ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 17/12/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


اختراق اقتصادي مرتبط بآخر سياسي

محمد السمهوري*

بوسطن – يشكل الاقتصاد الفلسطيني أزمة ما فتئت تتعمق منذ انطلاق الانتفاضة الثانية عام 2000، وهي أزمة متأصلة ومستدامة نتيجة لوضع سياسي لا يبشر بالنجاح. سجلّ التردي الاقتصادي مرعب: انخفض الناتج والدخل الفردي بشكل كبير، وتضخمت معدلات الفقر والبطالة بشكل واسع، وهبط الاستثمار الشخصي، وقامت السلطة الفلسطينية بزيادة عجز مالي متنامٍ ومتكرر يستهلك، إضافة إلى أحوال إنسانية متردية، المزيد من المعونة الخارجية الواردة، الأمر الذي لا يترك سوى القليل من الاستثمار العام.

 

بعد نصر حماس الانتخابي في كانون الثاني/يناير 2007 أضاف خليط من الضغط المالي الغربي والإسرائيلي والقيود المتزايدة على الحركة الفلسطينية إلى الكارثة الاقتصادية الفلسطينية. نتيجة لذلك، وحسب تقرير للبنك الدولي قامت الأعمال التجارية "بإغلاق أبوابها وهربت كميات كبيرة من رأس المال البشري والمادي، واستبقي معظم رأس المحلي في الخارج أو جرى استثماره في العقارات أو في النشاطات التجارية قصيرة الأمد". ففي عام 2006 وحده، وحسب التقرير نفسه انخفضت الاستثمارات السياسية الخاصة بما يزيد على 15 بالمائة، وكانت الأعمال التجارية تعمل بأقل من نصف طاقتها".

 

وتعاني غزة من أحوال اقتصادية أكثر سوءاً. فبعد خمسة شهور من استيلاء حماس على السلطة أصبح القطاع الساحلي، المحمّل أصلاً بمعدلات مرتفعة من الفقر والبطالة، مغلقا فعلياً عن بقية العالم. فاقتصاده الذي يمثل ثلث الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، ممزق، ويعتمد غالبية الغزيين على المعونات الأجنبية من أجل بقائهم.

 

الصورة في الضفة الغربية المحلية قاتمة كذلك. فالوجود المكثف للمستوطنات الإسرائيلية وإنشاء جدار الفصل ومئات الحواجز ونقاط التفتيش (التي وصل عددها إلى 561 في تشرين الأول/أكتوبر 2007) أدت إلى تفتيت خطير للمساحة الأرضية والاقتصاية للضفة الغربية وقسّمت المنطقة إلى مناطق فلسطينية معزولة وجعلت من العمليات التجارية العادية أمراً غاية في الصعوبة. هذه المعوقات لحركة التنقل الفلسطينية التي تفرضها إسرائيل لدواعٍ أمنية حسب ادعائها، مستمرة في كونها العامل الهام الوحيد وراء الانهيار المستمر للاقتصاد الفلسطيني.

 

لقد قوض التداعي الاقتصادي القاعدة السياسية للسلطة الفلسطينية وأدى إلى انعدام الأمن والقانون بشكل واسع. واليوم، من المحتمل جداً أن يقوم عجز مالي متكرر ومتهاوٍ يقدره صندوق النقد الدولي بمليار ونصف المليار دولار (34% من الناتج المحلي الإجمالي) مع نهاية السنة، باتمام الدائرة وتهديد وجود السلطة الفسطينية. بعد أن تم استنفاد إمكانيات المصادر المحلية للتمويل إلى أقصى حدودها، وتراكم مستحقات متأخرة بلغت أكثر من مليار دولار، تواجه السلطة الفلسطينية مشكلة مالية خطيرة. أية تعديلات مالية ضمن الأوضاع الحالية السائدة سوف تكون مكلفة جداً سياسياً على الأرجح.

 

تطرح جميع هذه الأمور تساؤلاً حول ما الذي نستطيع عمله وما إذا كان توجه "الإصلاح يأتي بعد الأمن وبعده المعونة" للمشكلة الاقتصادية الفلطسينية يمكنه فعلياً أن يعكس الانحدار المتسارع إلى الهاوية. يمكن للماضي القريب في هذه الحالة أن يوفر دروساً مفيدة. فكما أظهرت تجربة 2003 – 2003 بوضوح لا يمكن إدامة لا التعافي الاقتصادي ولا الإصلاح السياسي في غياب بيئة سياسية داعمة. الواقع أن تجربة ما بعد أوسلو الفلسطينية برمتها تثبت أن توفير المعونة الخارجية تحت ظروف نزاع مستمرة وعدم استقرار سياسي ليست كافية لإطلاق الاقتصاد. لذا فإن المعاني الضمنية واضحة: حتى يتسنى إنعاش الاقتصاد الفلسطينية وبالتالي إنقاذ السلطة الفلسطينية من الانهيار يجب أن يكون هناك توجه إستراتيجية متكامل يضم عملاً سياسياً ومالياً ومؤسسياً، بحيث يقود العمل على المسار السياسي الطريق.

 

لحسن الحظ، يتواجد مجال للعمل على كلٍ من هذه الجبهات على المستوى الدولي: اللجنة الرباعية للشرق الأوسط التي تتعامل مع القضية السياسية، ولجنة الارتباط المؤقتة المسؤولة عن تحصيل الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، والعمل المستمر لممثل اللجنة الرباعية توني بلير حول الحكم والإصلاح المؤسسي. ما يبدو مفقوداً وبشكل خطير هو الأثر المضاعف بين هذه النشاطات، والفهم السائد بأن النجاح في مجالي الاقتصاد والإصلاحات مرتبط بشكل وثيق بالتقدم الملموس على الجبهة السياسية. ما لم، وإلى أن يجري استيعاب ذلك، فإن الفرصة هي أن الاقتصاد الفلسطيني سوف يستمر في السقوط نحو الهاوية وبنتائج لا يمكن تصورها.

 

حتى يتسنى تجنب نتيجة كهذه يتوجب على المجتمع الدولي أن يذهب إلى ما وراء مجرد توفير المعونة المالية والمطالب المستمرة بالإصلاح في فلسطين. لا يمكن تحقيق لا التنمية ولا الإصلاح ولا استدامتهما في غياب وضع سياسي إيجابي. هذا ما تعلمناه من التاريخ. هناك حاجة الآن لمشاركة دولية أكثر نشاطاً واستدامة لتيسير ودفع عملية سياسية جادة يجب أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تسوية سياسية باقية متفاوض عليها. قد توفر أنابوليس، أو لا توفر، قوة دفع كهذه. ولكن لا يمكن إلا لعملية سياسية أن توفر العنصر المفقود الضروري لإنشاء فلسطين مستقرة تتمتع بالإصلاح قادرة على البقاء اقتصادياً.

----------------------------

*محمود السمهوري اقتصادي فلسطيني وزميل رئيس زائر في مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط في جامعة برندايس.

تقوم خدمة Common Ground الإخبارية بتوزيعها الذي يمكن الحصول عليه من الموقع الإلكتروني www.commongroundnews.org

مصدر المقال: نشرة الإصلاح العربي Arab Reform Bulletin تشرين الثاني/نوفمبر 2007

www.carnegieendowment.org/arabreform

لقد تم الحصول على تصريح حق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ