ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حياة
الجحيم.. في عراق اليوم ترجمة:
د. عبدالوهاب حميد رشيد
بلغتُ من الإجهاد والغضب
الحد الأقصى.. لا يمكن أن يستمر
هذا الوضع وإلا صرتُ في حالة
جنون.. يجب فعل شيء ما، لكني
مقتنع أن كلامي أو كلام غيري لا
يغير شيئاً أبداً.. نحن نعيش
الآن في جحيم حقيقي. منذ ثلاثة
أيام نواجه عاصفة رملية هوجاء
بحيث احمرّ لون السماء، والهواء
خانق، ودرجة الحرارة تصل إلى 60-70
مئوية في الشمس و 40-45 مئوية في
الظل. لكم أن تتصورا "جمال"
هذا الجو في غرف مغلقة النوافذ
في مثل هذا الوضع الحارق
والخانق.. جيد، أُراهن على أنك
تسأل، ما هي المشكلة؟ فقط قم
بتشغيل المكيفة أو المبردة!!
جيد، لكن هذه الأجهزة كهربائية،
تتطلب في الحقيقة شيئاً "نادراً"
لتشغيلها.. إنه الكهرباء المقدس..
نعم، صدقني أن الكهرباء صار
مقدساً في العراق.. أتصور ظهوراً
قريباً عندنا لجماعة من الناس
يعبدون الكهرباء.. لم لا؟ الناس
اعتادوا، في الماضي، على عبادة
النار، والكهرباء أكثر أهمية من
النار!! لست مجنوناً ولا اقترب
من الجنون، لكن صبراً، حاول أن
تقراً للنهاية وستعرف وضعنا
الكارثي..
نحن الآن في يومنا الخامس،
ولا زالت المحطة خالية من
الوقود! نعم خمسة أيام بدون قطرة
وقود. هذا يعني عدم قدرتي على
تشغيل مولدة المنزل، وحالما
تنفد وقود سيارتي عندئذ أصبح
مُجبراً على البقاء في البيت
وغير قادر على العمل. بلغ
الطابور، وبصفين، على الوقود في
المحطة 6 كم (في محاولات
العراقيين المُحبطين ملئ
خزانات عرباتهم بالوقود صاروا
يواجهون خطوط طوابير تمتد إلى
أميال بدءاً من محطة الوقود وفي
درجات حرارة عالية جداً..*). هذا
يعني أن كل شيء سيتوقف قريباً
جداً.. حتى المواد الغذائية
ستختفي من الأسواق إذا ما استمر
هذا الوضع.. هذا يومنا الرابع
بدون كهرباء.. جيد، وصلنا التيار
الكهربائي لمدة ساعتين قبل مائة
ساعة مضتْ! ربما تسأل، "كيف
استطيع استخدام الكومبيوتر
والنت؟" الجواب بفضل مولدة
جارنا الذكي، إذ ادّخر كمية
جيدة من وقود الديزل تكفي
لتشغيل مولدته ثماني ساعات
يومياً، وجهازي المحمول laptop
يحتاج إلى ساعة ونصف لشحنه
وتشغيله لمدة ساعتين.
هناك طرقاً أخرى لمكافحة
هذا الحر الذي لا يُحتمل:
الاستحمام بأخذ دوش shower،
أليس صحيحاً؟ عليه اتجهت
للحمام، لكني لم أجد الماء،
فمنذ أكثر من أسبوع صار الماء
نادراً جداً. أما يصلنا في شكل
قطرات أو لا يصل أصلاً.. أليس هذا
شيئا "رائعاً" ونحن نملك
اعظم نهرين بفروعهما العديدة،
علاوة على بحيراتنا!!؟؟ حسناً،
لا حاجة لأخذ دوش، فقد اغتسلت
بالعرق الذي يتصبب من جسمي.. وكل
هذا ونحن نواجه عاصفة رملية
شديدة مستمرة. سأذهب إلى
الثلاجة وأشرب شيئاً بارداً.. آه
آسف، يجب أن استدرك، فالثلاجة
ليست باردة وليس فيها شيء بارد،
بل حتى الطعام تعفن فيها ويجب
رميه في القمامة.. أليس هذا "عظيماً؟"
حسناً يجب أن أفعل شيئاً..
سأطوف الشوارع بحثاً عن الوقود
في السوق السوداء، رغم محاولتي
الفاشلة أمس في شراء أية كمية من
الوقود.. إنها تُباع بـ 30 ألف
دينار لكل 20 لتراً، أي بحدود 25
دولار (السعر الفعلي تسعة آلاف
دينار في المحطة و 12 ألف دينار
في السوق السوداء). ذهبتُ اليوم
وأيضاً لم أجد وقوداً، لكن
أحدهم أخبرني أنه سيحصل عليها
بعد ثلاث ساعات ومستعد لبيعها
لي بـ 40 ألف دينار... سأشتريها.
ماذا استطيع أن أفعل سوى أن
أتمنى نجاحه في مهمته!!
كل هذه الأشياء "الجميلة"
والظروف "المريحة" لم تكن
كافية.. بل أيضاً أصبتُ بجرح قبل
بضعة أيام وعليّ أن اتحمل آلامه..
نوع من الجروح التي تحدث في
العراق لأي شخص لا علاقة له
بالعنف.. لكني لا استطيع البوح
بتفاصيله لحماية نفسي.. يجب أن
أتحمل كل هذه المعاناة (كما يقول
المهرجون، عفواً، الوزراء)...
يقول وزير النفط: إن السبب هو
وزارة الكهرباء لعدم توفيرها
الكهرباء اللازم لتشغيل
المصافي، في حين يقول وزير
الكهرباء أن وزارة النفط هي
السبب لعدم توفيرها كمية كافية
من الوقود لتشغيل محطات الطاقة!!!
والبعض غيرهم يقول أن سائقي
الشاحنات توقفوا عن العمل بسبب
انخفاض أجورهم. ويرى آخرون أن
الأنبوب الرئيس للنفط قد تعرض
للهجوم.. وأنا أرى أنها لعبة
قذرة من هؤلاء جميعاً، يلعبونها
بقصد زيادة بؤس العراقيين
المنكوبين بهم وبسيدهم المحتل..
أُراهن لو أن هذه الأمور حدثت في
بلد حقيقي عندئذ يستقيل الوزراء
في نفس اليوم. ولكن ليس المهرجون
(الوزراء) عندنا ممن كشفوا
أنفسهم كونهم لا يشعرون بالخجل
وليس عندهم إحساس بالكرامة
أبداً..
ـــــــــــ Living
hell, (Mohammed, Last-Of-Iraqis), uruknet.info, *
Iraq Suffering Miles-Long Gas Lines Despite Oil Riches,
(SEBASTIAN ABBOT), uruknet.info, ---------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |