ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
هذه بداية شراكة؟ زياد
عسلي* واشنطن
– يضطر حتى الأكثر تشاؤماً منا
أن يعترف بأن الأمور قد أخذت
منحى أفضل الآن، مقارنة بفترة
ما قبل شهور قليلة، بينما
يسرعون ليضيفوا أننا كنا هنا من
قبل وأن هذا التفاؤل سيزول
أيضاً. إلا أن
الأمور فعلاً في حال أفضل.
فالمسؤولون الإسرائيليون
والفلسطينيون يتفاوضون، ويجري
بحث قضايا الوضع النهائي، رغم
أنه لا يجري حلها. يقوم
الجنرال كيث دايتون بتدريب قوات
الأمن الفلسطينية، وقد تم نشر
هذه القوات في نابلس وطولكرم،
كما عملت على مرور عيد الميلاد
المجيد بأمن وسلام في بيت لحم.
وقد عاد ما يكفي من القانون
والنظام إلى هذه المدن ليعطي
سكانها شعوراً بالأمل ومذاقاً
لما يمكن أن يكون الأمر عليه إذا
استمر هذا الوضع. تعهدت
الدول المانحة بتقديم 7،4 مليار
دولار في باريس لإعادة بناء
المؤسسات الفلسطينية والاقتصاد
بهدف إنشاء الدولة الفلسطينية. رغم
ذلك كله، ومما يثير الدهشة
الشديدة، أن توسيع المستعمرات
ما زال مستمراً، ولم يجرِ إزالة
نقاط التفتيش، وما زالت صواريخ
القسام تنطلق، وما فتئت
الاجتياحات والاغتيالات
الإسرائيلية تقضّ مضجع السكان
واستمرت غزة في الغرق في عمق
العزل وما زالت تعاني من
التقهقر الاقتصادي والاجتماعي
تحت الحصار. ما زال الطرح
العنصري العام والخاص متفشياً
في كل مكان. ما زال يعتبر أمراً
لا يخلو من المخاطرة السياسية
أن تصف "العدو" بأي شيء سوى
النوايا السيئة والمخططات
الشائنة، عربياً أكان أو
يهودياً. كيف
يمكننا الإبقاء على قوة
الاندفاع نحو السلام أكثر من
الإعراب عن التمنيات والآمال؟ هناك
سياسات حكومية تحتاج للتطبيق،
وهناك مجال أوسع من المحاولات
الخاصة والمؤسسية والفردية
التي يجب القيام بها حتى يتسنى
إنهاء هذا النزاع بشكل نهائي: أولاً:
المساعدة على بناء قواعد الدولة
الفلسطينية على الأرض. يجب
تطبيق نظام أمني يفرض القانون
والنظام ويضع حداً لانعدام
القانون في المنطقة بإدارة
السلطة الفلسطينية. يجب أن يذهب
تعريف الأمن إلى أبعد بكثير من
السلامة الشخصية. يجب أن يشتمل
على قوانين عادلة قابلة
للتطبيق، مع قضاء مستقل ونظام
محاكم عامل وهيئات لتطبيق
القانون، إضافة إلى تطوير
وتفعيل قوات محترفة منضبطة
قادرة على ضمان الأمن وتطبيق
القانون. يجب أن يشكل إيجاد قوات
كهذه ونشرها تحت الاحتلال عملية
تعاونية وجهدا منسقا مع نظام
الأمن الإسرائيلي. في غياب طريق
سياسي يؤدي إلى دولة قادرة على
البقاء، سوف يؤدي هذا الجهد في
النهاية إلى اتهامات بالتواطؤ
والخيانة ونتيجة أسوأ من الوضع
الحالي البائس. يجب أن
يمتد الأمن إلى غزة إضافة إلى
الضفة الغربية. أكثر السياسات
المقترحة وعداً لإنهاء الجمود
السائد هي تسليم إدارة المعابر
إلى غزة لسيطرة السلطة
الفلسطينية، وبالتالي رفع
الحصار والمقاطعة. يجب التعبير
عن عزيمة سكان غزة من خلال
انتخابات حرة ونزيهة لإنهاء
حالة الجمود السياسي الفلسطيني. ثانياً:
نظام اقتصادي يوازن بين
الاحتياجات الآنية لفرص العمل
وإعادة بناء البنية الأساسية مع
خطة تنموية راسخة تؤدي إلى قدرة
اقتصادية على البقاء واستقلال
يضع حداً للهبات والمعونات. لقد
وضعت السلطة الفلسطينية خطة
كهذه من أجل الإصلاح والتنمية
قُدِّمت إلى مؤتمر باريس. أكدت
التعهدات التي فاقت التوقعات
مصداقية القيادة الفلسطينية
التي قدمت تلك الخطة. يمكن
ويجب فعل الكثير للاستثمار في
التنمية مبدئياً كإحدى فوائد
السلام، وفي النهاية كاستثمار
رأسمالي، مع توقع عوائد
مستقبلية. عائدات الاستثمار في
شرق أوسط آمن سوف تكون كبيرة.
يمكن للقطاع الخاص أن يشكل أفضل
تعبير للمسؤولية الاجتماعية
العالمية إذا ساعد على دعم
القواعد الاقتصادية لفلسطين
تنعم بالسلام. تشكل الشراكة
الأميركية الفلسطينية العامة
الخاصة التي جرى تأسيسها حديثاً
آلية أوجدتها وزيرة الخارجية
رايس لقيادة هذا الجهد، وسوف
يجري عقد مؤتمر للقطاع الخاص
الفلسطيني يستضيف قيادات
الأعمال ومستثمرين عالميين من
القطاع الخاص لهذا الهدف في
مدينة بيت لحم هذا الربيع. ثالثاً:
هزيمة التخاذل. قد يكون
المشككون على كافة الجوانب ذوي
حكمة، أو قد يكون الوضع غير ذلك.
ولكنهم يتسببون بالضرر. أسوأهم
هم المستفيدون من الوضع الراهن
الذي يتركهم في وضع جيد وحر
ليقولوا ما يرغبون دون التزامات
أو تضحيات. التجارب
السابقة لقد
سمح الأفضلون للتجارب السابقة
الفاشلة أن تنهي كافة احتمالات
التغيير من أجل مستقبل مختلف.
ويساعد موقفهم هذا على إطالة
أمد عملية نزع الإنسانية والوضع
الراهن الرهيب الذي يؤدي
بالشعبين الفلسطيني
والإسرئايلي إلى الكارثة. نحن
بحاجة لأن ندعم بوضوح وبصوت
مرتفع وعلنياً الهدف العالمي
لحل الدولتين. يتوجب
بالتأكيد حشد تحالف أميركي وطني
حول هذا الهدف بالذات ليضم
عناصر قد تكون متنافرة تتفق على
حل الدولتين بغض النظر عن
حوافزهم أو برامجهم وأجنداتهم.
سوف يكون تحالفاً وطنياً
لدولتين آمنتين قادرتين على
البقاء يجري التفاوض عليه بين
الأطراف وتضمنه وترعاه الآليات
القائمة في المجتمع الدولي. رابعاً:
لنرفع أصواتنا إلى جانب
الأغلبية الصامتة – الأقل حدّة
والتي تدافع عن وصفها بالسذاجة
وغير الواقعية بل وحتى بالخيانة.
ترفض هذه الغالبية أن تصدق أن
معظم هؤلاء على "الجانب الآخر"
شريرون، ولكنها تبقى غير مستعدة
أو غير قادرة على وضع حد
لمتطرفيها أو مواجهتهم. لا
يحتاج أي متطرف مفعم بالحماسة
ممتلئ بالغضب ضد "المسلمين"
أو "الإسرائيليين" أو "اليهود"
أو "العرب" أو "الفلسطينيين"
لأن يكون "مفهوماً ومدافعا
عنه" إذا كان على جانبنا،
أكثر من أي مجرم عنصري في أي
مكان من العالم. هناك حاجة
للكثير من الطرح الجماهيري
والشجاعة للوقوف أمام أطر الصدق
السياسي والأخلاقيات السياسية.
يحتاج الإعلام لأن يحافظ على
حصته الاجتماعية. هناك قصة من
التواضع والشجاعة، تستحق أن
تُسرَد. وأخيراً،
التخلي عن كافة التحركات التي
تقوض ظهور دولة في هذا الوقت.
هذه هي المرة الأولى التي توجد
لدينا فيها شراكة بدأت تتبرعم
بين القيادتين الفلسطينية
والإسرائيلية. قطع هذه الشراكة
في بدايتها بأعمال على الأرض
مساوٍ لتقويض أركان القيادة
الفلسطينية لمحمود عباس وسلام
فياض، ودعم معارضيهما
السياسيين المعروفين. يجب تجميد
المستعمرات، ليس فقط لفتح مساحة
للدولة الفلسطينية وإنما
للحفاظ على إمكانية بناء
القيادة الفلسطينية الحالية..
تملك إسرائيل خياراً واضحاً في
التعامل مع قيادة ملتزمة
بالتفاوض على حل الدولتين، أو
القبول بقيادة ترفض الاعتراف
بإسرائيل. سوف يكون للقرارات
التي تتخذها إسرائيل بدعم أو
عدم دعم من هؤلاء الذين يحاولون
بناء فلسطين جديدة نتائج وجودية
على كلا الشعبين. يمكن
للشعبين أن يصبحا، تدريجياً
وبالاختيار، مواطنين عاديين في
دولتين عاديتين، أو يستطيعان
الانحدار بشكل أعمق في نزاعهما
القبلي الإقطاعي على مناطق
الرعي، وأن يستمرا في القتال
على رموز ما وراء الطبيعة
وأعبائهما في المجد والمعاناة.
الآن هو الوقت لاستدامة قوة
الاندفاع نحو السلام. ------------------------ *زياد
عسلي هو رئيس فريق العمل
الأميركي من أجل فلسطين وعضو في
المجلس الاستشاري للشرق الأوسط
لمنظمة Search for Common
Ground. تقوم
خدمة Ground Common
الإخبارية بتوزيع هذا المقال
الذي يمكن الحصول عليه من
الموقع www.commongroundnews.org مصدر
المقال: غالف نيوز Gulf
News،
18
كانون الثاني/يناير 2008 www.gulfnews.com تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |