تمهيد الطريق لصفقة في الشرق الأوسط

دنيس روس

واشنطن – تتواجد كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية في الشرق الأوسط في رحلة صممت للمساعدة على الإعداد لاجتماع تنوي عقده مع الإسرائيليين والفلسطينيين والدول العربية في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر. لديها عمل كثير تقوم به والكثير من الوقت لإتمام ذلك، خاصة إذا أخذنا أهدافها بعين الاعتبار.

تأمل رايس أن يوافق اللقاء على اتفاق خطي بين الإسرائيليين والفلسطينيين على المبادئ الجوهرية لتسوية نزاعهم. ورغم أن أطر الرئيس كلنتون في كانون الأول/ديسمبر 2000 وضعت الخطوط العريضة للتبادلات الجوهرية حول القدس واللاجئين والحدود والقضايا الأمنية، الأمر الذي يزيل الغموض عما قد يكون ضرورياً أو مطلوباً. وتبقى القدرة على عبور عتبات تاريخية كهذه وتحقيق تسويات تاريخية مهمة مثبطة للهمّة. وقد برز ذلك بشكل خاص طالما لم تكن هناك عملية سلام حقيقية جادة خلال السنوات الست الماضية وعندما كان الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي ساخرين بشكل مميز حول بعضهما البعض.

عند سؤالهم في استطلاع أُجرى مؤخراً حول لقاء تشرين الأول/نوفمبر، توقع 57% من الفلسطينيين فشلها بينما اعتقد 24% منهم فقط بنجاحها. ليست هذه حالة من التوقعات المحدودة، فهي بدلاً من ذلك تعكس عدم الإيمان باحتمالية أي اتفاق له معنى. يجب أن يقرع ذلك جرس إنذار لرايس إذ يشير إلى أن أي اتفاق يبدو مجرداً بشكل زائد وينطوي على التزامات مبهمة سوف ينتج عنه على الأرجح رداً ساخراً.

قد يكون هذا هو سبب إعلان المفاوض الفلسطيني أحمد قريع الأسبوع الماضي أنه يجب عدم عقد الاجتماع ما لم تكن الأطراف تعرف بنتيجة بشكل حقيقي. لسوء الحظ يبدو ذلك الآن احتمالاً بعيداً لأنه لا يوجد سوى اتفاق ثابت ضئيل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حتى رغم وجود مفاوضات جادة بينهم للمرة الأولى منذ ما يربو على ست سنوات.

يتوجب على وزيرة الخارجية أن تستخدم رحلتها لتحقيق أمور عديدة:

* أولاً: دراسة طبيعة الفجوات الخلافية بين الطرفين حول القضايا الرئيسة، سوف تكتشف الوزيرة أن الإسرائيليين يسعون للحصول على تأكيدات فلسطينية محددة حول استعدادهم للتنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل وحول التزامات بخصوص الأمن. كما يريد الفلسطينيون تأكيدات إسرائيلية محددة حول الحدود والقدس. تريد كل من الطرفين تفاصيل عما يهمهما وغموضاً حول ما يتوجب على كل منهما التنازل عنه.

* ثانياً: يتوجب على رايس أن تبحث عن أهداف وخيارات محتملة. قد يكون بفكرها هدف أكثر محدودية لاختراق مبدئي يربط التنازلات الإسرائيلية حول الحدود – بمعنى حدود عام 1967 مع تعديلات على جانبيها – مع تنازلات من طرف الفلسطينيين حول قضية اللاجئين. يبدو الأمر جيداً من حيث النظرية، إلا أن معادلة كهذه غير كافية على ما يبدو لأي من الطرفين. هل سيتنازل الفلسطينيون حقاً عن حق العودة للاجئين دون الحصول على حزمة واسعة من التنازلات الإسرائيلية حول الحدود إضافة إلى القدس؟ هل تتنازل إسرائيل حقاً عن الحدود مقابل أمر مبهم حول اللاجئين ولا شيء ذا أهمية حول الأمن؟ في غياب ذلك، ستكون هناك تقارير إعلامية مضخمة حول اختراق مبدئي، ولكن الطرفين سوف يناقضان بعضهما بعضاً حول ما تنازلا عنه حقاً. لا يمكن أن تكون هذه هي النتيجة.

* ثالثاً: يتوجب على الوزيرة تخفيض توقعاتها حول الاجتماع وأن تفعل المزيد للإعداد له. سوف تؤدي التوقعات المرتفعة التي لا يمكن تحقيقها إلى نكسة في عملية صنع السلام وتعطي مصداقية لمنطق حماس بأن الدبلوماسية عديمة الفائدة. إحدى الطرق التي تستطيع رايس من خلالها تخفيض التوقعات دون أن تبدو وكأنها تتراجع عن التزاماتها هي القول بأن هناك مفاوضات جادة جارية، وبأن توقيت الاجتماع (أو الاجتماعات) سوف يُقرره موقف الأطراف من المفاوضات وليس عبر موعد عشوائي.

تتعلق الحنكة السياسية بتحديد أهداف ذات معنى والأساليب التي يمكننا نحن وغيرنا استخدامها لتحقيق هذه الأهداف. ما زالت رايس بحاجة لأن تقرر ما هي الأهداف الصحيحة وليس فقط أن تجد أساليب تحقيقها، وإنما كذلك العمل مع آخرين حتى ينظر إلى إنجازهم على أنه ذو معنى.

ــــــــــــــــــــــــــ

*دنيس روس مستشار في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وقد كان مبعوثاً للولايات المتحدة إلى المنطقة إبان إدارة الرئيسين بيل كلنتون وبوش الأب. له كتاب جديد عنوانه: الحنكة السياسية: كيف يمكن إعادة موقع أمريكا في العالم.

تقوم خدمة Common Ground الإخبارية بتوزيع هذh المقال الذي يمكن الحصول عليه من الموقع www.commongroundnews.org

مصدر المقال: معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى Washington Institute for Near East Policy، 17 تشرين الأول/أكتوبر 2007

www.washingtoninstitute.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ