ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إندونيسيا:
هل العلمانية أحد الخيارات؟ علي
نور زمان جاكرتا – قام
الأستاذ عبد اللاهي أحمد النعيم
وهو مفكر سوداني مسلم يدرّس
الآن في كلية الحقوق بجامعة
ايموري في الولايات المتحدة،
قام بحملة أثناء زيارة استمرت
شهراً واحداً لإندونيسيا بين
تموز/يوليو وآب/أغسطس، دعا فيها
الدول الإلامية إلى تبني نظام
علماني في الحكم. لا ترتكز
الدولة في هذا النظام على
تعاليم دينية محددة تحتكر
تفسيراتها السلطة، حسب رأيه.
كذلك لا تتدخل السلطة في
المعتقدات والممارسات الدينية
لمواطنيها، باستثناء محتمل
بالتبرع بالمعونة للمؤسسات
الدينية. ويختلف الأستاذ
النعيم مع جهود تلك المنظمات
السياسية والاجتماعية التي
تتقدم المطالبين بإدخال
الشريعة، وهي نظام سياسي يعتمد
على المبادئ السياسية. وهو يؤمن
أن الشريعة تعتمد على تفسيرات
دينية ذات إطار زمني قام بها
علماء في أزمنه سابقة. هذه
التفسيرات التي عفا عليها الزمن
لها عيوب ومواطن ضعف عديدة،
كإبعاد النساء وغير المسلمين
إلى دور المواطن من الدرجة
الثانية في المجتمع. بالطبع، ليس الحوار
حول الدول العلمانية مقابل
الدولة الإسلامية في العالم
الإسلامي أمراً جديداً، بل إنه
مستفحل منذ إلغاء الخلافة
العثمانية عام 1924. وفي مصر أثار
المفكر الإسلامي علي عبد الرازق
جدلاً وخلافاً بكتابه "الإسلام
وأصول الحكم"، الذي ذكر فيه
أن الرسالة الرئيسية للنبي محمد
(ص) تتعلق بالأمور الدينية،
بينما تحال الأمور الدنيوية إلى
"الأمة". وقد رفض توحيد
الشؤون الدينية والإدارية تحت
سيطرة خليفة يعمل كخلف للنبي (ص). من الأرجح أن الأمر
لم يكن مجرد مصادفة أن اختار
النعيم إلقاء هذه الكلمة في
إندونيسيا، وهي دولة ذات ماضٍ
طويل من الوطنية العلمانية، ما
زالت تكافح مع نداءات تطالب
بتطبيق دولة تحكمها القوانين
الدينية. كان سوكارنو (1901 –
1970)، أول رئيس لجمهورية
إندونيسيا ووطني علماني، أول
زعيم إندونيسي مسلم أطلق جدلاً
وطرحاً حول فصل الدين عن
السياسة، رافضاً الإسلام
كأيديولوجية سياسية ومفضلاً
الديمقراطية العلمانية كأساس
لحكم الدولة. بالنسبة له، لن
يهمّش الإسلام في دولة عثمانية،
وإنما سيعمل كقوة عقلانية
للمجتمع المسلم. رداً على ذلك، كان
محمد نتصير (1908 – 1993) وهو مفكر
إندونيسي معروف بتوجهاته
الإسلامية، كان يؤمن بأن
الإسلام والدولة مرتبطان برابط
لا يمكن فصله، بحيث يعتبر الأول
(الإسلام) أيديولوجية الثاني (الدولة).
من حيث الممارسة، يجب أن تدير
السلطة المسلمة الدولة لأنها،
أي السلطة، هي الوسط الذي من
خلاله تطبق الأوامر والتعليمات
الإسلامية، كتلك التي تنظم
الزكاة والزواج الديني وتحريم
الكحول والزنا. وبينما عززت إدارة
"النظام الجديد" لسوهارتو
التحديث (1967 – 1998)، اعتقد
المجتمع المسلم أن لها أجندة
مخفية للحد من دور الإسلام في
الحياة الاجتماعية السياسية.
وحتى يتسنى الخروج من هذا
المأزق حقق المفكر الشاب
نورشوليش مجيد (1939 – 2005)
اختراقاً باقتراحه فكرة أنه
بالإمكان تحقيق القيم
الإسلامية من خلال التنمية
الروحية والثقافية. لن يؤدي
تصنيف الإسلام على أنه عقيدة
سياسية إلا إلى حصر الدين في
نزاعات المصالح السياسية. وحسب
قوله: نعم للإسلام، لا للأحزاب
السياسية الإسلامية. لقد حافظت
إندونيسيا في عهد ما بعد
سوهارتو على البانكاسيلا، وهي
عقيدة سياسية تنطوي على الإيمان
بإله واحد وبالإنسانية ووحدة
إندونيسيا والديمقراطية
والعدالة الاجتماعية. إلا أن
المطالب بتطبيق الشريعة تبقى
مسموعة حيث تسعى العديد من
المنظمات الاجتماعية المسلمة
إلى تكامل أوجه الشريعة من خلال
إخفائها داخل تعديل المادة 29 من
دستور عام 1945، التي تنص على وجوب
ممارسة المجتمع المسلم ديانته
بشكل كامل ومن خلال أنظمة محلية. في عام 2002 أظهر
استطلاع أجراه مركز بحوث
الإسلام والمجتمع في جامعة
ولاية سياريف هداية الله أن
المجتمع الإندونيسي المسلم
أظهر كذلك اهتماماً متنامياً
بدولة إسلامية. في هذه الدراسة،
أيد 71% على سبيل المثال تطبيق
الشريعة في إندونيسيا. إلا أنه
من المفيد ملاحظة أن 33% فقط
وافقوا على قطع يد السارق كعقاب
على السرقة، وهو أمر قد يناقش
البعض أنه مثال جوهري لكيفية
عمل الشريعة. وتشير هذه النتائج
إلى أنه أن غالبية المستطلعين
مع ذلك يتباعدون في فهمهم
لمنظور الشريعة. إضافة إلى ذلك تشير
نتائج الانتخابات الديمقراطية
لعامي 1999 و 2004 إلى أن غالبية
الإندونيسيين ما زالوا موالين
للأحزاب الوطنية العلمانية مثل
حزب غولكار المعروف بحزب
المجموعات العاملة والحزب
الديمقراطي الإندونيسي للكفاح،
بدلاً من الأحزاب ذات القاعدة
الإسلامية مثل حزب التنمية
الموحَّد وحزب العدالة
والازدهار. كذلك أظهر استطلاع
وطني أجراه معهد الاستطلاع
الإندونيسي في أوائل تشرين
الأول/أكتوبر دعماً متناقصاً
للمنظمات الإسلامية المتطرفة
مثل الجماعة الإسلامية وجبهة
المدافعين عن الإسلام وحزب
التحرير الإندونيسي ومجلس
الشهداء الإندونيسيين، يعود
إلى عدد من الأسباب، بما فيها
الافتقار إلى الموارد المالية
وعدم القدرة على ترجمة القيم
الإسلامية إلى حركات اجتماعية
سياسية. إذا دلت هذه
النتائج الاستطلاعية على شيء
فهي إنما تدل على أنه من غير
المحتمل أن تصبح إندونيسيا دولة
إسلامية في أي وقت من المستقبل
القريب. ــــــــــــــــــــــــ *علي
نور زمان كاتب في مجال الشؤون
الاجتماعية الدينية. مصدر
المقال: خدمة Common
Ground
الإخبارية، 23 تشرين الأول/أكتوبر
2007 تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |