ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
دروس
من كامب ديفيد موشيه
أميراف* بيت بيرل، إسرائيل
– يقترح الرئيس الأميركي جورج
دبليو بوش الشهر القادم استضافة
مؤتمر دولي في أنابوليس قرب
واشنطن آملاً في دفع حل
الدولتين بين إسرائيل
والفلسطينيين. وتبرز حالات
الفشل التي منيت بها المحاولات
السابقة، في مدريد عام 1991
وأوسلو عام 1993 وكامب ديفيد عام
2000، الصعوبات المتوقعة. ما الذي
تعلمناه من هذا الفشل من أمور
تشير إلى أن الأخطاء نفسها في
الحكم سوف تتكرر؟ لم يعد النزاع مجرد
خلاف على الأراضي والحدود، فقد
أعلنت إسرائيل في مفاوضات سرية
مع سوريا في تسعينات القرن
الماضي عن استعدادها لإعادة
مرتفعات الجولان. وفي كامب
ديفيد عام 2000 وافقت إسرائيل على
إنشاء دولة فلسطينية وكانت
مستعدة لإعادة 92% من الضفة
الغربية وقطاع غزة المحتلين إلى
الفلسطينيين. إلا أنه لم يتم
التوصل إلى اتفاقية سلام. إذا لم
تكن الحدود والأراضي وقبول
الدولة الفلسطينية هي المشاكل
الرئيسية فما الذي ما زال يفرق
بين الإسرائيليين والعرب إذن؟ على المستوى
النفسي، يشكل الأمن والاعتراف
المتطلبان الرئيسيان بالنسبة
للإسرائيليين. أما المتطلبات
الرئيسة بالنسبة للفلسطينيين
والسوريين فتبقى العدالة
والمساواة. وتؤكد الأدبيات
الأكاديمية التي تتعامل مع حل
النزاع أن المبادئ المبسطة
للعدالة والمساواة والأمن لا
تعرِّف بشكل كافٍ المصالح
الملموسة وإنما هي شخصية بشكل
كامل. فقضية مثل الأمن يصعب
تحديدها. هل يمكن للتنازلات
الحدودية أن تعد بالأمن؟ لقد
كان واضحاً لي في كامب ديفيد أن
الفلسطينيين كانوا مهتمين أكثر
بأفكار محيرة مثل العدالة
والمساواة أكثر من اهتمامهم
بمصالح يمكن تحديدها. لقد تم
التوصل إلى اتفاق حول كافة
القضايا الثابتة، بما فيها
الحدود والمستوطنات، بل وحتى
على قضايا شائكة مثل القدس.
العائقان الأساسيان، وهما قضية
اللاجئين والوضع السياسي لتلة
الهيكل كانت أكثر رمزية مما هي
راسخة أساسية. لقد تمكن المفاوضون
الفلسطينيون والإسرائيليون
اليوم من تطوير بصيرة معمقة
جديدة. إدراك إسرائيل الهام هو
أن التنازل عن المناطق لا يضمن
الأمن وأن الأمن لا يمكن أن يكون
مجرداً. كما توصل الفلسطينيون
إلى نتائج واقعية مماثلة فيما
يتعلق بمنظورهم المثالي
للعدالة. صحا الفلسطينيون، بشكل
موازٍ لفكرة إسرائيل الكبرى، من
أي حلم سابق بفلسطين الكبرى.
بالمثل، ومع فكرة تحقيق العدالة
فيما يتعلق بقضية اللاجئين كما
تحدد بالشعار المبسط "حق
العودة"، يقبل معظم
الفلسطينيين اليوم أنهم لن
يتمكنوا من العودة إلى ديارهم
في إسرائيل. وهذه خطوات لها
أهميتها على الطريق الطويل نحو
السلام. ما الذي حصل في كامب
ديفيد؟ أنا أرفض نظرية بيل
كلنتون، الرئيس السابق
للولايات المتحدة، وإيهود
باراك الذي كان يومها رئيساً
لوزراء إسرائيل، أن مسؤولية
الفشل تقع جميعها على عاتق
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر
عرفات. أود أن أحلل النقاط
الشائكة الرئيسة بكل موضوعية
ممكنة دون توجيه أصابع الاتهام.
بهذا الأسلوب وحده نستطيع تجنب
أخطاء مماثلة في مؤتمر السلام
المقبل. هناك أربعة دروس.
الأول أنه يجب أن نكون على وعي
أكبر بحقول الألغام المحددة
التي سوف يطأها المتفاوضون.
الأسئلة الوحيدة التي لم يجرِ
الإعداد لها مسبقاً قبل كامب
ديفيد كانت تلك المتعلقة بتلة
الهيكل ومشكلة اللاجئين، فقد
كانت تلك القضايا ساخنة لدرجة
أنه اعتبر من غير الموصى به
الخوض بها إلى حين حل جميع
المشاكل الأخرى. ولكنهم قفزوا
إلى مقدمة الصف. القضايا الأخرى
كالحدود والأراضي والمستوطنات
بل وحتى القدس، حلت جميعها
تقريباً. ونسمع اليوم أن الرئيس
جورج بوش وإيهود أولمرت، رئيس
الوزراء الحالي اتفقا أن تلة
الهيكل وقضية اللاجئين لن تكونا
حتى على طاولة المفاوضات في
تشرين الثاني/نوفمبر. ولكن في
غياب إعداد توجهات ابتكارية
حيال هذه المواضيع فأنا أعتقد
أن القمة ستفشل كذلك. ويبرز الدرس الثاني
الحاجة لقرارات جديدة من الأمم
المتحدة حول القدس واللاجئين
تأخذ بالاعتبار الحقائق
الجديدة. من المفترض أن يتم
تدويل المواقع المقدسة إضافة
إلى القدس نفسها، حسب القرار
رقم 181، الذي صدر عام 1947 وما زال
يعتبر ملزماً. ويذكر القرار رقم
194 الذي صدر عام 1949 عن حق
اللاجئين الفلسطينيين في
العودة إلى ديارهم في إسرائيل.
ولكن حتى جامعة الدول العربية
قامت بتعديل ذلك عام 2002 بقرار
جديد يقترح "حلاً عادلاً يجب
قبوله من قبل إسرائيل". ثالثاً، من الواضح
أن إسرائيل وفلسطين غير قادرتين
وحدهما على تحقيق السلام. ولكن
لا يمكن بعد الآن اعتبار
الولايات المتحدة وسيطاً
صادقاً. يجب أن يكون محكماً
مناسباً قادراً ليس فقط على
مكافأة الطرفين لأية تنازلات
وإنما لجمع رؤوسهما معاً. لا
تملك الولايات المتحدة أية
أدوات تضغط من خلالها على أي من
الطرفين. من الواضح أنه يتوجب
على طرف رابع أن يضغط ويستخدم
تأثيره، وبرأيي أن أي ضغط على
الطرف الفلسطيني لا يمكن أن
يأتي إلا من طرف الجامعة
العربية. رابعاً لا نستطيع
فصل النزاع الإسرائيلي
الفلسطيني عن النزاع العربي
الإسرائيلي ككل. لسنوات طويلة
أخبرونا أن حلا للنزاع الأول
سوف يأتي بالسلام مع العالم
العربي. يجب أن يكون الأمر
معكوساً: يتوجب على إسرائيل أن
تحقق السلام أولاً مع العالم
العربي. السلام مع سوريا، رغم
الأحداث الأخيرة، أسهل تحقيقاً
من بعض النواحي. لدى إسرائيل
مطلبان اثنان فقط لقاء إعادة
الجولان: أولها أن تكون لها
سيطرة كاملة على بحيرة طبريا
بحيث تكون الحدود الجديدة
المتفق عليها على بعد خمسين
متراً من خط الماء، والثاني
السماح بمحطات مراقبة في
الجولان المنزوعة السلاح. برأيي
أن السلام مع سوريا أهم وأكثر
إلحاحاً حتى من السلام مع
الفلسطينيين. إنهاء النزاع بين
إسرائيل والدول العربية سيجعل
من السهولة بمكان إيجاد حلول
للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ـــــــــــــــــــــــ *شارك
الكاتب وهو أستاذ ورئيس لدراسات
السياسة في كلية بيت بيرل
بإسرائيل، لمدة 30 سنة في
دبلوماسية وراء الكواليس مع
قادة عرب، وكان مستشاراً لإيهود
باراك في محادثات طابا وكامب
ديفيد في 2000 و 2001. تقوم
خدمةCommon
Ground
الإخبارية بتوزيع هذا المقال
الذي يمكن الحصول عليه من
الموقع www.commongroundnews.org
. مصدر
المقال: الفاينانشال تايمز The
Financial Times،
18
تشرين الأول/أكتوبر 2007 تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |