ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
غزة:
متجمدة ومظلمة م.ج.
روزنبرغ* واشنطن
– تفيد آخر الأخبار من غزة بأن
وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود
باراك قرر أنه ابتداءً من اليوم
لن يسمح بدخول حتى الأدوية
والمعونة الإنسانية إلى غزة "إلا
في الظروف الاستثنائية". وقد
أضاف أن الجيش الإسرائيلي "سوف
يقوم بعمليات مستمرة وحاسمة
بهدف ضرب طواقم القسام حتى لا
تستطيع بعد الآن استهداف
إسرائيل. لن يكون الأمر سهلاً
ولن يحدث في نهاية الأسبوع،
ولكننا سنضع حداً للهجوم على
سديروت". هل
يعتقد باراك حقاً أنه يجمّد
طواقم القسام ويمنع عنهم
الأدوية؟ عندما
نشاهد الأخبار من إسرائيل يتضح
لنا أنه لا يفعل ذلك. إنه يفعل
ذلك للناس العاديين، للأطفال. من
المنفر دائماً مشاهدة التقارير
الإخبارية من غزة التي يعلّق
فيها الفلسطينيون حول وضعهم
باللغة العبرية. ها هم أعداء
اليهود المفترضون يتكلمون
اللغة الوطنية اليهودية
بطلاقة، وهي لغة نادراً ما تجد
يهودياً هنا في الولايات
المتحدة قادرا على تركيب جملة
واحدة بها. بالنسبة لي فإن سماع
الفلسطينيين يصفون معاناتهم
باللغة العبرية يجعل الأمر أكثر
واقعية. تعتمد
غزة بشكل كامل على الإمدادات
الإسرائيلية من الوقود: البنزين
للمركبات والغاز لإعداد الطعام
ووقود الديزل لإدارة المولدات
والمستشفيات والخدمات العامة
بما فيها محطة توليد الطاقة
الكهربائية الوحيدة في غزة.
يقوم الأوروبيون بتمويل الوقود
بأنفسهم، ولكن إسرائيل تسيطر
على حدود غزة وتقرر كمية الوقود
الذي يدخل إليها. لقد
ترك الحد من الإمدادات حتى الآن
220،000 غزيً دون ماء جارٍ إلا لمدة
ساعة واحدة في اليوم فقط.
الشوارع خلت من السيارات وأصبح
هناك طلب كبير على الحمير لتحل
محل السيارات. باختصار، يجري
دفع مجتمع حديث، رغم فقره،
ليصبح من العالم الثالث. لا
يشكل قطع إمدادات الوقود
أخباراً هنا، فنحن نرى هجمات
الصواريخ على سديروت والانتقام
الإسرائيلي ضد مقاتلي حماس. نحن
لا نرى الأطفال والأمهات
المرضعات يرتعشون برداً،
والشباب الذين اختفت موارد
رزقهم مع الوقود، أو كبار السن
الذين يصابون بالالتهابات
ويموتون. تخيل محاولة رعاية
رضيع أو جد عجوز في وسط فصل
الشتاء دون تدفئة. إنه أمر كريه
يصعب حتى التفكير به. لا
أستطيع تصور أي تبرير لتجميد
الأطفال في غزة، تماماً مثلما
لا أستطيع تصور أي تبرير لإرعاب
الأطفال وإصابتهم بالصدمة
بالصواريخ المتواصلة التي تسقط
على سديروت. لهذا السبب لن أنتقد
إسرائيل لملاحقتها الإرهابيين
الذين يوقعون هذا الرعب على
سكانها. ولكن
الذين يجري تجميدهم في غزة
ليسوا هم الذين يقصفون سديروت.
إنهم ببساطة أناس تجري معاقبتهم
بسبب تصرفات حكومة قد يكونون
صوتوا أم لم يصوتوا لها. لنفترض
الأسوأ. لنفترض أنهم صوتوا
فعلاً لحماس. هل يعني ذلك أنه
يجب حرمانهم من ضروريات الحياة؟
وماذا عن الأطفال والرضّع؟ أستذكر
حواراً جرى بيني وبين طالب كندي
في إسرائيل إبان حرب فييتنام.
كان عدائياً جداً. سألته ما
مشكلته وقال لي إنه "يحتقر"
الأميركيين. قال إنه يعتقد أننا
نرتكب "جرائم حرب" في
فييتنام وإنه "يكرهنا"
بسبب ذلك. أخبرته
أن إلقاء اللوم بشكل عشوائي على
مجموعة من الأطفال الأميركيين،
تظاهر معظمهم تقريباً ضد الحرب،
يعتبر أمراً مشيناً. كان رده:
"أمريكا بلد ديمقراطي. جميع
الأميركيين مسؤولون عن أعمال
حكومة قمتم بانتخابها". كان
رأيي وقتها هو أن المجادلة كانت
فاحش ، وما زالت أعتقد الأمر
نفسه اليوم. من دواعي السعادة أن
ذلك الطالب المدعي الفضيلة
والصلاح لم يكن باستطاعته سوى
زجري وزجر أصدقائي، ولكن لم يكن
باستطاعته ايذاءنا. الأمر
بسيط. ولكن
تجميد البشر ليس أمراً بسيطاً.
ولا أرى أنه يحقق أي شيء. من
المؤكد أن زعماء حماس والجهاد
الإسلامي الفلسطيني يملكون ما
يكفي من الوقود لينعموا بالدفء.
يحصل الزعماء دائماً على
الحماية من تداعيات أعمالهم. وحتى
لو ثار سكان غزة وحاولوا وقف قصف
سديروت، فهل يستطيع أحد أن
يتصور أن بإمكانهم ذلك؟ هنا، في
هذه الديمقراطية العظيمة
الراسخة لا تستطيع الغالبية
الواضحة من الأميركيين الذين
يريدون إنهاء الحرب في العراق
تحقيق ذلك. الديمقراطية
الفلسطينية، البدائية في أفضل
الأحوال، أقل انعكاساً إلى درجة
لامتناهية للعزيمة الشعبية. لا
نستطيع توقع قيام الغزيين
بالسيطرة على السياسة بأنفسهم. تفرض
الاهتمامات الإنسانية وضع حد
لمعاقبة الفلسطينيين العاديين،
وكذلك يتطلب القانون الدولي. الدول
المحتلة، حسب القانون الدولي،
مسؤولة عن حالة السكان المحليين.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي قد
غادر غزة مع المستوطنات
المدنية، ما زالت إسرائيل تسيطر
على حدود غزة وممراتها الهوائية
ومعابرها المائية. الفرق بين
الشعب السجين والشعب الحر هو أن
باستطاعة الشعب الحر التحكّم
بمصائره. سكان غزة لا سيطرة لهم
على مصائرهم بأية صورة. نتيجة
لذلك، لا يمكن لإسرائيل أن
تعاقب شعباً بأكلمه يقبع مصيره
بشكل كامل تحت سيطرتها. تضر
معاقبة الأبرياء بسمعة إسرائيل
في كافة أنحاء العالم. وهي تجعل
التفاوض أكثر صعوبة بالنسبة
للرئيس عباس، ومن الواضح أنها
تعرّض حياة العريف جلعاد شاليط،
الجندي الأسير للخطر. إضافة
إلى ذلك فهي تسرّع من قدوم اليوم
الذي ستحتاج فيه إسرائيل
لاجتياح غزة بشكل كامل، وهو أمر
لا بد منه، يعتقد الجيش أنه
سيكون أكثر صعوبة من نشاط
الولايات المتحدة في مقديشو.
وهذا يثير الاحتمال الممكن جداً
بأن تحل القاعدة مكان حماس،
والقاعدة ستكون سعيدة جداً بجعل
غزة عاصمة الإرهاب العالمية. إذن ما
الذي يتوجب على إسرائيل أن
تفعله حيال سديروت؟ ظهرت
توصيات في الواشنطن بوست يوم
الخميس الماضي قدمها روبرت
مالي، مستشار الرئيس كلنتون
لشؤون الشرق الأوسط، الذي كان
لاعباً رئيسياً في مفاوضات كامب
ديفيد عام 2000، وحسين آغا،
الأستاذ في جامعة أكسفورد
والخبير في الشؤون الفلسطينية. "التزامن
هو المفتاح" حسب رأي الكاتبين.
"يتوجب على الرئيس عباس وحماس
والحكومة الإسرائيلية أن
يعملوا جميعاً بالتزامن وبشكل
متوازٍ". "تحتاج
فتح وحماس لأن تتوصّلا إلى
ترتيب سياسي جديد، وليس معارضة
إسرائيل بنشاط وحماسة. يتوجب
على حماس وإسرائيل التوصل إلى
وقف لإطلاق النار وتبادل
الأسرى، يتوسط فيه عباس. كما
يتوجب على رئيس الوزراء
الإسرائيلي أولمرت أن يتفاوض
على صفقة سياسية مع عباس، الذي
يجب أن يحصل على تكليف من حماس
للقيام بذلك". يتوجب
على الإسرائيليين والفلسطينيين
وأنصارهم في الخارج أن "يلقوا
جانباً سياساتهم الهدامة غير
الفاعلة والتي تديرها العقائد،
وأن يشجعوا بدلاً من ذلك نظاماً
وأسلوباً يحد من العنف ويشجع
عملية دبلوماسية جادة. بخلاف
ذلك، بغض النظر عن عدد المرات
التي يسافر فيها الرئيس بوش إلى
المنطقة، ليس هنالك من سبب
للاعتقاد بأن العام 2008 سيقدم أي
شيء سوى النمط الرهيب المروّع
للسنوات الماضية. أنت لا
تستطيع كسر دائرة العنف عن طريق
إيذاء أطفال أعدائك، بل على
العكس، أنت تضمن استمرارها. ------------------------------------- *عمل
م.ج. روزنبرغ، مدير التحليل
السياسي في منتدى السياسة
الإسرائيلية لفترة طويلة في
هيئة موظفي الكونغرس، وهو محرر
سابق لتقرير الشرق الأدنى
لمنظمة AIPAC.
تمت
كتابة هذا المقال لخدمة Common
Ground
الإخبارية ويمكن الحصول عليه من
الموقع www.commongroundnews.org مصدر
المقال: منتدى السياسة
الإسرائيلية Israel
Policy Forum،
18
كانون الثاني/يناير 2008 تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |