ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حدث
فريد رائد في التضامن المسيحي
المسلم كلود
صالحاني* واشنطن العاصمة –
"يعتمد مستقبل العالم على
السلام بين المسلمين
والمسيحيين". جرى إرسال كتاب
مفتوح يحمل هذه الرسالة من قبل
138 من كبار قادة المسلمين إلى
رؤساء جميع الكنائس المسيحية،
بمن فيهم البابا بنديكت السادس
عشر، تتوجه إلى المسيحيين في
كافة أرجاء العالم عشية عيد
الفطر، وهو العيد الذي ينتهي به
شهر رمضان المبارك. ويمكن وصف هذه
الرسالة، التي تشكل غصن زيتون
بارز مرحَّب به موجه إلى كافة
المسيحيين، بأنها حدث تاريخي
حقيقي، يزيد من أهميتها وجود
أسماء لعدد من قادة الأخوان
المسلمين البارزين بين
الموقعين عليها. "يعتقد الجميع أن
هذا حدث تاريخي، كما يقول جون
أسبوزيتو، الأستاذ بجامعة
جورجتاون ومدير مركز التفاهم
بين المسيحيين والمسلمين. "...
إذا نظرت إلى تاريخ الإسلام
والعالم الإسلامي، تجد أن هذه
هي المرة الأولى التي تشهد
مبادرة اجتمع فيها المسلمون
معاً واتفقوا على ما يربطهم
بالمسيحيين"، كما يضيف
أسبوزيتو. هذه المبادرة من
قبل القادة المسلمين من كافة
أنحاء العالم لمد يد التواصل
نحو جميع المسيحيين هي أمر يحدث
للمرة الأولى، وفي الوقت
المناسب تماماً، حيث أن
العلاقات بين المجتمعين متوترة
بشكل خاص. وصلت التوترات حد
الغليان مع هجمات الحادي عشر من
أيلول/سبتمبر عام 2001 الإرهابية
على نيويورك وواشنطن العاصمة،
والتي قتل فيها ما يزيد على
ثلاثة آلاف شخص. هذه الهجمات
الإرهابية من قبل من يدعون أنهم
مسلمون تبعتها سلسلة من الأعمال
الإجرامية المماثلة على أهداف
غربية مثل لندن ومدريد وغيرها
من المدن. وقد صب الخلاف حول
الرسوم الكرتونية الهجومية على
النبي محمد (ص) في صحيفة
دنمركية، والتي نتجت عنها
تظاهرات وأعمال عنف صاخبة من
لندن إلى أسلام أباد، صب الوقود
على النار، وتبعتها تصريحات
تسببت بالضرر، كما ذكرت
الأنباء، صدرت عن البابا حول
الإسلام والعنف، بعد فترة وجيزة. بدا وكأن الشقة بين
الغرب والمسلمين تزداد اتساعاً. ولم تفعل عمليات
غزو العراق وأفغانستان، وهما
دولتان مسلمتان، بقيادة
الولايات المتحدة ومشاركة
تحالف من الدول الغربية بشكل
رئيسي، لم تفعل شيئاً للحد من
شدة التوتر. وقد ازداد الوضع
تفاقماً عندما تحدث الرئيس
الأميركي عن "حملة" في
بداية الحرب على العراق، تترجم
في العربية إلى "حملة صليبية"،
وهو ما يراه العديد من المسلمين
في غزو العراق واحتلاله. تشكل هذه الوثيقة،
التي برزت كما هو الحال من دوامة
التوتر بين الغرب والإسلام، "عرضاً
درامياً رائداً في التضامن
العالمي"، كما وُصِفَت
الرسالة في بيان صدر عن الزعماء
المسلمين. وقد أكد الأستاذ
أسبوزيتو، وهو خبير في مجال
الإسلام، على أن المسلمين
والمسيحيين يشتركون في نفس
مبادئ حب إله واحد، وحب الجار.
وقد أشار الأستاذ العالم من
جامعة جورجتاون إلى عدد من
نواحي التشابه بين القرآن
الكريم والإنجيل المقدس. رغم الفروقات
اللغوية بين العهد القديم
العبراني، وكلام السيد المسيح
الأصلي بلغته الآرامية واللغة
اليونانية التي انتشر فيها
العهد الجديد فعلياً، إلا أن
الكتب الثلاثة تحمل التعليمات
نفسها: أحبوا الله بشكل كامل
بقلوبكم وأرواحكم وكرسوا
أنفسكم له تعالى بشكل كامل.
ويحمل القرآن الكريم، الكتاب
المقدس عند المسلمين، الرسالة
ذاتها. "يهتم الجميع
بالنزاعات والصعوبات والنضالات
والحروب السياسية الاقتصادية"
كما قال سيد حسين نصر، أستاذ
الدراسات الإسلامية بجامعة
جورج واشنطن في مؤتمر صحفي في
واشنطن في ذكرى الحدث. الخلافات بين
المسيحيين والمسلمين، كما يقول
علماء الدين وخبراؤه، هي فروقات
في صلب العلوم الدينية وليس في
السياسة. "في غياب حل
ثيولوجي، وفي غياب شعور معين
بقبول الآخر ... تعتبر جميع
الحلول الأخرى نفعية وسوف
تتلاشى عاجلاً أو آجلاً" كما
يقول الأستاذ نصر. "بعد الحادي عشر
من أيلول/سبتمبر، برز سؤال شائع:
أين هي أصوات المسلمين
المعتدلين؟" كما يقول
اسبوزيتو. "تشكل هذه الوثيقة
التاريخية رسالة واضحة وضوح
الشمس من السلام والتسامح، من 138
من زعماء المسلمين من كافة
أنحاء العالم الإسلامي" كما
يقول أسبوزيتو. يؤمن الموقعون على
الرسالة أنه بما أن ما يزيد على
نصف سكان العالم من المسلمين
والمسيحيين، لا يمكن تحقيق سلام
عالمي ذي معنى إلا من خلال
السلام والعدالة بين هاتين
العقيدتين. يناشد الموقعون على
الوثيقة، الذين يضمون بعض أكثر
زعماء المسلمين ومفكريهم
تأثيراً، بالتسامح والتفاهم
والاعتدال. يكمن كون هذا التوجه
فريداً ليس فقط في حقيقة أن
المسلمين مدوا أيديهم مفتوحة
إلى المسيحيين وإنما من حيث أنه
يشكل "إنجازاً تاريخياً من
حيث الوحدة الإسلامية" حسب
رأي اسبوزيتو. تكمن أهمية هذه
الحالة في أن المبادرة تجمع
المسلمين من كافة أنحاء الطيف،
فتوحّد السُنة والشيعة
والأفراد الذين ينتمون إلى
مختلف مذاهب الفكر داخل هذين
المذهبين الإسلاميين. كانت الأكاديمية
الملكية الأردنية وهي معهد
إسلامي دولي غير حكومي مركزه
عمان، هي القوة المحركة وراء
هذه الرسالة، وأخرى سابقة
وجهتها مجموعة صغيرة مكونة من 38
من علماء الدين قبل سنة إلى
البابا. حتى يتسنى لها
النجاح، تحتاج هذه المبادرة إلى
دعم الجماهير، إضافة إلى قيام 138
من علماء المسلمين المعروفين
بالتوقيع على هذه الوثيقة
التاريخية. فهي دونما شك، تشكل
خطوة مشجعة، رغم قول أحد
المشككين إنه رغم أسماء
الموقعين البارزة، إلا أنهم
مجرد 138 اسماً من 1،6 مليار مسلم. تعتبر المهمة التي
تواجه القادة المسلمين في
التيار الرئيس، باستعادة
الاهتمام الإسلامي والغربي
بعيداً عن الأقلية المتطرفة،
تعتبر ضخمة بالتأكيد تماماً
كالفرق بين 138 و 1،6 مليار. ولكن
كما يقول المثل المعروف، يستطيع
الإيمان أن يحرك الجبال. ــــــــــــــــــــ *كلود
صالحاني هو محرر الميدل إيست
تايمز. مصدر
المقال: خدمة Common
Ground
الإخبارية، 23 تشرين الأول/أكتوبر
2007 تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |