ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الحكم في سوريا : والدي العزيز بقلم:
نهاد سيريس/دايلي بست- نيوزويك 5/3/2013 ترجمة
: قسم الترجمة في مركز الشرق
العربي خلال
تاريخها الحديث, شهدت سوريا
عنفا في إطار الصراعات السياسية
التي بدأت خلال حكم حافظ الأسد,
والد بشار الأسد المرعب. خلال
سيرة الأب, نرى كيف صعد الضابط
ذو الطموحات الكبيرة السلم خطوة
خطوة مضحيا بكل رفاقه, حتى وصل
إلى السلطة و حكم سوريا بطريقة
شمولية, وورث لابنه نظاما
متماسكا و متوحشا. خلال
سنوات الوحدة بين سوريا
مصر (خلال 1958 حتى 1961), التقى
خمسة ضباط من مجموعات مختلفة من
الأقليات و قرروا تشكيل لجنة
عسكرية هدفها الوصول إلى الحكم.
و حافظ كان واحدا من هؤلاء. في
الوقت الذي كانت فيه سوريا
تتمتع بديمقراطية برلمانية
كانت تمثل أغلب السكان, قام
هؤلاء الضباط بانقلاب عسكري
أسقطوا من خلاله الحكومة
المنتخبة ووضعوا حزب البعث في
السلطة. في السنوات التي تلت ذلك,
حصلت العديد من الانقلابات
نتيجة للصراعات الداخلية في
الحكومة, حتى أصبح حافظ وزيرا
للدفاع. بعد ذلك, ومستفيدا من
الصراع بين الأجنحة اليسارية و
اليمينية في الحكومة, قام حافظ
الأسد بانقلابه عام 1970, وتخلص
خلاله من كل من كان حوله و أصبح
الزعيم الأوحد. أنشأ حافظ نظاما
براغماتيا مبنيا على القومية
العربية ظاهريا. أكثر ما كان
يقلقه هو ذكرى هزيمة سوريا مع
إسرائيل عام 1967. و لهذا شن حرب
عام 1973, و نجح في كسبها و من ثم
بدأ بإنشاء بنية نظامه الرهيب. هيكل
السلطة الذي بناه لا زال فعالا
حتى يومنا هذا. ويقف على رأسه
الرئيس بشار الأسد الذي ينتمي
لأقلية الطائفة العلوية. حيث
يسيطر بشكل مطلق على الجيش و
أجهزة الأمن, التي تسيطر بدورها
على جميع مناحي الإدارة بما
فيها حزب البعث و مجلس الوزراء و
النظام القضائي و مجلس الشعب و
جميع الاتحادات التجارية و
الإعلام و الاقتصاد. كل جهاز من
أجهزة السلطة, سواء أكان مدنيا
أو عسكريا أو أمنيا لديه هيئة
حاكمة أو مجلس يتبع بصورة
مباشرة أو غير مباشرة للرئيس,
وذلك وفقا للدستور الذي كتب
وفق تعليماته. جميع مناصب
السلطة تعين من قبل الرئيس, الذي
يوجهها بالطريقة التي يريدها أو
حتى يجعلها تتصادم مع بعضها إذا
رغب في ذلك. في حين
كان الحزب و الاتحادات التجارية
و الاقتصاد شكلا ناعما للسلطة
تحت حكم حافظ, إلا أن فروع أجهزة
الأمن ال14 و فروع النخبة من
القوات المسلحة كانت تشكل
الأيدي العنيفة لسلطته.
لقد استخدمت السلطات العقاب
الذي كان يتراوح ما بين الحرمان
من جميع وسائل الكسب إلى السجن و
التعذيب وحتى الموت, و في
الوقت ذاته كانت تكافئ الموالين
و المناصرين من خلال تمكينهم من
الاستفادة من الفساد واسع
الانتشار الذي
وجد لهذه الغاية. دولة
العنف و الإرهاب أسست على يد
حافظ. التعذيب كان يمارس في
السجون و أقبية أجهزة الأمن
العديدة, و كانت هذه الأجهزة
تسرب الأخبار حول وحشيتها إلى
الخارج من أجل نشر الخوف و
الرهبة بين أفراد الشعب. هذه
الوحشية و العنف المخفي كان
يسرب ليطفو على السطح عند
الحاجة, خصوصا عندما يبدو أن
هناك بعض القوى التي تشكل
تهديدا للنظام. بين أعوام 1980 و
1982, حصلت الكثير من عمليات القتل
من ضمنها مجزرة حصلت في حلب
قتل فيها النظام 100 مدني في
الشارع؛ كما حصلت مجزرة أخرى في
سجن تدمر السياسي قتل فيها ما
يقرب من 1000 سجين و ذلك كرد
انتقامي على محاولة فاشلة
لاغتيال الرئيس؛ إضافة إلى
مجزرة حماة, التي حاصرت فيها
قوات النخبة المدينة لما يزيد
عن 20 يوم, أمطرت خلالها المدينة
بقذائف المدفعية و الدبابات, تم
خلالها تدمير ثلث المدينة
القديمة و قتل أكثر من 30000 مدني.
روبرت فيسك وهو صحفي غربي وصف
تلك العمليات القاسية من خلال
تقارير أرسلها من سوريا, و لكنها
لم تجد لها آذانا صاغية في الغرب.
من
خلال خطته لتحقيق البنية
الشمولية للسيطرة على سوريا,
اعتمد حافظ على الموالين من
الأقلية العلوية. فقد سيطروا
على الجيش و الأجهزة الأمنية و
الإعلام. ولربط مصالحهم مع
مصالحه, فقد سعى لإيجاد سبل تجعل
منهم أغنياء و ذلك من خلال
الاقتصاد الموازي. فقد أعطاهم
حرية تهريب البضائع الأساسية
التي يحتاجها السوريون بصورة
ماسة, و أًصدر تعليمات للحكومة
بعدم جعل هذه البضائع متاحة في
الأسواق. و كان الهدف الذي يسعى
إليه هو خلق اقتصاد موال له
تماما و يعمل من خلاله, لمنافسة
التجار و الصناعيين السنة
الأقوياء في كل من حلب و دمشق. و
قد أخبر باتريك سيل الذي كان
يكتب مذكراته و صاحب كتاب الأسد:
الصراع على السلطة في الشرق
الأوسط, أن حلمه كان رؤية أصحاب
رؤوس الأموال العلويين أغنياء و
أقويا. من أجل ذلك, أمر الحكومة
ببسط سيطرتها على الاستثمارات
غير الحكومية إضافة إلى تصدير و
استيراد السلع لمدة تقرب من 20
عام. مع بداية التسعينات, و
عندما ضمن أن العديد من أتباعه
العلويين جمعوا ما يكفي من
الثروة غير الشرعية, أصدر
المرسوم رقم 10, الذي فتح فيه
الباب للاستثمار في القطاع
الخاص. و لكنه تفاجأ عندما وجد
أن الطبقة الرأسمالية السنية
المعتادة الذي اعتقد أنها
انسحقت و تلاشت كانت مستعدة
للمنافسة في هذا المجال المربح.
هيكل
السلطة الذي بناه حافظ الأسد
كان بحاجة إلى من يرثه, من
الناحية المثالية فإن هذا
الوريث سوف يكون أحد أبنائه.
وإذا مات دون وجود وريث شرعي,
فإن الهيكل برمته سوف ينهار.
لحسن حظ حافظ, فإن لديه أربعة
أبناء و بنت. حيث بدأ بتجهيز
ابنه الأكبر, باسل, لخلافته و
ذلك من خلال دفعه للصدارة. فقد
أصبح باسل مشهورا. وكان رياضيا و
فارسا شارك في مسابقات الخيل
التي كان يفوز فيها دائما. مع
لحيته المهذبة, فقد أصبح موضوعا
للنساء. سرت شائعات أنه عندما
يأتي باسل إلى السلطة فإنه
سيقضي على الفساد المستشري. و
لكن باسل لقي حتفه في حادث سيارة
عام 1994, حسب الراوية الرسمية فقد
كان يقود سيارته بتهور في طريقه
إلى مطار دمشق الدولي. مقتل ولي
عهده المختار كانت بمثابة كارثة
بالنسبة لحافظ, الذي عانى من
أمراض عديدة و علم أنه سوف يموت
قريبا. و هكذا فقد اتجه نحو ابنه
الثاني, بشار, الذي كان موجودا
في بريطانيا في ذلك الوقت,
لإعداد دراساته ما قبل التخرج
في مجال طب العيون. بشار
لم يكن معروفا بصورة كبيرة في
سوريا مثل أخيه. فقد نأى بنفسه
عن مشاكل السلطة و أحب أن يعيش
حياته الخاصة. بشار في ذلك الوقت
كان قد تخرج حديثا كطبيب للعيون
من كلية الطب من جامعة دمشق و
كان يخطط للمضي في هذا المجال
دون الانخراط في القضايا
الحكومية. في العديد من المرات
كان الناس يوقفونه في ممرات
المستشفى ليشكو له حول أمر ما أو
للاحتجاج على تصرفات جائرة من
قبل الشبيحة, الذين ينتمون
لعائلة الأسد. كان يستمع بأدب و
صمت, و من ثم يتغاضى عن هذه
الأمور ويقول إنه لا يتدخل في
مثل هذه الأمور.
وكان هناك شائعات تفيد أنه
كان يشعر بالعار من تصرفات
أبناء عمومته السيئة أو أنه كان
رجلا خجولا. في حين أن أخاه باسل
حجز مكانا له في سباق الخيل, و
كان الأول دائما في المنافسات
المزيفة؛ و كان يقود القوارب
السريعة في مياه المتوسط في
اللاذقية؛ وحتى أنه كان يعاقب
أبناء عمومته الشبيحة في بعض
الأحيان, فضل بشار الابتعاد عن
الأضواء وارتبط بمجموعة صغيرة
من الأصدقاء الذين يعملون في
مجال تكنولوجيا المعلومات. و لم
يعرف عنه أبدا أنه كان يدعم أي
من أصدقائه للوصول إلى مناصب
أعلى أو مساعدة أي شخص في عقد
اتفاقيات عمل أو بناء. طبيب
العيون بشار كان يعيش في لندن
بهدوء وسعادة, و كان يلتحق
بمحاضراته بهدوء و يتمتع بحياة
جيدة. كان يحب احتساء القهوة أو
تناول الغداء في مطعم هادئ دون
أن يلاحظ أحد أنه ابن الرئيس
السوري. في هذه الحياة المخفية,
التي كان يمارس فيها التمارين و
يتبع نظاما غذائيا خاصا يحافظ
فيه على جسم نحيل, استقبل
بشار أخبار سيئة تتعلق بوفاة
أخيه و مكالمة هاتفية طارئة من
القصر الرئاسي في دمشق أخبر
فيها أن عليه أن يعود فورا إلى
سوريا لأمر جيد. بعد
مراسم الحداد على أخيه, و بعد
الخطابات التي ألقيت في
القرداحة مسقط رأس والده, في
أعلى جبال العلويين, كان على
بشار أن يبدأ فورا بتعلم أسلوب
الحكم و أن يصبح أكثر شعبية و
اتصالا مع العامة. النظام
في سوريا جمهوري, و ليس ملكي, و
لكن الفضل يعود إلى النظام الذي
أنشأه حافظ, حيث أصبح وراثيا
بالضرورة. لو كان النظام ملكيا,
سوف يكون هناك ولي عهد أول و
ثاني. و الوريث كان سيعلم ما
ينتظره, و كان من الممكن أن يعد
نفسه منذ زمن لكي يكون ملكا. و
لكن ما حدث كان مفاجئا, حتى
لبشار الشاب, لقد أصبح وريثا.
ومما زاد المفاجأة سماع أن
الدستور السوري مجرد هراء و
هو بالضبط ما سمعه من والده, حيث
قال له إن
ما جاء فيه من أن لكل مواطن
سوري الحق في أن يصبح رئيسا أمر
خاطئ. لقد علم أن كل شئ رتب مسبقا
بطريقة قمعية, وتم تجاوز
الدستور. كان يكفي أن يتم جلب
عدة مئات من المؤيدين للتظاهر
والاحتفال أمام كاميرات
التلفاز للمطالبة بتعيين بشار
رئيسا حتى مع أن عمره 34 عاما فقط,
و هو الأمر المخالف للدستور (الذي
جاء فيه أن عمر الرئيس يجب أن
يكون 40 عاما على الأقل). و لكن لا
يهم, لأنه كان يعلم أن يد النظام
مستعدة لضرب جميع الذين يظهرون
أي شكل من أشكال المعارضة.
مباشرة
بعد موت حافظ الأسد عام 2000, وجد
الشاب الذي اعتاد أن يقضي وقته
في المقاهي متصلا بكمبيوتره
المحمول, و سليل الطاغية ذو اليد
الحديدية نفسه رئيسا للبلاد.
لقد أخذ مكان والده المتوفى و
أمسك بجميع مقاليد الحكومة و
ترأس الأجهزة الأمنية. و هكذا
فقد أصبح رئيسا و قائدا للجيش و
فورا تمت ترقية رتبته العسكرية
إلى لواء, و ترأس جميع الأجهزة
الأمنية و المجلس القضائي. وفقا
للصلاحيات المنصوص عليها في
الدستور, فإن الرئيس يتمتع
بسلطة حل مجلس الشعب و تعيين
رئيس الوزراء و الوزراء, إضافة
إلى قدرته على حلهم جميعا متى
أراد. باختصار, خلال عشية و
ضحاها, أصبح الزعيم المطلق
لجميع الأشخاص و الأشياء في
سوريا. لقد
كان شخصا مهذبا و معتدلا
اجتماعيا, و أحبه الناس. و أراد
أن يحقق التقدم لسوريا. حيث حضر
منتديات حول الاقتصاد و استمع
باهتمام للنقاش الذي كان يدور.
الجميع لاحظوا أنه كان يحب
الاستماع, و أنه كان يملك أذنا
صاغية. و قد شجع المبادرات و
طالب العديد من الشخصيات
السورية بالعودة إلى البلاد من
المنفى. و أعطى بعضهم وزارات
مهمة و فتح الباب أمام الحوار
العام على صفحات الجرائد
الرسمية. و لكن
سرعان ما اصطدم بشار المصلح في
بنية الجدار القوي الذي أنشأه
والده. و بسرعة, عاد عن وعوده
التي قطعها, و سجن جميع أولئك
الذين بدؤوا يفضلون أسلوب عمله.
أي انه أفاق و عاد إلى واقعية
النظام الذي يأمر الحاكم بتسيير
أمور البلاد بيد من حديد. في هذا
النظام الذي لا يوجد فيه مكان
للحوار أو الجدال, تصدر الأوامر
من قبل الرئيس فقط. إنه نظام
الإرهاب و الاستسلام الذي من
شأنه أن يتداعي إذا حصل هناك أي
حالة ضعف أو استرخاء
في أعلى الهرم. و إذا حصل ذلك,
فإن الأقلية العلوية سوف تخسر
السلطة و المزايا و التفوق وهي
الأمور التي منحت لهم منذ عقود.
لقد أصبح محاصرا في طريق مسدود
من صنع والده. تزوج
بشار من امرأة شابة اسمها أسماء
الأسد, المولودة و المتعلمة في
بريطانيا و التي ينتمي والداها
إلى الأغلبية السنية في
مدينة حمص وسط سوريا. أسماء,
استرعت الاهتمام مباشرة لكونها
امرأة جذابة و أنيقة. و كان
الزوجان يظهران كثيرا في
الأماكن العامة. الرئيس شيراك
استقبلهما في الإليزيه؛
ووصفتها مجلة فوياغ بأنها "وردة
في الصحراء". و حازت على إعجاب
نساء سوريا, كما حظيت بشعبية
واسعة, و صلت إلى مستويات غير
مسبوقة بالنسبة لسيدة أولى
عربية. و قد كان الزوجان يظهران
فجأة في مطعم في باب توما في
دمشق القديمة, أو في نادي حلب في
مدينة حلب, و كان الناس يسارعون
لالتقاط صور تذكارية معهم. لقد
تذوق السوريون طعما جديدا لسحر
السياسة. بشار
أصبح ثملا بالطريقة التي سارت
فيها الأمور و التجمعات التي
كانت تحصل حوله حيثما ظهر فجأة
في المطاعم و الأندية أو
الأسواق القديمة. رأيت مرة صورة
له محاطا بالعديد من التجار,
وبالكاد كان بإمكانه التحرك. و
كان يحب قيادة سيارته بنفسه, حتى
عندما يكون برفقة حرسه الشخصيين.
وكان يدعو ضيوفه الرسميين
والصحفيين الأجانب لتناول
العشاء في مطاعم المدينة. في حلب,
كان يرى بصحبة رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان مرات
عديدة, و هما يتناولان الغذاء في
هذا المطعم أو ذاك. بالطبع, كان
كل ذلك يحدث عندما كانت العلاقة
مع تركيا في أحسن أحوالها, قبل
أن يحول التمرد أردوغان إلى
أكثر الناقدين الأجانب له. بدأت
الأمور من مدينة درعا, جنوب
سوريا. في مارس 2011, حيث كتب
مجموعة من أطفال المدارس شعارات
رددوا من خلالها صدى الثورة
المصرية على جدران مدرستهم.
حينها تعاملت أجهزة الأمن
المحلية بطريقة قاسية مع
الأطفال, حيث قاموا بتعذيبهم و
حتى إصابتهم بجروح بالغة. عندما
علم الناس في المدينة بما حدث,
خرجوا إلى الشوارع غاضبين, و لكن
أجهزة الأمن, و حسب الأسلوب
السوري المتبع, أطلقت النار
عليهم, و قتلت العديد من
المدنيين. ببساطة تعاملت أجهزة
الأمن مع المعارضة بأسلوبها
المعتاد: الوحشية بصورة مباشرة,
وذلك وفقا للمبادئ غير المكتوبة
التي من أجلها أنشئت هذه
الأجهزة. هنا
كانت اللحظة الفارقة بالنسبة
للرئيس المتعلم الذي قال الجميع
أنه يتمتع بشخصية ودودة, ترى كيف
كان يتعين عليه أن يتصرف في ذلك
الوقت سوى الذهاب للقاء الناس
الغاضبين و تهدئة غضبهم و
الاعتذار لهم عن الإيذاء الجسدي
الذي تعرض له أطفالهم؟ و لكن
الرئيس كان يعلم تماما أنه من
الممكن أن لا يستمر في الحكم إذا
تصرف بتلك الطريقة. إيمانه
بالنظام الذي بناه والده جعل من
المستحيل عليه أن يتصرف بطريقة
كان يمكن أن يبغضها حافظ. بناء
على ذلك, استمر في إرسال قواته
لسحق المحتجين الغاضبين, الذين
لم يعودوا يتظاهرون لأن أخوتهم
و أقربائهم
سجنوا و عذبوا و تعرضوا
للإصابة فقط, و لكن لأن السوريين
الآخرين تعرضوا للقتل. لقد
تظاهروا ضد العنف الموجه ضدهم
ووفاء لأولئك الذين قتلوا في
اليوم السابق. ولأن هناك آخرين
سوف يقتلون اليوم, فإن الناس سوف
يتظاهرون بسبب تعرضهم للقتل.
سلسلة من عمليات القتل, و من ثم
سلسلة من المظاهرات تتبعها
سلسلة أخرى من عمليات القتل و
التظاهر, هكذا سارت الأمور. كل
ذلك صور و حمل على موقع اليوتيوب,
و أصبحت الاحتجاجات معروفة في
جميع أنحاء سوريا, و من ثم في
العالم أجمع. عندما توسعت
التظاهرات و أصبح المطالبات
تدعو إلى إسقاط النظام, واصل
الرئيس ضغطه على قوات الجيش
لسحق المتظاهرين و إطلاق النار
عليهم لقتلهم. وبصورة حتمية
بدأت الانشقاقات في الجيش و
أجهزة الأمن, وتحولت الأزمة إلى
حرب أهلية. أجهزة
الأمن المتوحشة التي أنشأها
والده, والتي حققت نجاحا كبيرا
في قمع الاضطرابات التي اندلعت
في الثمانينات, كانت الخيار
الوحيد المتاح أمام بشار.
الرئيس الشاب كان متلبسا بشكل
تام في تجربة والده. إرث الوالد
سيطر على عقل الولد, و لم يستطع
التخلص منه, أو التفكير خارج
إطاره. في كل مرة يواجه فيها
بشار الأسد تطورا جديدا في
الأزمة الحالية, لا يتجه إلى
إحساسه الشخصي العام ولكنه يعود
إلى الأمور المشابهة التي شهدها
والده في الماضي و كيف كان رد
فعله عليها. لقد أصبح قاتلا
مقلدا. تعذيب
أطفال المدارس كان الرد الوحيد
الذي تعرفه أجهزة الأمن. لقد
تصرفوا بهذه الطريقة عدة مرات
سابقة, و ذلك عندما أرسل الوالد (و
الولد) الجيش لمحاصرة المدن و
البلدات لتدميرها عن بكرة أبيها
باستخدام المدفعية و الدبابات و
حتى القصف الجوي. حافظ كان ناجحا
إلى أبعد الحدود في أساليب
القمع هذه, فلماذا لا يكون بشار
ناجحا في ذلك أيضا؟ لقد آمن
الابن بهذا
الأسلوب و هو الأسلوب
الوحيد الذي يمكن أن يسمح لنفسه
أن يفكر فيه. ولكن لحظه العاثر,
التكنولوجيا تتطور بصورة
دراماتيكية, فقد أصبح من الممكن
الآن إرسال الصور ومقاطع
الفيديو التي توثق عمليات إطلاق
النار إلى جميع أنحاء العالم.
وبالمناسبة لم يكن هناك يوتيوب
في حماة عام 1982.
بشار
كوالده حلل ووصف خصومه بأنهم من
الإسلاميين المتشددين كما هو
التقليد المتبع. في نهاية
السبعينات و بداية الثمانينات
واجه حافظ مجموعات مسلحة من
الإخوان المسلمين, فقام بحشد
قوات سياسية علمانية لأنه كان
يواجه ما اعتبره حركة أصولية.
ولكن الحركة الاحتجاجية اليوم
في سوريا, منذ أن بدأت, لم تكن
تحركا إسلاميا. فقد رفضت أن توصف
بهذا الوصف و سخرت من وسائل
الإعلام الرسمية التي كانت
تصفها على هذا النحو. الشعارات
والأعلام الإسلامية لم ترفع في
بداية المظاهرات التي طالبت
بسقوط النظام. أعلام الاستقلال
السورية هي التي كانت ترفرف فقط,
و حملت الورود و كانت الأغاني
موجهة ضد الابن والأب و كانت
تحوي كلمات لا يفضلها
الإسلاميون. يمكن أن نفكر الآن
بالحشود الضخمة التي احتشدت في
مدينة حماة عندما زارها السفير
الأمريكي في سوريا روبرت فورد,
حيث زارها في 8 يوليو 2011. ولكن
قوات بشار قتلت و اعتقلت أو رحلت
قادة المظاهرات, وهي الحقيقة
التي حولت الثورة إلى تمرد مسلح
ذو طبيعة إسلامية مميزة. بهذه
الطريقة, حقق جزء مما كان يصبو
إليه في خياله. استمر
بشار في تناول العشاء في الليل
مع بعض من أقربائه و أصدقائه في
أحد مطاعمه المفضلة في دمشق, على
الرغم من حقيقة أن المعارك كانت
تجري في جميع أنحاء البلاد, قد
تجده جالسا في زاوية هادئة
بعيدة. و بينما يمكن أن ترى جميع
من معه يضحكون ويتجاذبون أطراف
الحديث, إلا أن بشار يجلس هادئا
و يعمل على ألاي باد خاصته.
ولكن مع وصول القتال إلى
دمشق, توقف عن تناول العشاء في
الخارج. شقيقته
توجهت إلى دبي مع أطفالها بعد أن
قتل زوجها, و من ثم لحقت أم بشار
بأخته. يقول الناس إن بشار أرسل
زوجته للعيش في مكان آمن مع
أطفاله, بعيدا عنه. أستطيع تخليه
الآن, مشغولا بالقتال معظم
نهاره, لربما لفترة تمتد إلى 18
ساعة. و في الليل يجلس في سريره
مع جهاز الآي باد, متصفحا
المواقع التي يحبها, بينما
يستمع إلى أًصوات إطلاق النار
التي تقترب شيئا فشيئا. يبدو أن
حياة لندن تبدو بعيدة بالنسبة
لطبيب العيون هذا, و إلى الأبد
بالنسبة لابن أبيه. Daddy
Dearest by Nihad
Sirees Mar 5, 2013 12:00 AM EST
Inside
the mind of Bashar al-Assad
Throughout
its modern history, During
the years of the union between The power
structure he put in place is still in force today. At
its apex is President Bashar al-Assad, who belongs to
the minority Alawite sect. He fully controls the
military and the security apparatus, which, in turn,
controls all aspects of the administration, including
the Baath Party, the Council of Ministers, the
judiciary, the Peoples’ Assembly (Parliament), all
trade unions, the media, and the economy. Each organ of
the authority, whether civil, military, or security, has
a governing body or a council headed, directly or
indirectly, by the president, in accordance with the
Constitution, written under his instructions. All
positions of power are held by the president, who
directs them in the way he wants or even sometimes lets
them confront each other, if he wishes. While the
party, the trade unions, and the economy were a soft
form of authority, under Hafez, the 14 different
security agencies and the elite branches of the armed
forces were considered the violent arms of his power.
The authorities used punishment, ranging from
deprivation of all means of livelihood to imprisonment,
torture, and even death, and it rewarded the loyalists
and supporters by enabling them to benefit from the
widespread corruption that existed for this purpose. A state
of violence and terror was established by Hafez. Torture
was carried out in the prisons and dungeons of the
multiple security agencies, and they leaked news about
their brutality in order to spread fear and terror among
the people. This hidden violence and brutality were
brought to the surface when needed, especially when some
forces appeared to pose a threat to the regime. Between
1980 and 1982, many executions took place, including the
massacre of Aleppo, in which 100 civilians were killed
in the street; another massacre in the political prison
of Palmyra, where up to 1,000 prisoners were slaughtered
in retaliation for an assassination attempt on the
president; and the massacre of Hama, where elite troops
besieged the city for more than 20 days, shelling it
with artillery and tanks, destroying a third of its
ancient buildings, and killing more than 30,000
civilians. Robert Fisk, a Western journalist, described
those remorseless operations in reports he dispatched
from In his
plan to achieve an authoritarian structure to control The
structure of power created by Hafez needed an heir to
take over, ideally one of his children. If he died
without a legitimate heir, the whole structure would
collapse. Fortunately for Hafez, he had four sons and
one daughter. He had started preparing his eldest son,
Basil, to succeed him by pushing him into prominence.
Basil became a celebrity. He was a sportsman and good
rider who participated in horse races that he would
always win. With his well-groomed beard, he became an
object for women. It was rumored widely that Basil would
come to power and eradicate the pervasive corruption.
But Basil was killed in a car accident in 1994:
according to the official version, he was driving
recklessly on his way to Bashar
was not nearly as well known in The
ophthalmologist Bashar was living in After the
mourning ceremonials for his brother, and after speeches
were delivered at al-Qardaha village, the birthplace of
his father, at the top of the Alawites’ mountain
fastness, Bashar had to start immediately to learn how
to rule and to begin to become more popular with the
public. The
regime in Soon
after the death of his father in 2000, the young man who
liked to spend his time in cafés in earnest communion
with his laptop, the incongruously nerdy scion of an
iron-fisted tyrant, found himself president of the
country. He took the place of his deceased father,
grasping all the reins of government and heading the
security apparatus. He became the president and
commander in chief of the Army and was immediately
promoted to the rank of staff major general, head of all
security agencies, and chair and theorist of the ruling
Baath Party. He also became the head of the Supreme
Judicial Council. According to the powers set forth in
the Constitution, the president has the power to
dissolve the People’s Assembly and appoint the prime
minister and the ministers, as well as the ability to
sack them whenever he wants. In short, and overnight, he
became the absolute leader of everyone and of everything
in He was an
affable person and mild mannered, and the people liked
him. He wanted to bring progress to But soon
Bashar the Reformer bumped hard into the walls of the
adamantine structure built by his father. And equally
soon, he backed down on the promises he had given,
jilting all those who were growing fond of him. He
awakened to the reality of a system that commands the
ruler to run the country with an iron hand. In this
system there is no room for dialogue or debate, only
orders issued by the president. It was a system of
terror and submission that would falter and fall if
there was any slackness or relaxation by its head. And
if it did that, the Alawite minority would lose its
power, its privileges, its primacy, its decades-old
strut. He was trapped in a cul-de-sac of his father’s
making. Bashar
married a young woman, Asma al-Akhras, who was born and
educated in Bashar
was intoxicated by the way his subjects rushed and
gathered around him whenever he suddenly appeared in
restaurants, clubs, or old souks. I once saw a photo of
him surrounded by so many stalwart merchants of The slide
from grace started in Daraa, in south Here was
the defining moment for the president, the educated man
and doctor who everyone attested had a nice and friendly
character. What was he supposed to do at that moment,
other than go and meet the angry people and calm their
anger, and apologize to them for the physical abuse
inflicted on their children? But President Bashar knew
very well that he could not govern if he abased himself
in that way. His belief in the system built by his
father made it impossible for him to act in ways Hafez
would have despised. So he kept sending his forces to
crush the angry protesters, who were now in
demonstrations not only because their brothers and
relatives were imprisoned, tortured, and injured, but
also because other Syrians—their fellow
citizens—were being shot dead. They demonstrated
against the violence directed against them and for the
sake of those who were killed the day before. And since
others would be killed today, the people would
demonstrate the next day in protest for their killing. A
series of killings, then a series of protests, followed
by another series of killings and protests, and so it
went. All this was filmed and uploaded to YouTube, and
the protests became known throughout The harsh
military-security apparatus set up by his father, so
successfully tested in the troubles of the 1980s, was
the only option for Bashar. The young president was
completely immersed in his father’s experience. His
father’s legacy dominated the mentality of the son,
and he could not escape from it, or think outside it.
Every time Bashar the president confronted a new
development in the current crisis, he resorted not to
his own common sense but looked back for similarities to
what his father had experienced in the past and how he
had reacted. He became a brutal mimic man. Torturing
the schoolboys was the only response the security
apparatus knew. They had acted in this way many times,
when the father (and the son) sent the Army to besiege
cities and towns to have them completely destroyed by
artillery, tanks, and aerial bombing. Hafez had always
been successful with these methods of suppression, so
why should he, Bashar, not also be successful? The son
thought in this way, and it is the only way he could
allow himself to think. He is, after all, the good son
who follows his father’s posthumous instructions. But
it’s his calamitous luck that technology has evolved
dramatically, that it is now possible to send photos and
video clips of shootings for the world to see. There was
no YouTube in Like his
father, Bashar analyzes and identifies his opponents as
hardline Islamists in filial imitation. In the late
1970s and 1980s, Hafez faced armed groups of the Muslim
Brotherhood, and he rallied secular political forces,
because he was confronting what was considered a
fundamentalist movement. Today the protest movement in Islamist
slogans and flags were not raised in the first
demonstrations that demanded the fall of the regime.
Only the Syrian flag of independence was flown, and
flowers were held, and songs were chanted against both
the son and the father—which included, let it be said,
words not liked by the Islamists. We think of the masses
who gathered in the square in Bashar
continued to have dinner at nights with some of his
relatives and friends at one of his favorite restaurants
in Damascus, in spite of the fact that battles were
being fought throughout his country—sometimes within
earshot of their clinking glasses. You would see him
sitting in a far, quiet corner. While all those
accompanying him were chatting and laughing, Bashar
would sit silently, absorbed in his iPad. With the
arrival of fighting in His
sister left for http://www.thedailybeast.com/newsweek/2013/ 03/04/daddy-dearest-inside-the-mind-of-bashar-al-assad.html ----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |