقلال الإقليمي وعاصمة متناوبة ما بين بنغازي وطرابلس (وقد تم تعديل ذلك في عام 1963 لصالح نظام أكثر مركزية)، وهيئة تشريعية ذات مجلسين(مجلس النواب ومجلس الأعيان).

إن قادة الحكومة الجديدة ستكون في حاجة كذلك إلى تبني رؤية متسامحة تجاه بقايا البيروقراطية القديمة. الشركة الوطنية للنفط، والشركة الليبية للاستثمار العربي الأجنبي، واللجان الشعبية العديدة قد تكون أذرع حكومة القذافي الحالية، ولكنها كذلك أحواض للخبراء التكنوقراطيين، والإداريين، والخبرة الاقتصادية. وينبغي أن يشمل هذا حكومة السنوسي الملكية، والتي تم نفيها من ليبية منذ أن استلم القذافي السلطة في ال1969، ولكن مع فهم أن شرعيتها بين العديد من الليبيين قد تقلصت بفعل غيابها الطويل عن البلاد.

الأكثر أهمية، أنه سيكون على الجيش و جهاز الأمن الليبي تطوير هوياتهم الخاصة التي تحترم وتخفف التبعيات للقبلية والجغرافية. سيحتاجون إلى توسعة نصوص حكومة ما بعد القذافي إلى سواحل البلاد وتأمين حدودها. لكن فوق الجميع،سيكون على مؤسسات البلاد الأمنية إعادة بناء نفسها بطريقة تجعلها خاضعة بشكل غير مشروط للسلطة المدنية. إن عليهم أن يضمنوا أن امتيازات الحرس الرئاسي والضباط، والتي أنتجت كابوس القذافي بالدرجة الأولى، لن يسمح لها بالظهور ثانية أبدا.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

 


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ