ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
السادات
وأنابوليس منى
الطحاوي* نيويورك
– هل هناك قانون يحدد إلى أي مدى
نستطيع القول "لقد أخبرتك
بذلك؟" وهل يستطيع الموتى
قولها؟ أستطيع
تصور الرئيس المصري الراحل أنور
السادات يهمس هذه الكلمات ذاتها
في آذان العرب والإسرائيليين
المدعوين إلى أنابوليس في نهاية
هذا الشهر من قبل الإدارة
الأميركية لحضور جولة أخرى من
محادثات السلام. ينعقد
اجتماع أنابوليس، عن دون قصد،
بعد ثلاثين سنة بالضبط من
الصدمة التي تسبب بها السادات
لدى شعبه والإسرائيليين على حد
سواء عندما صعد سلم الطائرة يوم
19 تشرين الثاني/نوفمبر 1977
متوجهاً إلى إسرائيل. هناك،
أخبر السادات برلمان إسرائيل،
أوالكنيست بأنه يريد السلام.
كانت الدولتان حتى يومها قد
خاضتا أربع حروب. كانت
تلك طبيعة السادات في نزعتها
الدرامية. بعد توليه السلطة عام
1970، قام السادات بعكس تحالفات
مصر، ملغياً ارتباطات سابقه
الرئيس جمال عبد الناصر الوثيقة
مع الاتحاد السوفييتي لصالح
الولايات المتحدة. كان الأمر
عادياً بالنسبة لدكتاتور عربي
في سيطرته الأحادية. لم تَجرِ
بالتأكيد استشارة الشعب المصري.
ولكن
زيارة السادات إلى إسرائيل كانت
شجاعة وذات بصيرة، وهي صفات
افتقر إليها وبشكل متزايد قادة
العرب وإسرائيل خلال السنوات
الثلاثين الماضية. أنظر إلى
القادة الذين سيجتمعون في
أنابوليس: إيهود أولمرت، أضعف
رئيس وزراء إسرائيلي منذ عقود،
والرئيس محمود عباس الذي لا
سيطرة له إلا على الضفة الغربية
بعد أن فقد قطاع غزة لحماس،
وجورج دبليو بوش في آخر مراحل
رئاسته التي لا تتمتع بأية
شعبية وأكثر رؤساء أمريكا
افتقاراً لإعجاب شعبه منذ أجيال
عديدة. وَصَم
العرب السادات بالخائن بسبب تلك
الزيارة التي قام بها لإسرائيل
عام 1977، وقاموا بمقاطعة مصر
عندما وقّع السادات أول اتفاقية
سلام بين دولة عربية والدولة
العبرية عام 1979. والآن، قامت
العديد من الدول العربية التي
أدانت السادات يومها إما بتوقيع
معاهدات سلام خاصة بها مع
إسرائيل، كالأردن، أو لا زالوا
يحاولون ذلك، كما هو الحال مع
سوريا والمملكة العربية
السعودية. وماذا
عن الفلسطينيين؟ قام زعيمهم
الراحل ياسر عرفات بتوقيع صفقة
سلام مؤقتة مع إسرائيل عام 1993،
إلا أن القتال الذي دار بين
الفصائل المتناحرة عشية ذكرى
وفاته مؤخراً ذكّرت
الفلسطينيين بشكل محزن بحاجتهم
إلى محادثات سلام خاصة بهم. كان
انتقاد الفلسطينيين خلال معظم
الثلاثين سنة الفائتة أمراً غير
لائق سياسياً. يستمر حلم فلسطين
باستهلاك جزء كبير من أوكسجين
المنطقة السياسي، إلا أن العالم
العربي قد فشل في عدم إبلاغ
الفلسطينيين أنهم يعانون بنفس
القدر من قيادة سيئة جداً مثلما
يعانون من الاحتلال الإسرائيلي.
والآن هناك تلك الحرب الأهلية
التي تدعو إلى الدهشة والتي
بدأت هذا الصيف، سيطرت فيها
حركة حماس الإسلامية على قطاع
غزة، وتركت عباس وحركة فتح
العلمانية التابعة له يتمسكون
بالضفة الغربية. لا شك
أن استمرار احتلال إسرائيل
للأراضي الفلسطينية وتوسيع
المستعمرات يحدان من فرص السلام.
ولكن ما الذي يمكنه تفسير
القتال بين الفلسطينيين والذي
يودي بحياة المدنيين أكثر من
حياة محاربي فتح وحماس، والذي
شهد أثناء الصيف الفصائل
المتناحرة تلقي الرجال (المتهمين
بالانتماء إلى الفصائل
المعادية) من أسطح المباني؟ اتهم
أعداء أنور السادات المحليين
والإقليميين السادات بنشر
الفوضى في أرجاء الوحدة العربية
وتمزيق أوصالها، وبالتالي
إضعاف الموقف العربي في مواجهة
إسرائيل. ولكن هذه الأطراف
نفسها سكتت فيما يتعلق بمعاملة
هذه الوحدة العربية السيئة
للفلسطينيين. أنظر إلى الوضع
المزري للاجئين الفلسطينيين في
مخيمات لبنان، حيث ليس لهم سوى
القليل من الحقوق ولا يمكنهم
حتى مغادرة مخيماتهم للعمل. تشير
هذه المشاكل إلى العديد من
التعقيدات، من الجانب العربي
فقط، والتي سيؤتى بها إلى
أنابوليس هذا الشهر، وهي
بالمناسبة في ولاية ميريلاند
حيث يوجد كامب ديفيد، حيث استحق
أنور السادات ومناحم بيغن
الإسرائيلي جائزة نوبل للسلام
لإجرائهم محادثات السلام
الإسرائيلية المصرية بضغط من
الرئيس جيمي كارتر. كان نجاح
ميريلاند هذا نتيجة لمغامرة
الرئيس السادات بذهابه إلى
إسرائيل وخطابه في الكنيست. كانت
تلك الزيارة إلى إسرائيل قبل
ثلاثين سنة أكبر مقامرة في
تاريخ السادات والحكم عليه
بالموت. كانت عروضه للسلام مع
الدولة اليهودية على قائمة
الشكاوى التي حملها الجنود
المسلمون المتطرفون الذين
اغتالوه عام 1981. أما
الرئيس حسني مبارك، الذي تولى
السلطة في مصر منذ اغتيال
السادات فقد نجح بالملاطفة
لإعادة بلاده إلى حظيرة الدول
العربية بينما أبقى معاهدة
السلام مع إسرائيل، رغم أن ذلك
تم على أقل مستويات العلاقات.
صرح مبارك بأنه لا يعارض السفر
إلى إسرائيل من حيث المبدأ
ولكنه لا يرغب بالذهاب ما لم يكن
متأكداً أن زيارته ستدفع عملية
السعي إلى السلام قدماً. ولكن
مصر فقدت تحت وصايته الكثير من
مركزها في عملية السعي وراء
السلام. كانت مصر ولسنوات عديدة
ملاذاً في نزاعات الشرق الأوسط
لأنها كانت الدولة الوحيدة التي
تخاطب كلاً من إسرائيل والعرب.
ولكن مع صمت مبارك في معظم
الحالات، استولت المملكة
العربية السعودية على شيء من
المبادرة التي اتخذها السادات،
واستضافت مؤخراً الفصائل
الفلسطينية المتناحرة وقامت
بصياغة مبادرة السلام العربية
المتعلقة بإسرائيل. لقد تم
إعداد العديد من الأفكار الجيدة
ولكن ما زالت هناك حاجة
للقيادات. ليس من الصعب جداً
تصور روح السادات تقول: "لقد
أخبرتكم بذلك". أنصتوا جيداً
وقد تسمعونه يسألكم من منكم
سيتبع خطواته. ------------------------------- *منى
الطحاوي صحفية ومعلقة مركزها
نيويورك، فازت بجوائز عديدة في
مجالها، وهي كذلك محاضرة دولية
حول قضايا العرب والمسلمين. يمكن
الحصول على هذا المقال من
الموقع www.commongroundnews.org،
كما يمكن الحصول على إذن بإعادة
النشر عن طريق الاتصال بالموقع info@agenceglobal.com مصدر
المقال: أجنس غلوبال Agence
Global،
19
تشرين الثاني/نوفمبر 2007 Agenceglobal.com تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |