ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إنها
القاعدة أيها الغبي! بلال
صعب* واشنطن
– في هذا الوقت في العلاقات
الشرق أوسطية، من الأمور
الحاسمة أن تكون على صواب،
وبسرعة. لماذا؟ لأن الرهان
مرتفع جداً. سوف
يكون للفشل في تحقيق سلام شامل
بين العرب والإسرائيليين نتائج
وتداعيات ذات حجم لم نره بتاتاً
من قبل. بمعنى آخر، ورغم أن ما
أقوله يبدو وكأنه كليشيه قديمة،
ليس الفشل خياراً. تقترح
وقفة عقلانية أنه لا يمكن
استبعاد الفشل في الشرق الأوسط
إذا أخذنا بالاعتبار السجلّ
البائس للعديد من المحاولات
الطموحة لحل النزاع الإسرائيلي
- الفلسطيني. حتى الآن يبدو
الذين يتوقعون فشل أنابوليس
أكثر عقلانية وأكثر ثقة من
هؤلاء الذين يراهنون على نجاحه.
وليس الأمر مجرد شعور داخلي،
فالأحداث على الأرض تتحدث عن
نفسها. إسرائيل مستمرة في منع
حصول الفلسطينيين، جماعياً على
حقوقهم الإنسانية بسبب ما تفعله
حماس وغيرها من المتشددين،
بينما تستمر حماس في إثارة
وتهديد إسرائيل من خلال إرهاب
شعبها. توقع
من ستكون له اليد العليا في
إفشال عملية السلام مستحيل ولا
جدوى منه. قد يكون أي واحد منهم
أو جميعهم، منفردين أو مجتمعين.
قد تكون إسرائيل من خلال عدم
استعدادها تجميد التوسع
الاستيطاني، وقد تكون حماس وهي
تقوم بعملية إرهابية تؤدي إلى
ضحايا وإصابات عديدة، وقد يكون
أولمرت و/أو عباس من خلال عدم
قدرتهما على تحقيق وعودهما،
بسبب كونهما زعيمين ضعيفين. ولكن
وجود العملية، حسبما يقولون
لنا، أفضل من عدم وجودها بالمرة.
هذا صحيح، ولكن ما تغير بشكل
أساسي هو ظهور شرير جديد أكثر
تطرفا في الشرق الأوسط: القاعدة.
أصبحت القاعدة اليوم، بعد
تواجدها في قلب العالم العربي،
لاعباً حقيقياً في العملية
السلمية. فصوتها أكثر ارتفاعاً
وأعمالها أشدّ فتكاً من أصوات
وأعمال المخربين الآخرين، مثل
إيران وسوريا وغيرهما من
البدائل. لقد ظهرت قطعة جديدة في
أحجية الشرق الأوسط. المشكلة هي
أن هذه القطعة لا مكان لها، ولا
يمكن أن يكون لها مكان.ٍ لا شك
في أن استمرار الوضع الراهن،
حيث لا سلام وإنما مجرد عملية،
سوف يمكّن القوى التي أصبحت
قوية أصلاً، والتي تولّد التطرف
في المنطقة. سوف يقنع الإحباط
الشعبي واليأس، والإدراك
والالتزام في المنطقة بأن
أنابوليس لن يعطي أية نتائج ذات
معنى، ولن يعطي الفلسطينيين
دولة قادرة على البقاء. سوف يقنع
شعوب المنطقة بأن استخدام القوة
هو الأداة الوحيدة لتحقيق
أهدافهم. سوف يحارب البعض
كوطنيين. على سبيل المثال، قال
السوريون بشكل متكرر إن
باستطاعتهم استعادة الجولان
المحتل عن طريق إيجاد قوة مثل
حزب الله للقيام بحرب عصابات.
آخرون سوف يضلون ويذهبون إلى حد
التطرف وينضمون إلى التمرد
الإسلامي العالمي. وهذا يعني
المزيد من المتطوعين في
القاعدة، وهي موسيقى في آذان
أسامة بن لادن، الذي أعاد توجيه
تركيزه هذه الأيام نحو فلسطين،
بعد أن اعتذر للفلسطينيين في
آخر رسالة له لأنه لم يعطِ
اهتماماً كافياً لقضيتهم. نستطيع
أن نتصور من هنا نوع السيناريو
الكريه الذي يمكن أن يقع إذا ما
توسعت القاعدة في الشرق الأوسط.
من المحتمل أن تصبح غزة إمارة
إسلامية في فلسطين (قامت فتح
الإسلام، وهي مجموعة مناصرة
للقاعدة حاربت مؤخراً الجيش
اللبناني لمدة تزيد على ثلاثة
شهور في الجزء الشمالي من لبنان
بتسمية أمير في غزة) وفي لبنان،
التي تعاني من واحدة من أخطر
أزماتها السياسية منذ حربها
الأهلية الثانية، والتي يمكن أن
تقع في الهاوية إذا أُعيد تكرار
سيناريو نهر البارد في مخيم آخر
للاجئين. تستطيع
القاعدة، من خلال الانطلاق خارج
العراق إلى دول مجاورة والحصول
على أكثر من ملاذ أمين، أن تبدأ
العمل على أهدافها التكتيكية
والإستراتيجية. على المستوى
التكتيكي، تستطيع القاعدة
العمل على إشعال حروب بين
أعدائها، وقد بدأت تحاول ذلك
فعلاً. إطلاق الصواريخ مؤخراً
من قبل القاعدة في العراق من
جنوب لبنان إلى شمال إسرائيل هو
أحد الأمثلة على ذلك. لقد شهدنا
هذا السيناريو من قبل، ولكن مع
ممثلين آخرين. كانت عمليات
الغزو الإسرائيلية للبنان في
السنتين 1978 و 1982 إلى حد كبير
رداً على الهجمات الفلسطينية من
جنوب لبنان. في الوقت نفسه سوف
تعمل القاعدة بجد واجتهاد على
التسبب بحرب بين إسرائيل
وسوريا، وجولة ثانية بين
إسرائيل وحزب الله. من الواضح أن
أكبر جائزة للقاعدة هي إشعال
الحرب بين إيران والولايات
المتحدة، وهو أمر تحدث عنه زعيم
القاعدة في العراق، عمر
البغدادي في رسالة نشرت مؤخراً.
على المستوى الإستراتيجي، سوف
تبدأ القاعدة بالتخطيط لواحد من
أثمن أهدافها: نقل الحرب إلى
الفناء الخلفي لإسرائيل من خلال
دعم الجهاديين الفلسطينيين
المتطرفين في حربهم ضد الدولة
اليهودية. كيف
نستطيع إذن وقف هذه
السيناريوهات الرهيبة من
الحدوث وكيف يمكننا عكس التوجه
القوي نحو التشدّد والتطرّف؟ من
خلال السلام. فمع السلام يأتي
الأمل والازدهار والتنمية
البشرية. من منظور مناهض
للإرهاب، يقوم السلام بشكل جميل
بتجفيف مستنقع الإرهاب ويكيل
ضربة خطيرة لعملية التجنيد التي
تقوم بها القاعدة. فقد تحولت
القاعدة، أكثر من أي وقت مضى،
إلى أيديولوجية تفتقد إلى
الجنود العاملين. ونستطيع أن
نحيّد هذه الأيديولوجيا إذا
أدركنا أن سحقها بشكل نهائي سوف
يتطلب كسب حرب الأفكار. لقد
اختلط الأمر على إدارة الرئيس
بوش في أنابوليس. ليس هناك من
خطأ في حشد الدول العربية
المناصرة لأمريكا حتى تستطيع
احتواء التهديد الإيراني بعيد
المدى بصورة أفضل. ولكن الخطر
الحقيقي الآنيّ ليس هو
الجمهورية الإسلامية، وإنما
القاعدة. ----------------------------- *بلال
صعب مساعد بحوث رئيسي في مركز
سابان لسياسة الشرق الأوسط في
مؤسسة بروكنغز، قام بكتابة هذا
المقال خصيصاً لخدمة Common
Ground
الإخبارية مصدر
المقال: خدمة Common
Ground
الإخبارية، 25 كانون الثاني/يناير
2008 تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |