وجهات
نظر الشباب: الإنسانية لا تتغير
مع الجغرافية
بنسي
عفيفي وجين سلوسارك*
القاهرة، أيوا
سيتي، أيوا – يشكل العالم
العربي والغرب وجهان لعملة
واحدة. ورغم أننا ننتمي إلى
جزأين مختلفين من الكرة
الأرضية، إلا أننا جزآن يشكلان
كلاً واحدا، فنحن نعيش في
العالم نفسه. من هذه الناحية،
ورغم أن لكل منا ثقافته
المميزة، إلا أننا يجب أن نتذكر
ونقوّي ثقافتنا العالمية.
تنشأ أكثر جذور
الثقافة العالمية أساسيّة من
حقيقة أننا كبشر نشعر بنفس
المشاعر الأساسية: الألم والحب
والغضب ... الخ. جميعنا نرنو لأن
نتجنب الألم وأن نحصل على أكبر
قدر ممكن من السعادة. وجود الخوف
هو الذي يجعلنا نتردد في إنشاء
علاقات أو الثقة بالشخص الآخر،
وخاصة شخصا نرى أنه يختلف عنا.
تفاهمنا المشترك حول كيف يؤثر
الموت أو الحياة أو الحرب أو
المأساة على إنسان ما، يجب أن
يشكل منبراً يمكننا من خلاله
رعاية الاحترام والصداقة. لا
يريد أحد أن يفقد إبناَ أو أماً
أو جداً، لذا يتوجب علينا
جميعاً أن نرى جنون العنف وعدم
الحاجة إليه.
كما أننا نفهم
الرابط الشخصي بين إنسان ما
ومنزله أو قريته، ويؤلمنا أن
نراه مدمراً. ولكن يمكن للثقافة
المشتركة للعالم أن تفقد وضوحها
نتيجة لخلع الإنسانية عن الآخر.
ليست الحرب ممكنة إلا إذا رأينا
العدو على أنه أقل إنسانية. يسمح
طرح السياسي وخطاب القادة الذين
يتدفقون حماسة لجماهير الشعب أن
تنسى أن لها نفس القلب الذي يخفق
في ضلوع الشخص الذي "نكرهه"
عبر الحدود. وإذا خلعت العوامل
الخارجية، فلن يبقى لديك سوى
الفرد الأساسي نفسه وبنفس
الاحتياجات الأساسية.
هناك كذلك قيم
وأخلاقيات وعادات محترمة
ومقدرة حول العالم، مثل دور
العائلة. قد يختلف شكل هذا
الدور، ولكن العلاقة بين أفراد
الأسرة مهمة في كافة المجتمعات
والثقافات. تشكل العائلة في
العالم العربي الماضي والحاضر
والمستقبل. وهناك إيمان في
العالم العربي بأن الأفراد لا
يحصلون على الثقافة والعلم في
المدرسة فقط وإنما في البيت
كذلك. نتيجة لهذا الاعتقاد تبذل
العائلات جهوداً حثيثة في تشكيل
شخصيات أولادهم. كذلك تشكل
روابط القربى مسؤوليات كبيرة.
يعتبر الفرد العربي أقل شخصية
كفرد في غياب الدعم والإرشاد
المستمرين من طرف أسرته أو
أسرتها.
وفي العالم الغربي
يلعب استقلال الفرد دوراً أوسع
في تطوير الروابط الأسرية. من
هذه الناحية، توفر الأسر
الغربية التعليم والإرشاد
والدعم ولكنها تعلم كذلك
الاستقلالية والمسؤولية للسماح
للأفراد بتشكيل حياتهم الخاصة
خارج الحدود الأسرية.
وتظهر أهمية الأسرة
بشكل ظاهر في كلتا الحالتين.
ورغم أن الطلبة العرب
والأميركيين يتجادلون أحياناً
حول مستوى الاستقلالية
والمسؤولية المتوقع من العائلة
في ثقافة كل منهما، من السهل
ملاحظة أننا رغم خلافاتنا ما
زلنا نتفق على أن الأسرة تلعب
دوراً هاماً في التعليم والدعم
والمساندة.
تُعرّف الدول
ثقافتها من خلال تاريخها. ولكن
قد يتساءل أحدهم "تاريخ ماذا؟"
معظم ما هو موجود في كتب التاريخ
المدرسية هو تاريخ السياسة
وتاريخ النزاع. لا أن لكل دولة
فترة يُنظَر إليها كفترة مظلمة
تم فيها ارتكاب أخطاء خطيرة، أو
إلى "الأيام الخوالي الجيدة"
حيث كان كل شيء سهلاً وحيث عاش
الناس بسعادة. كانت لكل فترة
حصتها من الإنتصارات والتجارب.
من الأهمية بمكان تذكر التاريخ
بأشكاله، ولكن من الأهمية بمكان
كذلك عدم الإغراق في أشكال
التاريخ هذه. يجب ألا تمنع ضغائن
الماضي شعبين من احترام بعضهما
بعضاً في الحاضر أو من العمل
معاً نحو هدف مشترك. نحن ننسى،
من خلال التركيز على الأحداث،
المشاعر الجماعية والنواحي
الإنسانية التي أدت إلى تسوية
النزاع في نهاية المطاف.
حتى يتسنى تحقيق
احترام وتفاهم حقيقيين على
مستوى عالمي، علينا أن نتفاعل
ونركز على مميزاتنا الإنسانية
المشتركة. جميعنا بشر، نتشارك
بالمشاعر والاحتياجات والقيم
نفسها. ما ننساه في معظم الوقت
هو أنه رغم عدم اتفاقنا فإننا لا
نستطيع فصل أنفسنا عن الوجه
الآخر للعملة، فنحن جميعاً
تتشارك في أمر ما. نستطيع أن
تتشارك، على أقل تقدير، بحاجتنا
الشديدة لفهم بعضنا بعضاً.
ــــــــــــــــــــــــ
*بنسي
عفيفي طالبة في الجامعة
الأميركية في القاهرة، وجين
سلوسارك طالبة بجامعة أيوا في
أيوا سيتي، وقد قامتا بكتابة
هذا المقال كجزء من برنامج
سوليا للتواصل بين العالمين
الإسلامي والغربي للحوار عبر
الثقافات.
مصدر
المقال: خدمة Common
Ground
الإخبارية، 25 أيلول/سبتمبر 2007
www.commongroundnews.org
تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
-----------------
نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|