ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 08/07/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

حماس وإسرائيل – تقارب غريب

بول سكام

واشنطن – بدأت إسرائيل وحماس، المجموعة الإسلامية السياسية/المتشددة في التاسع عشر من حزيران/يونيو الماضي وقف إطلاق للنار عملت مصر على ترتيبه بعد شهور عديدة من التردد والمماطلة. ويبدو أن شروط وقف إطلاق النار هذا (والتي لم تُعلَن) تنص على توقف حماس عن إطلاق صواريخها على إسرائيل من غزة، وامتناع إسرائيل عن مهاجمة غزة وزيادة إمداداتها المسموح بإدخالها إلى القطاع. ويقتصر هذا الاتفاق على غزة ولا يضم الضفة الغربية، ويفترض أن يستمر لمدة ستة شهور.

 

ورغم أن بضع صواريخ أطلقت منذ ذلك التاريخ من قبل فصائل غير تابعة لحماس، وقامت إسرائيل بالرد بإعادة تطبيق الحصار مؤقتاً، يبدو بعد أسبوعين من توقيع الاتفاق، وحتى كتابة هذا المقال، أن عملية تحقيق الاستقرار قد نجحت. وقد أوضحت حماس، ضمن أمور أخرى، أنها ستتحرك لمواجهة أي فصيل فلسطيني آخر يحاول تعكير صفو السلام.

 

من المفارقات أن وقف إطلاق النار هذا، أو التهدئة كما يطلق عليها، التي قوبلت بكثير من التشاؤم، قد يكون لها حظ أوفر في البقاء من سابقاتها التي جرى الهتاف لها والاحتفال بها والاستشهاد بآيات قرآنية وتوراتية فيها. يتوجب علينا ألا نشطب هذه المحاولة الأخيرة، رغم التشخيصات الأخيرة المتشائمة التي رافقتها.

 

أولاً: ليس هناك من خيار آخر. كلا الطرفين مقتنع أن الطرف الآخر لا يفهم سوى لغة القوة. وقد يكون الطرفان على حق. لذا لا توجد سوى قلة من الأوهام حول بدء حقبة من السلام والصداقة.

 

ثانياً: كلاهما له مصداقيته عندما يعود الأمر إلى استخدام القوة. إسرائيل وحماس مرتعبتان من أن تعتبرا ضعيفتان، ولذا تتصرفان دائماً بردة فعل عنيفة عند الهجوم عليهما. ورغم أن إسرائيل أكثر قوة وبشكل هائل وبأية مقاييس، إلا أن دمار الطرف الآخر مستحيل وهذا أمر مسلّم به. لذا، ورغم عدم وجود رقيب، يعلم الطرفان أن الإنتهاكات من طرف أي منهما سوف تقابَل برد سريع وفاعل ومميت على الأرجح، وهكذا كان الأمر حتى اليوم.

 

ثالثاً: يحتاج الطرفان لوقف إطلاق النار، فغزة محاصرة من قبل إسرائيل منذ سنة، ورغم أن الغزيين لا يموتون من الجوع إلا أنهم لا يحصلون سوى على احتياجاتهم الأكثر أساسية فقط. الدخول والخروج كانا مستحيلين تقريباً، بينما كانت للغارات الجوية والأرضية التي ترد على هجمات القسام متكررة. كانت معاناة معظم الإسرائيليين (باستثناء هؤلاء المدنيين الذين قضي على حياتهم أو الذين دمرت ممتلكاتهم بسبب الصواريخ) أقل بكثير. ولكن عدم قدرة إسرائيل على وضع حد للهجمات الصاروخية أحرج الحكومة وأغضب مواطنيها.

 

أخيراً، يخاف كلاهما وبحق من النتائج الوخيمة لاستمرار القتال. رغم شهرتها بعدم الدقة، يمكن لأحد صواريخ القسام أن يسقط على مدرسة أو مستشفى في إسرائيل الآن أو مستقبلاً فيقتل عدداً من الإسرائيليين. سوف تشعر إسرائيل في هذه الحالة أن لا خيار أمامها إلا الردّ، بغزو جزئي أو شامل لغزة على الأرجح. هناك احتمال بأن يُقتَل عشرات الإسرائيليين من الجنود، ومئات من الفلسطينيين. ثم ماذا بعد ذلك؟ ستحتل إسرائيل غزة مرة أخرى. لقد خضنا هذه التجربة من قبل.

 

يرى كلا الطرفين وبحق، وقف إطلاق النار على أنه عار على إسرائيل، وهي دولة قاومت حكومتها بشدة أية تعاملات مع حماس. رغم ذلك، لم يكن لدى إسرائيل خيار سوى التوصل إلى هذه الصفقة مع حماس، التي جعلت من نفسها لاعب لا يمكن الاستغناء عنه، والفضل يعود إلى كلٍ من جناحها العسكري وإلى نصرها في الانتخابات البرلمانية عام 2006. وتهدد حماس اليوم بإفشال سلطة محمود عباس الوطنية الفلسطينية، التي تحاول إسرائيل التفاوض معها على سلام دائم حسب ما يسمى بعملية أنابوليس، والتي يكتنفها الكثير من التشاؤم كذلك.

 

وإذا افترضنا أن أنابوليس لا تتمخض عن اتفاقية مع حلول أوائل عام 2009 (وحتى لو فعلت ذلك) فإن التعامل مع حماس سوف يصبح لا مناص منه، لكل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل، إذا نجحت في الحفاظ على وقف إطلاق النار ومكانتها بين الفلسطينيين. وهكذا، تشكل فترة وقف إطلاق النار هذه اختباراً مهماً للطرفين. إذا لم يتسنى تحقيق اتفاق سلام وتطبيقه بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، فقد تضطر حماس وإسرائيل إلى ابتكار اتفاق تعايش طويل الأمد، قد لا يشكل سلاماً ولكنه يكون فاعلاً في منع الحرب. وقد يشبه ذلك الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في القرن الماضي، وهي نتيجة غير مرغوبة على ما يبدو، إلا عندما تجري مقارنتها مع البديل، حرب عصابات أبدية من التفجيرات والهجمات الثأرية والإرهاب.

 

لذا فإن وقف إطلاق النار هام سياسياً لأنه يعترف بالحقيقة التي لا يمكن الهروب منها لوجود حماس في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. من المستبعد أن تغير حماس أيديولوجيتها التي ترتكز على الدين، إلا أنها رغم ذلك أرسلت إشارات قوية بأنها تدرك الحاجة للتعايش مع إسرائيل. إذا لم تنجح أنابوليس في حل النزاع من خلال تمكين السلطة الفلسطينية، فقد يصبح التعايش اللاعنفي مع حماس واقعاً بحلول بداية السنة القادمة. ليس هذا بالمنظور السعيد المبهج، ولكنه قد ينجح لمصلحة كل من الطرفين الذاتية، وكذلك مصلحة دول عديدة أخرى ترغب بإخلاص أن يختفي هذا النزاع من الصفحات الرئيسية. سوف يتوجب بذلك على الرئيسين الجديدين، الأميركي والفلسطيني، ورئيس وزراء إسرائيلي جديد على الأرجح، أن يتقبلوا بيئة سياسية مختلفة تماماً.

-----------------------------

* بول سكام خبير مشارك بمعهد الشرق الأوسط والمحرر المشارك لكتاب "تواريخ مشتركة: حوار فلسطيني إسرائيلي".

لا تعكس الآراء والتأكيدات الواردة في هذا المقال بالضرورة آراء معهد الشرق الأوسط، الذي لا يأخذ، وبشكل صريح وواضح، مواقف بالنسبة لسياسة الشرق الأوسط.

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 7 تموز/يوليو 2008

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ