ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لا
يستطيع الحصار أن يفصل بين بعض الأصدقاء
الإسرائيليين والفلسطينيين جوشوا
ميتنيك* كيبوتز
كفار عزة، إسرائيل – مضت أكثر
من سنتين منذ رأى عمير إفرات
المواطن الغزيّ الذي ساعده في
صيانة نظام المياه في هذه
التعاونية، حيث تفصل بين
منزليهما حقول القمح والأسلاك
الشائكة وحصار إسرائيل لقطاع
غزة. ولكنه
تكلم معه عبر الهاتف، وشعر
باليأس متوارياً وراء الحديث
السطحي. لذا، وقبل حوالي الشهر
أصدر تعليماته لأمين صندوق
الكيبوتز بتحويل 500 شيكل (135دولارا
أمريكيا) إلى حساب بنكي في غزة
لمساعدة صديقه العاطل عن العمل
على إعالة عائلة من تسعة أطفال. لم
يطلب صديقه مساعدته أبداً، "ولكنني
شعرت أنه يطلبها" كما يقول
الكيبوتزي الأشعث. "ليس هناك
عمل، الأمور صعبة". لقد
أصبح القطاع الفقير أكثر عزلة
منذ استولت حماس على السلطة في
حزيران/ يونيو الماضي. ولكن ذلك
لم يفصم الأواصر الشخصية بين
الإسرائيليين والغزيين الذين
عملوا معاً يومياً. من خلال
الحديث بانتظام عبر الهاتف يخبر
الطرفان بعضهما عن الأحوال
العائلية والأصدقاء، وأعباء
الأعمال العدوانية المستمرة.
يتواصل الرجلان، متساميان عن
السياسة التي تفرّق بينهما، على
أفضل صورة يستطيعانها كأفراد.
يسأل الغزي إذا كان أحد قد تأذى
بسبب صواريخ القسام التي يطلقها
رجال الميليشيا الفلسطينيون،
ويسأل الإسرائيلي عن تحركات
قوات بلده داخل غزة. رغم أن
الإسرائيليين يتجنبون السياسة
إلا أن الصداقات عبر الحدود
تتركهم في تناقض حول الضغط
الشديد على السكان الغزيين
البالغ عددهم مليونا ونصف
المليون لوقف إطلاق الصواريخ
على المدن والبلدات حول غزة. رغم
أنه لم تسقط سوى ستة صواريخ على
الكيبوتز إلا أن المئات سقطت
على سديروت على مسافة خمس دقائق
بالسيارة إلى الشمال. "قطع
الكهرباء عادل، ولكنه رغم ذلك
يجعل القلب يقطر ألماً" كما
يقول السيد إفرات الذي يشير إلى
بيت الأطفال في الكيبوتز، وقد
جرى حمايته وتقويته ضد الصواريخ
التي سقطت على كفار عزة. "لا
أعتقد أن الغزيين يجب أن يعانوا
إلى هذه الدرجة، فهذا يعمل
بالتأكيد لصالح حماس". تحركت
الشرطة المصرية يوم الخميس
الماضي لاحتواء عشرات الآلاف من
الفلسطينيين الذين تدفقوا عبر
الحدود إلى مدينة رفح في اليوم
السابق بعد أن فجر المسلّحون
السياج الحدودي. في
أثناء ذلك صرح نائب وزير الدفاع
الإسرائيلي بأنه نتيجة لفتح
السياج الحدودي بين غزة ومصر
فإن امدادات المياه والكهرباء
والغذاء يجب أن تأتي من القاهرة. "يتوجب
علينا أن نفهم أنه عندما تُفتَح
غزة في الاتجاه الآخر فإننا
نفقد المسؤولية عنها"، حسب
قول نائب وزير الدفاع ماتان
فلناي. لسنوات
طويلة قبل تفجرالانتفاضة
الفلسطينية الثانية عام 2000 كانت
إسرائيل وقطاع غزة مرتبطين عند
الورك. كان مئات الآلاف من
الغزيين يعملون داخل إسرائيل
يومياً ويعيدون الأجور إلى
بيوتهم، مشكلين الدعم الرئيسي
لاقتصاد القطاع. كان كيبوتز
كفار عزة، الذي يعني اسمه
بالعبرية بلدة غزة، يستخدم إثني
عشر عاملاً فلسطينياً من غزة. ولكن
الروابط الاقتصادية انخفضت
بالتدريج بعد أن قامت إسرائيل
بتفكيك مستوطناتها وقواعدها
العسكرية في غزة وتوقفت عن
إصدار تصاريح عمل، باستثناء
التصاريح للغزيين الذين
يحتاجون إلى علاج طبي. عندما
سيطرت حماس على غزة، خفضت
إسرائيل من عمليات العبور
التجاري ولم تعد تسمح إلا
للمعونة الإنسانية. "الآن
يعيشون على الطحين والزيتون"
كما يقول دودي دورون، أحد سكان
كفار عزة، الذي يحافظ على اتصال
مستمر مع محمد، العامل من مدينة
خان يونس في قطاع غزة، والذي عمل
في الكيبوتز لمدة عشرين سنة،
ولكنه عاطل عن العمل الآن. ورغم
أن محمد يتصل من هاتف خلوي
إسرائيلي أعطاه إياه السيد
دورون، إلا أنه يصعب الاتصال
بساكن خان يونس بسبب ضعف شبكة
الاتصال. قبل
حوالي ثلاثة شهور أرسل دورون
أربعة ألاف شيكل (1080 دولارا) إلى
بنك في غزة لمساعدة عائلة محمد
على العيش. ولكن رغم ذلك يدعم
دورون سياسة إسرائيل في قطع
المحروقات عن غزة. "من
الأفضل الضغط عليهم بهذا
الأسلوب بدلاً من الدبابات"
كما يقول دورون، مشيراً إلى
تعليقات لمسؤولين إسرائيليين
مهددين بغزو واسع النطاق لغزة.
"أفضّل ذلك على إرسال الجنود
إلى هناك. سوف نخسر مائتي جندي،
وسوف يخسرون هم الآلاف". إلا أن
إفرات يتنقد توقعات بعض
الإسرائيليين بأن الضغط سوف يحث
الغزيين على الانقلاب على حماس.
"إنهم يعلمون أنه سيتم إطلاق
النار عليهم إذا رفعوا أصواتهم"
يضيف إفرات. يمكن
سماع انفجارات صواريخ القسام من
موشاف تيكوما، وهي تعاونية
زراعية إلى الشرق مباشرة من
كفار عزة. في مكتبه الذي تزين
جدرانه نصوص قرآنية وتلمودية
يتلقى أفنر كوهين مفوّض الشؤون
الدينية المتقاعد في الإدارة
المدنية الإسرائيلية لغزة
أحياناً اتصالات هاتفية من
موظفين فلسطينيين وشخصيات
دينية بارزة. "يتعاطف
أفنر معي لأن عنده أولادا. وهو
يسألني "ماذا تحتاج؟ ماذا
تريد؟ أقول له لا أريد سوى
السلام. لا أريد سوى التعايش"
كما يقول فواز البيطار الذي عمل
سائقاً للسيد كوهين ويسكن في
مدينة غزة. "آخر مرة اتصلت به
أخبرني عن الحصار، أخبرته عن
الإغلاقات، أخبرته عن الحياة
الصعبة". ينظر
إفرات من حدود كيبوتز كفار عزة
غرباً نحو الأفق البانورامي
لغزة التي توفر خريطة للتوتر
السياسي الأخير. على
مسافة إلى الشمال تقع بساتين
بيت حانون التي استخدمها
المسلحون لإلقاء المتفجرات على
إسرائيل. على مسافة أقرب إلى
الكيبوتز إلى الجنوب يوجد معبر
كارني للشحن الذي أصبح خالياً،
والذي كان يشكل عصب الحياة
الاقتصادية للقطاع نحو العالم.
إلى الأمام مباشرة وفي ضواحي
مدينة غزة يحدد خط من الأشجار
والبيوت قرية زميله السابق. "هناك
بيته" يشير إفرات. ولكن هذا
الأسبوع تلقى إفرات مكالمة
هاتفية من صديقه قال فيها إنه
انتقل إلى منزل حماته في مدينة
غزة للابتعاد عن القتال. "ليست
له مصلحة في هذه الحرب" كما
يقول إفرات. "بالطبع أنا قلق". ---------------------------- *جوشوا
ميتنيك مراسل للكريستشن ساينس
مونيتور. تقوم
خدمة Ground Common
الإخبارية بتوزيع هذا المقال
الذي يمكن الحصول عليه من
الموقع www.commongroundnews.org مصدر
المقال: الكريستشن ساينس
مونيتور Christian Science
Monitor،
25
كانون الثاني/يناير 2008 حقوق
النشر ©
للكريستشن ساينس مونيتور www.csmonitor.com يمكن
الحصول على إذن بالنشر من lawrenced@csps.com تم
الحصول على حقوق نشر هذا المقال.
----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |