ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 09/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني:

أنابوليس وما بعده

العنوان الأصلي:  The Israeli - Palestinian Conflict: Annapolis and after

المصدر: Middle East Briefing رقم 22 الصادرة عن مجموعة الأزمات الدولية International Crisis Group

التاريخ: 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007

ترجمة: الزيتونة

تطرح مجموعة الأزمات الدولية مجموعة من المعايير، التي ترى أنها يجب أن تتوافر من أجل تأمين نجاح العملية التفاوضية التي ستنطلق بعد انعقاد مؤتمر أنابوليس.

 

لن تكون المعادلة في العملية التفاوضية التي ستنطلق بعد وقت قصير من انعقاد مؤتمر أنابوليس: إما المضي المفاوضات أو الموت، بل ستكون إما المضي بها أو بالكاد البقاء على قيد الحياة. من الناحية الإيجابية تبدو الإدارة الأمريكية الحالية، التي تجاهلت العملية السلمية منذ توليها زمام الأمور في واشنطن، ملتزمة بالقيام بجهد مركز، فقد أقنعت الطرفين بالموافقة على البدء بالتفاوض حول قضايا الوضع النهائي؛ وذلك بعد سبع سنوات من الشلل السياسي والصراع العنيف بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولكن العثرات التي تقف بالطريق ليست بالقليلة؛ فهناك حالة انقسام حادة في المشهدين السياسيين؛ الإسرائيلي والفلسطيني، مما يجعل من الصعوبة بمكان التوصل إلى اتفاقية يمكن تسويقها للرأي العام عند كلا الطرفين. بالإضافة إلى ذلك، فإن فشل المفاوضات يمكن أن يتسبب بخسارة القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية لمصداقيتهما، ويتسبب بالمزيد من الاهتزاز في ثقة الناس بالعملية الدبلوماسية وبالحل القائم على إنشاء دولتين.

ومهما كان مبلغ الحماسة التي تولدت عن مؤتمر أنابوليس، خاصة مع رؤية العديد من البلدان العربية، بما فيها تلك التي ما زالت تعتبر عملياً في حالة حرب مع إسرائيل، تجتمع من أجل دفع عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فإن الامتحان الحقيقي سيكون في اليوم الذي سيلي أنابوليس حين تُستأنف المفاوضات حول الوضع النهائي، وتحين ساعة تطبيق الخطط العملية على أرض الواقع. لن يكون التحدي سهلاً، فعجز الأطراف المعنية عن الاتفاق حتى على بيان يشمل إعلان مبادئ ويضع خطوطاً عريضة للتفاوض يشكل مؤشراً واضحاً على الفجوات والصعوبات السياسية التي سوف يواجهونها. كما أن التاريخ الزاخر بالمحاولات الفاشلة للتوصل إلى تسوية نهائية، يشكل مؤشراً قوياً آخر. أما فيما يتعلق بالخطوات العملية على الأرض، فإن عملية أوسلو برمّتها تلقي ظلالاً من الشك حول قدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى حل، وتشير بقوة إلى أنه في غياب أي صفقة سياسية حقيقية، فإن أياً من الطرفين سوف يكون مستعداً للوفاء بالتزاماته. وهذه الحقائق المرّة يجب أن تكون نصب أعين الفلسطينيين والإسرائيليين كما للمجتمع الدولي في إطار التجهيز للعملية التفاوضية التي ستنطلق ما بعد مؤتمر أنابوليس. وفيما يلي سلسلة من القضايا التي ستكون مركزية في تقويم فرص نجاح هذه العملية التفاوضية.

تحريك القضايا المتعلقة بالوضع النهائي

يطالب الفلسطينيون دائماً بجدولة المفاوضات بسبب خشيتهم من أن تستمر المفاوضات إلى ما لا نهاية دون التوصل إلى أي تسوية. وفي هذا الإطار، فإنهم يطالبون بضمانات تدخل دولي قوي في حال وصل التفاوض إلى طريق مسدود. وفي المقابل، يرى الإسرائيليون أن تحديد موعد للتوصل إلى تسوية ما، ثم تجاوز هذا الموعد دون تحقيق تقدم، سوف يؤجج العنف الفلسطيني. وفي استعراض لتاريخ التفاوض الإسرائيلي الفلسطيني، نجد أن تجاوز المواعيد المحددة هو السمة الغالبة على كل العملية التفاوضية. وإذا كان الفلسطينيون والإسرائيليون يضعون نصب أعينهم مدة زمنية سقفها انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش (أي في كانون الثاني/ يناير 2009)، فإنه لا يجب التفاؤل كثيراً بهذا الخصوص. لكن ما سبق لا يعني أن تستمر العملية التفاوضية إلى ما لا نهاية، بل يجب أن يكون هناك أقل حد من التنظيم للعملية التفاوضية، من أجل الحؤول دون أن تظل المفاوضات تدور في حلقة مفرغة لا نهاية لها، مع الاستمرار في الضغط الدائم على الأطراف المعنية وتزويدهم بالاقتراحات حين تصل الأمور إلى طريق مسدود. كما يجب أن يطلب إلى الإسرائيليين والفلسطينيين أن يقدموا تقارير دورية عن التطورات التفاوضية إلى جهة دولية معتبرة، مثل الرباعية الدولية أو الدول العربية الأساسية، وذلك من خلال اجتماعات تعقد دورياً. وبالتالي تكون جميع الأطراف تحت بعض الضغط، كما سيكونون مسؤولين ومحاسبين على ما يحققونه من تقدم وعلى إخفاقاتهم. ومن ناحية أخرى، فإنه يجب التفكير مسبقاً بما يمكن القيام به في حال أخفقت الأطراف المعنية بالتوصل إلى تسوية نهائية. فحتى اليوم ليس هناك اقتراح في هذا الخصوص سوى إحياء خطة خارطة الطريق وما تدعو إليه من إقامة دولة فلسطينية بحدود مؤقتة. ولكن الفلسطينيين لديهم تحفظات كثيرة على هذا الموضوع، لخوفهم من أن تتحول الحدود المؤقتة إلى حدود نهائية ثابتة لهذه الدولة، وأن إعلان الدولة بهذا الشكل سوف يجعل التوصل إلى حل شامل قابل للحياة أمراً غير ملحّ.

تحسين الوضع على الأرض

خلال عملية أوسلو، كان أحد الافتراضات الأساسية أن إجراءات بناء الثقة بين الطرفين سوف تكون تعبيراً عن حسن نواياهما، وبالتالي سوف تشكل حافزاً للتقدم نحو مفاوضات الوضع النهائي. لكن هذا الافتراض ثبت خطؤه، خاصة وأن كلا الطرفين لم يقدم شيئاً على الأرض يعزز ثقة الطرف الآخر به، فالفلسطينيون بالكاد فعلوا شيئاً من أجل ضبط الفصائل المسلحة، في حين استمر الإسرائيليون في بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي، ونتيجة لذلك، ظلت مفاوضات الوضع النهائي تؤجل إلى أجل غير مسمى؛ وبالتالي، فإنه يجب إعادة النظر بفرضية انتظار بناء الثقة حتى يكتمل بين الطرفين. ولكن ما ذكرناه لا يعني أن يتجاهل المفاوض الوضع على الأرض ويجلس على طاولة المفاوضات وكأن شيئاً لا يحدث أرض الواقع، لأن هذا سيعني فقدان المفاوضين لمصداقيتهم. كما لا يعني الأمر أن تكون هناك معايير ثابتة يجب تحققها قبل المضي في المفاوضات، بل الأولى أن يتم تطبيق هذه المعايير بالتزامن مع انطلاق المفاوضات حول الوضع النهائي، وتقديمها بعبارات أخرى غير عبارة بناء الثقة، كأن تقدم هذه المعايير على أنها أمور تخدم مصلحة الأطراف المعنية. ففك الارتباط عن الفلسطينيين، مصلحة إسرائيلية، كما أن استعادة النظام والقانون هي مصلحة فلسطينية. والهدف من ذلك كله إيجاد الإحساس بوجود عملية ما مستمرة دائماً حتى لو وصلت إحدى دورات التفاوض إلى طريق مسدود.  ومن أهم هذه الإجراءات أو المعايير، أن يوقف الإسرائيليون الاستيطان، وأن يعيدوا فتح المؤسسات والمكاتب التابعة للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية، وخاصة بيت الشرق وغرفة التجارة، بالإضافة إلى المؤسسات التربوية والصحية، وذلك كإشارة على أن الحكومة الإسرائيلية تتفهم على أن عاصمة الدولة الفلسطينية ستكون هناك. ومن ناحية أخرى يجب عدم التقليل من شأن إطلاق المزيد من الأسرى الفلسطينيين، كما يجب عدم أعطائه أهمية أكثر مما يستحقها. ولكن بشكل عام فإن إطلاق المزيد من الأسرى بالاتفاق مع الفلسطينيين سوف يكون له أثر إيجابي على العملية التفاوضية.

أما على الجانب الفلسطيني، فإن أهم خطوة يقوم بها الفلسطينيون هي استعادة النظام والقانون في الضفة الغربية، وهو مصلحة فلسطينية بقدر ما هو مصلحة إسرائيلية. صحيح أن عملية الإصلاح الأمني قد بدت مؤخراً بشكل واعد، ولكن ادعاء السلطة الفلسطينية بأنها قد نفذت تسعين بالمائة من التزاماتها فيما يتعلق بخطة خارطة الطريق، هو إفراط في التفاؤل السابق لأوانه. فالمشاكل الأمنية في نابلس، وباقي مناطق الضفة الغربية، والواقع القائم في غزة وسيطرة حماس على القطاع، تبقى مشاكل أساسية يجب معالجتها. كما يجب الاعتراف أن قدرة الحكومة الفلسطينية ما زالت محدودة في هذا المجال، فليس هناك نظام عدلي فعال، وفي غياب السجون في بعض المناطق، فإن السلطة تستخدم بعض المباني كأماكن لاحتجاز المطلوبين. ومن ناحية أخرى، يقول أفراد في الأجهزة الأمنية الفلسطينية إن بعض المناطق ما زالت خارج سيطرة الأجهزة الأمنية الرسمية، حيث تسيطر عليها في معظم الحالات حركة حماس، كما أن هناك بعض المناطق تحكمها العصابات التي يمكنها شراء رشاشات إم 16. هذه الحقائق تسهم في زيادة الشكوك الإسرائيلية، مما يدفع إسرائيل إلى الاستمرار في التدخل العسكري الذي يسهم هو الآخر في إعاقة القدرة الفلسطينية على التحرك.

وعلى صعيد آخر، فإنه إذا أريد لعملية أنابوليس أن تكون مختلفة عن سابقاتها، فيجب على الرباعية الدولية أن تضع آلية رصد للتطورات يمكن الاعتماد عليها، ويمكن من خلالها وضع الأطراف المتصارعة أمام مسؤولياتها ومحاسبتها. وإذا كانت الولايات المتحدة تعترف أنها فشلت سابقاً في هذا المجال ووعدت بإيجاد علاج لهذا الأمر، فإنه من الضرورة بمكان الخوض بتفاصيل هذه الآليات.

إيجاد عملية تفاوضية شاملة

لقد خلصت مجموعة الأزمات الدولية في تقاريرها السابقة إلى القول بأن حالة الانقسام الفلسطيني تسهم في إعاقة التوصل إلى سلام قابل للحياة. لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تحقق أي تقدم من الناحية الأمنية ما لم تتعاون مع الإسلاميين، أو في حال استمرت حالة استبعاد حركة حماس وجمهورها؛ كما أنها لن تحقق تقدماً باتجاه إنشاء دولة فلسطينية إذا ما ظل قطاع غزة خارج المعادلة.

ومما يثير الأسف أن عزل حماس شكل دافعاً أساسياً وراء عملية أنابوليس. فالولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل وحركة فتح، مقتنعون بأن تحقيق تقدم باتجاه التوصل إلى تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين يجب أن يقترن بعزل الإسلاميين. وهذه القناعة مبنية على افتراض أن أهل غزة سوف يثورون على حماس بسبب الحصار والإجراءات العقابية التي يتعرضون لها. وهو افتراض يعكس أمنيات هذه الأطراف أكثر مما يعكس تفكيراً استراتيجياً.

والأهم من ذلك، أن ربط السلام الفلسطيني الإسرائيلي بالصراع الفلسطيني الداخلي يحمل مخاطر رفع وتيرة الاعتراض على أي نتيجة تصل إليها المفاوضات، ويدفع المعارضين إلى حجب الشرعية التي تخول عباس التوصل إلى أي اتفاق مع الإسرائيليين باسم الفلسطينيين. كما أنه يشجع الأطراف التي تم استبعادها إلى استخدام العنف من أجل إفشال أي اتفاق يتم التوصل إليه بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إن استئناف الحوار الداخلي الفلسطيني- الفلسطيني، بوساطة عربية، والتوصل إلى مصالحة فلسطينية، يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من عملية أنابوليس.

 ونظراً للدور الذي تلعبه سوريا، فإن إشراكها في المفاوضات يجب أن يكون أيضاً جزءاً لا يتجزأ من عملية أنابوليس، وذلك من خلال إعادة إحياء المفاوضات حول  مرتفعات الجولان. ومما لا شك فيه أن رؤية سوريا تجلس على طاولة التفاوض مع الإسرائيليين، سوف يكون له أثر كبير في المنطقة خاصة وأن حلفاء سوريا ما زالوا يرفضون الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود. بالإضافة إلى ذلك، فإن إطلاق المفاوضات مع سوريا سوف يؤثر على سلوك الجماعات المسلحة المقربة من سوريا. ولهذه الأسباب فإنه لا يجب الاكتفاء بدعوة سوريا إلى أنابوليس، بل يجب أن يكون المؤتمر نقطة انطلاق من أجل تجديد التفاوض حول مرتفعات الجولان.

وعلى صعيد آخر، فقد تم التعامل مع مشاركة العرب، وخاصة المملكة العربية السعودية في فعاليات أنابوليس، بشكل خاطئ منذ البداية. فحين عدّت الولايات المتحدة المشاركة العربية شرطاً مسبقاً لعقد مؤتمر الخريف، وحين عدّت المشاركة العربية اختراقاً مهماً، فإن كلاً من الإدارة الأمريكية وإسرائيل، أساءتا إلى الدور العربي بطريقة غير ذكية. حيث أحرجوا الحكومات العربية وزادوا من صعوبة الموقف العربي، خاصة في وقت تتعاظم فيه شكوك الشعوب العربية بالعملية السلمية وبالنوايا الأمريكية والإسرائيلية. فالعديد من القادة العرب لم يكونوا يفضلون أن يروا وهم يقومون بما وصف بأنه خطوة تاريخية.

إن التحدي الأساسي بعد أنابوليس سوف يكون  توظيف الانخراط العربي في عملية التسوية كأداة لتحقيق تقدم على الصعيد الإسرائيلي الفلسطيني. فمن خلال دعم ما يتوصل إليه الفلسطينيون من مساومات، فإن العالم العربي يمكنه أن يوفر غطاء سياسياً للقيادة الفلسطينية، كما يمكنه إلى حد ما أن يسكت صوت المعارضة الفلسطينية. وبشكل مماثل، فإن ربط التطبيع التدريجي مع إسرائيل بتحقيق تقدم على صعيد المفاوضات وتحسن في الوضع على الأرض، فإن العالم العربي يمكنه أن يسهل بشكل ملموس قبول الرأي العام الإسرائيلي لمثل هذه الخطوات. ولكي ينجح كل هذا، فإن على الولايات المتحدة أن تعامل الدول العربية على أنها شريكة كاملة في العملية السلمية.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ