ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
"بحيرة
النجاح" وأنابوليس: إتمام
الدائرة؟ بول
سكام* واشنطن
– صادف يوم 29 تشرين
الثاني/نوفمبر 2007 الذكرى الستين
لتصويت الأمم المتحدة على تقسيم
فلسطين الخاضعة للانتداب
البريطاني إلى دولتين، يهودية
وعربية. أطلق اليهود على
العملية تسمية "أعجوبة بحيرة
النجاح" (وهو موقع الأمم
المتحدة الرئيسي يومها) بينما
اعتبرها العرب غير قانونية
وخيانة لسكان فلسطين العرب. وقد
تزامنت الذكرى مع اجتماع
أنابوليس الذي أعاد إطلاق
محادثات السلام الإسرائيلية
الفلسطينية بعد سبع سنوات قاتمة
من العنف. وتبرز المناسبة، رغم
أنها غير مقصودة على الأرجح،
تاريخاً طويلاً من الجهود
الدولية التي لا يمكن الاستغناء
عنها كما يبدو لحل النزاع. ما لا
نعرفه الآن هو ما إذا كانت
أنابوليس تمثل بداية جديدة أو
مجرد عرض سياسي. تعطي
نظرة واحدة على الإطار الدولي
سبباً للأمل. في عام 1947 كانت
الدول العربية ضد التقسيم بشكل
صاخب وبإجماع، وحافظت عبر عقود
على موقفها الصامد ضد وجود دولة
إسرائيل. بالمقارنة، حضرت معظم
الدول العربية هذه السنة مؤتمر
أنابوليس معربة عن رغبتها
بالسلام. وافقت جميعها على
مبادرة السلام العربية التي جرى
تبنيها عام 2002 وإعادة التأكيد
عليها عام 2007، والتي تعد بحل
بالتراضي لقضية اللاجئين
الفلسطينيين والسلام والتطبيع
مع إسرائيل مقابل انسحاب
إسرائيل إلى حدود عام 1967 وهي
حدود تنشئ إسرائيل أكثر اتساعاً
بكثير من تلك التي رفضها العرب
عام 1947. ما زال
العائق الأساسي الذي يواجه
العملية هو الشك الذي تنامى عبر
ستة عقوً من العنف. لقد أصبح
الفلسطينيون مقتنعين أنه ليست
لدى إسرائيل نية بإنهاء وجودها
في الضفة الغربية وغزة وإنهاء
سيطرتها على حياة الفلسطينيين
وأراضيهم. ويصر الفلسطينيون على
أنهم لن يصنعوا السلام بدون
القدس الشرقية عاصمة لهم، وهي
قضية تثير مشاعر دينية معمقة
على كافة الجوانب. ويجد
الإسرائيليون صعوبة كبيرة في
نسيان اليوم الذي تلا الإعلان
عن استقلالهم عام 1948، عندما
أرسلت خمس دول عربية قواتها إلى
فلسطين/إسرائيل. ورغم أن
إسرائيل تمكنت من هزيمتهم
بسهولة، ما زال الشعور
باحتمالات الإفناء سائداً.
وتتفاقم هذه المشاعر كذلك مع
ذكريات حرب عام 1967، عندما كانت
قوات أكبر حجماً متأهبة
لمهاجمتها. كما تستمر التفجيرات
الانتحارية رغم قلة عددها
مقارنة بفترة ما قبل بضع سنوات،
بإقناع الإسرائيليين بأن
الفلسطينيين ما زالوا مصرين على
إفنائهم. يريد الإسرائيليون
ضمانات بالأمن، قد تكون أبعد من
قدرة أي كان على توفيرها. يحتاج
الإسرائيليون والفلسطينيون
بالدرجة الأولى إلى اعتراف
متبادل وشرعية مؤكدة.
الإسرائيليون مقتنعون بأن
العالم العربي، حتى ولو قدم
وعوداً بالسلام، لا يقبل فعلياً
بالدولة اليهودية في وسطه. ورغم
أن حوالي 70% من الإسرائيليين
يجيبون على الاستطلاعات بالقول
بأنهم يقبلون بدولة فلسطينية،
إلا أن الاستطلاعات تشير إلى أن
الفلسطينيين لا يستطيعون تصور
إسرائيل وقد تنازلت في يوم من
الأيام عن التحكم بالحياة
الفلسطينية. وفي تناسق يمكن أن
يكون مسلياً ومضحكاً لو لم يكن
مأساوياَ، تشير الاستطلاعات
إلى أن الفلسطينيين يملكون
استعداداً مماثلاً لقبول الطرف
الآخر، ولكنهم لا يصدقون أنه
سيجري تقبّلهم. كلا الطرفين
مقتنع بأنه الضحية، ومن السهولة
بمكان للطرف الآخر أن يقدم ما
يشعر بأنه يحتاجه، وبأن
التنازلات المطلوب منهم
تقديمها غير باقية إذا أخذوا
بالاعتبار المعاناة التي مروا
بها. أخذ
الكثيرون من فشل عملية أوسلو
تجربة أن النوايا الحسنة انهزمت
وتعرضت للخيانة من قبل الطرف
الآخر. تلك "الذاكرة"
التاريخية تشكل عائقاً أمام
السلام في أوساط المجتمعين. إلا أن
التاريخ يمكنه كذلك أن يوفر
منظوراً أكثر تفاؤلاً. من
المفيد أن تتذكر أنه كان أمر لا
يمكن تصوره في عام 1947 أن يقوم
زعيم فلسطيني وآخر إسرائيلي
بالتعبير عن رغبتيهما بالسلام. بعكس
عام 1947 أو حتى 1993 عندما تم توقيع
إعلان أوسلو للمبادئ، فإن أجزاء
سلام مستدام مطروحة على
الطاولة، في انتظار قيام رجال
السياسة بتجميعها في إطار قابل
للبقاء: دولة فلسطينية داخل
حدود عام 1967 وتشارك في القدس
وتبادل أراضٍ بواقع 1:1 لمناطق
المستوطنات والأمن الإسرائيلي
بضمانة مؤسسات فلسطينية عسكرية
ومدنية عاملة، وإعادة توطين
اللاجئين في دولة فلسطينية أو
في مكان آخر مع بعض التعويضات.
تلك هي الخطوط العريضة الأرجح
للسلام. وهي ليست، حسب القول
المأثور، تكنولوجيا صواريخ. ما
جعله مؤتمر أنابوليس مثيرا
للاهتمام، بعكس الجهود السابقة
وبشكل واضح، هو أن الزعماء
الفلسطينيين والإسرائيليين
الحاليين ليسوا على استعداد
للانتقال قدماً نحو السلام أكثر
من سابقيهم فحسب وإنما كونهم
راهنوا على مستقبلهم السياسي
كذلك. إضافة إلى ذلك فإن زعامة
العالم العربي بل وحتى جزء كبير
من العالم الإسلامي زادوا ثقتهم
في اتجاه تسوية بالتراضي. وهذا
أمر لم يسبق له مثيل، ويجب
الاعتراف به تبعاً لذلك. مع دعم
معظم زعماء العالم اليوم بنشاط
لعملية السلام، تواجه قوى
السلام اليوم داخل المجتمعَين
تحدياً كبيراً: إعادة إشعال
إيمان الناس بأنه يمكن لحل
الدولتين أن ينتج عن عملية
أنابوليس خلال السنة القادمة
وليس ضمن مستقبل غير محدد. يجب
بالتالي أن تشكل عملية مد يد
العون إلى قوى المجتمع المدني
هذه تركيزاً رئيسياً في مؤتمر
المانحين المخطط لعقده يوم
الاثنين المقبل، 17 كانون
الأول/ديسمبر 2007. ----------------------------- *
بول سكام زميل علمي مشارك في
معهد الشرق الأوسط وزميل بحوث
سابق في معهد ترومان للسلام
بالجامعة العبرية في القدس،
والمحرر المشارك لكتاب
"تواريخ مشتركة: حوار
إسرائيلي فلسطيني". تمت
كتابة هذا المقال لخدمة Common
Groundالإخبارية
بتوزيع هذا المقال الذي يمكن
الحصول عليه من الموقع
الإلكتروني www.commongroundnews.org مصدر
المقال: خدمة Common
News
الإخبارية، 13 كانون
الأول/ديسمبر 2007 تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |